عمرو عبدالعاطي


        
<p><strong>أثار المالك الجديد لشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" إيلون ماسك حالة من الجدل داخل الولايات المتحدة بعد كشفه عن وثائق الشراكة الداخلية خلال الإدارة السابقة، التي تطلق عليها وسائل الإعلام الأمريكية "ملفات تويتر"؛ حيث إنها تكشف عن انحياز المنصة إلى الحزب الديمقراطي خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ولا سيما خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020، التي فاز بها المرشح الديمقراطي آنذاك جو بايدن، بعد حظرها تقريراً لصحيفة نيويورك بوست في أكتوبر 2020 عن وثائق سربت من جهاز الكمبيوتر لهانتر بايدن، وأن تويتر تدخَّل في الانتخابات الرئاسية السابقة، من خلال سياسات الإشراف على المحتوى الخاصة به. وهناك توقعات بنشر المزيد من الوثائق في الأيام المقبلة عن كيفية انخراط المنصة في قمع حرية التعبير في الفترة الحاسمة التي سبقت انتخابات الرئاسية السابقة. ومن جانب آخر، أكد الرئيس التنفيذي السابق لموقع تويتر "جاك دورسي"، في 13 ديسمبر 2022، عدم وجود نوايا سيئة أو أجندات خفية على خلفية تداول "ملفات تويـتر".</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">وثائق مُسرّبة</span></strong></p>



<p>كشفت الوثائق التي سربها إيلون ماسك لصحفيين عن عدد من الانتهاكات ارتكبتها الشركة خلال الفترة القصيرة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وبعدها أيضاً، لصالح الحزب الديمقراطي، ومرشحه في الانتخابات؛ ولهذا كان للمنصة الفضل في فوز جو بايدن بتلك الانتخابات. وتتمثل أبرز الانتهاكات التي كشفتها الوثائق المسربة فيما يأتي:</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- تحوُّل "المحافظين" إلى ضحايا للقوائم السوداء: </strong>لطالما اتهم المحافظون عمالقة شركات التكنولوجيا الأمريكية بالتحيز ضدهم، دون توضيح الكثير من الأدلة على ذلك، لكن المجموعة الأولى من "ملفات تويتر" تدعم ادعاءاتهم بأن الإدارة السابقة للشركة تعاملت مع الإشراف على المحتوى بطريقة متحيزة ضدهم قبل الانتخابات الرئاسية السابقة، التي أظهرت وفقاً لهم أنهم ضحايا "القوائم السوداء" وضحايا إجراءات لوقف انتشار تغريداتهم على المنصة، وفقاً لشهادة المديرين التنفيذيين للشركة. وتفترض الوثائق التي تم نشرها أن تلك القرارات قد اتخذت بدوافع سياسية صريحة. ويجادل النقاد المحافظون في تويتر بأن هذا يمثل تحيزاً متأصلاً في قرارات الإشراف على محتوى الشركة. وعادة ما كان معظم موظفي تويتر يميلون – مثل بقية عمالقة شركات التكنولوجيا الأمريكية – إلى الأفكار الليبرالية؛ حيث كشفت "ملفات تويتر" عن تفاصيل حول تطبيق المنصة ما أُطلق عليه "تصفية الرؤية" على حسابات بعض القيادات والمؤثرين المحافظين؛ ما يعني أن عدداً أقل من الأشخاص شاهدوا تغريداتهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2</strong><strong>– استخدام منصة تويتر للترويج للحزب الديمقراطي: </strong>قال إيلون ماسك إن تويتر، الذي يمتلكه ويقوده الآن، تدخَّل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020. واصفاً هذه المشاركة بأنها "خاطئة"، وأضاف أنها لا تؤدي إلا إلى شل الديمقراطية الأمريكية، وتقوض إيمان الأمريكيين بها. وذكر أن "ملفات تويتر" تُظهر أن موظفي الشركة قمعوا الرئيس الأمريكي السابق ترامب، وفرضوا رقابة عليه في الأيام التي سبقت الانتخابات السابقة دون أساس. وهذا دليل دامغ – من وجهة نظره – على تدخل المنصة في الانتخابات. وقد سبق أن أشار إلى أن قادة تويتر السابقين عملوا كناشطين للحزب الديمقراطي، ناهيك عن وصفه في مايو الماضي بأنه أصبح حزب الانقسام والكراهية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3</strong><strong>– حظر نشر تقرير عن انتهاكات ابن الرئيس بايدن:</strong> أشارت "ملفات تويتر" إلى القرار الذي اتخذه المسؤولون التنفيذيون بالشركة بحظر تقرير صحيفة نيويورك بوست في 14 أكتوبر 2020، قبل أيام قليلة من تصويت الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أجريت في نوفمبر 2020، حول تورط الابن الأصغر للرئيس الأمريكي هانتر بايدن، في العديد من قضايا الفساد، التي كان من شأنها التأثير على فرص المرشح الديمقراطي جو بايدن آنذاك؛ فقد تناول التقرير استفادة هانتر من النفوذ السياسي لوالده بينما كان يشغل منصب نائب الرئيس في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، والحصول على مدفوعات مالية من كيانات خارجية لم تسجل كوكيل أجنبي وفقاً للقانون الأمريكي الذي يتطلب الكشف لوزارة العدل عن ممارسة الضغط أو تقديم خدمات العلاقات العامة نيابة عن عملاء أجانب داخل الولايات المتحدة. وقد كان الأساس المنطقي لتويتر لحجب التقرير في ذلك الوقت هو أنه ربما كان يستند إلى مواد مخترقة أو مزيفة، أو أحد المحاولات الروسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 كما حدث في انتخابات عام2016 بحسب مسؤولي مجتمع الاستخبارات الأمريكي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4</strong><strong>– تعليق حساب "ترامب" على تويتر: </strong>أشارت "ملفات تويتر" إلى مناقشات داخلية بالشركة حول حظر الرئيس السابق دونالد ترامب، من التغريد على المنصة بعد أحداث 6 يناير، وأن المديرين التنفيذيين لتويتر أعادوا تفسير شروط خدمتهم، كذريعة لتعليق ترامب مباشرة بعد أعمال الشغب من قبل مؤيديه واقتحامهم مبنى الكابيتول، وأنهم لم يعربوا عن أي قلق بشأن الآثار المترتبة على حرية التعبير أو الديمقراطية المترتبة على الحظر.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ارتدادات سياسية</span></strong></p>



<p>من المتوقع أن يكون لـ"ملفات تويتر" التي تم كشف عنها حتى الآن، وتلك التي تظهر خلال الأيام القادمة، العديد من التداعيات في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة الأمريكية حالة من الانقسام السياسي والحزبي غير المسبوقة، ولا سيما على الحزب الديمقراطي، بعد تحقيقه نتائج لم يتوقعها الكثيرون في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي أجريت في الثامن من نوفمبر الفائت. وتتمثل أبرز التأثيرات فيما يلي:</p>



<div style="height:16px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- تأكيد ادعاءات ترامب </strong><strong>حول </strong><strong>سرقة الانتخابات الرئاسية: </strong>استند الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى "ملفات تويتر" للدعوة إلى إنهاء الدستور الأمريكي لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وإعادته إلى السلطة في استمرار لتصريحاته المنكرة لنتائج تلك الانتخابات؛ حيث اتهم عمالقة شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام بالعمل عن كثب مع الديمقراطيين. وذكر العديد من السياسيين اليمينيين والمؤثرين ومؤيديهم أن الليبراليين يفرضون رقابة على المحافظين عبر الإنترنت. ومن شأن ما تضمنته وثائق تويتر تعزيز شعبية الرئيس السابق، الذي أعلن رسمياً في منتصف نوفمبر الفائت نتيه للترشح للمرة الثالثة عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية القادمة، بين قاعدته الانتخابية وأنصار "نظرية المؤامرة" التي ترى أن الانتخابات الرئاسية قد شهدت تزويراً، ولا سيما بعد خسارة العديد من المرشحين الجمهوريين من منكري نتائج انتخابات عام 2020 الذين دعمهم ترامب في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي أجريت في نوفمبر الفائت.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2- عقد جلسات تحقيق ضد الرئيس الأمريكي وإدارته:</strong> أعلن كيفن مكارثي الرئيس القادم لمجلس النواب، أن الجمهوريين بعد فوزهم بالأغلبية بالمجلس في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، سيجرون العديد من التحقيقات ضد الرئيس الأمريكي ومسؤولي إدارته وهانتر بايدن. وعلى الرغم من عدم كشف "ملفات تويتر" أي معلومات جوهرية أو جديدة عن قضية هانتر بايدن، الذي يخضع بالفعل لتحقيق فيدرالي؛ حيث يعتقد العملاء الفيدراليون أن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهام الجنائي إليه بارتكاب جرائم ضريبية والكذب بشأن تعاطيه المخدرات عندما اشترى مسدساً في عام 2018؛ فإنها ستدفع مجلس النواب ذا الأغلبية الجمهورية إلى عقد جلسات تحقيق ضد نجل الرئيس خلال العام القادم بشأن انتهاكات ضريبية، والإدلاء ببيان كاذب بشأن شراء السلاح، وتعاملات هانتر التجارية في الخارج أثناء تولي والده منصب نائب الرئيس في إدارتي الرئيس الأسبق باراك أوباما.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3- احتمالات شروع الجمهوريين في إجراءات عزل بايدن:</strong><strong> </strong>قد تدفع ملفات تويتر التي سيتم كشفها خلال الأيام القادمة، والتي قد تكشف عن تدخل ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية السابقة، وجلسات تحقيق مجلس النواب ابتداء من الثالث من يناير القادم بشأن انتهاكات هانتر بايدن، في إجراءات عزل الرئيس جو بايدن، ولا سيما مع إبداء عدد من المشرعين الجمهوريين بالمجلس رغبتهم في ذلك تحت ادعاء تورطه مع ابنه في انتهاك القوانين الأمريكية، وإن كانت هناك صعوبة في عزل بايدن مع سيطرة الديمقراطيين على الأغلبية في مجلس الشيوخ، فإنهم يهدفون إلى إلحاق الضرر ببايدن قبل الانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في نوفمبر 2024، وتقويض فرصه لتحقيق إنجازات داخلية وخارجية، والانتقام من شروع الديمقراطيين في عامي 2019 و2021 في إجراءات عزل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- انتقاد تحيز بعض وسائل الإعلام </strong><strong>إلى ا</strong><strong>لديمقراطيين: </strong>استغل المحافظون عدم تغطية أكبر خمس شبكات إعلامية في الولايات المتحدة (سي إن إن، وإن بي سي، وسي بي إس، وإيه بي سي، وإم إس إن بي سي)، ما تكشفه "ملفات تويتر"، التي تتحدث عن تحيز شبكة التواصل الاجتماعي ضد المؤثرين المحافظين، لتأكيد أن كبرى شركات الإعلام متحيزة إلى الديمقراطيين، وأنها ليست مصدراً لحرية المعلومات، بل لحزبها السياسي المفضل، فضلاً عن كونها تعمل كوكيل للديمقراطيين بعدم تناول القضايا التي تؤثر على شعبيتهم بين الناخبين الأمريكيين قبل الانتخابات الرئاسية السابقة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5</strong><strong>– إمكانية تحوُّل "تويتر" إلى منصة لدعم الجمهوريين:</strong><strong> </strong>على الرغم من أن إيلون ماسك قال إنه يتفق مع بعض سياسات الحزب الديمقراطي، وبعض السياسات الجمهورية، فإنه في الآونة الأخيرة أصبح يتودد بشكل متزايد إلى الحزب الجمهوري؛ ففي الفترة التي سبقت انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأخيرة، شجع الملايين من أتباعه على التصويت للجمهوريين، وقال مؤخراً إنه سيدعم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، في حال ترشحه للانتخابات الرئاسية لعام 2024، وهو ما يعني تحول تويتر إلى منصة لاستهداف الديمقراطيين خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية القادمة، ومن ثم التأثير على شعبيتهم بين مستخدمي المنصة. ويمثل قراره خروجاً عن موقف قادة عمالقة شركات التواصل الاجتماعي الذين عادة ما يبتعدون عن الترويج لحزب بعينه.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>خلاصة القول: ستؤدي "ملفات تويتر" التي تم الكشف عنها، وتلك التي سيتم نشرها خلال الأيام القادم – حيث تعهد إيلون ماسك بإصدار المزيد من الملفات المتعلقة بكيفية تعامل تويتر مع أعمال الشغب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وفي 6 يناير 2021، ووباء كوفيد-19 – إلى صدام بين إدارة جو بايدن والمشرعين الديمقراطيين من جهة وبين المالك والرئيس التنفيذي الجديد لتويتر من جهة أخرى؛ لتأثيراتها على فرص الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية القادمة، وفي المقابل تدعيم فرص فوز دونالد ترامب بفترة رئاسية ثانية في تلك الانتخابات. وقد ظهرت بوادر هذا الصدام بدعوة ثلاثة مشرعين ديمقراطيين بمجلس النواب في 6 ديسمبر الجاري، إيلون ماسك إلى تقديم معلومات حول حملة التلاعب المحتملة بالمنصة التي قيدت الوصول إلى الأخبار حول الاحتجاجات في جمهورية الصين الشعبية في الأسابيع الأخيرة، وحول التدابير التي يتعين على تويتر اتخاذها لمنع الجهود المبذولة لقمع الوصول إلى المعلومات. بيد أن هناك تحليلات تقلل تأثيرات ما كشفته "ملفات تويتر" حتى الآن"؛ حيث أشارت إلى أنها تُظهر أن الشركة قررت بشكل مستقل الحد من انتشار تقرير صحيفة "نيويورك بوست" عن هانتر بايدن، دون أن يمارس السياسيون الديمقراطيون أو حملة بايدن للانتخابات الرئاسية السابقة أو مكتب التحقيقات الفيدرالي التأثير على شبكة التواصل الاجتماعي، فضلاً عن عدم وجود دليل واضح على أن أي مسؤول في تويتر اتخذ قرارات بشأن حسابات أو تغريدات محددة بسبب انتمائه السياسي.</p>

      

كيف تؤثر "ملفات تويتر" على مستقبل الحزب الديمقراطي؟