إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

فرض الغزو الروسي لأوكرانيا تحديات على شركات التكنولوجيا العملاقة، التي وجدت أنفسها أمام موقف مُعقَّد، في الوقت الذي تُطالَب فيه باتخاذ إجراءات رادعة تجاه موسكو؛ فبينما تعتمد صناعة الرقائق على إمدادات روسية وأوكرانية، فإن شركات أشباه الموصلات تستطيع تحمُّل الأزمة في المدى القريب، فيما تتخوف الشركات من تعرُّضها لهجمات سيبرانية من الأطراف. وقد طالبت أوكرانيا بتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، ووقف بيع منتجات وخدمات "أبل" في روسيا. وجرى توجيه انتقادات غربية للشركات التكنولوجية العالمية، في إطار محاولات الضغط على روسيا عبر عقوبات التكنولوجيا. وتتخوَّف الشركات من تضررها بالعقوبات المتبادلة، فضلاً عن شعور الشركات التكنولوجية في أوكرانيا بالتهديد. وقام عدد من الشركات التكنولوجية العالمية باستجابات جزئية للمطالب الغربية، باتخاذ موقف مناوئ للغزو الروسي لأوكرانيا، واتخذت قرارات منها تقييد شركة "ميتا" أنشطة وسائل الإعلام الروسية، ومواجهة "تويتر" لنشر تقارير ومقالات الإعلام الروسي، ومنع "جوجل" وسائل الإعلام الروسية من تحقيق أرباح، وتعليق خدمات "خرائط جوجل" على الأراضي الأوكرانية، وتفعيل خدمات "سبايس إكس" في أوكرانيا، وشمول العقوبات الاقتصادية خدمات الدفع الإلكتروني، وحظر المشاركة الروسية في المؤتمر العالمي للمحمول، وإبراز وسائل التواصل الاجتماعي للانتهاكات الروسية.

موقف مُعقَّد

فرض الغزو الروسي لأوكرانيا تحديات على شركات التكنولوجيا العملاقة التي وجدت أنفسها أمام موقف مُعقد، في الوقت الذي تُطالَب فيه باتخاذ إجراءات رادعة تجاه موسكو. ويمكن رسم ملامح المشهد التكنولوجي العالمي بالتوازي مع الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي يلعب دوراً مهمّاً في عملية اتخاذ القرارات بتلك الشركات ورؤيتها للأزمة؛ وذلك على النحو الآتي:

1– اعتماد صناعة الرقائق على إمدادات روسية وأوكرانية: أضرَّت الأزمة الأوكرانية بأسهم شركات التكنولوجيا التي تُصدِّر أو تبيع على مستوى العالم؛ بسبب مخاوف من تزايد الاضطرابات على خلفية النقص المستمر في رقائق أشباه الموصلات لمدة عام؛ حيث تقوم الشركات التي تزود شركات صناعة الرقائق بمواد تصنيع أشباه الموصلات، بشراء الغازات، بما في ذلك "النيون" و"البلاديوم"، من روسيا وأوكرانيا.

فأوكرانيا تزود الولايات المتحدة بأكثر من 90% من أشباه الموصلات من فئة "نيون"، وهو أمر بالغ الأهمية لأجهزة الليزر المستخدمة في صناعة الرقائق، كما تعمل أوكرانيا على تنقية الغاز المستخدَم في صناعة الحديد الروسي، فضلاً عن كون روسيا مصدراً لنحو 35% من البلاديوم الذي تستخدمه الولايات المتحدة في أجهزة الاستشعار والذاكرة. وفيما يُعتبَر توافر هذه المواد محدوداً بالفعل، فإن أي ضغط إضافي على الإمدادات قد يرفع أسعارها؛ ما يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع أسعار الرقائق.

2– تحمُّل شركات أشباه الموصلات الأزمة في المدى القريب: تُعتبر مخاوف شركات الرقائق الإلكترونية من حدوث اضطرابات في سلسلة التوريد بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية؛ مخاوف محدودة؛ وذلك بفضل تخزين المواد الخام والبضائع المتنوعة؛ فقد تُخفف استعدادات الشركات السابقة من وقع الأزمة عليها في المدى القريب؛ إذ إنها جهَّزت مخزونها بشكل أفضل بسبب الاضطرابات التي جرت خلال السنوات الأخيرة؛ فقد بدأت بعض الشركات تبحث عن مصادر متنوعة بعيداً عن روسيا وأوكرانيا، بعد أن ضمَّت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014.

وقالت "ASML Holding" –وهي شركة توريد هولندية رئيسية لشركات تصنيع الرقائق، مثل "سامسونج"– إنها تبحث عن مصادر بديلة للنيون؛ ما أدى إلى زيادة هائلة في أسعار "النيون". وصرَّح الرئيس التنفيذي لشركة "إس كيه هينيكس" ثاني أكبر شركة لتصنيع شرائح الذاكرة في العالم "لي سيوك هي"؛ بأن شركته حصلت على الكثير من مواد الرقائق، وأنه "لا داعي للقلق". كما قالت شركة "إنتل" إنها لا تتوقع أي تأثير، وأشارت شركة "Global Foundries" إلى أنها لا تتوقع مخاطر مباشرة أيضاً، وأن لديها مرونة في البحث عن مصادر خارج روسيا وأوكرانيا. والأمر ذاته بالنسبة إلى شركة صناعة الرقائق التايوانية "United Microelectronics Corp". ورغم ذلك كله، فإن بعض الشركات تخشى التأثر على المدى الطويل.

3– مخاوف من التعرُّض لهجمات سيبرانية من الأطراف: تعطَّل الموقع الإلكتروني الرسمي للكرملين الخاص بمكتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (كرملين دوت آر.يو)، في 26 فبراير الفائت، عقب تقارير عن هجمات إلكترونية على مواقع أخرى خاصة بالحكومة الروسية ووسائل الإعلام الرسمية. وعلى الجانب الآخر، سبق أن حذرت شركة "مايكروسوفت" بالفعل من أنها اكتشفت برامج ضارة ومدمرة تم وضعها مؤخراً داخل شبكات الكمبيوتر الأوكرانية.

كما أعلنت أوكرانيا، في 15 فبراير الفائت، عن تعرُّض مواقع وزارة الدفاع ومصرفين حكوميين من أكبر مؤسسات الدولة المالية لهجوم إلكتروني. وفي هذا السياق، فإن شركات التكنولوجيا العالمية تتخوف من أن يتسبب انحيازها الفج إلى أحد أطراف الأزمة واتخاذ إجراءات ضد الطرف الآخر؛ إلى أن تطالها الهجمات السيبرانية؛ ما يُعرِّض مواقعها وأنظمتها وحساباتها لمخاطر أمنية، تتبعها خسائر مالية.

4– طلب رسمي بوقف بيع منتجات وخدمات "أبل" في روسيا: طلب نائب رئيس الوزراء الأوكراني وزير التحول الرقمي "ميخايلو فيدوروف"، من شركة "أبل"، وقف مبيعات منتجاتها في روسيا، وإغلاق متجر التطبيقات التابع لها في البلاد، مؤكداً أنه يتعين على "أبل" دعم العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا عقب غزو البلاد لأوكرانيا.

وقال الوزير الأوكراني في رسالته إلى الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، تيم كوك: "أناشدك وأنا متأكد من أنك لن تسمع فحسب، بل ستفعل كل ما هو ممكن لحماية أوكرانيا وأوروبا والعالم الديمقراطي بأسره من العدوان الدموي الاستبدادي، من خلال وقف أبل عن توفير خدماتها ومنتجاتها في روسيا الاتحادية، بما في ذلك منع الوصول إلى متجر التطبيقات".

5– انتقادات غربية متزايدة للشركات التكنولوجية العالمية: واجهت الشركات التكنولوجية العالمية طوال الأزمة المتصاعدة في أوكرانيا، مروراً بالغزو الروسي الأخير، انتقادات غربية؛ لـ"عدم بذلها كل ما في وسعها لقمع المعلومات المضللة الخطيرة حول الغزو". وتواجه الشركات انتقادات في الغرب؛ لجنيها أرباحاً بالمليارات من عائدات الإعلانات على تلك المنصات، التي يمكن أن تؤثر سلباً على المستخدمين من المنظور الغربي، فيما تؤكد المجموعات التكنولوجية هذه أنها مدافعة عن حرية التعبير والقيم الديموقراطية.

وقد كتب السيناتور الأمريكي مارك وارنر، في 25 فبراير الفائت، رسالة إلى الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابت" (الشركة الأم لـ"جوجل") "ساندر بيجيه" أن منصات الشركة العملاقة "لا تزال ناقلة رئيسية للجهات الفاعلة الخبيثة –خصوصاً تلك التابعة للحكومة الروسية– ليس فقط لنشر معلومات مضللة، بل للاستفادة منها". واتهم "وارنر" موقع "يوتيوب" التابع للشركة بمواصلة تحقيق الدخل من المحتوى الصادر عن الجهات الفاعلة البارزة المرتبطة علناً بحملات التأثير الروسية.

6– محاولات للضغط على روسيا عبر عقوبات التكنولوجيا: تأمل الدول الغربية الضغط على روسيا عبر مظلة واسعة من العقوبات تشمل عقوبات التكنولوجيا؛ حيث من المرجح مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا أن يتزايد نطاق ودرجة سعي الدول الغربية إلى إيقاف صادرات التكنولوجيا الخاصة بصناعات الطيران والأسلحة الروسية، وربما حظر تصدير أي سلع استهلاكية إلكترونية إلى روسيا مثل الهواتف المحمولة والحواسيب والألعاب الإلكترونية، وخاصةً أن القطاع التكنولوجي يُعد أحد القطاعات التي تتسم بتضاؤل إمكانات موسكو لمواجهة العقوبات المفروضة فيه؛ حيث تهيمن على صناعة الرقائق العالمية، والصناعات التكنولوجية بوجه عام، إلى حدٍ كبير، شركات من الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا وتايوان وكوريا الجنوبية، فضلاً عن الصين، وليس لدى روسيا –وفقاً لبعض التقارير– سوى عدد قليل من مصانع أشباه الموصلات التي عفا عليها الزمن، وتعتمد على الأجزاء وبراءات الاختراع من الشركات الغربية.

7– تخوُّف الشركات من تضررها بالعقوبات المتبادلة: تخشى الشركات التكنولوجية الغربية أن تمتد مظلة العقوبات الغربية على روسيا مع تصاعد الغزو الروسي لأوكرانيا؛ بحيث يتسع نطاقها فيما يتعلق بالقطاع التكنولوجي، وتُصبح تلك الشركات مهددة بأن تشمل العقوبات الغربية تعاملاتها إذا لم تتخذ مواقف صارمة تجاه موسكو، فيما تخشى على الجانب الآخر أن يؤدي انحياز هذه الشركات إلى أوكرانيا، واتخاذ مواقف مناهضة للغزو الروسي؛ إلى إجراءات وعقوبات روسية مضادة.

فقد أعلنت الدائرة الفيدرالية الروسية للرقابة على الاتصالات وتقنية المعلومات والإعلام، في 25 فبراير الفائت؛ أنها حدَّت جزئياً من إمكانية دخول موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيسبوك" التابع لشركة "ميتا"؛ وذلك رداً على القيود التي فرضتها الشركة على وسائل الإعلام الروسية؛ حيث اتهمت موسكو "فيسبوك" بفرض رقابة، واعتبرت الشبكة متورطة في انتهاك حقوق الإنسان، والحريات الأساسية، وكذلك حقوق وحريات المواطنين الروس. كما قالت شركة "تويتر"، في 26 فبراير الفائت، إنها على علم بفرض قيود على دخول بعض الأشخاص في روسيا إلى منصتها الخاصة بالتواصل الاجتماعي، في اتهام للحكومة الروسية بتقييد نشاط الموقع على أراضيها.

8– تهديدات ميدانية للشركات التكنولوجية في أوكرانيا: تعيش كبرى شركات التقنيات في أوكرانيا، في وضع سيئ، في ظل تصاعد الحرب الروسية على البلاد؛ فبينما تضم أوكرانيا عدداً كبيراً من شركات التقنيات ذات التأثير المباشر على حياة وعمل الملايين حول العالم، فإن المسؤولين عن هذه الشركات يستعدون لأسوأ الظروف، في ظل استمرار الغزو الروسي، واحتمالات وصول القوات الروسية أو المدعومة من موسكو إلى العاصمة الأوكرانية كييف.

ومن تلك الشركات شركة "Grammarly" المتخصصة بصناعات الذكاء الاصطناعي لتسهيل أنظمة الاتصالات والكتابة، التي تعد من الشركات البارزة في صناعة التقنيات في أوكرانيا، وتُقدر قيمتها السوقية بـ13 مليار دولار، وتضم ضمن قوتها العاملة، عدداً كبيراً من المطورين في العاصمة كييف، مع امتلاك مكاتب في مدن أخرى خارج أوكرانيا؛ فقد قالت المتحدثة باسم الشركة "سينكا هادزيموراتوفيتش"، إن شركتها تتوقع السيناريو الأسوأ، وهو سقوط العاصمة كييف تحت سيطرة الجيش الروسي؛ حيث سيكون التركيز في هذه الحالة أولاً على سلامة العاملين داخل أوكرانيا، على أن توقف الشركة كافة مشاريعها وتعتمد على مكاتبها خارج البلاد.

أما شركة "Readdle" التي تتخذ كييف مقرّاً لها، وتعتبر واحدة من الشركات الرائدة في بيع التطبيقات الإلكترونية على متجر "أبل" الإلكتروني، ويعمل بها 150 موظفاً في أوكرانيا؛ فقد أكد "دنيس زادانوف" عضو مجلس إدارتها تمسك رؤساء الشركة بحق استقلالية أوكرانيا، وأن الشركة ستستمر في أداء عملها من خارج أوكرانيا، عبر مقرات تابعة لها في 11 دولة، مع الحفاظ على البيانات السرية لعملائها.

استجابة جزئية

قام عدد من الشركات التكنولوجية العالمية باستجابات جزئية للمطالب الغربية باتخاذ موقف مناوئ للغزو الروسي لأوكرانيا، والانضمام بطريقةٍ ما إلى جهود مواجهة موسكو، ومد مظلة العقوبات المفروضة على روسيا، بشكل جزئي، إلى القطاع التكنولوجي؛ فقد اتخذت الشركات التكنولوجية الكبرى عدداً من القرارات، منها:

1– تقييد شركة "ميتا" أنشطة وسائل الإعلام الروسية: قالت شركة "ميتا"، في 25 فبراير الفائت، إنها قررت منع وسائل الإعلام الرسمية الروسية من نشر إعلانات أو ممارسة أنشطة تدر عائدات على منصتها في أي مكان في العالم. وقال رئيس السياسة الأمنية للشركة ناثانيال جلايشر: "نحن نمنع الآن وسائل الإعلام الحكومية الروسية من نشر إعلانات أو ممارسة أنشطة تدر عائدات على منصتنا في أي مكان في العالم"، مؤكداً أن شركته ستواصل وضع محاذير على وسائل إعلام رسمية روسية إضافية.

وقيَّد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الصفحة الرسمية لوكالة "سبوتنيك" الناطقة باللغة الروسية 90 يوماً، حسبما ذكرت الوكالة الروسية، في 24 فبراير الفائت، بحيث يتم تقليل مستوى الوصول إلى الصفحة، ويراها عدد أقل من المستخدمين". فيما لا تزال صفحة "سبوتنيك عربي" محظورة من النشر منذ أكثر من شهر، وقامت إدارة الصفحة بإرسال طلب استفسار عن السبب، ولم يأت الرد من إدارة "فيسبوك".

2– مواجهة "تويتر" نشر تقارير ومقالات الإعلام الروسي: أعلن موقع "تويتر" في 28 فبراير الفائت، أنه سيضع علامة خاصة على المحتوى الذي تنشره وسائل الإعلام والمواقع المرتبطة بالحكومة الروسية. وسيستمر في إلغاء تضخيم المقالات من هذه المواقع عن طريق حظر عناوين "URL" من وظيفة البحث العليا للمنصة، وعدم التوصية بالتغريدات التي تتضمن مقالات من هذه المواقع.

ووفقاً لما ذكرته المتحدثة باسم "تويتر" إليزابيث بوسبي، فإنه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، تم رصد أكثر من 45000 تغريدة يوميّاً من أفراد على الموقع يشاركون هذه الروابط؛ ما يعني أن الغالبية العظمى من المحتوى الخاص بوسائل الإعلام الروسية يأتي من أفراد يشاركون هذا المحتوى، بدلًا من الحسابات التي يصنفها الموقع لسنوات على أنها وسائل إعلام تابعة للدولة.

3– منع "جوجل" وسائل الإعلام الروسية من تحقيق أرباح: قالت قناة "روسيا اليوم" التلفزيونية، في 27 فبراير الفائت، إن شركة "جوجل" المملوكة لشركة "ألفابت"، أوقفت تحميل تطبيق القناة على الهواتف في أوكرانيا بناءً على طلب من "كييف"ـ كما منعت "جوجل" في 26 فبراير الفائت، القناة ووسائل الإعلام الحكومية الروسية، من تلقي أموال الإعلانات على مواقعها الإلكترونية وتطبيقاتها.

وأعلن موقع "يوتيوب" التابع للشركة عن إيقاف الإعلانات التي تضعها وسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية، ومنعها من تحقيق الإيرادات على خدمة الفيديو، مضيفاً أنه سيحد من التوصيات بمشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بهذه القنوات، كما أعلن الموقع عن فرض قيود على الوصول إلى قناة "روسيا اليوم" وقنوات روسية أخرى في أوكرانيا، بطلب من حكومة كييف.

4– تعليق خدمات "خرائط جوجل" على الأراضي الأوكرانية: أعلنت شركة "جوجل" في 27 فبراير الفائت، عن تعليق بعض أدوات خدمة "خرائط جوجل" في أوكرانيا مؤقتًا، وهي الأدوات التي توفر معلومات مباشرة حول ظروف حركة المرور، ومدى ازدحام الأماكن المختلفة. وأوضحت الشركة أنها اتخذت الإجراءات "من أجل سلامة المجتمعات المحلية في البلاد، بعد التشاور مع مصادر منها السلطات الإقليمية".

5– تفعيل "ماسك" خدمات "سبايس إكس" في أوكرانيا: أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، في 27 فبراير الفائت، أن خدمة الإنترنت عبر القمر الصناعي "ستار لينك" المملوكة لشركته "سبايس إكس" تم تفعيلها في أوكرانيا؛ وذلك بعد نحو عشر ساعات من مطالبة وزير التحول الرقمي الأوكراني ميخايلو فيدوروف، بتوفير محطات تلك الخدمة لبلاده التي تتعرض لغزو روسي. وقال "ماسك"، في تغريدة نشرها على حسابه على موقع "تويتر"، إنه قد "بدأ تشغيل خدمات ستار لينك في أوكرانيا، وهناك المزيد من المحطات في الطريق إليكم".

6– شمول العقوبات الاقتصادية خدمات الدفع الإلكتروني: بعد العقوبات الغربية على المؤسسات المالية الروسية ردّاً على غزو أوكرانيا، لم يعد بإمكان عملاء العديد من البنوك الكبرى في روسيا استخدام بطاقات الخصم والائتمان الخاصة بهم بالتزامن مع "Apple Pay" و"Google Pay"؛ فقد أعلن البنك المركزي الروسي، في 25 فبراير الفائت، أن مستخدمي بطاقات الخصم والائتمان الصادرة عن عدد من البنوك الروسية لن يكونوا قادرين على استخدام الخدمات المالية لبطاقات الشركتين التكنولوجيتين العالميتين.

وبذلك لن يتمكن العملاء أيضاً من الدفع بهذه البطاقات مقابل المنتجات والخدمات المَبيعة عبر الإنترنت من البلدان التي تدعم العقوبات المفروضة على روسيا، فيما لا يزال بإمكان العملاء في هذه البنوك استخدام بطاقاتهم لإجراء مدفوعات بدون تلامس، بشرط أن يدعموا هذه الميزة. ووفقًا لبيانات عام 2020، أفاد 29% من الروس بأنهم استخدموا "Google Pay" في ذلك الوقت، بينما قال 20% إنهم استخدموا "Apple Pay".

7– حظر المشاركة الروسية في المؤتمر العالمي للمحمول: أدانت الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول "GSMA" المنظمة للمعرض والمؤتمر العالمي للمحمول "MWC" –وهو أكبر معرض تجاري في العالم– بشدة الغزو الروسي لأوكرانيا، مؤكدةً تفهمها فرض عقوبات على موسكو، وأنها تتبع جميع القيود والسياسات الحكومية نتيجة لهذا الوضع. وأكد المتحدث باسم "GSMA" أن الجمعية ستساعد في الحظر الدولي المفروض على روسيا.

وأعلنت الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول أنها ستمنع بعض الشركات الروسية من المشاركة في المؤتمر العالمي للمحمول "MWC"، وأن المؤتمر لن يضم جناحاً روسيّاً على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا. ويُعقد المؤتمر العالمي هذا العام في برشلونة من 28 فبراير إلى 3 مارس 2022، وسط توقعات باستضافة أكثر من 1800 مشارك من 183 دولة، وأن يجذب المزيد من شركات التكنولوجيا مقارنة بعامي 2020 و2021.

8– إبراز وسائل التواصل الاجتماعي "الانتهاكات الروسية": تتمتع شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى، مثل "ميتا" و"تويتر" و"يوتيوب"، بقوة وتأثير كبير بسبب انتشارها العالمي. ورغم ما تواجهه من انتقادات، فإن ثمة دفاعاً عنها يتعلق بكونها وسائل إعلامية بديلة، لنقل ما يحدث في أوكرانيا، وحشد التعاطف العالمي. فقد قالت رئيسة مركز تحليل السياسة الأوروبية إلينا يولياكوفا، على موقع "تويتر" إن الشركات الغربية قدمت مساحة على الإنترنت للروس للحصول على معلومات حول الفظائع التي ترتكبها حكومتهم في أوكرانيا، مؤكدةً أن "الكرملين يتصرف بحزم لإخفاء الحقيقة".

9– ردود غامضة من شركة "أبل" على مطالب كييف: رفضت شركة "أبل" التعليق على مُطالبة كييف إياها بوقف مبيعات منتجاتها في روسيا وإغلاق متجر التطبيقات التابع لها هناك، فيما نشر الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك، على حسابه على "تويتر" تعليقاً في 24 فبراير الفائت، قال فيه إنه قلق للغاية بشأن الوضع في أوكرانيا، ويفكر في الذين من الممكن أن يتضرروا، ويدعم كل من يدعو إلى السلام، وأن شركته تبذل قصارى جهدها من أجل سلامة موظفيها هناك، ودعم الجهود الإنسانية المحلية.

ختاماً، فرض الغزو الروسي لأوكرانيا تحدياً على مجموعات التكنولوجيا العالمية العملاقة التي يبدو أنها عالقة بين مطرقة الدعوات إلى معارضة الحرب التي تشنها موسكو، وسندان الإجراءات الانتقامية الروسية المحتملة. وبينما يتمتع عمالقة التكنولوجيا بقوة كبيرة في ظل الانتشار والهيمنة العالمية وهيمنتهم في كل مكان، تظل هذه الشركات العملاقة شركات خاصة تسعى إلى الربح، ويمكن أن تواجه مشاكل بسبب اتخاذها موقفاً حادّاً يعود عليها بأضرار اقتصادية واستراتيجية.

كيف تعامل عمالقة التكنولوجيا مع ضغوط الحرب الأوكرانية؟