عقد إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية حلقة نقاشية بعنوان "الاقتراع القادم: التحولات السياسية في الانتخابات الرئاسية في مولدوفا"، استضاف خلالها جوليان جروزا المدير التنفيذي لمعهد السياسات والإصلاحات الأوروبية (IPRE) ونائب وزير خارجية جمهورية مولدوفا السابق، متحدثاً رئيسياً.

المشهد الانتخابي

تُعقَد الانتخابات الرئاسية في مولدوفا على خليفة عدد من التطورات السياسية والاقتصادية التي يمكن تلخيصها في التالي:

1– تكثيف الجهود للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي:

سعت مولدوفا، في الآونة الأخيرة، إلى تكثيف جهودها للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، بجانب مشاركتها النشطة في الجهود الدبلوماسية الأوروبية والعالمية؛ فعلى الرغم من كونها دولة صغيرة، استضافت العام الماضي واحدة من أكبر القمم للمجتمع السياسي الأوروبي، وهي القمة التي جمعت أكثر من 40 زعيماً من الدول الأوروبية.

يأتي ذلك وسط ترحيب من قِبَل المفوضية الأوروبية بالتوسع لضم أعضاء جدد. وتأمل مولدوفا دخول الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، وتلتزم سياسياً بتحقيق هذا الهدف. وتُجرِي حكومة مولدوفا على مدار سنوات مفاوضات مستمرة مع الشركاء الأوروبيين، أثمرت في السابق عن عدة اتفاقيات، مثل اتفاقية إدماج الاقتصاد وأنظمة الطاقة مع الاتحاد الأوروبي، وتشمل بناء خطوط ربط الغاز والطاقة عبر رومانيا.

2– مساعٍ روسية لعرقلة انضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي:

تشير استطلاعات الرأي إلى أن نحو 60% من المولدوفيين يؤيدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين يعارضه 30%، ولم يحسم 4% أمرهم بعد. وقد تحول الرأي العام لصالح عضوية الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، ومع ذلك، هناك حملة مقاطعة قوية يقودها ممثلون سياسيون موالون لروسيا، بهدف منع الاستفتاء من الوصول إلى الحد الأدنى المطلوب المتمثل في ثلث الناخبين. ويتمثل هدف المقاطعة في منع مولدوفا من ترسيخ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في دستورها؛ ما يجعل النتيجة حاسمة لمستقبل البلاد الأوروبي.

3– تداعيات سلبية لحرب أوكرانيا على أمن مولدوفا:

واجهت مولدوفا عدة تحديات أمنية رئيسية، مثل الحرب الأوكرانية، لا سيما أنها تشترك في الحدود مع أوكرانيا؛ حيث أثرت الحرب مع روسيا بشكل كبير على الأمن الأوروبي كافةً. وقد أدى هذا أيضاً إلى تغيير وجهة نظر أوروبا بشأن تطلعات الاتحاد الأوروبي إلى أوكرانيا ومولدوفا. لقد تأثرت مولدوفا بشدة، على الرغم من حيادها، بالصراعات الجيوسياسية في المنطقة. على مدى السنوات القليلة الماضية، قدمت الدعم للمواطنين الأوكرانيين الفارين من الحرب، وزاد عدد سكانها بنسبة 4% بسبب استضافة اللاجئين الأوكرانيين. جذبت هذه الأزمة الاهتمام والدعم الدوليَّين، خاصةً من الولايات المتحدة وأوروبا؛ ما ساعد مولدوفا على مواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية والطاقة وتعزيز الاستقرار بشكل عام.

4– تعافي اقتصادي بطيء عقب الركود في عام 2023:

في عام 2023، شهدت مولدوفا ركوداً اقتصادياً بنسبة 30%، لكنها بدأت في طريق التعافي. ومن المتوقع أن يتراوح نمو الناتج المحلي الإجمالي بين 2% و4% هذا العام. ويرجع ذلك، إلى حد كبير، إلى دعم الاتحاد الأوروبي؛ حيث تلقت الأسبوع الماضي خطة نمو اقتصادي جديدة من الاتحاد الأوروبي، تبلغ قيمتها 1.8 مليار يورو على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعملية انضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي.

5– انتشار حملات التضليل الإلكتروني بدعم من روسيا:

مع الحرب في أوكرانيا على حدود مولدوفا، تشهد الدولة حرباً هجينة من روسيا، وتشمل حملات التضليل والهجمات الإلكترونية التي تكثفت حول العمليات الانتخابية. في الأسبوع الماضي، كشفت الشرطة عن مخطط متطور يتضمن شراء الأصوات من خلال أنظمة مالية مرتبطة بروسيا وروبوتات الدردشة على تيليجرام، وعلى مدار شهر واحد فقط، تم رشوة أكثر من 130 ألف مواطن مولدوفي – أي نحو 5% من الناخبين – باستخدام بطاقات مصرفية صادرة عن روسيا، مع إجراء عمليات شراء الأصوات في موسكو ومنطقة ترانسنيستريا الخاضعة لسيطرة روسيا؛ ما يشكل تحديات كبيرة في المشهد الانتخابي. ولم تكن تلك الأحداث سابقة من نوعها؛ حيث استبعدت الحكومة جهات سياسية عن الانتخابات المحلية العام الماضي بسبب أنشطة غير قانونية، مثل انتهاكات تمويل الحملات الانتخابية.

توجيه الناخبين

تساهم عدة عوامل في التأثير على أصوات الناخبين، سواء في السباق الرئاسي أم التصويت على التعديل الدستوري لتسهيل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؛ وذلك كالتالي:

1– الميل نحو توجه مولدوفا إلى الغرب بدلاً من روسيا:

شكَّلت الحرب في أوكرانيا تحولاً عميقاً في المجتمع المولدوفي؛ فقد كان قرب الصراع من مولدوفا لافتاً للنظر؛ حيث كان من الممكن سماع دوي القصف من مناطق الجنوب، والصواريخ التي تحلق فوق أراضيها. وكان اللاجئون الذين وصلوا إلى مولدوفا يحملون معهم قصصاً مروعة عن الحرب. وقد أثر هذا بشكل عميق على المشاعر العامة. ومع ترحيب المولدوفيين بالفارين من العنف، أدى ذلك إلى تغيير تصورات الناس داخل البلاد؛ ما أدى إلى تبني موقف أقوى مؤيد للغرب.

يذكر أن مولدوفا قد شهدت لسنوات عديدة انقساماً جيوسياسياً كبيراً؛ فخلال 33 عاماً من استقلالها، انقسم المجتمع المولدوفي حول توجهاته الجيوسياسية؛ فقد كان جزء كبير من السكان ينظر إلى الغرب نحو الاتحاد الأوروبي، في حين انحاز جزء كبير آخر إلى الشرق، وخاصةً روسيا ومشروعها الأوراسي. واستمر هذا الانقسام حتى مع توجه مولدوفا عموماً نحو أوروبا. ورغم أن أغلبية المولدوفيين يؤيدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فإن 60% لا يؤيدون الانضمام إلى الناتو، ويفضلون الحفاظ على الحياد في هذه المسألة كما هو منصوص عليه في الدستور.

2– أولوية المخاوف الاقتصادية لدى بعض الناخبين:

تشكل المخاوف الاقتصادية أهمية قصوى للناخبين، وخاصةً في ضوء الأزمات العالمية التي أثرت على مولدوفا. وتشمل هذه الأزمات جائحة كوفيد–19، والحرب في أوكرانيا، وأزمة الطاقة العالمية. كانت مولدوفا تعتمد على روسيا في الحصول على الغاز لسنوات عديدة، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت تنوع مصادر الطاقة؛ حيث تستورد الآن الغاز الطبيعي المسال من مجموعة متنوعة من البلدان. كان هذا التنويع حاسماً لزيادة استقلال مولدوفا في مجال الطاقة، لكن التحول لم يكن سهلاً؛ حيث تضاعفت أسعار الطاقة.

ولتخفيف الضغوط الاقتصادية، سعت مولدوفا إلى الحصول على مساعدة دولية. على سبيل المثال، قدم الاتحاد الأوروبي دعماً مباشراً للميزانية للمساعدة في تعويض الزيادة في أسعار الطاقة. على مدى السنوات الثلاث الماضية، تلقت مولدوفا ما يقرب من 4 مليارات دولار أمريكي في شكل مساعدات مالية مشتركة من شركائها، وهي المساعدات التي تم توجيهها نحو الإصلاحات وتطوير البنية الأساسية وتدابير التعويض لمساعدة المواطنين على التعامل مع ارتفاع التكاليف.

3– أهمية تطهير مؤسسات الدولة من الفساد:

يشكل الفساد مصدر قلق كبير آخر بالنسبة إلى عامة الناس في مولدوفا؛ فهو يحتل باستمرار مرتبة متقدمة بين القضايا الرئيسية التي يثيرها المواطنون، ولكن في السنوات الأربع الماضية، شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج طموح لإصلاح العدالة. ويشمل هذا البرنامج عملية فحص شاملة للقضاة والمدعين العامين؛ لضمان نزاهتهم والتزامهم بسيادة القانون. والهدف من ذلك هو تطهير القضاء من الجهات الفاسدة. وقد بدأ هذا الإصلاح على قدم وساق الآن؛ فقد تم فحص الهيئات القضائية، التي أصبحت بدورها مسؤولة عن فحص المزيد من القضاة الآخرين.

وبالإضافة إلى ذلك، تم إصلاح المحكمة العليا للعدل، وتم تمكين مكتب المدعي العام لمكافحة الفساد من متابعة قضايا الفساد بشكل أكثر فاعليةً. وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها بالفعل؛ فقد تحسن ترتيب مولدوفا في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية؛ حيث صعدت البلاد نحو عشرين مركزاً في السنوات القليلة الماضية، كما أظهرت مؤشرات الحكم الأخرى تحسناً؛ ما يعكس نجاح هذه الإصلاحات. ورفعت وكالات التصنيف الائتماني، مثل فيتش، التوقعات الاقتصادية لمولدوفا؛ ما سلط الضوء بشكل أكبر على المسار الإيجابي للحوكمة والسياسات الاقتصادية في البلاد.

4– قلق من حملات التضليل والتلاعب بالأصوات:

تتصدر المخاوف الأمنية قائمة أولويات المولدوفيين؛ حيث يتعرض نحو 25–30% من السكان لمعلومات مضللة؛ فبعيداً عن السياسة الخارجية، استخدمت الجهات الفاعلة السياسية، وخاصةً ذات الميول المؤيدة لروسيا، التحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية. وظلت هذه الجهات غامضة أو محايدة فيما يتعلق بالعدوان الروسي في أوكرانيا، وتجنبت المواقف الواضحة، ونشرت بدلاً من ذلك روايات متحيزة، كما سعت روسيا، من خلال وكلائها، إلى استغلال نقاط الضعف في مولدوفا، ونشر معلومات مضللة، وخاصةً من خلال منصات التواصل الاجتماعي. ورداً على ذلك، عززت الحكومة المولدوفية جهودها لمكافحة المعلومات المضللة، من خلال إنشاء مركز اتصالات استراتيجي يهدف إلى معالجة هذه التهديدات. ومع ذلك، لا تزال هذه المنصات صعبة التنظيم، وهناك حاجة إلى نهج شامل، يشمل المجتمع المدني ووسائل الإعلام لتوفير معلومات دقيقة وتفنيد الروايات الكاذبة.

5– اهتمام بالصراعات السياسية والجيوسياسية:

لم تعد الطاقة قضية رئيسية في انتخابات مولدوفا، لكن الصراعات الجيوسياسية أصبحت أكثر بروزاً. إن حكومة مولدوفا المؤيدة للإصلاح، التي يدعمها الغرب، تتعارض مع المصالح الروسية. تسعى روسيا إلى زعزعة استقرار مولدوفا من خلال وكلائها؛ لأنها تفضل الحكومات الموالية لموسكو، مثل تلك الموجودة في بيلاروسيا وجورجيا. هدف روسيا هو خلق حالة من عدم الاستقرار في مولدوفا لتقويض تقدمها نحو التكامل مع الاتحاد الأوروبي والتوافق مع السياسات الغربية.

تداعيات الانتخابات

يرتبط الاقتراع القادم في مولدوفا بعدة أحداث وتطورات في أقاليم أخرى. ويمكن استعراض تلك التأثيرات كالتالي:

1– تعزيز مكانة مولدوفا على المستويَين الإقليمي والدولي:

اكتسبت مولدوفا اهتماماً دولياً متزايداً في السنوات الأخيرة، وتجاوزت صورتها السابقة باعتبارها أفقر دولة في أوروبا. وقد تعززت قدرة البلاد على الصمود في مواجهة العديد من التحديات بفضل الدعم الخارجي من أوروبا والولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في السنوات القادمة؛ فبينما تقيِّم الدول الأوروبية نهجها تجاه الأمن والاقتصاد، مع تزايد المناقشات حول تحقيق "الاستقلال الاستراتيجي" عن الولايات المتحدة، وخاصةً بعد إدارة ترامب السابقة، فإنها أظهرت دعماً قوياً لمولدوفا؛ حيث دعمت جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 محاولتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على النقيض من تجربة أوكرانيا؛ حيث أبدت المجر مقاومة بسبب المخاوف الجيوسياسية والثنائية.

2– تحديد الاتجاه المستقبلي للدولة في مولدوفا:

إن مستقبل مولدوفا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. وتفضل روسيا تحويل مولدوفا إلى دولة مماثلة لبيلاروسيا؛ الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وسوف تلعب نتائج الصراعات السياسية الحالية، ومنها الانتخابات والاستفتاء، دوراً حاسماً في تحديد الاتجاه المستقبلي لمولدوفا؛ فإما أن تستمر على مسار مؤيد لأوروبا أو تقترب من مجال نفوذ روسيا.

3– تحول مولدوفا بشكل أكبر نحو استقلال الطاقة:

إن انضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي، أو وصول مرشح مؤيد للغرب إلى منصب الرئاسة، من شأنه أن يساعد الدولة على تجاوز تحديات الطاقة التي تفاقمت أثناء الحرب الأوكرانية؛ وذلك من خلال تحقيق تكامل الطاقة مع أوروبا، وبناء روابط جديدة مع الاتحاد الأوروبي عبر رومانيا، وهو الأمر الذي من المقرر أن يكتمل بحلول عام 2026. وقد بدأت مولدوفا بالفعل التحول بعيداً عن الإمداد الروسي من الغاز الطبيعي. في السابق، اعتمدت مولدوفا بالكامل تقريباً على روسيا للحصول على الغاز، ولكن بعد انخفاض الإمدادات ومحاولات روسيا للابتزاز، لجأت مولدوفا إلى شركاء عالميين ونوَّعت مصادر الطاقة.

تشتري مولدوفا الآن الغاز من الأسواق العالمية؛ ما يجعلها أكثر استقلاليةً في مجال الطاقة. وقد خفف هذا التحول من المخاوف بشأن نقص الطاقة، وخاصةً قبل فصل الشتاء، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات مع إمدادات الكهرباء؛ بسبب انخفاض توليد الطاقة المحلية. غالباً ما تستورد البلاد الكهرباء من أوكرانيا أو رومانيا أو ترانسنيستريا. ومع ذلك، فإن شبكة الكهرباء في مولدوفا معرضة للانقطاعات، وخاصةً عندما تتسبب الهجمات الروسية على البنية التحتية الأوكرانية في انقطاع التيار الكهربائي. وتعمل مولدوفا على معالجة هذا النقص من خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي.

4– تعزيز الترابط بين مولدوفا وترانسنيستريا:

تواصل مولدوفا انتهاج استراتيجيات لإعادة إدماج ترانسنيستريا، والاستفادة من علاقاتها الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي. يُنظر إلى الصراع في ترانسنيستريا إلى حد كبير على أنه صراع مجمد ومصطنع. وتواصل روسيا تقويض سيادة مولدوفا من خلال الاحتفاظ بقواتها غير الشرعية في المنطقة. وعلى الرغم من أن ترانسنيستريا سعت إلى الاعتراف الدولي باستقلالها، فإن أي دولة، حتى روسيا، لم تعترف بها رسمياً. تعمل مولدوفا الآن على إعادة إدماج المنطقة، في حين تواجه تحديات بسبب نفوذ روسيا.

على مر السنين، أصبحت العلاقات الاقتصادية بين مولدوفا وترانسنيستريا أقوى. وعلى الرغم من أن المنطقة تعمل بشكل مستقل على مواءمة قوانينها مع روسيا، فإن الشركات في ترانسنيستريا تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي؛ وذلك بفضل اتفاقية الشراكة بين مولدوفا والاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى ذلك، اكتسب غالبية المقيمين في ترانسنيستريا الجنسية المولدوفية. وقد ساعد هذا الترابط المتزايد في سد الفجوة بين الطرفين، على الرغم من إحجام النخب في ترانسنيستريا عن إعادة الاندماج بسبب مصالحهم الاقتصادية الخاصة.

5– انخراط مولدوفا في التحالفات الأمنية:

يدرك العديد من المولدوفيين أن سياسة عدم الانحياز التي تتبعها ليست كافية لضمان أمن البلاد، حسبما يتضح من تجربة أوكرانيا مع العدوان الروسي. في حين كانت المناقشات حول التحالفات العسكرية محرمة في السابق، فقد أدى الصراع إلى استراتيجية وطنية جديدة لمعالجة التحديات الأمنية. وتضاعفت ميزانية الدفاع في مولدوفا، التي كانت في السابق 0.3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، ثلاث مرات في العامين الماضيين؛ ما ساعد البلاد على تعزيز دفاعاتها ضد تهديدات الحرب الهجينة.

من المؤكد أن نتائج الحرب في أوكرانيا ستؤثر بشكل كبير على المشهد الأمني في مولدوفا، ولكن في الوضع الحالي، لا يزال غالبية المواطنين يفضلون الحياد، في حين يسعون إلى تعزيز قدراتهم الدفاعية ومعالجة القضايا الإقليمية، وخاصةً فيما يتصل بمنطقة ترانسنيستريا.

6– التمهيد للانتخابات البرلمانية العام المقبل:

بالإضافة إلى الاستفتاء والانتخابات الرئاسية، فإن الانتخابات البرلمانية التي ستُعقَد العام المقبل سوف تكون حاسمة أيضاً؛ حيث يعكس ترتيب الأحزاب السياسية في استطلاعات الرأي ترتيب المرشحين الرئاسيين. ويواصل حزب ساندو السابق (حزب العمل والتضامن) دعمها، في حين يظل الحزب الاشتراكي ثاني أكبر حزب في البرلمان، كما تلعب أحزاب رئيسية أخرى، مثل الحزب الشيوعي دوراً في هذا السياق؛ حيث يواجه بعضها خطر الاستبعاد بسبب التمويل غير القانوني. وقد تكافح الحكومة الحالية، على الرغم من شعبيتها، لتأمين أغلبية مريحة في البرلمان المقبل، خاصة بالنظر إلى العدد المحدود من الأحزاب المؤيدة للإصلاح. وإذا اكتسب وكلاء روسيا نفوذاً، فإن مولدوفا تخاطر بتأخير التنمية وزيادة التعرض لسيطرة الكرملين، على غرار الوضع في جورجيا وبيلاروسيا.

ختاماً، فإن نتائج الانتخابات والاستفتاء المقبل سوف يكون لها آثار كبيرة؛ ليس فقط على مستقبل مولدوفا، بل أيضاً على توسع الاتحاد الأوروبي في مناطق أخرى مثل غرب البلقان. وتمتد هذه الانتخابات إلى ما هو أبعد من حدود مولدوفا، لتعكس تحديات جيوسياسية أوسع نطاقاً، مثل الحرب في أوكرانيا والنفوذ الروسي في البلاد.

التحولات السياسية المرتبطة بالانتخابات في مولدوفا (حلقة نقاش)