إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p>منذ اندلاع شرارة الحرب الأوكرانية، أبدت طهران درجة كبيرة من التماهي مع الخطاب الروسي، حيث أظهر المسؤولون الإيرانيون درجة كبيرة من التفهم لمبررات العملية العسكرية الروسية، كما دعمت إيران موسكو في المحافل الدولية، ولعلّ هذا ما اتضح من اعتراضها على قرار الجمعية للأمم المتحدة، يوم 7 إبريل الجاري، الخاص بتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان. الملفت أن الدعم الإيراني لروسيا لم يقف عند هذا الحد، حيث أشارت بعضُ التقارير إلى قيام إيران بتوريد أسلحة لروسيا بهدف دعمها في الحرب الأوكرانية، وهو الأمر الذي استدعى معه فكرة "الخصومة المشتركة" لروسيا وإيران مع الغرب، والتي كانت الحرب الأوكرانية بمثابة قوة دافعة جديدة لها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">تقارير إعلامية</span></strong></p>



<p><strong>تصاعدت في الآونة الأخيرة مؤشرات التقارب الإيراني الروسي في الملف الأوكراني في ظل التقارير الإعلامية الغربية التي تتحدث عن دعم عسكري إيراني لموسكو، وقد ارتبط هذا الدعم بعددٍ من الأبعاد الرئيسية المتمثلة فيما يلي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1</strong><strong>– المساهمة في تعويض الخسائر: </strong>نشرت بعض الصحف والمواقع تقارير حول دعم إيران التسليحي لروسيا في حربها تجاه أوكرانيا، واعتماد موسكو على طهران لتعويض خسائر المعدات العسكرية، والتمكّن من المضيّ قدماً في عمليتها العسكرية الجارية منذ فبراير الماضي. فقد أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية، في تقرير لها يوم 12 أبريل الجاري، إلى تلقّي روسيا معدات عسكرية لدعم وتزويد قواتها في أوكرانيا، بمساعدة شبكة إيرانية لتهريب الأسلحة، وبعض وكلاء إيران في الشرق الأوسط. واستندت الصحيفة في تقريرها إلى مصادر استخبارية ومصادر داخل المليشيات العراقية الموالية لإيران.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2</strong><strong>– </strong><strong>دور مهم للمليشيات الموالية لإيران</strong><strong>: </strong>المثير للانتباه أن التقارير الغربية استدعت بعض المليشيات المسلحة التابعة لإيران إلى هذا المشهد، حيث ذكرت أن قوات الحشد الشعبي العراقية، المدعومة من إيران، تضطلع بدور مهم في تهريب المعدات العسكرية والذخائر المتجهة إلى روسيا لمساعدتها في الحرب الأوكرانية. كما أرسل الحشد الشعبي العراقي نظامين برازيليين مفككين لقاذفات الصواريخ من طراز "Astros II" لروسيا عبر إيران مطلع أبريل الجاري. وتم نقل قذائف آر بي جي وصواريخ مضادة للدبابات إلى إيران عبر معبر شلمجة الحدودي في 26 مارس الماضي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3</strong><strong>– إرسال شحنات سلاح عبر بحر قزوين: </strong>أشارت التقارير الإعلامية الغربية إلى إرسال الكثير من شحنات الأسلحة عبر بحر قزوين من ميناء بندر أنزلي الإيراني إلى ميناء أستراخان الروسي. كما يُعد نظام الصواريخ "بافار 373" الإيراني، المشابه لمنظومة "S-300" الروسية الصنع، أحد الأسلحة التي تنقلها طهران إلى موسكو. وأوضحت التقارير الإعلامية أن هناك ثلاث سفن شحن قادرة على حمل مثل هذه الأحمال (اثنتان ترفعان العلم الروسي والأخرى ترفع العلم الإيراني) عبرت بحر قزوين من ميناء بندر أنزالي الإيراني إلى أستراخان في الفترة الأخيرة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4</strong><strong>– نفي روسي وإيراني لتقارير نقل السلاح:</strong><strong> </strong>على الجانب الآخر من تلك التقارير، حرص الطرفان الروسي والإيراني على نفي التقارير المتداولة حول نقل السلاح بينهما. فقد أفادت السفارة الروسية في طهران، في 24 أبريل الجاري، بأن "المعلومات التي تنشرها بعض وسائل الإعلام حول إرسال أسلحة إيرانية إلى روسيا لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا مزيفة ولا علاقة لها بالواقع". فيما نفت السفارة الإيرانية في لندن صحة تقرير "الجارديان"، مؤكدة أنه "تقرير غير مهني وغير صحيح". وأشارت السفارة الإيرانية إلى أن تقرير الصحيفة "محاولة للربط بين التطورات الأخيرة في أوكرانيا بالتطورات الإقليمية في الشرق الأوسط". كما أكد وزير الخارجية الأوكراني، ديمترو كوليبا، أنّ نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، نفى في اتصال هاتفي تلك التقارير، وقال إنه يعارض الحرب الروسية ضد أوكرانيا.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">احتياج روسي</span></strong></p>



<p><strong>يُشير الواقع الاستراتيجي في الحرب الأوكرانية، وما هو معلن حول خسائر موسكو فيها حتى اللحظة، وتأثيرات العقوبات الغربية عليها؛ إلى حاجة روسيا لمصادر جديدة للسلاح لدعم حملتها العسكرية في أوكرانيا، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- تأخر النصر العسكري في أوكرانيا:</strong> بينما خططت روسيا في البداية لعملية عسكرية نوعية سريعة في أوكرانيا، تحقق أهدافها بسرعة، فإن العديد من التقارير تشير إلى تكبد الجيش الروسي خسائر فادحة على صعيدي القوات البشرية والمعدات العسكرية. فضلاً عن أنها لم تنجح حتى الآن في تحقيق أهدافها من الحرب، ولا الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية كييف، في الوقت الذي تأمل فيه في إعلان نصر عسكري في حربها الحالية بحلول ذكرى عيد النصر الروسي في 9 مايو القادم. كما يشير انعكاس الوضع، وتسلم روسيا أسلحة من حلفائها الأقل منها عسكرياً، إلى استنزاف وتراجع القدرات والجهود العسكرية الروسية في أوكرانيا، وحاجتها إلى الدعم لاستكمال الحرب وتحقيق الانتصار فيها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2</strong><strong>– تكبّد روسيا خسائر عسكرية فادحة: </strong>تشير العديد من التقديرات إلى تكبد روسيا خسائر عسكرية كبيرة خلال حملتها العسكرية الأخيرة في أوكرانيا. فقد أشارت بعض التقديرات، في شهر مارس الفائت، إلى أن روسيا خسرت معدات عسكرية بقيمة 5 مليارات دولار في هذه الحملة. وقدّر تقريرٌ لمعهد دراسة الحرب (ISW) أن القوات المسلحة الروسية فقدت ما يقرب من 15 إلى 20 % من القوة القتالية التي كانت تمتلكها قبل بدء الحرب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3</strong><strong>– الخروج من حصار العقوبات الغربية: </strong>تضمنت العقوبات الاقتصادية الواسعة التي فرضتها الدول الغربية على موسكو حظراً على السلع ذات الاستخدام المزدوج، مثل قطع غيار المركبات وأنواع معينة من الأجهزة الإلكترونية والبصرية، وكذلك العناصر ذات الاستخدامات العسكرية المؤكدة. ومع الخسائر التي تكبدتها موسكو في الحرب، وتأثيرات العقوبات عليها؛ تحاول روسيا الحصول على دعم تسليحي من مصادر مختلفة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وقد اتّهمت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية جورجيا بمساعدة روسيا في الحصول على عتاد عسكري خاضع للعقوبات، في علامة أخرى محتملة على حجم جهود الكرملين الجديدة لاستخدام شبكات التهريب الدولية لدعم حملتها في أوكرانيا. وقالت مديرية المخابرات في كييف إن الخدمات الجورجية الخاصة تلقت تعليمات من القيادة السياسية للبلاد بعدم التدخل في قنوات التهريب من شرق آسيا المصممة للالتفاف على العقوبات الغربية الجديدة، وهي الاتهامات التي نفتها جورجيا. كما أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن روسيا طلبت من الصين أسلحة لدعم عمليتها العسكرية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4</strong><strong>– رغبة موسكو في الحفاظ على معداتها العسكرية: </strong>تحاول موسكو الحفاظ على معداتها العسكرية، وتجنب خسارة أكبر قدر منها في الحرب الأوكرانية، ولعلّ ذلك أحد دوافعها في السعي وراء مصادر جديدة للسلاح. وقد أرجعت مجلة "فورميكي" الإيطالية استقدام روسيا لمثل هذه الأسلحة رغم أنها من أكبر مصدري السلاح بالعالم، إلى رغبتها في تجنب خسارة أسلحتها المتقدمة في القتال مع الأوكرانيين المدعومين بأسلحة متطورة غربية، في ظل العقوبات التكنولوجية القاسية المفروضة عليها، مما سيصعب توفيرها من جديد مستقبلاً. وقالت إنها ترغب في أن تُجنب أسلحتها الاستهداف في سياقات قتالية معينة، حيث تخشى أن تجابه بمقاومة أوكرانية أكبر، وكذلك الحاجة إلى مساعدة الإنتاج الحربي الوطني المقيد بالعقوبات في الوصول إلى سوق المكونات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مصالح طهران</span></strong></p>



<p><strong>يُشير الدعم العسكري الإيراني لروسيا في حربها ضد أوكرانيا -حال صحّة التقارير المنشورة في هذا الصدد- إلى عدد من الدلالات، التي يمكن فهمها عبر بعض التفسيرات الجوهرية التي تتمحور حول المصالح الإيرانية، ومنها:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1</strong><strong>– استفادة إيران من استقرار القوة الروسية:</strong> تعد إيران من المنظور الغربي جزءاً من محور معادٍ يضم بعض الدول على رأسها روسيا والصين. وبالتالي، ووفق هذا المنظور تهتم طهران باحتفاظ روسيا بقوتها في موازين الصراع، وبوصفها جزءاً من هذا المحور تريد التأكد من أن روسيا لن تفقد قوتها في هذا الصراع. كما أن دعم طهران لموسكو ينبع من المصالح الذاتية الإيرانية، ورؤيتها لخرائط الإقليم، ولا سيما في سوريا. حيث تلعب روسيا دوراً رئيسياً هناك، ودعمت بقاء نظام الأسد الذي تجمعه علاقات تحالف وثيقة بطهران. فيما من المحتمل أن يتسبب زعزعة استقرار نظام الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في تداعيات كبيرة على إيران، ومصالحها الإقليمية وخاصة في سوريا.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2</strong><strong>– عداء طهران ووكلائها للولايات المتحدة:</strong> يتعلق جانب مهم من دوافع وكلاء إيران والمليشيات العراقية إلى دعم روسيا وإمدادها بالأسلحة في حربها ضد أوكرانيا، بموقف طهران وتلك المليشيات من الولايات المتحدة، التي تعد مع حلف الناتو طرفاً في الصراع الأوكراني. حيث تتخذ واشنطن موقفاً مناوئاً للعملية العسكرية الروسية، وتحاول بطرق عدة الضغط على موسكو لإيقاف الحملة من جهة، وإلحاق هزيمة بها من جهة أخرى. فيما تتبنى المليشيات العراقية الموالية لطهران موقفاً عدائياً تجاه الولايات المتحدة، وهو ما يعبر عنه تصريح مصدر في الحشد الشعبي لصحيفة "الجارديان"، حيث أكّد أن "كل ما هو مناهض للولايات المتحدة يجعلنا سعداء"، كسبب رئيسي لعمليات نقل السلاح إلى روسيا.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3</strong><strong>– الضغط على الدول الغربية في مفاوضات فيينا: </strong>لا ينفصل الدعم التسليحي الإيراني لروسيا عن الملفات المعقدة المتشابكة مع الولايات المتحدة، وخاصةً مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، حيث يمكن القول إن طهران تحاول الضغط على واشنطن من أجل القبول بشروطها، والدفع نحو صفقة وفق المنظور الإيراني وليس الأمريكي، واستغلال انشغال الولايات المتحدة بالحرب الأوكرانية من أجل قبول ذلك، خاصة مع الرغبة في عدم دفع طهران نحو مزيد من الدعم لروسيا، في ظل ما يثار من ضغوط إيرانية لرفع تصنيف الحرس الثوري من قائمة التنظيمات الإرهابية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً، تشير تقديرات استراتيجية إلى أنّ هذا النوع من الأسلحة، التي تدعم بها طهران موسكو، مثل أنظمة إطلاق الصواريخ، من شأنه أن يحدث فرقاً كبيراً على الأرض في أوكرانيا. خاصةً في ظل حاجة موسكو إلى الدعم الصاروخي من جهة، وتطلعها نحو إعلان النصر العسكري في الحرب الأوكرانية، أو على الأقل السيطرة على شرق أوكرانيا ومنطقة "دونباس" كهدف تكيفي، أو نقطة انطلاق مرحلية.</strong><strong></strong></p>

      

لماذا تُقدّم إيران دعماً تسليحياً لروسيا في الحرب الأوكرانية؟