إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        




<p><br><strong>تتبنى الإمارات نهجاً مرناً في التعامل مع مخاطر الكوارث الطبيعية على غرار الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها، رغم أنها لا تقع ضمن الدول المتأثرة بتلك النوعيات من الكوارث، وهو ما يأتي في إطار تفعيل سياسة الإنذار المبكر، والتعامل على نحو استباقي مع المخاطر المحتملة، وهو أمر لا يقتصر على تأمين الأفراد والمنشآت داخل الدولة، بل يمتد إلى تقديم الدعم إقليمياً ودولياً للدول المتضررة من جرَّاء تلك الكوارث عبر برنامج إغاثي قوي يقدم الدعم المتعدد الأبعاد لدعم الضحايا عبر العالم في إطار الدبلوماسية الإنسانية النشطة للدولة. لا يمكن إغفال أن هذه المعطيات كانت حاضرة مع إعلان المركز الوطني للأرصاد في الإمارات، في 2 يوليو 2022، أن محطات الرصد قد سجَّلت زلزالاً بقوة 6.3 رختر في جنوب إيران، وأن الزلزال كان محسوساً به في بعض المناطق دون أي تأثير يُذكر على الدولة.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">توابع محدودة</span></strong></p>



<p><strong>تقع الإمارات خارج نطاق الكوارث الطبيعية بحسب أحدث الإحصائيات والمؤشرات الدولية المَعنية بمراجعة ومتابعة الكوارث الطبيعية والمخاطر بمختلف أنواعها، وهو ما يمكن توضيحه تفصيلياً على النحو الآتي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– عدم وقوع الإمارات ضمن منطقة حزام الزلازل: </strong>تتأثر الإمارات بتوابع خفيفة لزلازل تحدث في دول الجوار، ولا تعد الدولة ضمن حزام الزلازل، وهو ما ينطبق على تسجيل عدة زلازل جنوب إيران في مطلع يوليو 2022. وبحسب المركز الوطني للأرصاد في الإمارات، فإن النشاط الزلزالي في جنوب إيران نشاط اعتيادي ليس له تأثير على الإمارات، لكن التأثيرات بطبيعة الحال تكون في إيران، لا سيما أن منطقة الجنوب الإيراني هي منطقة نشطة زلزالياً، وعادةً ما تتسبب في توابع تؤثر على بعض دول الجوار دون ارتدادات قوية على تلك الدول، وإنما ينحسر التأثير أساساً في شعور بعض المواطنين بتوابع خفيفة لتلك الزلازل.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– مرتبة متميزة للإمارات في مؤشر المخاطر 2021: </strong>يحسب مؤشر المخاطر العالمي لعام 2021، المخاطر في 181 دولة في العالم؛ إذ يصنف الدول الأفضل عالمياً بين "منخفض للغاية" و"منخفض" على التوالي من حيث&nbsp; المخاطر، ويصنف دولاً أخرى "متوسطة"، في حين تكون الدول الأكثر خطورةً بين "مرتفع للغاية" و"مرتفع" على التوالي، فيما تتضمن منهجية المؤشر أربعة محددات رئيسية؛ هي: التعرض للكوارث الطبيعية مثل الزلازل وغيرها، وكذلك القابلية للتأثر بالكوارث بحسب البنية التحتية والإمدادات الغذائية والوضع الاقتصادي، علاوةً على قدرات تعاطي الدولة مع الكوارث حسب مستوى الحوكمة والرعاية الصحية والاجتماعية بجانب قدرات التكيُّف مع الأحداث الطبيعية، مثل التغيُّرات المناخية وغيرها من التحديات الأخرى.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبحسب مؤشر المخاطر لعام 2021، جاءت الإمارات ضمن أكثر الدول أماناً وفي مقدمة الدول ذات المخاطر المنخفضة للغاية فيما يتعلق بمختلف أنواع المخاطر، بما في ذلك الكوارث الطبيعية، ولم تأت أي دولة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن الدول "المرتفعة للغاية" فيما يتعلق بالمخاطر، وحافظت دول الخليج العربي على مراتب متقدمة ضمن الدول الأقل عُرضةً للمخاطر على المستوى الدولي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– ابتعاد منطقة الشرق الأوسط عن الزلازل الكارثية: </strong>بحسب إحصائيات أقوى الزلازل على مستوى العالم على مقياس رختر، الصادر في عام 2021، فإنه لم يتضمن أي دولة من دول منطقة الشرق الأوسط، بينما تصدرته بعض دول قارة أمريكا الجنوبية، على غرار تشيلي والإكوادور والأرجنتين. ومن جانب آخر، وبحسب مؤشر الكوارث الطبيعية لعام 2021 الصادر في أبريل 2022، فإن دول المنطقة ليست من الدول الأكثر تعرضاً للكوارث الطبيعية، في حين تصدرت الولايات المتحدة وإندونيسيا والهند والصين على التوالي الترتيب العالمي، وهو ما يعكس تراجع المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية وتداعياتها الكارثية في دول المنطقة بوجه عام، دون نفي وجود بعض المخاطر في دول بعينها، مثل حدوث بعض الهزات الأرضية في دول مثل إيران، ولعل آخرها رصد وقوع ثمانية زلازل جنوب إيران من مساء الأول من يوليو حتى صباح الثاني من يوليو 2022.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– تراجع الزلازل على المستوى الدولي في عام 2021:</strong> أصدر مركز دراسات الأوبئة والكوارث "CRED" تقريره السنوي حول مراجعة الكوارث والأوبئة في عام 2021، ولفت إلى تراجع الزلازل على المستوى العالمي، وأن عدد الوفيات والمتضررين من الزلازل كانت أقل خلال عام 2021 من متوسطها خلال العشرين عاماً الماضية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبحسب التقرير، فإن أكثر دول العالم التي لديها خسائر اقتصادية وبشرية من جرَّاء الكوارث الطبيعية خلال الفترة من 2001 حتى 2021، لم تكن من بينها أي دولة عربية. وبرغم أن قارة آسيا هي الأكثر تعرضاً للكوارث الطبيعية مقارنةً بباقي قارات العالم فإن منطقة الخليج العربي بمعزل عن تلك الكوارث بدرجة كبيرة، بما في ذلك الزلازل الكارثية. ومن جانب آخر، فإن الفيضانات والعواصف تصدرت أكثر الكوارث الطبيعية حدوثاً في عام 2021، وقد بلغت التكلفة الاقتصادية للكوارث الطبيعية بوجه عام في عام 2021 نحو 252 مليار دولار على المستوى الدولي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">إدارة المخاطر</span></strong></p>



<p><strong>تُولي الإمارات أهمية كبرى للتعامل المرن مع أي كوارث طبيعية محتملة، حتى مع الزلازل بطبيعة الحال، وهو دور لا يقتصر على الداخل، بل يمتد لتقديم كافة سُبل الدعم على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يمكن توضيحه على النحو الآتي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– بناء منظومة وطنية للطوارئ والأزمات:</strong> تحتل الإمارات مركزاً متقدماً على المستويين الإقليمي والدولي فيما يتعلق ببناء منظومة وطنية للطوارئ والأزمات؛ وذلك ضمن استراتيجية الأمم المتحدة الدولية للحد من الكوارث، المعروفة بإطار "سِنداي" للحد من مخاطر الكوارث للفترة (2015–20301). وقد أصدرت الدولة "الدليل البلدي الموحد" لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث؛ من أجل مراقبة وجمع البيانات ورسم السياسات وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر؛ للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية بكافة أنواعها، كما أنشأت الدولة وحدات متخصصة بإدارة الكوارث والحد من المخاطر ضمن كوادر البلديات، وجرى توفير الموارد اللازمة لذلك من تعزيز التحركات الاستباقية والمرنة في تعامل الدولة مع أي مخاطر محتملة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>جدير بالذكر أن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في الإمارات، تُوفِّر دليلاً إرشادياً للتعامل مع الحالات الطارئة، بما في ذلك الزلازل، علاوةً على إصدار مجلات تثقيفية دورياً من أجل رفع التوعية العامة بتلك المخاطر؛ وذلك في إطار تعزيز إمكانات الدولة في مواجهة الكوارث، وتكثيف الاتصال على المستويين الاتحادي والمحلي للحفاظ على حياة كافة الموجودين داخل الدولة وممتلكاتهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– مرونة دورة إدارة الكوارث الطبيعية في الدولة: </strong>تتضمن دورة إدارة الكوارث الطبيعية في الدولة عدة محددات؛ يأتي على رأسها الجهوزية والتخطيط المسبق؛ لإدامة وتحسين إمكانات الإمارات السبع في مواجهة أي أزمات طارئة. ومن جانب آخر، فإن لدى الإمارات خطة استجابة للكوارث تتضمن هدفاً رئيسياً هو سلامة المواطنين والسكان في المقام الأول، عبر هيكل مرن للاستجابة وتوزيع الأدوار وتحديد معايير التعافي، وأخيراً تفعيل المشاركة المجتمعية، خاصةً أن المجتمع يلعب دوراً رئيسياً في تقليل مخاطر أي كوارث محتملة، مع أخذها في الاعتبار الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مجال إدارة الأزمات والكوارث.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– تصميم منشآت الدولة مقاومة للزلازل:</strong> تتبنى الدولة سياسات وتشريعات مرنة لقطاع البنية التحتية، ومنها ما يتعلق باستخدام اللوائح والرموز الحديثة، وفق أفضل الممارسات والخبرات العالمية، كي تصبح البنية التحتية في الدولة أكثر قدرةً على مقاومة أي كوارث طبيعية، وبما يحد من المخاطر المحتملة بدرجة كبيرة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>لقد تعاملت الإمارات بأسلوب علمي ومنهجي مع الزلازل أو توابعها المحتملة؛ وذلك بوضع متطلبات واشتراطات التصميم الإنشائي وفق أحمال الزلازل؛ إذ تصدر تراخيص البناء وفق أكواد الزلازل المُعدَّلة، وبحسب أحدث الاشتراطات العالمية في هذا الإطار؛ إذ تُصمَّم المنشآت والمباني في الدولة وفق أحدث نُسخ الأكواد والمواصفات القياسية الأمريكية والأوروبية؛ وذلك من أجل عدم تأثر منشآت الدولة بالزلازل، وهو ما يعزز جهود الدولة لتحجيم أي تداعيات محتملة، وللحفاظ على حياة كافة سكانها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– دبلوماسية نشطة لدعم ضحايا الكوارث الطبيعية:</strong> تتبنى الإمارات دبلوماسية فاعلة فيما يتعلق بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للدول المتأثرة بالكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والفيضانات والبراكين والحرائق وغيرها؛ وذلك في إطار برنامج إغاثي طموح يوفر الاحتياجات الضرورية والمستلزمات الصحية والغذائية، والاحتياجات المتعلقة بتوفير الإيواء للمتضررين في دول العالم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ومن أبرز تلك الدول المستفيدة في الفترة الأخيرة من الدعم الإنساني الإماراتي في مواجهة الكوارث الطبيعية، كل من إندونيسيا وماليزيا والسودان، وأخيراً أفغانستان؛ إذ أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة، في يونيو 2022، بتسيير جسر جوي يحمل سلالاً غذائية متكاملة، وإمدادات طبية أساسية، بجانب فريق طبي ومستشفى ميداني إلى أفغانستان؛ من أجل التخفيف من أثار الزلزال الذي ضرب جنوب شرق البلاد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مقاربة مرنة</span></strong></p>



<p><strong>في المجمل، لا تختلف سياسات الدولة في مواجهة الكوارث الطبيعية – سواء داخلياً أو على المستويين الإقليمي والدولي – عن سياساتها بوجه عام في مواجهة أي مخاطر محتملة، في إطار تفعيل الإنذار المبكر ورصد أي، مؤشرات من أجل تفعيل دورة إدارة الكوارث والأزمات، مع تبني سياسة إعلامية قائمة على تقديم إيضاحات حول أي تطورات مهمة، بالتزامن مع جاهزية كافة المؤسسات المَعنية داخل الدولة، والالتزام بنقل الخبرات والتجارب الدولية الفاعلة في مجال مواجهة الكوارث والأزمات، وهو ما يعزز مناعة الدولة ضد المخاطر المحتملة في المديين المنظور والمتوسط.</strong><strong></strong></p>

      

كيف تتعامل الإمارات مع مخاطر الزلازل المفاجئة؟