سنية عبدالقادر نايل


        
<p><a><strong>تشير التوقعات الاقتصادية الصادرة عن مؤسسات متعددة، إلى أن الهند ستكون المحرك الرئيسي للطلب المتزايد على الطاقة خلال العقدين المقبلين، وأنها ستمثل 25% من النمو العالمي للطلب على النفط. وأكدت تلك التوقعات أنه من المقرر أن تتفوق الهند على الاتحاد الأوروبي بصفتها ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم بحلول عام 2030، وفي ضوء ذلك، قامت الحكومة الهندية بجملة من التحركات تستهدف تعزيز مكانتها في مجال الطاقة على الصعيد العالمي. &nbsp;</strong></a></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ويمكن تناول الجهود التي تبذلها الهند لتعزيز مكانتها في مجال الطاقة على الصعيد العالمي؛ وذلك على النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تجاوز الارتدادات السلبية لجائحة كورونا على مجال الطاقة:</strong> انخفض الطلب على النفط في الهند بقدر غير مسبوق في عام 2020، لأول مرة منذ أكثر من عقد، نتيجة انتشار جائحة كورونا وتداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي وتوقف حركة سلاسل الإمداد العالمية وغلق الأنشطة الاقتصادية وتوقف حركة السفر. وفي ضوء انتشار لقاحات كورونا وعودة حركة السفر، فمن المتوقع أن يتجاوز الطلب على النفط في الهند في عام 2021 مستويات ما قبل الجائحة.</p>



<p>ووفقاً لما صرحت به وكالة الطاقة الدولية، فإن الهند ستكون المحرك الرئيسي للطلب المتزايد على الطاقة خلال العقدين المقبلين؛ حيث يُتوقع أن تمثل 25% من النمو العالمي للطلب على النفط. ومن المقرر أن تتفوق الهند على الاتحاد الأوروبي بصفتها ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم بحلول عام 2030.</p>



<p>ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المنتجات النفطية في الهند ليتخطى 200 ألف برميل يومياً في المتوسط خلال السنوات القادمة، مع زيادة القدرات الإنتاجية لمصافي تكرير النفط في الهند لتصل إلى 300 ثم إلى 445 مليون طن متري بحلول عامي 2025 و2030 على التوالي، مقابل 200 مليون طن متري في الوقت الحالي. ويرجع ذلك إلى استمرار نمو عدد سكان الهند، وتوسع الاقتصاد لرفع مستويات دخل الأفراد في البلاد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– تشجيع حكومي للشركات على التنقيب عن الغاز والنفط:</strong> أعلنت الحكومة الهندية مؤخراً عن عقد صفقات بشأن التنقيب عن الغاز والنفط؛ وذلك لتشجيع استثمارات القطاع الخاص والشركات الأجنبية في استكشاف النفط والغاز الطبيعي وإنتاجهما. وفي هذا السياق، أعلنت الهند مؤخراً عن مجموعة من الإجراءات لإعادة هيكلة قطاع النفط في البلاد، في محاولة لتخفيف قواعد الاستثمار الأجنبي المباشر، وإصلاح سياسة الاحتياطيات النفطية. كما وافق مجلس الوزراء الهندي مؤخراً على خطط للسماح باستثمار أجنبي مباشر بنسبة 100% في شركات النفط التي تديرها الدولة.</p>



<p>جدير بالذكر أن الهند تستورد نحو 85% من احتياجاتها النفطية، لكنها تطمح إلى أن تؤدي الاكتشافات الجديدة داخل البلاد إلى الحد من الاستيراد؛ وذلك من خلال السعي إلى تحفيز الاستثمارات الأجنبية لتعزيز إنتاج النفط والغاز المحلي، وعقد المزيد من الشراكات مع المستثمرين لتحديد الخطوات الواجب اتخاذها في النظام البيئي، والإجراءات اللازمة للتغلب على العقبات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– جذب استثمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة:</strong> تستهدف الحكومة الهندية جذب استثمارات بقيمة 300 إلى 400 مليون دولار أمريكي في اكتشاف احتياطيات الهيدروكربون في البلاد. وأعلنت مؤسسة النفط الهندية بالفعل عن خطط لتوسيع عملياتها الإنتاجية لتشمل البتروكيمياويات والهيدروجين من خلال إقامة شراكات إقليمية مع الشركات ذات الخبرة بمشروعات الطاقة النظيفة.</p>



<p>ويُشار في هذا السياق إلى أن مؤسسة النفط الهندية كشفت، في يوليو 2021، عن خطط لإنشاء أول مصنع للهيدروجين الأخضر في الهند في مصفاة ماثورا التي تبلغ قدراتها الإنتاجية 160 ألف برميل يومياً في شمال البلاد. وحسب ما أعلنت مؤسسة النفط الهندية، سيستخدم المصنع طاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين؛ وذلك وفقاً لتوجهات الحكومة الهندية الحالية بشأن خفض حجم الانبعاثات الكربونية إلى القدر الذي يتماشى مع التوجه العالمي نحو التحول إلى الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– دخول الشركات الهندية في شراكة مع نظيرتها الماليزية:</strong> في ضوء كون الهند وماليزيا من أهم الشراكات الإقليمية التي أُقيمت لضمان مستقبل إمدادات الطاقة في جنوب شرق آسيا؛ تخطط شركة "بتروناس" الماليزية المملوكة للدولة للدخول في شراكة مع شركة مؤسسة النفط الهندية "IOC"المملوكة للدولة لبناء محطات للغاز الطبيعي المسال، وتوسيع حجم تجارة الوقود بالتجزئة وشبكات خطوط أنابيب توزيع الغاز بين الدولتين، وهو ما سيعزز الدور الحالي لشركة "بتروناس" باعتبارها مصدراً رئيسياً للغاز الطبيعي المسال إلى الهند.</p>



<p>وتأمل الشركة الماليزية أيضاً المساعدةَ على تطوير صناعة تكرير النفط في الهند من خلال مشروع Indian Oil Petronas Private Ltd (IPP) المشترك بين دولتي ماليزيا والهند بنسبة 50%/50%. ومن المتوقع أن يُسهم المشروع في رفع مبيعات التجزئة لوقود النقل من الديزل والبنزين، فضلاً عن إدارة إمدادات الغاز الطبيعي في الهند.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– الحصول على جزء من احتياجات الطاقة من روسيا:</strong> تعتمد الهند بدرجة واسعة على الشرق الأوسط في الجزء الأكبر من احتياجاتها من النفط والغاز. وتستكشف نيودلهي الآن إمكانية الحصول على جزء من احتياجاتها من روسيا لتنويع مصادر وارداتها؛ لذلك تسعي الهند إلى زيادة أوجه التعاون في قطاع الطاقة مع روسيا. وتعتبر روسيا من أهم الوجهات الاستثمارية المفضلة للهند في قطاعي النفط والغاز، ويتجاوز استثمار الهند التراكمي في مشروعات النفط والغاز في روسيا 15 مليار دولار.</p>



<p>ويُشار في هذا الصدد إلى أن الاستثمارات الجارية لشركات النفط والغاز الهندية في روسيا تركز على قطاع التنقيب والإنتاج وتوريد الغاز الطبيعي المسال والنفط الخام. ويدلل على ذلك –على سبيل المثال– توقيع مؤسسة النفط الهندية المملوكة للدولة في العام الماضي اتفاقاً مع روسنفت –وهي شركة نفط روسية تمتلك الحكومة الجزء الأكبر منها– لشراء مليوني طن من النفط الخام سنوياً.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً، ستؤدي مساعي الهند إلى تطوير صناعة النفط والغاز المحلية وتطلعها إلى جذب استثمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، والجمع بين الخبرات المحلية والأجنبية في هذا المجال، والبحث عن شركاء جدد لاستيراد الطاقة.. كل ذلك سيؤدي إلى زيادة الطلب على مصادر الطاقة التقليدية، كما سيؤدي هذا الأمر إلى تعزيز مكانة الهند الدولية في مجال الطاقة في العقدين المقبلين.</strong></p>

      

استراتيجية الهند لتعزيز المكانة في أسواق الطاقة العالمية