إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p>لا تعول إيران كثيراً على قمة دول الجوار التي تستضيفها العاصمة العراقية بغداد في 28 أغسطس 2021، التي يسعى العراق من خلالها إلى تحقيق عدة أهداف، يتمثل أبرزها في تعزيز قدرة حكومة مصطفى الكاظمي على تجنيب العراق عمليات تصفية الحسابات بين طهران وواشنطن، وممارسة دور الوسيط بين طهران والرياض. ويأتي ذلك على الرغم من إعلان إيران، في 10 أغسطس 2021، تأييدها استضافةَ العراق تلك القمة. و<strong>يمكن تفسير الموقف الذي تتبناه إيران من قمة بغداد في ضوء اعتبارات عديدة يتمثل أبرزها في:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– استمرار الشكوك في نوايا الكاظمي:</strong> لا تبدي إيران ارتياحاً للسياسة التي يتبناها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي لا يزال يتبنى دعوة تجنيب العراق مضاعفات تصفية الحسابات بين إيران والولايات المتحدة، كما أنه لا يزال مصراً على الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي في العراق ولو في إطار تقديم دعم استشاري ولوجستي لقوات الأمن والجيش ضد التنظيمات الإرهابية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>كما يسعى الكاظمي جاهداً من أجل تكريس سيطرة الحكومة على إدارة الملفات المختلفة، مع احتواء تطلعات الميليشيات إلى تعزيز نفوذها داخل مؤسسات الدولة، لا سيما الموالية لإيران. وهنا، فإن إيران ترى أن دعم فرص إنجاح المؤتمر يمكن أن يمثل نتيجة إيجابية للكاظمي، وربما تدعم حظوظه في الاحتفاظ بمنصبه بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما لا يتوافق مع حساباتها ومصالحها في الوقت الحالي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– غموض مسارات مفاوضات فيينا:</strong> لا يزال الغموض يكتنف المسارات التي يمكن أن تتجه إليها مفاوضات فيينا؛ فرغم أن إيران كانت هي السبب في عرقلة استمرار المفاوضات بحجة إجراء الانتخابات الرئاسية ثم تشكيل الحكومة ووفد التفاوض النووي؛ فإن ذلك لا ينفي أن اهتمام القوى الدولية المشارِكة في المفاوضات –لا سيما الدول الغربية– تراجع إلى حد كبير، بعد أن كشفت الجولات السابقة حجم الخلافات العالقة بين إيران والولايات المتحدة، التي تُضعف احتمالات الوصول إلى صفقة جديدة وإن كانت لا تستبعدها نهائياً.</p>



<p>وهنا، فإن إيران لن تجري تغييراً في سياستها إزاء تطورات الإقليم، إلا بعد استشراف ما سوف تؤول إليه المفاوضات في فيينا، وتقييم مدى إمكانية الوصول إلى صفقة جديدة من عدمه؛ حيث يؤثر ذلك على المقاربة الإيرانية إزاء الملفات الإقليمية، لا سيما ما يتعلق باستهداف المصالح الأمريكية في العراق، وتقليص حدة التوتر في العلاقات مع السعودية، والمساعدة على الوصول إلى تسويات سياسية للأزمة في اليمن، والضغط على الحلفاء من أجل تعزيز فرص تشكيل حكومة جديدة في لبنان.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– الخلاف حول مشاركة سوريا:</strong> ربما اعتبرت إيران أن الجدل الذي تصاعد على الساحة الداخلية العراقية حول مشاركة النظام السوري في القمة؛ رسالة أولية تفيد بأن القمة لن تنتهي بنتائج يمكن أن تتوافق مع حساباتها ومصالحها. وقد تصاعد هذا الجدل بعد إعلان الخارجية العراقية أنها غير معنية بالدعوة التي وجهها رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض، إلى دمشق خلال زيارته لها مؤخراً. وقد بدأت تقارير إيرانية عديدة تشير إلى أن "تغييب" الأسد عن الحضور يمثل أحد الشروط التي تطرحها بعض الدول من أجل المشاركة في القمة، على غرار فرنسا. وهنا، فإن تغييب الأسد يمثل –وفقاً للرؤية الإيرانية– خطوة غربية متعمدة لمنع عملية "تعويم" النظام السوري، لا سيما بعد تغير توازنات القوى على الأرض داخل سوريا لصالحه.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4–</strong> <strong>توجيه رسائل إيرانية مسبقة: </strong>حرص الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، على تأكيد التزامه بتبني السياسة المتشددة التي يتبعها المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، والحرس الثوري، لا سيما إزاء التعامل مع التطورات الميدانية التي تشهدها العديد من الملفات الإقليمية. وهنا، كان لافتاً أن "رئيسي" أكد خلال لقائه قادة بعض الميليشيات والفصائل المسلحة الذين شاركوا في مراسم تنصيبه، في 5 أغسطس 2021؛ أن الدعم الإيراني المقدم لتلك الميليشيات سوف يتواصل خلال المرحلة القادمة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– </strong><strong>الانشغال بمتابعة ملفات أخرى:</strong> لا يزال الرئيس الإيراني الجديد منهمكاً في ترتيب أوراقه قبل أن ينخرط في إدارة الملفات المختلفة؛ حيث يعكف الآن على دراسة تلك الملفات، لا سيما ما يتعلق بإدارة المفاوضات مع القوى الدولية، وما إذا كان سيواصل الاعتماد على فريق التفاوض السابق برئاسة عباس عراقجي، أم سيُجرِي تغييرات في هذا السياق، بجانب الملف الأفغاني الذي فرض نفسه على دوائر صنع القرار في طهران عقب وصول طالبان إلى السلطة في كابول، كما أنه منهمك في الوقت الحالي أيضاً في متابعة أزمة انتشار كورونا، التي اعتبر أنها تأتي في المرتبة الأولى على سلم أولوياته خلال المرحلة القادمة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وأخيراً؛ فإنه ربما يمكن القول إن إيران لن تتجاوب بسهولة مع أي نتائج قد تنتهي إليها قمة دول الجوار في العراق، لا سيما أنها تُفضِّل انتظار ما سوف تؤول إليه التطورات في ملفات أخرى ربما تحظى باهتمام أكبر من جانبها خلال المرحلة الحالية.</strong></p>

      

كيف تتعامل إيران مع قمة دول الجوار بالعراق؟