إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p>يرفض المشرعون داخل الكونجرس الأمريكي، لا سيَّما الجمهوريين منهم، إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، مشيرين إلى أن هذا الاتفاق سيعطي مساحة أكبر لإيران، وتمويلات مالية أكبر تساعدها على الاستمرار في استخدام أذرعها داخل منطقة الشرق الأوسط المتمثلة في حزب الله والحوثيين، بما سيضر بمصالح الحلفاء، وعلى رأسهم دول الخليج العربي وإسرائيل من جهة، كما أنه سيضرُّ بالمصالح الأمريكية من جهة أخرى.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وفي ضوء ذلك، أعرب تسعة وأربعون عضواً جمهوريّاً من أصل 50 عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي، عن معارضتهم إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني، مشيرين إلى أنها ستصب في مصلحة طهران لا في مصلحة واشنطن وحلفائها، خاصةً أنها ستسمح بفرض قيود قصيرة الأجل على برنامج إيران النووي، كما قد تسمح بتغيير التصنيفات المتعلقة بالإرهاب التي يندرج فيها الكيانات والأفراد المرتبطون بالحرس الثوري الإيراني، وهو ما يدفع الجمهوريين إلى التشديد على أنهم سيعارضون أي اتفاق لن يسد طريق إيران لامتلاك أسلحة نووية، ويقيد برنامجها للصواريخ الباليستية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">رفض جمهوري</span></strong></p>



<p><strong>تتمثل أبرز حجج المشرعين الجمهوريين المعارضين لسياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام </strong><strong>2015</strong><strong> فيما يأتي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– الخشية من تعاظُم نفوذ إيران بالمنطقة: </strong>يرى المعارضون للاتفاق النووي أن إيران لم تُظهر أي نية للتنازل عما وصلت إليه في مراحل تخصيب اليورانيوم، الذي وصلت نسبة تخصيبه إلى 70%؛ ما يعني أنها باتت على مقرُبة من امتلاك القنبلة النووية التي ستساعدها على تعزيز موقفها داخل منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن أن الاتفاق سيرفع كافة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وسيُعطي طهران فرصاً أكبر لبيع مواردها من الطاقة إلى عدد أكبر من الدول؛ ما يعني زيادة الموارد المالية التي يحصل عليها الحرس الثوري الإيراني، وزيادة قدرته على تنفيذ أهدافه داخل المنطقة والعالم بأسره.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ويندد الجمهوريون بشروع الإدارة الأمريكية في رفع العقوبات الاقتصادية بأسلوب استباقي قبل التوصل إلى اتفاق، واصفين النظام الإيراني بالنظام "الإرهابي" الذي لن يتوانى في محاولة امتلاك سلاح نووي في المستقبل للاستحواذ على نفوذ أكبر لنفسه داخل المنطقة، وتوجيه ضربات أقوى لحلفاء واشنطن بالمنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– توجيه رسائل قوية إلى كوريا الشمالية والصين: </strong>يرى المشرعون الرافضون للاتفاق النووي الإيراني أن التنازل الأمريكي لإرضاء طهران، والتوصل إلى اتفاق معها، سيشجع الدول الأخرى، على غرار كوريا الشمالية والصين روسيا، على ممارسة انتهاكات أكبر دون انتظار رد مناسب من الولايات المتحدة؛ حيث إن التنازل الأمريكي في هذا التوقيت سيُظهر تراجع قوة الولايات المتحدة في وقت أثبتت فيه إيران قدرتها على ضرب أهداف أمريكية داخل العراق.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– انتقاد بنود "الصفقة النووية" لعام 2015: </strong>يصف المشرعون الجمهوريون الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس السابق باراك أوباما سابقاً قبل سبع سنوات مع طهران، بالاتفاق "المَعيب"؛ حيث إن إيران أخفت نواياها الحقيقية المتعلقة بامتلاك سلاح نووي، كما أن هذا الاتفاق أثبت أن واشنطن منحت طهران معاملة أفضل من حلفائها الذين كان عليهم التخلي عن تخصيب اليورانيوم للحصول على تراخيص استخدام التكنولوجيا الأمريكية للأغراض المدنية. في المقابل، تم منح طهران مليارات الدولارات في شكل مساعدات اقتصادية مقابل الحفاظ على وضعها النووي حينها؛ ولذلك فعودة إحياء هذا الاتفاق سيكون أمراً غير صائب من وجهة نظر الجمهوريين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– القلق من تقييد الإدارات الأمريكية القادمة</strong>: تسعى إيران إلى الحصول على "ضمانات مكتوبة" في الاتفاق الجديد، بحيث تضمن ألا تقوم أي إدارة أمريكية مستقبلية بالانسحاب من الاتفاقية مستقبلاً، وهو أمر غير دستوري، وإذا قام به الرئيس بايدن فإنه سيهدد رئاسته بأكملها، كما أنه سيكبل أيدي الإدارات القادمة على نحو غير مسبوق، كما سيُعرض الولايات المتحدة نفسها لخطر شديد؛ لأنها ستوقع على صفقة تصب في مصلحة طرف واحد دون النظر إلى مصالح الحلفاء الآخرين، ودون النظر إلى مصلحة الولايات المتحدة المستقبلية، بحسب الكثير من الجمهوريين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ضغوط متزايدة</span></strong></p>



<p><strong>تُواجه الإدارة الأمريكية ضغوطاً متعددة لتحسين شروط العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في </strong><strong>8</strong><strong> مايو </strong><strong>2018</strong><strong>، ويتمثل أبرزها فيما يأتي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– الدعوة إلى مناقشة أي اتفاقية في الكونجرس بشفافية:</strong> يُصر المشرعون داخل مجلس الشيوخ على ضرورة أن تُعرض أي اتفاقية يتم التوقيع عليها مع إيران على الكونجرس الأمريكي بكل شفافية بحيث تُناقَشا وتُراجَع من الناحية القانونية، ثم يوافق عليها ثُلثا أعضاء مجلس الشيوخ، لتتحول إلى معاهدة لا تستطيع أي إدارة مستقبلية الفكاك منها إلا تحت شروط صعبة، بحيث لا يتكرر سيناريو الاتفاق النووي الذي وقَّعه الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2015 وقامت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بالتملص منه في عام 2018، مشيرين إلى أن إدارة بايدن إذا قامت بتلك الخطوة، فستساعد على إيقاف التآكل المستمر لسلطات أعضاء مجلس الشيوخ الدستورية المتعلقة بالتصديق على المعاهدات الأمريكية ذات الصلة بحماية الأمن القومي الأمريكي؛ ما سيساعد على الحفاظ على المؤسسات الديمقراطية الأمريكية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– تضمين الاتفاق الجديد بنوداً رادعة لطهران:</strong><strong> </strong>يرى المشرعون أن الاتفاق يجب أن يتضمن بنوداً رادعة لإيران، كما أنها لا بد أن تعي أنها إذا خالفت الاتفاق النووي، واستمرت في محاولتها امتلاك سلاح نووي، فستكون مهددة بانسحاب أمريكي آخر يضعها من جديد تحت طائلة العقوبات الغربية التي تضر باقتصادها، وتقوض قدرتها على المعاملات المالية العالمية، مفسرين نظرتهم السلبية تجاه إيران بالوقائع التاريخية، وبالتقارير التي تُفيد بأن الاتفاق الجديد سيسمح لطهران بالاحتفاظ بأجهزة الطرد المركزي، وأجهزة تخصيب اليورانيوم المتطورة؛ ما يعني سهولة استئناف طهران عملية تخصيب اليورانيوم من جديد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– محاولات روسية لتعظيم "مكاسب الوساطة": </strong>كانت روسيا وسيطاً رئيسياً في مفاوضات فيينا التي شملت فرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين بطريق مباشر، والولايات المتحدة بطريق غير مباشر؛ حيث لا تتواصل واشنطن مباشرةً مع طهران، بل تلجأ إلى تمرير رسائلها من خلال حلفائها الغربيين. وبما أن روسيا هي الوسيط الرئيسي في المفاوضات، فإنها تحاول استغلال الأمر لصالحها؛ حيث طالب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من واشنطن ضمانات مكتوبة تنص على أن العقوبات الغربية المفروضة على الكرملين بعد الحرب الأوكرانية، لن تؤثر على التعاون التجاري والاقتصادي والعسكري والتقني بين موسكو وطهران إذا تم توقيع الاتفاق النووي الجديد، وهو الأمر الذي رفضته واشنطن، موضحةً أن الوصول إلى اتفاق مع طهران يحول دون امتلاكها سلاحاً نووياً سيصب في مصلحة موسكو أيضاً قبل القوى الغربية الأخرى، ومن ثم فليس من مصلحة موسكو أن تعرقل الخطوات التي تم قطعها في الاتفاقية حتى الآن.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وعلى جانب آخر، تقدمت موسكو بطلب لشحن اليورانيوم العالي التخصيب من إيران إلى روسيا، فأعربت واشنطن وشركاؤها الأوروبيون عن رفضهم هذا الطلب، كما أجبرت الحرب الروسية في أوكرانيا الدبلوماسيين على تجميد مفاوضات فيينا إلى أجل غير مسمى، وكل ذلك قد يحول دون التوصل إلى اتفاق وشيك مع طهران، خاصةً إذا أصرَّت موسكو على استخدام ورقة المساومة مع الغرب؛ لتذكيرهم بأنهم بحاجة إليها. ولكن قد يتم التوصل إلى اتفاق إذا توجهت طهران وواشنطن إلى التباحث بطريق مباشر، وهو أمر ترفضه طهران حاليّاً.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً، قد تنجح واشنطن، بالتعاون مع حلفائها الغربيين، في التوصل إلى اتفاق مع طهران، وهو الاتفاق الذي على الرغم من معارضة الجمهوريين له، فلن يكونوا قادرين على إيقافه؛ وذلك بسبب عدم قيام الإدارة الأمريكية بعرضه على مجلس الشيوخ للتباحث والتصويت عليه؛ ما يعني أنه سيظل اتفاقاً رهيناً بالإدارة الأمريكية الحالية، وليست معاهدة موثقة داخل الولايات المتحدة لا يمكن التخلي عنها بسهولة؛ الأمر الذي سيجعل إيران عرضة لتكرار سيناريو عام 2018، وهو ما تخشى منه طهران.</strong></p>

      

لماذا يُعارض الجمهوريون إحياء الاتفاق النووي الإيراني؟