عمرو عبدالعاطي

أعلنت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الانتخابي بعد أدائه الكارثي في المناظرة الرئاسية الأولى مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، في 27 يونيو 2024، عن اختيار حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز نائباً لها في 6 أغسطس 2024 على بطاقة الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجرى في الخامس من نوفمبر 2024.ويأتي هذا الاختيار بعد حصول هاريس على أصوات المندوبين الديمقراطيين لترشحها عن الحزب، وقبل المؤتمر الوطني الديمقراطي المقرر له في الفترة 9-12 أغسطس 2024 في شيكاغو، الذي سيصوت رسميّاً على ترشح هاريس ووالز لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية. ويعد والز، باختياره نائباً لهاريس ببطاقة الحزب الديمقراطي، أول رجل أبيض ينضم إلى بطاقة ترشح حزب رئيسي بقيادة امرأة ملونة على الإطلاق.أسباب عدة يقف وراء قرار المرشحة الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس اختيار حاكم ولاية مينيسوتا "تيم والز" لينافس معها على بطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الخامس من نوفمبر 2024 نائباً لها، جملة من الأسباب، التي تتمثل في:1- ضغوط القاعدة التقدمية داخل الحزب الديمقراطي لعدم اختيار شابيرو: ضغطت القاعدة التقدمية داخل الحزب الديمقراطي، على نائبة الرئيس كامالا هاريس؛ لعدم اختيار حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو نائباً لها، رغم أن اختياره كان سيحقق الكثير من المكاسب الانتخابية لبطاقة الحزب الديمقراطي؛ لمواقفه المحافِظة للغاية بشأن القضايا الرئيسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ ما أدى إلى تزايد المخاوف الديمقراطية بشأن توافقه مع القيم التقدمية للحزب، فضلاً عن مواقف شابيرو المثيرة للجدل حول الفلسطينيين والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023؛ ولذلك فإن اختيار شابيرو ليكون نائباً لها قد يجعلها تفقد أصوات العرب والمسلمين الأمريكيين، والتيار التقدمي المعارض لسياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن، تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في الأراضي الفلسطينية.2- دعم كبار قيادات الحزب الديمقراطي لاختيار والز نائباً لهاريس: في مقابل ضغوط التيار التقدمي على هاريس لعدم اختيار شابيرو ليكون نائباً لها، فإنه كان هناك تأييد من كبار قادة الحزب الديمقراطي، والتيار التقدمي لاختيار حاكم ولاية مينيسوتا "تيم والز" ليكون معها على بطاقة الحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ حيث يتمتع والز بدعم من الجماعات التقدمية والمانحين نظراً إلى مواقفه وسياساته التي تتماشى أكثر مع القيم التقدمية للحزب.فقد أشارت تقارير إلى أن رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، تفضل والز؛ حيث إنها دائماً ما تدعم زملاءها السابقين بمجلس النواب لتولي مناصب سياسية عليا، وقد خدم والز ست فترات في مجلس النواب. وقد دعم السيناتور بيرني ساندرز والز؛ لمواقفه التي تتوافق مع أفكار التيار التقدمي، كما أيد العديد من المشرعين الديمقراطيين بمجلسي الكونجرس (مجلس النواب، والشيوخ) والز لمنصب نائب المرشحة الديمقراطية هاريس.3- استهداف الحصول على أصوات التيار التقدمي في الانتخابات الرئاسية: يعكس اختيار نائبة الرئيس كامالا هاريس لحاكم ولاية مينيسوتا نائباً لها، سعيها لجذب صوت التيار التقدمي في الانتخابات الرئاسية القادمة، الذي تراجع تأييده لترشح الرئيس جو بايدن لفترة رئاسية ثانية بسبب مواقفه من الحرب الإسرائيلية في غزة، وتقدم عمره وما صحابه من تدهور في صحته وقدراته العقلية. ودعمُ والز العديد من السياسات التقدمية، مثل حقوق العمال والعدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات وحقوق النساء وحقوق الأطفال والإجازة المدفوعة وحقوق الإجهاض ومراقبة الأسلحة، يجعله متوافقاً مع أجندة التيار التقدمي داخل الحزب؛ ما يحفز ناخبيه على التصويت للبطاقة الديمقراطية في الخامس من نوفمبر المقبل.4- تعزيز فرص هاريس الانتخابية في الولايات الحاسمة: تلعب الولايات المتأرجحة دوراً رئيسياً في تحديد الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويُعتقد أن والز يمكن أن يكون مفيداً للبطاقة الديمقراطية في الولايات الحاسمة، مثل ويسكونسن وميشيجان؛ حيث يحظى بشهرة واسعة. ويساهم دعم والز للعمل الجماعي والعمال المنظمين في جذب الناخبين من الطبقة العاملة في الولايات الصناعية الشمالية؛ فقد وقع والز خلال توليه منصب حاكم ولاية مينيسوتا على مجموعة من التشريعات التي تعتبر واحدة من أكثر القوانين المؤيدة للعمال شمولاً في الولايات المتحدة منذ عقود؛ حيث يتضمن التشريع الذي تم توقيعه في العام الماضي إجازة عائلية مدفوعة الأجر توفر للعمال أجراً جزئياً لمدة 12 أسبوعاً لرعاية أحد أفراد الأسرة الحديثي الولادة أو المرضى، بالإضافة إلى 12 أسبوعاً أخرى للتعافي من مرض خطير. ووقع والز أيضاً قانوناً يحظر الأحكام غير التنافسية في عقود العمل؛ وذلك ما شجع قادة النقابات والمدافعين عن السياسات المؤيدة للعمال والأسرة ورعاية الأطفال على اختيار والز ليكون نائباً للمرشحة الديمقراطية المفترضة.يمكن أن يعزز والز – وهو حاكم ذو شعبية لفترتين في ولاية الغرب الأوسط – جاذبية هاريس بين الناخبين الريفيين، لا سيما في ولايات "الجدار الأزرق" المتأرجحة الحاسمة في بنسلفانيا وميشيجان وويسكونسن، التي كانت أساسية لفوز الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية السابقة لعام 2020. ومن المرجح أن يروج والز – وهو مواطن من نبراسكا؛ لجذوره الريفية – لمحاولة استعادة ناخبي الطبقة العاملة البيض الذين ابتعدوا عن الحزب الديمقراطي في السنوات الأخيرة.5- تمتع والز بخبرة تنفيذية تعزز قدراته على التعامل مع التحديات: يتمتع والز بخبرة تنفيذية بصفته حاكماً لولاية مينيسوتا منذ عام 2019، وأظهر قدرته على التعامل بفاعلية مع القضايا التي تهم الناخب الأمريكي على المستوى الوطني، واتخاذ القرارات الصعبة، وتميزت فترة ولايته حاكماً بإنجازات كبيرة في مجال الرعاية الصحية والتعليم والتنمية الاقتصادية؛ ما يضيف اختياره نائباً للمرشحة الديمقراطية ثقلاً من الخبرة وسجلاً سياسياً قوياً إلى بطاقة الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة.6- التوافق في الرؤى بين هاريس ووالز: هناك توافق في الرؤى بين المرشحين على بطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، ولا سيما دعم والز القوي للعديد من السياسات التقدمية مثل العمال والسياسات الاجتماعية التي تؤيدها نائبة الرئيس، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخلق انسجاماً بين المرشحين على بطاقة الحزب للانتخابات، وتوافقاً على سياسات الإدارة في حال فوزهما في الانتخابات التي ستجرى في الخامس من نوفمبر 2024.وتشير تقديرات إلى أن السياسات الاقتصادية التي دافع عنها والز حاكماً، بما في ذلك الإعفاء الضريبي للأطفال على مستوى الولاية وبرنامج الإجازات المدفوعة الأجر، هي السياسات التي ستحاول إدارة هاريس سنها على المستوى الوطني بعد فوزها في الانتخابات.تداعيات محتملةرغم العديد من التداعيات الإيجابية لاختيار المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، حاكم ولاية مينيسوتا "تيم والز"، لينافس معها في الخامس من نوفمبر نائباً لها، فإنه يحمل عدداً من التداعيات، التي يتمثل أبرزها فيما يلي:1-محاولة تعزيز شهرة والز على الساحة الوطنية: لم يكن والز معروفاً على المستوى الوطني قبل ظهور اسمه بالقائمة المختصرة – التي ضمت بجانبه حاكم ولاية بنسلفانيا "جوش شابيرو"، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا "مارك كيلي" – للمرشحين الديمقراطيين للمنافسة مع هاريس في الانتخابات الرئاسية القامة نائباً لها، لكنه اكتسب بعض الإعجاب من خارج ولايته في الأسابيع الأخيرة بعد مقابلات تلفزيونية تنتقد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس والجمهوريين باعتبارهم "غريبين" في ظهورهم على قنوات الأخبار، وهو مصطلح لقي انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.2- انتقاد الجمهوريين سجل والز خلال توليه منصب حاكم مينيسوتا: ينتقد الجمهوريون والز أنه كان بطيئاً في استدعاء الحرس الوطني للتعامل مع أعمال الشغب التي بدأت بعد مقتل جورج فلويد في عام 2020؛ حيث أسفرت أعمال الشغب عن أضرار جسيمة، بما في ذلك إضرام النار في دائرة الشرطة، لينشر والز المئات من قوات الحرس الوطني بعد ثلاثة أيام من مقتل فلويد مع انتشار النهب والحرق العمد، بجانب قانون ولاية مينيسوتا الذي يتطلب من مرافق الولاية الانتقال إلى مصادر كهرباء خالية من الكربون بحلول عام 2040، وقانون يوسع حقوق التصويت للأشخاص المدانين بارتكاب جنايات، والجهود المبذولة لتوسيع أهلية المهاجرين غير الشرعيين للحصول على التأمين الصحي والرسوم الدراسية داخل الولاية.3- مضاعفة الدعاية الجمهورية المضادة لهاريس ونائبها: باختيار هاريس حاكم ولاية مينيسوتا ليكون نائباً لها، بلور الحزب الجمهوري هجومه بأنه سياسي يساري متطرف سينضم إلى البطاقة الرئاسية الأكثر ليبراليةً في التاريخ؛ فمع انسحاب بايدن من السباق الانتخابي، وترشح هاريس سارع الجمهوريون إلى وصف هاريس بأنها "يسارية راديكالية"، وقال بعض الجمهوريين إن انتقاداتهم لهاريس أصبحت أسهل من خلال اختيارها والز الذي دعم القوانين التي تقيد الوصول إلى الأسلحة، وتعزز الطاقة الخضراء، وتوفر مزايا دافعي الضرائب للمهاجرين غير الشرعيين.خلاصة القول: ركزت الحملة الانتخابية لنائبة الرئيس كامالا هاريس، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، من السباق الانتخابي الذي أدى إلى انقسام داخل الحزب الديمقراطي، على استعادة اصطفاف الحزب الديمقراطي لتعزيز فرصها للفوز ببطاقة الحزب قبل موعد المؤتمر الوطني للحزب الذي سيعقد في 9 أغسطس 2024، وترسيخ شعبيتها بين القاعدة الانتخابية الديمقراطية التي كانت رافضة المشاركة في الانتخابات في حال استمرار بايدن في ترشح الحزب. واختيار هاريس حاكم ولاية مينيسوتا "تيم والز" زميلاً لها في الانتخابات الرئاسية القادمة يحقق العديد من المكاسب الانتخابية لها، ويوسع قاعدتها الانتخابية مع معالجة الانتقادات التي كانت توجه لحملتها الانتخابية وتحقيق التوزان لبطاقة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية؛ ما يعزز من فرصها في الخامس من نوفمبر المقبل؛ فقد عزز اختيار هاريس لوالز ليكون نائباً لها التوازن داخل الحزب الديمقراطي، وجذب دعماً واسعاً بين الناخبين الديمقراطيين، وفي العديد من الولايات المتأرجحة؛ ما يجعله إضافة قيمة للبطاقة الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية القادمة.

دلالات اختيار هاريس حاكم ولاية مينيسوتا نائباً لها في السباق الانتخابي