في سبتمبر الجاري، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 16 مسؤولاً فنزويلياً، منهم قادة المجلس الانتخابي الوطني المتحالف مع الرئيس نيكولاس مادورو؛ بسبب مزاعم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حول قيامهم بعرقلة عملية إجراء انتخابات حرة ونزيهة في البلاد. بالإضافة إلى استهداف الجيش والمخابرات والمسؤولين الحكوميين المسؤولين عن "تكثيف القمع من خلال الترهيب والاحتجاز العشوائي والرقابة".

جرى تعيين هؤلاء المسؤولين من قِبل مادورو، الذي فرضت عليه واشنطن عقوبات في عام 2017. وتأتي العقوبات بعد أكثر من شهر من الانتخابات الرئاسية الفنزويلية، وبعد أيام من فرار مرشح المعارضة إدموندو جونزاليس إلى إسبانيا. وبذلك يبلغ عدد الأفراد الفنزويليين المشمولين بعقوبات أمريكية حتى الآن نحو 20000 فرد، إضافة إلى 100 كيان.

وفي 6 أغسطس 2024، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على "تاباكاليرا ديل إستي"، وهي شركة كبيرة منتجة للتبغ في باراجواي، تتهمها الحكومة الأمريكية بتحويل ملايين الدولارات بشكل غير قانوني إلى هوراسيو كارتيس، الذي كان رئيساً لباراجواي في الفترة من 2013 إلى 2018، وفرضت واشنطن عليه عقوبات لأول مرة في 2023 بتهم الفساد. ورفضت الشركة المعروفة أيضاً باسم تابيسا، الاتهامات، وأشارت إلى أن العقوبات "إساءة استخدام للسلطة" من قبل الحكومة الأمريكية. ونفى كارتيس كل مزاعم الفساد وقال إنه لم يعد يملك أسهماً في تابيسا ولا يشارك فيها بشكل مباشر. ويقدم المثالان السابقان، نموذجاً مصغراً لكيفية اعتماد الولايات المتحدة بشكل مكثف على العقوبات في إدارة علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية، وهو ما يستدعي معرفة دوافع ذلك، ومدى جدواه.

خريطة العقوبات

استخدمت الولايات المتحدة العقوبات أداةً مهمةً من بين أدوات سياستها الخارجية تجاه الدول الواقعة في نصف الكرة الغربي؛ وذلك على النحو التالي:

1– تنوع الأطراف المستهدفة بالعقوبات الأمريكية: تفرض الولايات المتحدة عقوبات على حكومات كل من كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا. وهناك عقوبات أمريكية مفروضة على أفراد قد يكونون مسؤولين في تلك الحكومات أو أشخاص متورطين في أنشطة غير مشروعة. بعض أشهر العقوبات في التاريخ هي تلك التي فرضتها واشنطن على كوبا، مع الحصار الاقتصادي المستمر منذ أكثر من 60 عاماً. بالمثل، تخضع فنزويلا لعقوبات من أنواع مختلفة، وتشمل قيوداً على صناعة النفط وحظراً على التأشيرات، وتجميد الأصول للمسؤولين الفنزويليين.

في 10 نوفمبر 2021، وقع الرئيس جو بايدن قانون تعزيز التزام نيكاراجوا بشروط الإصلاح الانتخابي المعروف باسم قانون ريناسر، لزيادة العقوبات ضد البلاد بعد الانتخابات التي أعيد فيها انتخاب دانيال أورتيجا. وينص هذا القانون على أن المؤسسات المالية الدولية تفرض قيوداً أكبر على تقديم المساعدة المالية أو القروض للمشاريع في نيكاراجوا، كما يضيف عقوبات لتعزيز الانتخابات والحد من الفساد، فضلاً عن دعم وسائل الإعلام المستقلة للنظام النيكاراجوي ومراقبة علاقات الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى مع روسيا.

من ناحية أخرى، في منطقة أمريكا الوسطى، فرضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عقوبات محددة ضد عشرات المسؤولين من السلفادور وجواتيمالا وهندوراس؛ بسبب قضايا تتعلق بالفساد، بالإضافة إلى خضوع بعض الشركات الخاصة والعامة والكيانات الحكومية في عدد من دول المنطقة للعقوبات الأمريكية.

2– توظيف العقوبات للضغط على بعض الأنظمة: تطورت أهداف العقوبات الأمريكية في أمريكا اللاتينية – رغم أنها فُرِضَت في البداية لمحاربة أنظمة سياسية معينة، كما هو الحال مع النظام الشيوعي في كوبا – إلى فرض عقوبات تستهدف جميع أنواع الانتهاكات المزعومة من قبل واشنطن، مثل رعاية الإرهاب، والمساعدة والتحريض على الاتجار بالمخدرات والفساد، وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان. على سبيل المثال، فرضت إدارة بايدن في 15 مايو 2024، قيوداً على التأشيرات على أكثر من 250 شخصاً، من بينهم العشرات من أعضاء حكومة نيكاراجوا وأفراد أسرهم؛ لدعمهم "الهجوم على حقوق الإنسان" لنظام الرئيس دانيال أورتيجا، وفقاً لبيان وزارة الخارجية الأمريكية. منذ نوفمبر 2021، تم اتخاذ تدابير لفرض قيود على التأشيرات على أكثر من 1400 مسؤول في البلاد.

3– ارتباط فرض العقوبات بالمصالح الأمريكية: من المُلاحَظ أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض دول أمريكا اللاتينية وكياناتها ومجموعات محددة، كانت مدفوعة باعتبارات مصلحية بالأساس، وإن كانت تغلفها في بعض الأحيان بأهداف ومبادئ سياساتها الخارجية، خاصةً ما يتعلق بالدفاع عن الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. على سبيل المثال، كانت العقوبات المفروضة على كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا، في الغالب استجابةً لحسابات محلية، بما في ذلك ضغوط المواطنين الأمريكيين من أصول لاتينية، الذين يشكلون كتلة تصويتية ذات وزن مهم في الانتخابات في بعض الولايات الأمريكية المتأرجحة، وبالتحديد فلوريدا.

4- مواجهة واشنطن تصاعد نفوذ خصومها في أمريكا اللاتينية: ففي حالات أخرى، كانت العقوبات استجابةً للتعاون المتزايد بين بعض حكومات أمريكا اللاتينية وخصوم واشنطن، خاصةً روسيا وإيران. في مايو 2024، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ثلاثة كيانات مقرها في نيكاراجوا، منها مركز التدريب التابع لوزارة الداخلية الروسية في ماناجوا (RTC)، بزعم قيام المركز بتدريب أولئك الذين يخضعون لقيادة حكومة أورتيجا موريلو "تحت دليل قمع الحكومة الاستبدادية الروسية". وهناك ستة كيانات مقرها المنطقة مدرجة من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي تحت العقوبات المتعلقة بإيران.

5- التعاطي مع تهديد جماعات الجريمة المنظمة: في بعض الأحيان، فرضت واشنطن عقوبات على جماعات الجريمة المنظمة التي تمثل تهديداً لأمنها القومي؛ بسبب انخراطها في أنشطة تهريب المخدرات وكذلك تهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الحدود الأمريكية. على سبيل المثال، فرضت واشنطن في يوليو 2024 عقوبات على عصابة ترين دي أراجوا الفنزويلية بزعم أنها وراء موجة من عمليات الاختطاف والابتزاز وغيرها من جرائم العنف المرتبطة بالمهاجرين التي انتشرت في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة، كما عرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 12 مليون دولار لاعتقال ثلاثة من قادة عصابتي MS–13 من السلفادور وبريميرو كوماندو دا كابيتال من البرازيل، اللتين فرضت عليهما الولايات المتحدة عقوبات أيضاً. من ناحية أخرى، على الرغم من أن كولومبيا والمكسيك لا تفرض واشنطن عليهما عقوبات على مستوى الدولتين، فإنها تُبقِي عقوبات ضد الأشخاص والشركات المتورطة في شبكات الاتجار بالمخدرات الموجودة بشكل رئيسي فيهما، مثل كارتل سينالوا أو عشيرة الخليج.

تأثيرات متباينة

كان للعقوبات الأمريكية على بعض دول أمريكا اللاتينية، تأثيرات مختلفة، كما تفاوتت مدى فاعليتها من حالة إلى أخرى؛ وذلك على النحو التالي:

1– الإضرار بالاقتصادات الوطنية: تسببت العقوبات الأمريكية في مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية في بعض دول أمريكا اللاتينية، وإن لم تكن السبب الأصيل أو المباشر لهذا التدهور. على سبيل المثال، حدث الانهيار الاقتصادي في فنزويلا قبل سنوات من فرض العقوبات الأمريكية والدولية على حكومة نيكولاس مادورو؛ بسبب عوامل كالفساد وسوء الإدارة. مع ذلك، سيكون من الصعب للغاية على كاراكاس الشروع في تحقيق الانتعاش الاقتصادي دون إزالة هذه العقوبات، خاصةً النفطية منها. وخلص تقرير صادر عن مكتب واشنطن لأمريكا اللاتينية ((WOLA إلى أن العقوبات الأمريكية تسببت في خسارة الدولة الفنزويلية ما بين 17 مليار دولار و31 مليار دولار من الإيرادات. كوبا، بوصفها جزيرة صغيرة، في وضع تعتمد فيه على التجارة من أجل البقاء. وجد تقدير عام 2021 من قِبل الحكومة الكوبية أن الحظر الاقتصادي الأمريكي كلَّف البلاد ما يقرب من 144 مليار دولار. وقد اعترفت الأمم المتحدة برقم مماثل.

2– زيادة تهميش السكان الأكثر ضعفاً: للعقوبات الأمريكية عواقب غير مقصودة على مواطني الدول الخاضعة لها. وجد البحث الذي أجراه فرانسيسكو رودريجيز، وهو زميل أبحاث أول في مركز أبحاث الدراسات الاقتصادية CEPR، أن الانخفاض الهائل في صادرات النفط الفنزويلية – مدفوعاً إلى حد كبير بالعقوبات الأمريكية – تسبب في انهيار قدرة الاستيراد في البلاد، ومن ثم أجَّج أزمة الجوع. ووجد تقرير آخر، أعده الخبير الاقتصادي جيفري ساكس والمدير المشارك لمركز CEPR مارك ويسبروت، أن العقوبات الأمريكية ساهمت في زيادة عدد الوفيات إلى 40 ألف فنزويلي في عام واحد.

ووفقاً لكبار الاقتصاديين والباحثين، فإن الضرر الاقتصادي الواسع النطاق الناجم عن العقوبات الأمريكية ساعد في دفع تدفق غير مسبوق للهجرة من فنزويلا إلى الولايات المتحدة وعبر أمريكا اللاتينية. فر نحو 7.7 مليون فنزويلي، معظمهم إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك ما يقرب من 3 ملايين في كولومبيا وحدها؛ كما تأثرت الولايات المتحدة تأثراً عميقاً. في بعض أيام العام الماضي، حاول ما يصل إلى 3000 فنزويلي دخول الولايات المتحدة. في هذا الإطار، قال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور إن العقوبات الاقتصادية الأمريكية تجبر الناس على الهجرة من كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا، ودعا الولايات المتحدة إلى إنفاق بعض الأموال المرسلة إلى أوكرانيا على التنمية الاقتصادية في أمريكا اللاتينية.

مثل هذه التأثيرات السلبية للعقوبات، ربما تفسر النفور الشعبي في فنزويلا من العقوبات الأمريكية. ووفقاً لحسابات شركة استطلاع الرأي Datanalisis، لم يعد 74% من السكان يوافقون على العقوبات الدولية ضد فنزويلا، مقارنةً بـ17% يفعلون ذلك. ما يقرب من 30% من السكان يلومون العقوبات على الوضع الحالي. وعلى وجه الخصوص، أعرب 76% عن اهتمامهم برفع العقوبات النفطية في دولة ذات معدلات مديونية عالية ورواتب منخفضة. من ناحية أخرى، تمت الموافقة على العقوبات الشخصية ضد بعض المسؤولين من قبل 52% من الفنزويليين.

3– تعميق تراجع النفوذ الأمريكي: للولايات المتحدة تاريخ طويل من التدخل في الشؤون الداخلية لدول أمريكا اللاتينية، سواء من خلال أدوات عسكرية أو عبر دعم الانقلابات العسكرية والناعمة، فضلاً عن فرض عقوبات مشددة على بعض الدول، وهو الأمر الذي تسبب في تراجع التوجهات الإيجابية لشعوب دول المنطقة نحو واشنطن، وكذلك نفوذها فيما يعرف بفنائها الخلفي.

ليس هذا فحسب، بل أثارت العقوبات الأمريكية انتقادات قوية. على سبيل المثال، وصف العديد من المحللين أو الخبراء من الأمم المتحدة، ورؤساء الدول، السياسات الأمريكية بأنها خانقة ومنتهكة لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، خلال جائحة كوفيد–19، كان من الصعب على الإمدادات الصحية والإنسانية دخول البلدان الخاضعة للعقوبات، وتحديداً كوبا. وهناك شبه عزلة دولية للولايات المتحدة بشأن موقفها من العقوبات التي تفرضها على كوبا. في نوفمبر 2023، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفع الحصار الأمريكي على كوبا. وفي تلك المناسبة، حصل القرار، الذي تمت الموافقة عليه للمرة الحادية والثلاثين، على 187 صوتاً مؤيداً، وصوتين معارضين، هما: الولايات المتحدة وإسرائيل، مع امتناع أوكرانيا عن التصويت.

4– توسيع هامش الحركة لخصوم واشنطن في المنطقة: على الرغم من أن العقوبات الأمريكية في كثير من الحالات كانت مستهدفة، وركزت على كبار القادة والمسؤولين الحكوميين؛ فقد ثبت أنها غير فعالة تماماً في إزاحة الرؤساء الذين تنظر إليهم واشنطن كقادة سلطويين. على سبيل المثال، يخضع النظام الشيوعي في كوبا للعقوبات منذ أكثر من 60 عاماً، لكنها لم تنجح في الإطاحة به. وفي حين كانت الرغبة في تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا حافزاً للرئيس مادورو على إجراء حوار مع المعارضة، فإنها لم تؤدِّ إلى إحداث تغيير جذري في سلوك نظام مادورو أو غيره من القادة المشمولين بالعقوبات الأمريكية تجاه معارضيهم السياسيين، كما لم تدفعهم نحو اتخاذ خطوات ملموسة لضمان الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

كان التأثير الأهم لتشديد الولايات المتحدة عقوباتها على بعض الحكومات في المنطقة، والتي استبعدتها من النظام المصرفي الدولي، هو دفعها بقوة إلى إقامة شراكات اقتصادية أكبر مع خصوم واشنطن، الذين وجدت فيهم ملاذاً آمناً وشريان حياة في مواجهة الضغوط والعزلة الدولية المفروضة عليها؛ ما ساعدها على البقاء في الحكم. على سبيل المثال، في مواجهة نقص الوقود في فنزويلا بسبب فشل المصافي، قامت إيران بإرسال عدة شحنات في تحدٍّ للعقوبات الأمريكية. ومن التداعيات المثيرة للاهتمام للعقوبات والضغوط الأمريكية المتواصلة على بلدان أمريكا الوسطى، تخلي بعضها، مثل السلفادور ونيكاراجوا وهندوراس، عن الاعتراف الدبلوماسي بتايوان، لصالح إقامة علاقات دبلوماسية مع الصين؛ الأمر الذي أثار انتقادات حادة من قبل الولايات المتحدة بشأن هذا التحرك ومخاوف بشأن مصالحها ونفوذها في المنطقة.

5– إثارة التوترات مع حلفاء واشنطن: في أغسطس 2024، أمرت حكومة باراجواي السفير الأمريكي مارك أوستفيلد بمغادرة الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية؛ ما أدى إلى تصاعد التوترات مع حليفة واشنطن القوية في أمريكا اللاتينية. تعد باراجوي من البلدان القليلة المتبقية في المنطقة التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع تايوان، كما أنها أبدت دعمها القوي لإسرائيل في حربها مع حركة حماس. وجاء التوتر في العلاقات بين البلدين عقب فرض إدارة بايدن عقوبات على شركة تبغ مرتبطة بالرئيس السابق القوي للبلاد "هوراسيو كارتيس"، الذي لا يزال يحتفظ بنفوذ كبير على حزب كولورادو الحاكم في البلاد، كما يتمتع النواب الموالون له بأغلبية المقاعد في الكونجرس. ويضغط أنصار كارتيس على الرئيس الحالي سانتياجو بينيا، للدفاع عن الرئيس السابق، والابتعاد عن واشنطن.

حدود الفاعلية

من جملة ما سبق، يمكن القول إن العقوبات الأمريكية المفروضة على بعض الحكومات والأفراد والكيانات الموجودة في أمريكا اللاتينية، قليلاً ما نجحت في تحقيق الأغراض المقصودة منها، وربما يعود ذلك إلى عدم تمكن الإدارات الأمريكية بشكل عام من تشكيل تحالف واسع من حكومات دول المنطقة لدعم هذه العقوبات أو المشاركة في تنفيذها؛ نظراً إلى أن المنطقة لديها تقاليد تاريخية راسخة في التمسك بمبادئ عدم التدخل واحترام السيادة الوطنية للدول الأخرى، بما في ذلك رفض الإجراءات القسرية الأحادية من قبل واشنطن. وفي حين أن الدول المجاورة تنتقد نظام الرئيس الفنزويلي مادورو، اعترضت على فرض المزيد من العقوبات. بل إن بعضها، مثل البرازيل، دعت إلى رفع العقوبات القائمة.

إضافة إلى أن بعض الاعتبارات الداخلية جعلت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بايدن على وجه التحديد مترددة في فرض عقوبات مشددة على بعض البلدان، خاصةً ما يتعلق بالمخاوف من أن تفضي العقوبات إلى موجة جديدة من المهاجرين إلى الأراضي الأمريكية، وهي قضية حساسة للغاية خلال العام الحالي (2024)، بالتحديد مع إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، علاوة على أن العقوبات الأمريكية لم تكن محددة الأهداف بشكل واضح، وتم ربطها – كما في حالة كوبا – بأهداف صعبة التحقق، مثل تغيير النظام. يضاف إلى ذلك أن العقوبات لم تكن مرنة بالدرجة الكافية، بحيث توفر حوافز لتغيير السلوك المستهدف. في حالة كوبا، كان يتم تقديم تخفيف العقوبات كخيار ثنائي: الديمقراطية أو لا شيء. ومن العوامل الأخرى لضعف فاعلية سياسة العقوبات الأمريكية في أمريكا اللاتينية، أن البلدان المستهدفة للعقوبات، وجدت حلفاء آخرين، عززوا من قدرتها على الالتفاف على هذه العقوبات وكذلك الصمود في مواجهتها.

كيف توظف واشنطن العقوبات في إدارة العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية؟