أحمد عدلي


        
<p><strong>أثار الظهور الطاغي لممثلي شبكة حقاني في المشهد السياسي الأفغاني عقب سيطرة طالبان على العاصمة كابول جدلاً حول اعتماد الحركة بصورة متزايدة على الشبكة المصنفة إرهابية من جانب الولايات المتحدة وقياداتها المدرجة على قائمة جزاءات مجلس الأمن الدولي. يكشف هذا الترابط مدى تركيز طالبان على بناء شبكة تحالفات قوية في الداخل الأفغاني تكفل لها ترسيخ هيمنتها على الأوضاع في كابول والأقاليم الأفغانية وهو التوجه الذي سيدفع "شبكة حقاني" لصدارة المشهد السياسي والأمني في أفغانستان بحيث تكتسب شرعية الأمر الواقع في الداخل الأفغاني. &nbsp;</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">دعم متبادل</span></strong></p>



<p><strong>تكشف مجموعة من الشواهد عن أن شبكة حقاني في قلب المشروع السياسي لحركة طالبان، ويمكن استعراض أبرز تلك الشواهد عبر ما يلي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– مشاركة الشبكة في مشاورات تشكيل الحكومة: </strong>من المُرجَّح أن تُمثَّل شبكة حقاني في الحكومة المرتقب أن تقوم طالبان بتشكيلها. ويدعم هذا التوقع مشاركة ممثلين عن الشبكة في المناقشات التي تجريها طالبان بشأن تشكيل الحكومة، على غرار ما حدث يوم 21 أغسطس الجاري حينما شارك ممثل عن الشبكة في الاجتماع الذي عقده عدد من كبار قادة طالبان في كابول. كما يدعم هذا الأمر أن مؤسس الشبكة "جلال الدين حقاني" سبق أن حصل بعد سيطرة طالبان على أفغانستان في 1996 على منصب وزير في نظام طالبان حتى الإطاحة بالحركة في الغزو الأمريكي في 2001.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– الاعتماد على الشبكة للتفاوض مع النظام السابق: </strong>يُعرف عن مقاتلي شبكة حقاني قدرتهم الكبيرة على عقد صفقات مربحة. وفي ضوء ذلك، تعتمد طالبان على الشبكة في مفاوضاتها مع رموز النظام السابق بعد سيطرة الحركة على أفغانستان. وعلى سبيل المثال، أجرى "أنس جلال الدين حقاني" –وهو الشقيق الأصغر لزعيم الشبكة الحالي– محادثات مؤخراً مع الرئيس الأسبق "حامد كرزاي" ونائب الرئيس السابق "عبد الله عبد الله" بعد سقوط كابول في يد طالبان.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– مساهمة الشبكة في جهود تأمين العاصمة كابول:</strong> أشارت تقارير صحفية يوم 20 أغسطس الجاري إلى أن حركة طالبان وضعت أمن العاصمة الأفغانية كابول في أيدي كبار أعضاء شبكة حقاني. وعلى الرغم من نفي المتحدث باسم حركة طالبان "محمد نعيم" هذه الأنباء، فإن تقارير صحفية نقلت عن مسؤولين استخباراتيين غربيين تأكيدهم هذه المعلومات، وإشارتهم إلى أن ضلوع شبكة حقاني بهذه المهمة مقلق ويقوض وعود طالبان بالسير في مسار أكثر اعتدالاً مما فعلته الحركة عندما حكمت البلاد من عام 1996 إلى عام 2001.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– العمل كرابط رئيسي بين طالبان والقاعدة:</strong> تتمتع شبكة حقاني بعلاقات تاريخية وثيقة مع تنظيم القاعدة، وبدأت هذه العلاقات منذ تأسيس تنظيم القاعدة في أواخر الثمانينيات. وحسب ما أشارت العديد من التقارير الصحفية، تُوصف شبكة حقاني بأنها الرابط الرئيسي بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة. ويدعم هذا الأمر التشابه بين شبكة حقاني وتنظيم القاعدة في العمليات الإرهابية التي ينفذها كلاهما.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– دعم جهود طالبان لتهدئة مخاوف الأقليات: </strong>تتبنى شبكة حقاني خطاباً إيجابياً في الوقت الحالي تجاه الأقليات الأفغانية، وهو أمر يدعم جهود حركة طالبان في هذا الصدد. ويتضح ذلك من خلال تصريحات القيادي في الشبكة "خليل الرحمن حقاني"، يوم 21 أغسطس الجاري أمام تجمع لشيوخ القبائل وممثلين عن الأقلية الشيعية من جميع أنحاء أفغانستان، التي قال خلالها إنه "في ظل حكم طالبان، سيحظى الجميع بحياة سلمية، وإن الحركة تتشاور مع الجميع من أجل تشكيل الحكومة الإسلامية". وأضاف: "نجري مشاورات مع كل المجموعات العرقية حتى يتم دمج الجميع في الحكومة".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– تكهنات بمشاركة الشبكة في مفاوضة المجتمع الدولي: </strong>تُثار تكهنات في الوقت الحالي بشأن إمكانية مشاركة شبكة حقاني في أي مفاوضات محتملة في الفترة القادمة بين طالبان والمجتمع الدولي. ويدعم تلك التكهنات أن تقارير صحفية سبق أن اعتبرت إطلاق سراح "أنس حقاني"، شقيق زعيم الحركة الحالي من السجون الأفغانية في 2019، بمنزلة خطوة نحو بدء المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وطالبان، التي أدت في نهاية الأمر إلى انسحاب القوات الأمريكية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مداخل مفسرة</span></strong></p>



<p><strong>يمكن فهم مسعى حركة طالبان إلى الاعتماد بالكامل على شبكة حقاني في دعم خططها وطموحاتها بعد سيطرتها على أفغانستان؛ وذلك من خلال عدد المداخل التي يمكن استعراضها عبر ما يلي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– الاتساق مع التحالف التاريخي بين الجانبين: </strong>من الطبيعي أن تلجأ حركة طالبان إلى شبكة حقاني للحصول على دعمها لترسيخ حكم الحركة لأفغانستان؛ وذلك على اعتبار أن شبكة حقاني تعتبر الحليف التاريخي والمحوري لطالبان في الساحة الأفغانية. ورغم أن شبكة حقاني تُعتبر جزءاً من المظلة الأوسع لطالبان ومجلس شورى كويتا –وهو مجلس شورى طالبان– فإن الشبكة تحتفظ بخطوطها الخاصة للقيادة والعمليات. كما يمكن النظر إلى إشراك طالبان شبكةَ حقاني في كافة تفاصيل مشروعها الحالي لأفغانستان على أنه نوع من المكافأة للشبكة لمساندتها الحركة في كل الظروف التي مرت بها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– الرغبة في الحصول على شرعية قبلية للحكم:</strong> ينحدر أعضاء شبكة حقاني من قبائل البشتون ومن قبيلة زدران التي تسكن في ولاية بكتيكا، وهو أمر يمكن أن توظفه طالبان من أجل الحصول على شرعية قبلية لحكمها لأفغانستان. ويُشار في هذا الصدد إلى أن معظم نشاط شبكة حقاني يتركز بصورة أساسية في شرق أفغانستان، وتتخذ الشبكة من شمال وزيرستان الباكستانية المتاخمة للحدود الأفغانية قاعدة لها، وتدير هناك مدارس دينية ومعسكرات لتدريب المقاتلين، وفقاً لتقارير استخباراتية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– استثمار القدرات القتالية العالية للشبكة: </strong>على الرغم من أن شبكة حقاني أقل عدداً من حركة طالبان؛ حيث تشير تقديرات إلى أنها تضم أكثر من 10 آلاف مقاتل، وتشير تقديرات أخرى إلى أن أعدادها تتجاوز 12 ألف مقاتل، لكن عناصرها أكثر تدريباً، ولهم أسلوبهم الخاص في الحركة والقتال يدل على قدرتهم العالية في هذا المجال؛ حيث يتسرب مقاتلو الشبكة من باكستان إلى أفغانستان عبر ممرات جبلية قديمة، وكل فرقة منهم تقاتل لعدة أسابيع، ثم تعود إلى باكستان مرة أخرى. وتُعتبر شبكة حقاني القوات الأكثر جاهزيةً للقتال، حسب تقرير لمراقبي الأمم المتحدة في يونيو 2021، وهو أمر يمكن أن تستغله طالبان لفرض مشروعها بالاستعانة بتلك القوات العالية الكفاءة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– الاستفادة من أسلوب "التنظيم الخيطي" للشبكة: </strong>تتبع شبكة حقاني أسلوب "التنظيم الخيطي"؛ حيث لا يعلم كل تشكيل أي شيء عن التشكيل الآخر. حتى المقاتلون لا يعرفون قادتهم في باكستان، وهو أمر تريد طالبان أن تستفيد منه لفرض السرية على تحركاتها وعلاقاتها ببعض القوى، وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي يتمتع بعلاقات قوية بشبكة حقاني. ويتبع أعضاء الشبكة دائماً أثناء قتالهم على الأراضي الأفغانية أسلوب التنقل الدائم من قرية إلى قرية، ولا يبيتون في أي مكان أكثر من ليلة واحدة، كما أنهم نادراً ما يستخدمون الهواتف النقالة؛ حتى لا يتم رصدهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– توظيف شهرة الشبكة في القيام بهجمات مروعة: </strong>تحاول حركة طالبان توظيف الشهرة التي تتمتع بها شبكة حقاني بشأن قيامها بهجمات دامية ومروعة لردع معارضيها المحتملين في الداخل الأفغاني عن مناوأة تحركات الحركة. وفي هذا السياق، يُعتقد أن الشبكة هي أول من أدخل التفجيرات الانتحارية في أفغانستان.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– البناء على علاقة الشبكة القوية بإسلام أباد: </strong>تتمتع حركة طالبان بعلاقات طيبة مع باكستان، وهو أمر أكدته العديد من الدلائل مؤخراً. ومن المتوقع أن يتصاعد دور باكستان الإقليمي بعد سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان. ومن منطلق حرص طالبان على تعزيز علاقتها بباكستان؛ فإنها تنظر إلى شبكة حقاني كداعم لهذا الأمر، خاصةً مع تمتع الشبكة بعلاقات قوية مع السلطات الباكستانية؛ حيث كانت باكستان تمد شبكة حقاني بالأسلحة والأموال خلال مقاومة الشبكة للغزو السوفييتي، كما يُشتبه في إقامة الشبكة علاقات مع المؤسسة العسكرية الباكستانية. ويدلل على ذلك تصريحات الأدميرال الأمريكي "مايك مولن" السابقة، التي واعتبر خلالها شبكة حقاني بمنزلة الذراع الحقيقية لأجهزة استخبارات إسلام أباد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وفي المجمل، من الملاحظ أن حركة طالبان تُعوِّل بقوة على شبكة حقاني لتثبيت أركان دولتها المنشودة. ومن المتوقع أن يتصاعد دور الشبكة في المشهد الأفغاني في الفترة المقبلة على المستويين السياسي والأمني في ضوء توظيف طالبان المتعدد الأوجه لهذا الدور. وتثبت العلاقة الحالية لحركة طالبان بشبكة حقاني، أن وعود الحركة بشأن قطع علاقاتها بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية زائفة، خاصةً أن شبكة حقاني مصنفة كجماعة إرهابية من قبل واشنطن، كما أن قياداتها مدرجون على قائمة جزاءات مجلس الأمن.</strong><strong></strong></p>

      

لماذا تعتمد طالبان على شبكة "حقاني" في ترسيخ حكمها بأفغانستان؟