إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

عقد مركز "إنترريجونال" للتحليلات الاستراتيجية، حلقة نقاشية تحت عنوان "الاتجاهات الصاعدة في جنوب آسيا: حالة العلاقات الإماراتية–الهندية"، لاستعراض أهم الفرص والتحديات التي تواجه العلاقات الاستراتيجية بين الهند والإمارات العربية المتحدة، مع الأخذ في الاعتبار بالتحديات القائمة في الوقت الحالي بجنوب آسيا، خاصةً الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتصاعُد أنشطة الجماعات الإرهابية على الحدود مع أفغانستان، وانتشار السلالة الجديدة من فيروس كورونا "Delta"على نطاق واسع بالهند، ناهيك عن التبعات الاقتصادية السلبية الناتجة عن الجائحة، وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وقد حاضر في الجلسة الدكتور "مدثر قمر" الزميل المشارك في معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية، والخبير بمجال صناعة السياسات وقضايا الشرق الأوسط. 



 أهمية جيو استراتيجية: ركز المشاركون على العلاقات الثنائية التي تجمع بين الإمارات والهند، لا سيما أن كلتا الدولتين تتمتع بأهمية جيو استراتيجية خاصة في النظام الدولي؛ فبدايةً تُعد الإمارات مركزًا إقليميًّا وعالميًّا رائدًا في مجالات متعددة، مثل الترفيه والرياضة وريادة الأعمال، كما نجحت في بناء نموذج اقتصادي متنوع، ولا يعتمد على النفط اعتمادًا حصريًّا. وفي مجال السياسة الخارجية، تلعب الإمارات دورًا محوريًّا في منطقة الشرق الأوسط، بتقديمها نموذجًا وسطيًّا وسلميًّا للإسلام.



 وبدورها، تمتلك الهند تجربة متميزة في مجال التحول الاقتصادي وتحقيق الرخاء الاجتماعي، بما يجعلها جزءًا من الاقتصاد العالمي المتقدم، وهي تشترك مع الإمارات في هذه النقطة. يجمع الإمارات والهند أيضًا، التخوفُ المشترك من تهديد جماعات الإسلام السياسي الراديكالية، والحاجة إلى التصدي للظاهرة الإرهابية في كل من جنوب آسيا، والخليج العربي، وهما المنطقتان المرتبطتان بعضهما ببعض من الناحيتين الاستراتيجية والجغرافية. وعلى الجانب الثقافي، فإن الهند تقليديًّا تحتضن العديد من الثقافات والمجتمعات الإثنية والدينية، وتشترك الإمارات في هذه الصفة؛ حيث تحتضن العديد من الجنسيات العاملة على أراضيها. 







<div class="wp-block-image"><figure class="aligncenter size-large is-resized"><img loading="lazy" src="https://dd8tm5zo9pl5p.cloudfront.net/articles/article21697229143179.jpeg" alt="" class="wp-image-4320" width="713" height="401" srcset="https://dd8tm5zo9pl5p.cloudfront.net/articles/article21697229143179.jpeg" sizes="(max-width: 713px) 100vw, 713px"></figure></div>



 تدشين الشراكة الاستراتيجية: لفت الحضور إلى أن العلاقات الثنائية بين الإمارات والهند قد شهدت تحولًا كبيرًا خلال عام 2017، عندما حضر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في نيودلهي؛ احتفال جمهورية الهند بـ"يوم الجمهورية" الـ68، الذي أُقيم بساحة الاحتفالات الرسمية في ميدان طريق الملك في نيودلهي.



 وخلال هذه الزيارة، وقع سموه على اتفاق للشراكة الاستراتيجية بين الهند والإمارات. وقد تضمن هذا الاتفاق عددًا من المحاور الدبلوماسية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية والثقافية. والنقطة الأهم في هذا الاتفاق، أنه حوَّل نمط العلاقات بين الهند والإمارات، من جانبها الثنائي إلى جانب إقليمي يهدف إلى تعزيز الأمن في الخليج العربي وجنوب آسيا.







 تعاون أمني متصاعد: تناول بعض المشاركين نماذج لأوجه التعاون المتنامي بين البلدين؛ فقد تعاونت الإمارات والهند من أجل مجابهة أنشطة الجماعات الإرهابية المهدِّدة للأمن والسلم في المنطقة، كما تعاونت الدولتان لحفظ الأمن في منطقة البحر الأحمر ومضيق هرمز، كما أنهما عضوتان في "رابطة حافة المحيط الهندي". هناك أيضًا تعاون كبير في مجال تشارُك المعلومات الاستخبارية، وهو ما أدى إلى تفادي وقوع العديد من الأنشطة الإرهابية على أراضي الدولتين، بجانب التصدي للجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، وتمويل الجماعات الإرهابية.







 كذلك حرصت الدولتان على توطيد روابطهما العسكرية والدفاعية منذ عام 2016؛ فقد تبادلت القيادات العسكرية الزيارات، كما شارك ممثلو أسلحة الجيش لدى الدولتين في معارض الأسلحة التي أقامتها كل من الإمارات والهند، بالإضافة إلى تبادُل الأفكار والخطط الاستراتيجية، والمشاركة في التدريبات العسكرية المشتركة، التي كان آخرها في قاعدة الظفرة بالإمارات، والتي حملت اسم مناورات "علم الصحراء". وأشار بعض المشاركين أيضًا إلى التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وأنشطة استكشاف الفضاء بين مراكز الأبحاث والشركات والأجهزة السيادية المعنية بهذه الأنشطة.







 استثمارات الطاقة المتجددة: كما يمتد التعاون بين البلدين ليشمل مجالات الأمن غير التقليدية، مثل الأمن الغذائي، والتعليم العالي، والصحة، وقطاع السياحة والضيافة، وبناء القدرات البشرية والتكنولوجية. ونظرًا إلى التغير المناخي، الذي فرض نفسه على أجندة العمل الدولية، فإن الدولتين تسعيان إلى التعاون في هذا المجال الحيوي والحساس ويمتد تعاونهما ليشمل قطاع الطاقة المتجددة. وتعد الإمارات إحدى الدول الرائدة في هذا المجال، وتسعى الهند إلى الاستثمار فيه، وإحداث نوع من التحول في قطاع الطاقة الداخلي، الذي يعتمد على الغاز والنفط بقدر كبير حتى هذه اللحظة.







 الجانب الآخر المهم في هذه العلاقات الثنائية، يتمثل في مجال التجارة؛ فالهند هي ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات، والإمارات بدورها تحتل المرتبة الثالثة بين شركاء نيودلهي في مجال التجارة. وخلال عام (2019–2020)، وصل الميزان التجاري بين الدولتين إلى ما يقرب من 6 مليارات دولار أمريكي، وهو ميزان متوازن إلى حد كبير فيما بينهما.



 وفي الختام، تناول الحضور أبرز التحديات والمتمثلة في: تفشي البيروقراطية في الهند، والدور الإيراني المزعزع للاستقرار الإقليمي، ووجود مخاوف من عدم الاستقرار في أفغانستان، وخشية نيودلهي من الروابط المتنامية بين الصين والدول العربية.

كيف تعكس العلاقات الإماراتية- الهندية حالة جنوب آسيا؟