إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>ثمَّة جملة من المؤشرات التي تعبر عن توظيف العملات الرقمية المُشفَّرة في خضم الأزمة الأوكرانية؛ حيث بات هذا الأمر محوراً للتجاذب الروسي الغربي؛ إذ لجأت موسكو إلى استخدام هذه العملات بعد شروعها في التدخل العسكري في أوكرانيا، على أمل أن يساعدها ذلك على تجاوز العقوبات الاقتصادية الغربية، وفي المقابل انتبه الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا إلى هذه الحيلة فبدؤوا يتحركون لإفشال مسعى روسيا إلى توظيف هذا الأمر لنجدة الاقتصاد الروسي من المأزق الذي وقع فيه من جراء العقوبات.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">أبعاد موضحة</span></strong></p>



<p><strong>ويمكن استعراض أبعاد توظيف أطراف الأزمة الأوكرانية للعملات الرقمية من خلال ما يأتي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– توجيه "بوتين" بالاعتماد على العملات الرقمية: </strong>على الرغم من أن الموقف الرسمي الروسي من العملات الرقمية قُبَيل تدخل موسكو العسكري في أوكرانيا، كان يتمثل في رفض هذه العملات والسعي إلى حظرها، فإن تقار ير عدة تحدثت عن أن هناك تحولاً في موقف البنك المركزي الروسي تجاه هذه العملات، عقب بدء التدخل الروسي في أوكرانيا، وشروع الدول الغربية في فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبحسب هذه التقارير، جاء التحول في الموقف من العملات الرقمية بتوجيه مباشر من الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين". وتشير تلك التقارير إلى أن "بوتين" دعا إلى اعتماد العملات الرقمية واستخراج واستخدام الإمكانات التكنولوجية للبلاد. جدير بالذكر أن البنك المركزي الروسي كان قد حظر، قبيل تدخل روسيا في أوكرانيا، استثمار صناديق العملات الرقمية. وتشير تقارير إلى أن البنك المركزي الروسي كان على وشك إصدار تشريع بشأن حظر شامل على تحويلات وتعاملات العملات المشفرة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– طلب أوكراني بحظر استخدام الروس للعملات: </strong>طالب نائب رئيس الوزراء الأوكراني "ميخائيلو فيدوروف"، في تغريدة بموقع تويتر، يوم 27 فبراير الماضي، شركات تداول العملات الرقمية الرئيسية بحظر المستخدمين الروس العاديين، وليس السياسيين فقط. وتزامن ذلك مع انتشار تكهنات بأن أباطرة الأعمال الروس قد يضخون أموالهم في العملات الرقمية تفادياً للعقوبات والقيود الأخرى. ووصفت صحيفة "تليجراف" البريطانية، في أحد تقاريرها، العملات الرقمية بأنها "سلاح بوتين القوي في مواجهة العقوبات".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ويُشار في هذا الصدد إلى أن بعض التقارير تحدثت عن أن البنك المركزي الروسي، يسعى إلى تطوير عملة رقمية روسية تسمى "الروبل الرقمي"، ولفتت إلى أن هذه العملة ستجعل المدفوعات عن بعد والتسويات عبر الإنترنت أمراً ممكناً. ونوهت التقارير بأن الأدوات الجديدة المطورة في روسيا يمكن أن تساعد على إخفاء أصل مثل هذه المعاملات، بما يسمح للشركات بالتجارة مع روسيا دون الكشف عنها، وتمكين موسكو من إجراء معاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع أي دولة ترغب في ذلك بعد إقصاء بنوكها من نظام "سويفت".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– تحرك أوروبي لمنع استفادة روسيا من العملات: </strong>برزت مؤشرات على تحرك الاتحاد الأوروبي لمنع روسيا من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية عبر العملات الرقمية. ويدلل على ذلك طلب رئيسة البنك المركزي الأوروبي "كريستين لاجارد"، عقب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، من المشرعين الموافقة على إطار تنظيمي للعملات المشفرة، كما أكدت العديد من الشركات المعنية بتحليل السوق، في معرض تعليقها على الأمر، على غرار شركة كوانتوم إيكونوميكس؛ أن العملات المشفرة تساعد على تجنب إجراءات العقوبات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ويُشار في هذا الصدد إلى أن السياسة الروسية المُرحِّبة بالعملات الرقمية، تسببت في حدوث ارتفاعات غير مسبوقة في قيمة هذه العملات؛ حيث ارتفع سوق العملات الرقمية إلى أكثر من 200 مليار دولار بعد بدء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، ليتجاوز بذلك 1.95 تريليون دولار، بما يتوافق مع زيادة كبيرة في حجم التداول الخاص بتلك العملات. ويدلل على ذلك أيضاً ارتفاع قيمة البتكوين يوم 2 مارس الجاري إلى مستوى 45 ألف دولار.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– مؤشرات على تفوق روسيا في "الحرب الرقمية": </strong>ظهرت مؤشرات أولية على أن روسيا حققت نجاحات فيما يطلق عليها البعض "الحرب الرقمية"، في إشارة إلى توظيفها العملات الرقمية ضد عقوبات الغرب. ويدلل على ذلك تصريحات مؤسس منصة "بينانس" للعملات الرقمية ورئيسها التنفيذي "تشانج بينج تشاو"، الذي استبعد، في تصريحات له يوم 2 مارس الجاري، منع المواطنين الروس من استخدام منصته، مبرراً ذلك بقوله: "كثير من الروس العاديين لا يوافقون على الحرب".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>يُذكر أن منصة "بينانس" تعتبر واحدة من أكبر شركات تداول العملات الرقمية في العالم. ويعزز صحة الافتراض بأن موسكو نجحت حتى الآن في هذه "الحرب الرقمية"، تحذيرات وزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر الماضي من أن العملات المشفرة تشكل تهديداً خطيراً على نحو متزايد لبرنامج العقوبات الأمريكية، بالتوازي مع تأكيد العديد من التقارير المتخصصة أن كل ما تحتاجه الدول التي فُرضت عليها عقوبات هو إيجاد طرق لتداول العملات الرقمية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">حيلة مقلقة</span></strong></p>



<p><strong>وختاماً، تفسر حيلة العملات الرقمية الاطمئنان الروسي الحالي بأن العقوبات الغربية لن تؤثر كثيراً على اقتصاد البلاد. وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن ضمان نجاح هذه الحيلة على المدى البعيد في إنقاذ اقتصاد بحجم الاقتصاد الروسي من أزماته الناتجة عن العقوبات غير المسبوقة، كما لم تشهد العديد من العملات الرقمية الحالية بعدُ استخداماً واسع النطاق، ولا يمكن استخدامها بسهولة أو تبادلها. وهناك مخاوف أيضاً من أن العملة الرقمية محفوفة بالمخاطر للغاية، نظراً إلى تقلبات أسعارها السريعة.</strong></p>

      

كيف يتم توظيف العملات الرقمية في خضم الأزمة الأوكرانية؟