إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        




<p><br><strong>تواجه إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" انتقادات حادة على خلفية ارتفاع أسعار البنزين إلى مستويات قياسية؛ حيث تجاوز 5 دولارات للجالون الواحد، وسط ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات غير معهودة منذ أربعة عقود، ونفاد الوقود داخل بعض المحطات، وارتفاع أسعار النفط الخام لتتخطى 112 دولاراً للبرميل عقب الحرب الروسية–الأوكرانية، مع مزيد من التوقعات بارتفاع تلك الأسعار في حال اختلال التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية، وهو ما يثير التساؤل حول مدى فاعلية السياسات التي اتخذتها الإدارة للتعامل مع ارتفاع أسعار الطاقة، والتي لها تأثير كبير على شعبية الرئيس وحزبه (الديمقراطي) مع قرب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل.</strong><strong></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">سياسات الطاقة</span></strong></p>



<p><strong>اتخذت إدارة "بايدن" جملة من السياسات الرامية إلى احتواء أزمة الطاقة الأمريكية، التي يمكن إجمالها على النحو الآتي:</strong></p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تبني سياسات جديدة تجاه حقول النفط والغاز</strong>: طلب البيت الأبيض من الكونجرس الأمريكي سن تشريع جديد يُجبر الشركات على دفع رسوم على الآبار المستأجرة التي لم تُستخدم منذ سنوات عدة، بجانب مئات من الأفدنة العامة المُكدَّسة دون إنتاج. فضلاً عن أن وزيرة الداخلية الأمريكية "ديب هالاند" بصدد إصدار خطة الوزارة الخمسية لتأجير حقول النفط والغاز بحلول 30 يونيو الجاري، كما أعلنت الوزارة في منتصف شهر أبريل الماضي استئناف تأجير المساحات البرية للنفط والغاز في الأراضي الفيدرالية بشروط جديدة عقب عام من توقف المناقصات عليها، كما تتجه إلى خفض مساحة أراضي إيجارات النفط والغاز بمعدل 80% مع زيادة الرسوم المقررة.</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– سن قانون لمُكافحة التلاعب بأسعار الوقود: </strong>صوَّت مجلس النواب الأمريكي في 19 مايو الماضي على مشروع قانون يهدف إلى مكافحة التلاعب بأسعار البنزين، وهو القانون الذي تمت الموافقة عليه رغم امتناع الجمهوريين عن التصويت عليه ومعارضة أربعة من الديمقراطيين. ومن المتوقع ألا يلاقي التشريع زخماً في مجلس الشيوخ، لا سيما أنه بحاجة إلى دعم 10 من الجمهوريين. وإن عززت الموافقة الأولية على مشروع القانون موقف الديمقراطيين الذين يتهمون صناعة النفط بالتلاعب في الأسعار.</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– الاستناد إلى قانون الإنتاج الدفاعي لدعم التعدين المحلي:</strong> لدعم قطاع الطاقة الأمريكي، اتجهت إدارة "بايدن" إلى وضع خطة استراتيجية تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي من المعادن بهدف تقليل الاعتماد على سلاسل الإمداد العالمية المضطربة. وقد استند الرئيس إلى قانون الإنتاج الدفاعي لدعم التعدين ومعالجة وإعادة تدوير المواد المهمة (مثل الليثيوم، والنيكل، والكوبالت، والمنجنيز) التي تدخل في صناعة البطاريات وأنظمة تخزين الكهرباء، لا سيما من مصادر الطاقة النظيفة، وهي التقنيات التي تُشكِّل العمود الفقري للانتقال إلى الطاقة المتجددة ودعم القاعدة الصناعية الأمريكية.</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– دراسة حظر تصدير النفط الأمريكي إلى الخارج: </strong>تدرسالإدارة الأمريكية حظر تصدير النفط الأمريكي الخام رغم تزايد الطلب العالمي عليه مقابل تراجع المعروض منه. ولا شك أن وقف صادرات النفط الأمريكية من شأنه تقليل المعروض من النفط في الأسواق العالمية، وهو ما يؤدي إلى مزيد من الارتفاعات في أسعاره بالضرورة على نحوٍ قد يضر بحلفاء الولايات المتحدة من الدول الأوروبية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">أسباب الإخفاق</span></strong></p>



<p><strong>تعجز الإدارة الأمريكية، رغم تعدد السياسات السابقة، عن مجابهة أزمة الطاقة بالنظر إلى جملة من الأسباب يمكن الوقوف عليها تفصيلاً في النقاط الآتية:</strong></p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– حظر واشنطن واردات الطاقة الروسية:</strong> قوَّضت الحرب خطط "بايدن" لتعزيز إنتاج السيارات الكهربائية والبنية التحتية اللازمة لدعمها، ودفع الاهتمام بمجال الطاقة النظيفة، كما ربطت الإدارة الأمريكية في عدة مناسبات بين ارتفاع الأسعار في سوق الطاقة العالمية بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. فقد سبق أن وقَّع "بايدن" في أوائل مارس الماضي مرسوماً يحظر واردات الطاقة من روسيا، وكذلك الاستثمارات الجديدة في قطاع الطاقة الروسي، وهو ما أعقبه ارتفاع تكلفة البنزين في محطات الوقود الأمريكية مباشرةً. وفي المقابل، ذكر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أن الولايات المتحدة تحاول خداع شعبها بإلقاء اللوم على موسكو في موضوع ارتفاع أسعار الطاقة.</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– تراجُع فاعلية عقود تأجير حقول النفط والغاز: </strong>يرى البعض أن عقود تأجير حقول النفط والغاز هي السبب الرئيسي في أزمة الطاقة التي تواجهها البلاد؛ إذ لم تتمكن الإدارة الأمريكية من الضغط على القطاع الصناعي لاستخدام نحو 9 آلاف عقد إيجار غير مستخدم، وهي العقود التي بررت بها الإدارة الأمريكية أزمة الطاقة دون أن تتمكن من تقديم حلول جذرية لها. ومن ثم، اقترح البعض زيادة معدلات الإيجار بمرور الوقت؛ لإجبار الشركات على تطويرها على الرغم من عجز ذلك عن زيادة إنتاج النفط والغاز على المدى القصير على الأقل.</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– اتباع سياسات خاطئة في قطاع الطاقة:</strong> بدأت إدارة بايدن تتخذ جملة من السياسات التي قادت إلى أزمة الطاقة الحالية، ومنها إلغاء خط الأنابيب "كيستون إكس إل" الذي كان بمقدوره نقل قرابة مليون برميل من النفط الكندي يومياً، وإغلاق العديد من خطوط الأنابيب الحالية مثل خط الأنابيب "لاين 5" التابع لشركة "إنبريدج" الكندية، بجانب الضغط على مصافي النفط الأمريكية بسبب تقلبات الأسواق. ومؤخراً، ألغت الإدارة الأمريكية بيع 3 عقود إيجار للنفط والغاز في خليج المكسيك وقبالة ساحل ألاسكا؛ بسبب عدم اهتمام شركات الطاقة بالتنقيب هناك من ناحية، ولأحكام القضاء المتضاربة التي قوَّضت جهود الحفر في خليج المكسيك من ناحية ثانية.</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– شكوك حول تلاعب شركات النفط الأمريكية:</strong> اتهمت لجنة خاصة في الكونجرس الأمريكي شركات النفط برفع أسعار الوقود عمداً، واستدعتها للاستجواب، بينما أكدت تلك الشركات أنها تعمل على زيادة حجم الإنتاج دون تحديد الأسعار النهائية للبنزين. ولا شك في أن تفاقُم الأزمة والاتهامات المتبادلة جاء بسبب غياب الحوار الناجح بين الإدارة الأمريكية والشركات النفطية؛ ما يشكك في رغبة الأولى في زيادة معدل إنتاج النفط لمواجهة ارتفاع الأسعار.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مضاعفة الأزمة</span></strong></p>



<p>ختاماً، تحرص الإدارة الديمقراطية على إظهار جهودها الدؤوبة لترويض أسعار الوقود الجامحة، بيد أن التدخل السياسي لا يقدم حلاً عملياً للأزمة التي قد تتفاقم لا سيما عند النظر إلى سياسات "بايدن" لوقف تأجير الأراضي الفيدرالية للتنقيب عن النفط والغاز. ولا تزال إدارة بايدن تبحث في الوقت الراهن عن سياسات ناجحة يمكنها تفادي غضب الشارع الأمريكي من جراء ارتفاع أسعار الوقود الذي تصاحبه معدلات تضخم غير مسبوقة، وهو ما تزداد أهميته في ظل الاستعداد لانتخابات التجديد النصفي، وتراجع شعبية الرئيس الأمريكي، وتردي الأوضاع الاقتصادية دون أن يؤثر ذلك في موقف الولايات المتحدة الداعم لأوكرانيا والشركاء الأوروبيين.</p>

      

لماذا أخفقت سياسات "بايدن" في احتواء ارتفاع أسعار الطاقة؟