قرّرت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، في 16 ديسمبر 2024، عقد أول جلسة رسمية في قضية النظر في عزل الرئيس "يون سوك يول"، في أواخر ديسمبر 2024. وتزامن ذلك مع استدعاء الرئيس لاستجوابه للمرة الثانية -وذلك بعد عدم استجابته للطلب السابق- للتحقيق معه كمشتبه به بتهمة التمرد وإساءة استخدام السلطة، فيما يتعلق بفرض الأحكام العرفية في مطلع ديسمبر 2024.

وفي اليوم ذاته، أعلن زعيم حزب "سلطة الشعب" الحاكم في كوريا الجنوبية، "هان دونج هون"، تقديم استقالته نتيجة تمرير الجمعية الوطنية (البرلمان) اقتراحاً بعزل الرئيس "يون" بسبب قراره بفرض الأحكام العرفية؛ وهو القرار الذي لم يستمر سوى بضع ساعات، وأثار جدلاً واسعاً، واعتبرته المعارضة بمثابة انقلاب على الديمقراطية.

وفي ضوء ما تشهده سيول من أحداث سياسية متلاحقة، فإنها تُواجه أزمة سياسية غير مسبوقة بعد تصويت الجمعية الوطنية بأغلبية ساحقة لصالح عزل الرئيس "يول"، الذي تولى السلطة في عام 2022، ونجاح المعارضة في حشد أعضاء الجمعية الوطنية والشعب لدعم قرار العزل، ممَّا أدى إلى إيقاف "يون" عن أداء مهامه الرئاسية.

التداعيات الداخلية

تحمل التحركات لإقالة الرئيس الكوري الجنوبي عدداً من التداعيات على المستوى الداخلي، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

1- الضغط على الرئيس "يول" للرحيل عن منصبه: شهدت كوريا الجنوبية وضعاً سياسياً مرتبكاً، بعد منع الرئيس "يول" من مغادرة البلاد، وإخضاعه لتحقيق رسمي بتهمة "الخيانة"، بعد قراره بفرض الأحكام العرفية وإلغائه لاحقاً. ويبدو أن محاولة "يون" لفرض الأحكام العرفية من أجل تعزيز سلطته وقمع المعارضة، جاءت بنتائج عكسية؛ فسرعان ما تبددت خطة الرئيس بعد رفض شعبي وسياسي واسع النطاق للأحكام العرفية، ليعود لمواجهة مصيره مع تضاؤل دعم حزبه له وتصاعد الاحتجاجات الشعبية، إلى جانب تعليق صلاحياته الرئاسية حتى تقرر المحكمة الدستورية ما إذا كان سيجري عزله من منصبه أم إعادته.

وبشكل عام، شكَّلت تصرفات "يون" تهديداً خطيراً للأسس الديمقراطية في كوريا الجنوبية، وقوَّضت الثقة العامة في قيادته. فقد صرَّح العديد من الزعماء السياسيين البارزين بأن قدرة الرئيس على الحكم أصبحت معرضة للخطر بشكل متزايد.

2- احتمالية إصدار مذكرة اعتقال بحق "يول": على الرغم من تصويت الجمعية الوطنية على تمرير مقترح عزله، تعهد "يون" بعدم الاستسلام، مُؤكداً أنه سيبذل قصارى جهده لضمان استقرار البلاد حتى اللحظة الأخيرة. وعلى هذا النحو، رفض "يون" طلباً من المدعين العامين للمثول للاستجواب، كجزء من تحقيقهم المنفصل في إعلان الأحكام العرفية. وبرَّر "يون" رفضه، بأنه لم يُعين ممثلين قانونيين عنه بعد. وإذا استمرَّ يون في تحدي طلبات الاستجواب، فقد يسعى فريق التحقيق المشترك إلى تقديم طلب للمحكمة لإصدار مذكرة اعتقال بحقه.

وذلك على غرار اعتقال وزير الدفاع السابق "كيم يونج هيون"، بعد صدور مذكرة من محكمة منطقة سيول، بسبب اتهام النيابة له بالانخراط في أنشطة "أساسية" في التمرد، وإساءة استخدام سلطته لعرقلة ممارسة الحقوق.

وفي إشارة لاحتمالية تحدي الرئيس "يون" للأوضاع القائمة وعدم الاستسلام، أوضح في كلمته للشعب التي نشرها مكتبه، بعد أن أقرَّ البرلمان مشروع قانون لعزله قائلاً: "لن أستسلم أبداً، وأشعر بالإحباط لأن كل الجهود التي بُذلت حتى الآن ستذهب سُدى". وانطلاقاً من تمسك "يون" باستمراره في منصبه حتى نهاية مدة فترته الرئاسية، فضلاً عن تزايد حالة عدم اليقين السياسي، وتزايد فرص إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، ربما تشهد البلاد أزمة دستورية محتملة.

3- إمكانية تأييد المحكمة الدستورية العليا قرار العزل: ستتولى المحكمة، المُكونة من 6 قضاة، مراجعة القضية في غضون 180 يوماً من تاريخ استلامها لتقرر ما إذا كانت ستدعم قرار البرلمان بعزل "يون" أو تعيده إلى منصبه. وإذا قررت المحكمة الدستورية تأييد عزل الرئيس، فسيصبح "يون" ثاني رئيس يتم عزله في تاريخ كوريا الجنوبية بعد الرئيسة السابقة "بارك جن هيه"، التي عُزلت عام 2017. وسيتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في غضون 60 يوماً لتحديد خليفته، وخلال تلك الفترة يتم تعطيل جميع صلاحيات الرئيس.

4- تفاقم حدة الانقسامات داخل الحزب الحاكم: لا تُشكل استقالة زعيم حزب سلطة الشعب الحاكم، هان دونغ-هون، الذي يعد أحد أهم المقربين من الرئيس الكوري، نهاية لعلاقة تحالف وطيدة جمعت بين الرجلين لسنوات طويلة فحسب، ولكنها تعكس كذلك انقسامات حادة داخلية، فمع استمرار الأزمة السياسية، بدأ حزب "سلطة الشعب" يُعاني من انشقاقات داخلية وانخفاض حاد في شعبيته، وأعلن بعض أعضاء الحزب نيتهم التصويت لصالح عزل الرئيس، رغم المخاطر السياسية والشخصية التي تواجههم.

ومن جانبه، ذكر عضو البرلمان "كيم سانج ووك"، الذي قرَّر دعم مقترح العزل، أن "الرئيس غير مؤهل تماماً لقيادة البلاد، وعلى الرغم من ذلك لا يزال بعض الأعضاء متمسكين بولائهم لـ"يون". وأكد "كيم" أن الحزب بحاجة إلى إعادة بناء شاملة لاستعادة ثقة الناخبين، معتبراً أن هذه الأزمة تمثل فرصة للتفكير في أخطاء الماضي، وإعادة النظر في مستقبل الديمقراطية الكورية.

5- تزايد الدعوات لإجراء تغييرات في النظام السياسي: قد ترفع الأزمة الراهنة من أسهم المعارضة، ممَّا قد يؤدي إلى تحولات في القوة السياسية، وإعادة تقييم التحالفات السياسية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومع تآكل الثقة الشعبية في الحكومة، ربما يزداد نفوذ المجتمع المدني والحركات الشعبية، ممَّا يدفع إلى ظهور دعوات لإجراء تغييرات دستورية أو تعزيز الضمانات المؤسسية لمنع تجاوزات السلطة التنفيذية في المستقبل، فضلاً عن تعزيز الشفافية والمساءلة وإعادة تأكيد المعايير الديمقراطية.

6- تعزيز سلطة البرلمان: لعبت الجمعية الوطنية دوراً محورياً في مقاومة قرار فرض الأحكام العرفية. فقد تحدى المشرعون من المعارضة ومن داخل حزب "يون" نفسه القرار. وأظهرت قدرة الجمعية على تجاوز المرسوم من خلال تصويت الأغلبية أهميتها كضمانة ديمقراطية. وعزَّز هذا الإجراء أيضاً سلطة الجمعية الوطنية كضامن ضد تجاوزات السلطة التنفيذية، وضمان الحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات في مواجهة أزمة محتملة.

وقد تم تمرير مقترح عزل "يون" بأغلبية 204 أصوات مقابل 85 صوتاً، مع امتناع 3 أعضاء عن التصويت. وكانت هناك 8 أصوات باطلة. وقرَّر حزب سلطة الشعب الحاكم الذي ينتمي إليه "يون" قبل وقت قصير من التصويت، المشاركة في التصويت، وأظهرت نتيجة التصويت أن 12 نائباً من الحزب الحاكم انحرفوا عن خط الحزب لصالح العزل. يأتي ذلك بعد أن فشلت المحاولة الأولى لعزل "يون"، في 7 ديسمبر 2024، بعد أن قاطع جميع نواب حزب سلطة الشعب تقريباً جلسة التصويت.

7- توحيد صفوف المعارضة: ساهمت الأزمة في توحيد صفوف المعارضة، فقد تستخدم المعارضة الزخم الحالي لتعزيز نفوذها والضغط من أجل انتخابات مبكرة. وفي هذا الصدد، توقَّع بعض المحللين، أن زعيم المعارضة "لي جيه ميونج"، الذي خسر بفارق ضئيل أمام "يون" في عام 2022، ربما يفوز في الانتخابات ليحل محله.

ورغم محاولة الجيش والشرطة السيطرة على مبنى البرلمان، عقب إعلان الأحكام العرفية في 3 ديسمبر 2024، دعا زعيم المعارضة نواب الحزب الديمقراطي إلى الالتحاق بالبرلمان للتصويت لرفض القرار الرئاسي. وبالفعل، تمكَّن النواب من اجتياز الحواجز بمساعدة آلاف المحتجين الذين واجهوا قوات الجيش والشرطة بلا عنف، والوصول إلى قبة البرلمان. وخلال ساعة واحدة، كانت أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت بشكل كبير، وانخفضت أسعار الأسهم، لكن المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع كانوا قد استطاعوا تأمين البرلمان الذي صوّت بالإجماع لحجب المرسوم في جلسة طارئة، بحضور 190 من الأعضاء البالغ عددهم 300. وبعد مرور 6 ساعات فقط، أعلن الرئيس "يون" أنه سيتراجع عن قراره بفرض الأحكام العرفية، وأن قوات الجيش ستنسحب إلى ثكناتها.

8- مخاوف من تفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي: عانت كوريا الجنوبية حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى حد ما، على خلفية الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، فبينما تراجعت العملة المحلية (الوون الكوري الجنوبي) لتصل إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عامين مقابل الدولار، فإن صناديق الاستثمار المتداولة المُرتبطة بالأسهم الكورية الجنوبية، قلّصت خسائرها نسبياً بعد إلغاء الأحكام العرفية. وارتفعت قيمة العملة بعد أن وعدت وزارة المالية بتوفير سيولة غير محدودة بعد إجراء اجتماع طارئ لاتخاذ تدابير لحماية استقرار السوق.

وبدورها، تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، في 15 ديسمبر الجاري، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفاعلية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت. وأكدت أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي. وبطبيعة الحال، يعتمد الاستقرار الاقتصادي في سول بشكل كبير على سرعة حل الأزمة؛ فاستمرار الإضرابات والاضطرابات السياسية سيؤدي إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية.

ارتدادات خارجية

لن تقتصر تأثيرات أزمة إقالة الرئيس الكوري الجنوبي على المشهد الداخلي، ولكن ستكون لها امتدادات خارجية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

1- تزايد مخاوف الحلفاء تجاه سياسات سيول: في خطوة تهدف إلى طمأنة الحلفاء وتهدئة الأسواق المالية، سعى رئيس الوزراء الكوري الجنوبي، والقائم بأعمال الرئيس "هان دوك سو"، إلى تأكيد استقرار السياسات الخارجية والأمنية للبلاد بعد إقالة الرئيس "يون" نتيجة محاولة فرض الأحكام العرفية.

وأرسلت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، رسالة إلى البعثات الدبلوماسية الأجنبية في سيول لتوضيح أنه لم يكن هناك تأثير يُذكر للمحاولة الفاشلة لفرض الأحكام العرفية التي قام بها الرئيس، وأن البلاد لا تزال آمنة. ومن جانبه، أبلغ وزير الخارجية الكوري الجنوبي "تشو تاي يول"، المشرعين بأنه سيبذل "كل الجهود لاستعادة الثقة في العلاقات الدولية، والحفاظ على التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة".

2- زعزعة صورة كوريا الجنوبية كدولة ديمقراطية: تسببت الأزمة في زعزعة صورة كوريا الجنوبية كدولة ديمقراطية، ورغم نجاح البرلمان في عرقلة محاولات "يون" لفرض الأحكام العرفية؛ إلا أنَّ هشاشة النظام السياسي الكوري باتت واضحة للجميع. وفي هذا الصدد، أكدت "يون جونج إن"، أستاذة الأبحاث بجامعة كوريا، أنَّ الاحتجاجات الجماهيرية تعكس مقاومة شعبية ضد أي محاولات لتقويض الديمقراطية، مشيرةً إلى أن الكوريين ينظرون إلى الديمقراطية باعتبارها حقاً أصيلاً وليست امتيازاً.

3- تأثر سمعة البلاد دولياً: تأثرت سمعة كوريا الجنوبية وعلاقاتها الدبلوماسية نتيجة الأزمة؛ فبينما كانت البلاد تأمل في تعزيز دورها على الساحة العالمية والانضمام إلى مجموعة الدول السبع، تلقت هذه الطموحات ضربة قاسية بسبب الأزمة الحالية، حيث ستحتاج البلاد إلى بعض الوقت للتعافي من الأزمة واستعادة ثقة شعبها والمجتمع الدولي.

4- تأجيل المحادثات النووية بين سيول وواشنطن: امتدت تداعيات الأزمة إلى المجال الأمني، حيث تم تأجيل المحادثات النووية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، التي كانت تهدف إلى تعزيز الردع النووي في مواجهة التهديدات من كوريا الشمالية. وأثار ذلك مخاوف بشأن انعكاس الأزمة السياسية على الأمن الإقليمي في شبه الجزيرة الكورية، حيث يمكن أن تستغل كوريا الشمالية هذا الوضع لتعزيز موقفها الإقليمي. ويعتبر تأجيل المحادثات مؤشراً على تأثير الأزمات الداخلية على قدرة كوريا الجنوبية على الحفاظ على استقرارها الأمني والتزاماتها الدبلوماسية.

5- ترحيب واشنطن بقرار البرلمان بعزل الرئيس: أصدرت الولايات المتحدة بياناً تعلق فيه على التطورات السياسية في كوريا الجنوبية، وذلك بعدما صوتت الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية لصالح عزل الرئيس، مُؤكدةً دعمها لجمهورية كوريا ومواطنيها وعملياتها الديمقراطية وسيادة القانون.

كما شدَّدت على التزام الولايات المتحدة بالتحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية الذي وصفه البيان بالثابت الذي لا يتزعزع. كما ألمحت واشنطن إلى أنها على استعداد لمواصلة التعاون مع سيول مع القائم بأعمال الرئيس "هان داك سو" وحكومة جمهورية كوريا لتعزيز المصالح المتبادلة والقيم المشتركة.

6- إمكانية توظيف كوريا الشمالية الأزمة لخدمة مصالحها: أشارت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية إلى أنّ وسائل الإعلام في كوريا الشمالية، التزمت الصمت بشأن عزل الرئيس "يون"، ممَّا قد يشير إلى أن كوريا الشمالية ربما تنأى بنفسها عن الجنوب بما يتماشى مع إعلانها عن العلاقات بين الكوريتين باعتبارها علاقات عدائية. ويعتقد بعض المحللين أن النظام في بيونج يانج، يأمل في استخدام الاضطرابات جنوب حدوده المسلحة بشكل كبير لصالحه، وربما يتخذ خطوات غير متوقعة لزعزعة الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. وتوقع المحللون أن يراقب القادة في روسيا والصين وكوريا الشمالية بشكل خاص الاضطرابات السياسية في كوريا الجنوبية بحماس، وربما يستشعرون ميزة جيوسياسية.

7- تصاعد قلق المستثمرين: أعرب العديد من المستثمرين عن قلقهم بشأن إدارة رابع أكبر اقتصاد في آسيا. فبينما تراجعت سوق الأسهم وانخفض الوون الكوري الجنوبي مقابل الدولار إلى أسوأ مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية؛ فإن بنك كوريا يعتزم استخدام جميع أدوات السياسة المتاحة، بالتوافق مع الحكومة، لمواجهة وتجنب تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق الصرف الأجنبي.

وتسلّط الاضطرابات القائمة الضوء على العلاقة الوثيقة بين الاستقرار السياسي والأداء الاقتصادي، خصوصاً في بلد يعتمد بشكل كبير على ثقة المستثمرين والأسواق العالمية. وبمقارنة الوضع الحالي بمراحل إقالة الرؤساء السابقين، ذكر بنك كوريا المركزي، أن الوضع الحالي يتسم بوجود بتحديات خارجية أكبر، مثل زيادة عدم اليقين في البيئة التجارية وتكثيف المنافسة العالمية.

وفي هذا الإطار، ذكر محافظ البنك المركزي في كوريا الجنوبية "ري تشانج يونج"، أن اقتصاد البلاد الموجه نحو التصدير معرض للخطر بسبب سياسات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" التجارية أكثر من الأزمة السياسية الداخلية وعزل الرئيس.

اختبار حاسم

إجمالاً، يمكن اعتبار الأزمة السياسية التي شهدتها كوريا الجنوبية عقب فرض الأحكام العرفية، اختباراً سياسياً وقانونياً للمؤسسات الديمقراطية في كوريا الجنوبية، وسط توحيد صفوف المعارضة نحو عزل الرئيس وإصرار الرئيس على عدم الاستسلام وحدوث انقسامات كبيرة في صفوف الحزب الحاكم. فقد قدَّمت الأزمة فرصة لتعزيز المؤسسات الديمقراطية ومواجهة استغلال الرئيس لنفوذه بما يضمن إجراء نوع من الإصلاحات السياسية خلال الفترة المقبلة، مع زيادة الدعوات إلى المساءلة والشفافية، وخاصة من المعارضة والمجتمع المدني، فضلاً عن احتمالية تسريع المطالبة بالإصلاحات المؤسسية لمنع تجاوزات السلطة التنفيذية في المستقبل.

وبالرغم من تراجع الرئيس عن إجراءاته الاستثنائية ونضج الجيش وعدم استغلاله الفرصة للمضي قدماً في تقويض مسار التحول الديمقراطي والقيام بانقلاب بقوة السلاح والانسحاب من المشهد؛ فإن المخاطر بشأن تداعيات الأزمة تظل قائمة، مع إصرار الرئيس على عدم الاستسلام. وبناءً على ذلك، فإنه من المرجح استمرار الضغط على الرئيس "يون" للاستقالة، حيث ينظر الكثيرون حتى من داخل حزبه إلى أن استمراره في السلطة أصبح مصدراً للاضطرابات.

التداعيات المحتملة لأزمة عزل رئيس كوريا الجنوبية