د. رغدة البهي


        
<p><strong>تكررت تحذيرات الرئيس الأمريكي جو بايدن من هجمات سيبرانية روسية محتملة على الولايات المتحدة، ردّاً على قيادتها المجتمع الدولي لفرض عقوبات قاسية على النظام الروسي، ومحاولة عزله دوليّاً عقب هجماته العسكرية على أوكرانيا منذ </strong><strong>فبراير الماضي، </strong><strong>معتبراً أن الحكومة الفيدرالية غير قادرة على صد تلك الهجمات بمفردها، بفعل امتلاك القطاع الخاص الغالبية العظمى من البنية التحتية الأمريكية، وهو ما يُحتم على مالكي ومُشغِّلي البنية التحتية الحيوية تسريع جهودهم لتأمينها ضد أي هجمات سيبرانية متوقعة. وقد طالب بايدن بتعزيز الأمن السيبراني الأمريكي، ورفع المرونة الوطنية. وتعكس تلك التحذيرات حجم المخاوف الأمريكية من تهديدات سيبرانية روسية قد تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة؛ ما دفع الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ جملة من السياسات للاستجابة لها.</strong><strong></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">عوامل محركة</span></strong></p>



<p><strong>تعالت الأصوات المحذرة من هجمات سيبرانية روسية محتملة ضد الولايات المتحدة لأسباب عدة، وهي التحذيرات التي يمكن الوقوف عليها على النحو الآتي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– مخاوف من رد الفعل الروسي على هجمات سيبرانية أمريكية: </strong>تتزايد المخاوف الأمريكية من رد الفعل الروسي عقب تأكيد وزارة الخارجية الروسية تورط الولايات المتحدة في هجمات سيبرانية واسعة النطاق، تعرضت على إثرها هيئات الدولة ووسائل الإعلام ومنشآت البنية التحتية الهامة لهجمات سيبرانية يومية، بمشاركة المحرضين والقراصنة الإلكترونيين المجهولين في إطار "حرب سيبرانية" تجلت في إطارها الدعوة الدولية للقراصنة والهواة والمحترفين المناهضين لروسيا إلى تشكيل ما يُشبه القوات السيبرانية الهجومية أو جيش من المرتزقة السيبرانيين المكلفين بمهام قتالية محددة تقترب من "الإرهاب المفتوح"؛ الأمر الذي دفع موسكو إلى التحذير من عواقب وخيمة لتلك الخطوة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– رفع الجاهزية الروسية لمكافحة التهديدات المتصاعدة: </strong>اقترح نائب وزير الصناعة والتجارة الروسي فاسيلي شباك، أن تُنشئ موسكو فرقة من القوات الإلكترونية لمكافحة التهديدات المتزايدة؛ حيث يُمكن للمطورين صقل مهاراتهم وإظهار وطنيتهم، كما تمتلك روسيا سجلّاً حافلاً من الهجمات السيبرانية على الولايات المتحدة وأوكرانيا وخصومها الآخرين، وهو ما يُفاقم المخاوف الأمريكية من اتساع نطاق الصراع السيبراني الروسي–الأوكراني ليشمل حلفاء أوكرانيا، بما في ذلك الولايات المتحدة التي سبق أن تدخلت موسكو في انتخاباتها الرئاسية لعام 2016، وشنت عليها هجمات "سولار ويندز SolarWinds"، وغير ذلك من هجمات الفدية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– تعرُّض الولايات المتحدة لهجمات سيبرانية يومية: </strong>سبق أن أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي، أن أنظمة الولايات المتحدة تتعرض لهجمات سيبرانية يومية. وفي هذا الإطار، أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي فحص القراصنة الروس شبكات خمس من شركات الطاقة الأمريكية على الأقل، و18 من الشركات الدفاعية والمالية والشركات التكنولوجية، في مقدمةٍ لاختراقات محتملة، كما أكدت شركة البرمجيات الأمريكية (HubSpot) تعرضها لهجوم سيبراني استهدف عملاء العملة المشفرة دون أن تحدد الشركة هوية المهاجم.<strong></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– تصاعُد المخاوف في الداخل الأمريكي من اختراق البنية التحتية: </strong>شاركت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، مخاوفها من الهجمات الروسية السيبرانية المحتملة؛ ففي رسالة إلى وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، أثار 22 عضواً في مجلس الشيوخ، بقيادة الديمقراطي جاكي روزن (من ولاية نيفادا)، والجمهوري مايك راوندز (من ولاية ساوث داكوتا)، أسئلة عن استعداد الولايات المتحدة للتهديدات السيبرانية الروسية، وحملات التضليل المحتملة، مطالبين بتوضيح جهود وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (CISA) للدفاع بشكل استباقي ضد التهديدات الروسية، بجانب تحديد القطاعات التي يمكن استهدافها، والاستراتيجية المتبعة حال اختراق البنية التحتية الأمريكية الحيوية، وسبل التنسيق مع الشركاء الدوليين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">استعداد أمريكي</span></strong></p>



<p><strong>وفي إطار الاستعداد الأمريكي للهجمات الروسية السيبرانية المتوقعة عقب سياسات إدارة الرئيس جو بايدن تجاه العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا؛ اتخذت المؤسسات الأمريكية المختلفة العديد من السياسات التي يتمثل أبرزها في النقاط الآتية:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تأكيد الجاهزية والاستجابة الفورية</strong>: أكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة على استعداد للاستجابة الفورية حال استهداف شركاتها أو بنيتها التحتية، كما أكدت مستشارة الأمن القومي للتكنولوجيا الناشئة آن نيوبرجر، استعداد واشنطن للرد على أي هجمات سيبرانية روسية محتملة ضدها أو على أي من حلفائها. كما أكد بايدن أن إدارته ستواصل استخدام كل أداة لردع الهجمات السيبرانية ضد البنية التحتية الحيوية، بل الرد عليها إذا لزم الأمر. كما قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين، إن الولايات المتحدة على أهبة الاستعداد للهجمات السيبرانية الروسية المحتملة في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2–</strong> <strong>العمل مع الشركات المعنية لحماية الأنظمة والشبكات</strong>: تشارك شركة مايكروسوفت معلوماتها عن مختلف التهديدات السيبرانية مع الحكومة الأمريكية، كما تراقب الشركة حركة الإنترنت الأوكرانية. وفي هذا الإطار، حذرت الشركة الولايات المتحدة من نشاط القراصنة الروس دون أن تؤكد أو تنفي احتمالات الهجوم الفعلي على الولايات المتحدة. وفي سياق متصل، أعلن بايدن أن وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية التابعة لوزارة الأمن الداخلي، تعمل بنشاط مع مختلف المنظمات والشركات المعنية بالبنية التحتية الحيوية لمشاركة المعلومات؛ للمساعدة في حماية أنظمتها وشبكاتها، كما وجَّه البيت الأبيض وعدد من الوزارات المعنية إحاطات إعلامية للقطاعات الرئيسية (مثل البنوك والطاقة) حول القدرات السيبرانية الروسية، وإمكانية الانتقام في الفضاء السيبراني.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3–</strong> <strong>تحذير الشركات الأمريكية من الهجمات الروسية المحتملة: </strong>طالبالبيت الأبيض الشركات الأمريكية ذات الصلة بالخدمات الحيوية، بتحسين دفاعاتها السيبرانية، كما أحاطت الإدارة الأمريكية سرّاً مئات من الشركات الأمريكية المحتمل استهدفها، ونشر البيت الأبيض بياناً مكتوباً يحذر فيه من أن روسيا ربما تشن هجمات سيبرانية محتملة؛ بسبب التكاليف الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الاقتصادية، استناداً إلى معلومات استخبارية عن تهديدات متصاعدة. وقد أنشأت وزارة الأمن الداخلي صفحة على الموقع الإلكتروني لوكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية لتحذر من هجمات روسية محتملة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– تقديم الإرشادات العامة بشأن تعزيز الدفاعات السيبرانية:</strong> استشهد بايدن بتوجيهات البيت الأبيض ذات الصلة بالهجمات السيبرانية التي توصي باستخدام مصادقة متعددة العوامل لمنع المهاجمين من الوصول بسهولة إلى الأنظمة المرغوبة. كما اقترح البيت الأبيض على مختلف الشركات نسخ البيانات احتياطياً، وتشفيرها وتحديث كلمات المرور، بجانب تحديث الأجهزة بأحدث وسائل الأمان، وإعداد خطط الطوارئ؛ للحد من تأثير أي هجوم، بحيث تصبح بيانات الاعتماد المسروقة سابقاً عديمة الفائدة. وفي هذا السياق، قال بايدن: "نحتاج إلى أن يقوم الجميع بدورهم لمواجهة أحد التهديدات المحددة في عصرنا. يقظتك وإلحاحك اليوم يمكن أن يمنع أو يخفف الهجمات غداً". كما حث الرئيس الأمريكي شركاء الحكومة الفيدرالية من القطاع الخاص على تعزيز دفاعاتهم السيبرانية على الفور، من خلال تنفيذ أفضل الممارسات الأمريكية المتطورة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5–</strong> <strong>الإعلان عن</strong> <strong>المكافآت المالية للقبض على العناصر المخترقة</strong>: أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل أي معلومات تساعد في القبض على الروسي يفجيني جلادكيخ المتهم بشن هجمات سيبرانية على المؤسسات والمنشآت الحيوية للبنية التحتية الأمريكية في عامي 2017 و2018 واختراق الأنظمة الإلكترونية لمصفاة نفطية لشركة أمريكية بين مايو وسبتمبر عام 2017، وهو ما يدلل في مجمله على الإجراءات الاستباقية الأمريكية، تخوفاً من مزيد من الهجمات السيبرانية الروسية المحتملة، كما دعت الحكومة الفيدرالية الشركات إلى التأكد من قيام فرق تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها بتحديث برامج الكمبيوتر للحيلولة دون أي نقاط ضعف محتملة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6–</strong> <strong>استنفار البنوك الأمريكية للتصدي للأنشطة العدائية السيبرانية</strong>: استعدَّت البنوك الأمريكية لهجمات انتقامية، من خلال زيادة مراقبة الشبكة، والنظر في سيناريوهات الهجمات السيبرانية المحتملة، والبحث في شبكاتها عن مختلف التهديدات، بجانب الاستعانة بمزيد من العاملين الإضافيين في حالة زيادة الأنشطة العدائية. وتشمل أبرز التهديدات التي يستعدون لها، هجمات برامج الفدية، والبرامج الضارة، وهجمات رفض الخدمة، وسرقة البيانات من بين هجمات أخرى.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">تقليص المخاطر</span></strong></p>



<p>ختاماً، تتزايد التهديدات السيبرانية بوتيرة أسرع من قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة لها، لا سيما مع عظم المسؤولية الملقاة على عاتق الشركات الخاصة التي يتفاوت اهتمامها بتدابير الأمن السيبراني بطبيعة الحال. وعلى الرغم من جهود الإدارة الأمريكية لتثقيف الشركات ورفع الوعي بالأمن السيبراني، تتزايد ضراوة وخطورة القدرات السيبرانية الروسية التي تنذر بشن هجمات سيبرانية قد تطال البنية التحتية الأمريكية، أو قد تسرق معلومات حساسة على نحو يحول دون قدرة واشنطن على صد تلك الهجمات ابتداءً؛ ليظل شغلها الشاغل هو التقليل من تداعياتها المحتملة عقب حدوثها.</p>

      

كيف تستعد الولايات المتحدة لهجمات سيبرانية روسية محتملة؟