أعلنت المفوضية الأوروبية، يوم 26 يوليو 2024، عن قيام الاتحاد بتحويل الدفعة الأولى من الأرباح الناتجة عن استثمار الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، والتي تقدر بنحو 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار)، وذلك بهدف شراء الأسلحة لأوكرانيا، وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للأوكرانيين. كما تأتي هذه الخطوة بعد إعلان روسيا عن التقدم العسكري في شرق أوكرانيا، وهو ما أدى إلى تصاعد مخاوف كييف من مواصلة موسكو تقدمها في ظل تباطؤ الدعم المالي الغربي. وبناء على ذلك، أثارت هذه الخطوة الأوروبية العديد من التساؤلات حول الأسباب الدافعة لإقدام التكتل على تنفيذها في الوقت الراهن، ولا سيما الترقب لرد الفعل الروسي عليها.

وتجدر الإشارة إلى أن الأصول الروسية قد حققت أرباحاً بقيمة 1.55 مليار يورو، خلال الفترة (15 فبراير 2024 – 30 يونيو 2024)، بحسب أرقام بنك يوروكلير للأوراق المالية (المستحوذ الأكبر على الأصول الروسية المجمدة)، وقد احتفظت المؤسسة المالية بنحو 10% كحاجز ضد المخاطر القانونية والمالية المحتملة. كما يتوقع الاتحاد الأوروبي أن تُدر هذه الأصول أرباحاً تتراوح بين 15 و20 مليار يورو (16.30 و21.70 مليار دولار) بحلول عام 2027، خاصة وأن هذه الأصول تكتسب فائدة استثنائية، مما يساعدها على تحقيق أرباح كبيرة تخدم الخزينة الأوروبية في تمويل حليفتها الأوكرانية.

أبعاد متشابكة

ثمة أبعاد متعددة تتقاطع مع قرار بروكسل بتحويل أرباح الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، وذلك ضمن مساعداتها الخارجية للحليف الغربي. ويمكن إيجاز أبرز هذه الأبعاد على النحو التالي:

1- تطبيق قرارات بروكسل بشأن عوائد الأصول الروسية: لم تكن الخطوة الأخيرة مفاجئة بالنسبة للأوساط الأوروبية والروسية، فقد سبق وأعلن المجلس الأوروبي في مايو 2024، عن موافقة الاتحاد على استخدام عائدات الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي التي يحتفظ بها بنك يوروكلير للأوراق المالية في بروكسل، والتي تُقدر بنحو 192 مليار يورو، وذلك بهدف تعزيز الدفاعات الأوكرانية وإعادة إعمار البلاد التي أنهكتها الحرب. وقدرت المفوضية الأوروبية آنذاك، أنه وفقاً لأسعار الفائدة، يمكنها أن تضمن لجيش كييف نحو 3 مليارات يورو (3.2 مليارات دولار) سنوياً من خلال أرباح هذه الأصول هذا العام.

كما قررت بروكسل وضع نحو 90% من العائدات في صندوق مرفق السلام الأوروبي، الذي تستخدمه معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للحصول على تعويضات عن المعدات العسكرية التي يتم تسليمها إلى أوكرانيا، مثل الدفاع الجوي والذخيرة للمدفعية، وكذلك من خلال تمويل المشتريات لصناعة الدفاع الأوكرانية، بينما ستذهب النسبة المتبقية البالغة 10% إلى صندوق أوكرانيا لدعم المساعدات الإنسانية للبلاد وإعادة إعمارها. هذه الخطة تتوافق مع تصريحات الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي قال: "نحن لا نقدم الدعم العسكري لأوكرانيا فحسب، بل نقدم أيضاً منتجات مصنوعة في أوكرانيا، مما يساهم في قدرة أوكرانيا على الصمود في مكافحة حرب العدوان الروسية".

2- التزامن مع خطوات تصعيدية أمريكية: أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية، قبل عدة أيام من قيام الاتحاد الأوروبي بتحويل الأرباح لأوكرانيا، أمراً إلى القطاع المصرفي الأمريكي بالبدء في الكشف عن حيازاته من الأصول الروسية، بهدف الاستيلاء على تلك الأصول التي تقدر بمليارات الدولارات، وبيعها لمساعدة الاقتصاد الأوكراني المدمر من الحرب.

هذا الإفصاح يتم تنفيذه بموجب قانون جديد أقره الكونجرس في أبريل 2024، يُعرف باسم قانون الريبو (إعادة الشراء)، والذي يمنح الحكومة الأمريكية سلطة الاستيلاء على الأصول الحكومية الروسية، التي تحتفظ بها البنوك الأمريكية، بهدف بيعها ومنحها لأوكرانيا. وفي حين أن الغالبية العظمى من الأصول الروسية موجودة في أوروبا، فمن المقدر أن النظام المصرفي الأمريكي يحتفظ بما يصل إلى 6 مليارات دولار من الأصول الروسية في شكل أوراق مالية ائتمانية.

3- الضغط الأوكراني لتكثيف الدعم الغربي: جاءت هذه الخطوة الأوروبية بعد أيام من إعلان موسكو عن استعادتها السيطرة على قريتين في شرق أوكرانيا، وذلك نتيجة للحملة العسكرية التي شنتها قوات الكرملين مؤخراً في شرق وشمال شرق أوكرانيا، مما دفع كييف لمواصلة حث حلفائها الغربيين على زيادة وتسريع المساعدات العسكرية لقواتها، التي تكافح من أجل صد الهجوم في الشرق من قبل القوات الروسية الأكثر عدداً والأفضل تسليحاً.

وقد لاقت الخطوات الأوروبية الرامية لدعم الخزينة الأوكرانية ترحيباً واسعاً من المسؤولين الأوكرانيين، الذين تفاءلوا بضمان استمرار الدعم المالي الغربي لحربهم ضد روسيا. إذ أعرب رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال عن امتنانه لدعم الاتحاد الأوروبي، كما شكر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على مساهمتهما الكبيرة في الدفاع وإعادة الإعمار في أوكرانيا. كما أعربت وزارة الدفاع الأوكرانية عن تقديرها للمساعدة التي قدمها الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن الأموال من شأنها أن تعزز القدرات الدفاعية لأوكرانيا. ومن جانبه أيضاً، شكر وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا الاتحاد الأوروبي على القرار الأخير، لكنه أكد على الهدف النهائي لأوكرانيا؛ وهو الاستيلاء على الأصول المالية الروسية، وليس مجرد الاستفادة من الفائدة، مصرحاً: "مع كل امتناننا لهذا القرار اليوم، فإن المبالغ لا تتناسب مع حجم الأصول المجمدة".

4- تناقض رؤى مجموعة السبع بشأن الأصول الروسية: سبق وأن ناقش قادة الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع كيفية استخدام هذه الأصول لمساعدة أوكرانيا، فبينما طرحت الولايات المتحدة فكرة مصادرة هذه الأصول بشكل مباشر، فإن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي كانوا أكثر تردداً؛ حيث اعتبروا هذا الأمر محفوفاً بالمخاطر القانونية والمالية، التي قد تترتب على عملية المصادرة. وبدلاً من ذلك، تسعى بروكسل إلى تكثيف الجهود الغربية نحو استخدام الأرباح غير المتوقعة التي تولدها الأصول المجمدة، وتوجيهها إلى كييف.

وقد انتهى الأمر بموافقة مجموعة الدول السبع الكبرى والاتحاد الأوروبي في يونيو 2024، على استخدام الفوائد المكتسبة من الأصول الروسية المجمدة لدعم قرض بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا، لمساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد هجمات القوات الروسية، على أن يساهم كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بنحو 20 مليار دولار لكل منهما، بينما تتحمل بريطانيا وكندا واليابان الـ10 مليارات دولار المتبقية.

5- تصاعد الشكوك حول استمرار الدعم الأمريكي لكييف: يأتي الدعم الأوروبي الأخير قبيل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل، حيث يشكك العديد من المسؤولين الأوروبيين في استمرار الرئيس السابق دونالد ترامب، حال فوزه، في تقديم المساعدات لأوكرانيا، مما دفعهم إلى الرغبة في التأكد من أن المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لن تصبح رهينة للسياسة الداخلية مرة أخرى؛ فبدون المساعدات الأمريكية لن تمتلك أوروبا القدرة على إنتاج المنظومات الدفاعية، أو التكنولوجيات المتطورة لدعم أوكرانيا بمفردها، وبالتالي سوف تشكل الآليات الأخرى، مثل قرض مجموعة الدول السبع البالغ 50 مليار دولار، والذي سيتم تمويله من خلال الأرباح من الأصول السيادية الروسية المجمدة، جزءاً من هذه المعادلة الرامية لضمان استمرار تدفق الدعم الغربي لكييف.

وبناء على ذلك، أصدرت فون دير لاين بياناً لها، أوضحت فيه جهود بروكسل في ضمان تقديم المساعدات العسكرية لكييف، بغض النظر عن أية مساعدات خارجية أخرى، قائلة: "يقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب أوكرانيا. واليوم نقوم بتحويل 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية المجمدة إلى الدفاع عن أوكرانيا وإعادة إعمارها". ومن جانبه، أشار جوزيب بوريل إلى أن الدفعة الأولى من الأرباح الروسية سوف توفر دعماً ملموساً على أرض المعركة، حيث يعتزم الاتحاد تمويل شراء المعدات العسكرية ذات الأولوية، وخاصة الدفاع الجوي والذخيرة للمدفعية، مصرحاً: "نحن لا نقدم الدعم العسكري لأوكرانيا فحسب، بل ونقدم أيضاً منتجات مصنوعة في أوكرانيا، مما يساهم في قدرة أوكرانيا على الصمود في مكافحة حرب العدوان الروسية".

6- رفض سويسري للتصعيد الأوروبي: استمراراً لسياسة الحياد السويسري، أكدت وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية أن سويسرا لن تتبع نهج الاتحاد الأوروبي، وذلك تماشياً مع القانون السويسري والالتزامات الدولية، قائلة في بيان لها إنها لا تستطيع توليد "أي دخل استثنائي فيما يتصل بأموال البنك المركزي الروسي". ومن الجدير ذكره هنا، أن القيمة الإجمالية للأصول المجمدة لدى البنك المركزي للاتحاد الروسي في سويسرا، قد بلغت ما يزيد قليلاً على 7 مليارات فرنك سويسري في أبريل 2024، وذلك بخلاف الأموال والأصول المجمدة المملوكة لأفراد أو شركات مرتبطة بروسيا.

تصعيد مستمر

على الرغم من أن فكرة مصادرة الأصول الروسية قد قوبلت ببعض الانتقادات الدولية، وذلك في ضوء المخاوف بشأن التأثيرات المحتملة طويلة المدى على مسار الحرب في أوكرانيا؛ إلا أن الاتحاد الأوروبي قد قرر المضيّ قدماً نحو استغلالها لدعم أوكرانيا، ولذلك ليس من المستبعد أن نشهد المزيد من التصعيد العسكري والاقتصادي من جانب موسكو. وبالتالي يمكن رصد أبرز التداعيات المحتملة لهذه الخطوة الأوروبية كما يلي:

1- تصعيد وتدابير روسية عدائية: سبق وأن هددت موسكو بعزمها على التصدي لأي محاولة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان لجمع الأموال لأوكرانيا، محذرة من العواقب القانونية وغير القانونية لهذه الخطوة، ومن ثم تنظر روسيا للخطوة الأوروبية الأخيرة على أنها استفزاز مباشر، وربما قد ترد بعدوان عسكري متزايد، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد الصراع؛ حيث وصف الكرملين خطة الاتحاد الأوروبي لاستخدام الفوائد المكتسبة من الأصول الروسية المجمدة لتمويل المساعدات العسكرية لأوكرانيا بأنها "سرقة"، كما أوضح أنه سيتخذ إجراءات قانونية ضد أي شخص متورط في هذا القرار، مشيراً إلى دراسة موسكو للعديد من الخيارات للقيام برد فعل مدروس تجاه الأنظمة الغربية.

ومن اللافت للنظر في هذا الصدد، أن العديد من الشركات الغربية سبق وتعهدت بمغادرة روسيا عقب اندلاع الحرب عام 2022، لكنّ بعضها قرر في النهاية الإبقاء على نشاطه الاقتصادي في البلاد، بالرغم من تزايد العقبات البيروقراطية وخطر الخسائر المحتملة، بينما قامت روسيا بالاستيلاء على أصول بعض الشركات الأخرى التي أعلنت عن خططها للمغادرة. وبناء على ذلك، هددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأن روسيا لديها كميات كبيرة من الأموال والممتلكات الغربية التي تخضع للسلطة القضائية الروسية، وبالتالي قد تكون عرضة لسياسات وإجراءات انتقامية روسية، مصرحةً: "بالطبع، لن يكشف لك أحد عن طبيعة هذه الإجراءات الانتقامية. لكن ترسانة التدابير المضادة السياسية والاقتصادية واسعة". وفي ظل هذا الوضع، تجد الشركات الغربية نفسها لا تملك سوى خيارات قليلة للخروج من روسيا، حيث إن استمرار بقائها هناك قد يجعلها تواجه احتمالات أكبر لفقدان السيطرة على أصولها هناك.

2- تمديد العقوبات الأوروبية على الأصول الروسية: في الوقت الحاضر، يتم تجديد العقوبات الأوروبية بشكل متكرر كل ستة أشهر، مما يثير القلق بين حلفاء الاتحاد الأوروبي من أن القرض الذي اتفقت عليه مجموعة السبع، والبالغ قيمته 50 مليار دولار، قد يتعثر سداده بالكامل حال توقفت أوروبا في أي لحظة عن تجديد تجميد الأصول الروسية، لذلك يدرس التكتل تمديد عقوباته على الأصول الروسية إلى أجل غير مسمى، في خطوة من شأنها تهدئة المخاوف الأمريكية بشأن خطط استخدام حصة أوروبا من عائدات أموال البنك المركزي الروسي فيما يتصل بسداد هذا القرض.

لقد كان الافتقار إلى مثل هذه القدرة على التنبؤ حجر عثرة في سبيل التوصل إلى موافقة على القرض من جانب الولايات المتحدة، التي تريد ضمانات أقوى من أوروبا بأنها ستُبقي على تجميد هذه الأصول عالقة في بنك يوروكلير حتى يتم الانتهاء من سداد القرض، أو توافق روسيا على دفع التعويضات التي من شأنها أن تغطي تكلفة الاقتراض. وفي حالة فشل دول الاتحاد الأوروبي في دعم تمديد العقوبات، فإن المفوضية الأوروبية قد تصدر في البداية حصة أكبر من القرض تصل إلى 40 مليار دولار، أي حصة التكتل والولايات المتحدة مجتمعين.

3- تطور القدرات العسكرية الأوكرانية: قرر الاتحاد الأوروبي تخصيص الجزء الأكبر من هذه الأرباح في تمويل شراء أنظمة الأسلحة المتطورة، مثل أنظمة الدفاع الجوي والمدفعية بعيدة المدى والطائرات بدون طيار، فضلاً عن تخصيص جزء من هذه الأموال لصيانة المعدات الموجودة، بهدف ضمان استمرار الاستعداد التشغيلي للقوات المسلحة الأوكرانية، بجانب تدريب الجنود الأوكرانيين على التكتيكات المتقدمة، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمواجهة القوات الروسية بشكل أكثر فاعلية، وهو ما من شأنه أن يعزز بشكل كبير قدرة أوكرانيا على الدفاع عن أراضيها، بل وشن هجمات مضادة محتملة، ولعل هذا ما ظهرت مؤشراته مؤخراً مع الهجوم الذي نفذته كييف في منطقة كورسك الروسية.

4- استمرار الضغط الغربي على موسكو لتعويض كييف: من المتوقع استمرار هذا النهج الأوروبي حتى يتم تحقيق الاتفاق الذي توصلت إليه مجموعة الدول السبع الكبرى والاتحاد الأوروبي، وهو أن تظل الأصول الروسية مجمدة، إلى أن توافق روسيا على دفع تعويضات لأوكرانيا عن الأضرار التي ألحقتها بها. وقد قدر البنك الدولي في فبراير 2024، أن أوكرانيا ستحتاج إلى 486 مليار دولار للتعافي وإعادة الإعمار، وهو رقم مرشح للارتفاع في ضوء استمرار الحرب.

هذا وترى الدول الأوروبية أن التعويضات الروسية أو الأصول الروسية يجب تخصيص جزء كبير منها لإعادة بناء البنية التحتية الحيوية، مثل النقل والطاقة والإسكان، التي تضررت بشدة بسبب المعارك العسكرية، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في الاقتصاد الأوكراني المنهك من طول أمد الحرب، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي الأوكراني، بجانب استخدام جزء منها لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب الأوكراني.

5- مخاطر أوروبية اقتصادية محتملة: هناك عدة قضايا يضعها التكتل الأوروبي في معايير حساباته حول التعامل مع الأصول الروسية وأرباحها، منها أن دول الاتحاد سوف تكون في قلب جهود المصادرة، وبالتالي سوف تخسر أكثر مما ستخسره الولايات المتحدة، وبالتالي قد تضغط هذه الدول على واشنطن من أجل تقاسم الأعباء بشكل عادل، أي تحميلها حصة غير متناسبة من ضمان سداد القرض، خاصة وأن استغلال هذه الأرباح قد يضع الاتحاد الأوروبي هدفاً أكثر ترجيحاً للانتقام الروسي، بفضل سيطرتها على الجزء الأكبر منها، وهو ما حذرت منه روسيا مراراً وتكراراً. كما يتعين على ميزانية الاتحاد الأوروبي أن توفر ضمانة ضد خطر عدم كفاية تدفقات الإيرادات المستقبلية من أرباح الأصول الروسية المجمدة، والتي تقدر بنحو 3 مليارات يورو سنوياً، لسداد القرض.

6- الترقب لاستجابة النظام الاقتصادي العالمي: يزعم المعارضون أن مصادرة مثل هذه الأصول من شأنها أن تنتهك حصانة الدولة الروسية، وهو ما يتعارض مع قواعد القانون الدولي، الأمر الذي قد يدفع موسكو نحو إيجاد طرق أكثر عدوانية للتهرب من تداعيات العقوبات الغربية، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام المالي العالمي، نظراً لعدم قدرته على مراقبة سلوك روسيا مع الفاعلين الدوليين المساندين لها.

بالإضافة إلى ذلك، قد يثير استخدام الأصول الروسية مخاوف العديد من المستثمرين بشأن أمن الاستثمارات في الأسواق الغربية، مما سيؤثر على ثقة المستثمرين في النظام المالي العالمي. فعلى سبيل المثال، رصدت وكالة بلومبرج بعض التقارير التي تفيد بأن السعودية قد حذرت بشكل خاص من أنها قد تبيع حيازاتها من الديون الأوروبية، إذا صادرت مجموعة الدول السبع الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا.

في المقابل، يؤكد أنصار المصادرة أن المستثمرين من دول ثالثة لم يتفاعلوا عملياً مع خطوات تجميد الأموال الروسية، وهو ما يثبت أنه لا توجد حتى الآن أدوات استثمارية بديلة وآمنة بنفس القدر في الأسواق المالية العالمية البديلة للأسواق الغربية.

خلاصة القول، يُعد تحويل أرباح الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا خطوة أوروبية تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والاقتصادية لأوكرانيا في مواجهة التصعيد الروسي، لكنه قد يحمل في طياته تداعيات اقتصادية وسياسية معقدة؛ حيث من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تصعيداً في التوترات بين موسكو والعواصم الأوروبية، مع احتمال اتخاذ روسيا إجراءات انتقامية تؤثر على الاستثمارات الغربية في البلاد. كما ستظل التحديات القانونية والمالية المرتبطة بمصادرة الأصول محور نقاش بين الحلفاء الغربيين، مع استمرار الضغط على موسكو لتعويض أوكرانيا.

تداعيات تحويل أرباح الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا