الإيكونوميست


        
<p></p>



<p>نشر موقع "الإيكونوميست"، في 29 يناير 2022، تقريراً بعنوان "نوايا فلاديمير بوتين العسكرية في أوكرانيا.. والعواقب العالمية المحتملة"، يحلل أبعاد الجدل المثار حول احتمالات الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، في ظل حسابات الربح والخسارة؛ حيث يذهب التقرير إلى أن احتمالات الحرب تظل كبيرة للغاية، لكن مع عدم استبعاد استخدام الرئيس الروسي استراتيجية المناورة لتحقيق أهداف سياسية داخلية. كما يتناول التقرير التداعيات المحتملة للغزو الروسي المتوقع لأوكرانيا، سواء على وحدة الأراضي الأوكرانية أو على أسعار الطاقة في أوروبا، إضافة إلى تداعيات الأزمة على الصعيد الدولي بوجه عام.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">تحركات روسية كثيفة:</span></strong></p>



<div style="height:12px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– حشود عسكرية روسية لافتة على حدود أوكرانيا:</strong> على مقربة من حدود روسيا مع أوكرانيا، توجد نحو 56 وحدة عسكرية روسية من الوحدات المعروفة باسم "مجموعة الكتيبة التكتيكية" Battalion Tactical Group (BTG)، وهو ما يضاعف المخاوف القائمة من تدخل عسكري روسي وشيك في أوكرانيا؛ وذلك بالنظر إلى أن كل وحدة من هذه الوحدات العسكرية تتكون من نحو 800 جندي، وبالنظر كذلك إلى أن روسيا عندما شنت هجومها على أوكرانيا من قبل في عام 2014، وأثارت النزعة الانفصالية بين المتحدثين بالروسية في "دونباس" في الطرف الشرقي من البلاد، وضمت شبه جزيرة القرم؛ لم تكن حينها في حاجة إلا إلى ستة فقط من هذه الوحدات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– عدم استبعاد هدف المناورة من قبل "بوتين": </strong>وفقاً للتقرير، فإنه على الرغم من أن هذا الحشد العسكري الروسي على الحدود بالمقربة من أوكرانيا، يعتبر أكبر تركيز للقوة العسكرية شوهد في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، لكن مع ذلك لا يستبعد أن يكون الهدف هو المناورة والضغط لأجل فك الارتباط بين أوكرانيا والغرب؛ وذلك من منطلق تركيز الرئيس "بوتين" عادةً على التفاوض من منطلق التهديد والقوة قبل الاستجابة لمحاولات التفاهم والحوار، وهو ما يمكِّنه من تحقيق الأهداف التي يسعى إليها إلى حد بعيد، متفادياً في الوقت ذاته التبعات الاقتصادية السلبية الواسعة للحرب والعقوبات الغربية. وهي الرؤية التي يتفق معها الرئيس الأوكراني نفسه، الذي يرى أن التعبئة الروسية على الحدود هي شكل من أشكال الحرب النفسية، وأفضل طريقة للتصدي لها هو التزام الهدوء.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– توظيف "بوتين" الأزمة لتحقيق مكاسب داخلية:</strong> لفت التقرير إلى أن "بوتين" نجح من قبل في تعزيز رأسماله السياسي من الصراعات المسلحة؛ إذ ساعدته الحرب في الشيشان التي بدأت عام 1999 على تولي منصب الرئاسة، وشكلت الحرب في جورجيا عام 2008 تحدياً جديداً للقومية المناهضة لحلف الناتو، كما حظي الاستيلاء على القرم في عام 2014 بشعبية كبيرة في الداخل. ولكن مع ذلك كان الرئيس الروسي حريصاً على عدم توريط قوات ضخمة في الصراع، أو المخاطرة بخسائر مروعة. ويعتقد العديد من السياسيين المعارضين والمحللين ورجال الأعمال الروس، أنه ليس لدى "بوتين" مصلحة في تغيير هذا النهج الآن، وهم يعتقدون أن التعبئة على طول الحدود ليست مقدمة للحرب، بل لتوليد شعور بالصراع والأزمات في الداخل فقط، ومن ثم يجري الحشد لدعم النظام، وإثارة غضب الغرب، وتجاوز بعض التوترات الداخلية بسبب التضخم وتفشي الوباء والفساد، وهي الأهداف التي يبدو أنها قد تحققت إلى حد بعيد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– صعوبة استبعاد احتمالات الحرب بالكامل:</strong> وفقاً للتقرير، فإنه بالرغم من التداعيات السلبية الواسعة للحرب التي ستؤثر كذلك على الاقتصاد الروسي؛ لا يُعلم على وجه اليقين الحسابات الشخصية لـ"بوتين" إذا قرر خوض هذه الحرب، وخصوصاً مع حقيقة أنه إن كانت الحرب الكبيرة على أوكرانيا ستنطوي على مخاطر غير اعتيادية، فإن الحرب الصغيرة التي تحد من هذه المخاطر، قد تفشل في وقف انجراف أوكرانيا نحو الغرب. وإذا لم تجلب حرب صغيرة استسلام الحكومة في كييف، فقد ينجر "بوتين" في تلك الحالة إلى حرب أكبر. وهنا ربما يؤدي إلى غزو واسع النطاق مع توغل القوات الروسية في عمق أوكرانيا للاستيلاء على العاصمة كييف والإطاحة بالحكومة، أو ربما يسعى "بوتين" إلى ضم المزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا وإنشاء ممر يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– تكهنات بشن هجوم روسي في منتصف فبراير:</strong> حسَب التقرير، فإنه إذا اختار "بوتين" استخدام بعض أو كل القوات الموجودة تحت تصرفه، فإن ذلك غالباً لن يكون قبل منتصف فبراير، وحتى يتسنى جمع الأموال اللازمة لشن هجوم كبير بشكل كامل، كما أن القوات الروسية المحتشدة في بيلاروسيا –التي هي في وضع جيد للهجوم على كييف– من المتوقع أن تصل إلى كامل قوتها بحلول العاشر من فبراير 2022، وهو الموعد الذي يتجاوز كذلك فترة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، ومن ثم يمكن استغلال العلاقات الجيدة مع الصين إذا قررت موسكو خوض الحرب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">تداعيات الغزو المحتمل:</span></strong></p>



<div style="height:12px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تزايُد احتمالات تقسيم الأراضي الأوكرانية:</strong> إذا قرر "بوتين" خوض الحرب، فإن ما يُضاعف مخاطرها، تواضع قدرات الدفاع الجوي لأوكرانيا، وضعف قواتها المسلحة، وذلك قد يعني أن روسيا يمكن أن تتجه إلى كييف ربما بسهولة وصول القوات الأمريكية إلى بغداد خلال حرب العراق عام 2003. وربما تذهب روسيا لحصار كييف، والاستيلاء على أوديسا، وهي مدينة ساحلية تقع جنوب العاصمة، ومن ثم تُقسَّم البلاد، تاركة أطرافها الغربية فقط شاغرة، وذلك ما سيجعل من "بوتين" الزعيم الروسي الذي أعاد جزءاً كبيراً من روسيا التاريخية، وأسس منطقة عازلة جديدة ضد "حلف الناتو".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– ارتفاع أسعار الطاقة والسلع في أوروبا:</strong> وفقاً للتقرير، فإن الغزو الروسي الكامل سيمثل أكبر حرب في أوروبا منذ أربعينيات القرن الماضي، والأولى منذ ذلك الحين لإسقاط حكومة أوروبية منتخبة ديمقراطياً من قبل غازٍ أجنبي؛ وذلك مع احتمال أن تواجه أوروبا قيام روسيا بإيقاف تدفق الغاز إليها عبر الأنابيب، وذلك في الوقت المُتوقَّع فيه أن تُنفق أوروبا نحو تريليون دولار على الطاقة في عام 2022 حتى إذا لم تتوقف الإمدادات الروسية، وهو ما يمثل ضعف ما تم إنفاقه في عام 2019. هذا، وستؤثر الحرب أيضاً على أسعار السلع الأخرى؛ فمع ارتفاع أسعار النفط، فإن روسيا هي أكبر مُصدِّر للقمح في العالم، تليها أوكرانيا، كما تعد روسيا مصدراً كبيراً للمعادن في أسواق اليوم. ومن ثم، فإن أي صدمة صغيرة يمكن أن تدفع أسعار السلع إلى الارتفاع.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– "شرعنة" استخدام القوة في العلاقات الدولية: </strong>إن الغزو الناجح لأوكرانيا من شأنه أن يضع سابقة سياسية مزعزعة للاستقرار؛ فلطالما كان النظام العالمي مدعوماً بالقاعدة القائلة بأن الدول لا تُعيد رسم حدود الدول الأخرى بقوة السلاح. حتى عندما استولى العراق على الكويت في عام 1990، تم طرده من قِبَل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة. ولكن في حال نجاح الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن التبعات الأخطر حينها ستتمثل في تشجيع معتدين محتملين آخرين؛ فمن المؤكد تنامي احتمالات غزو الصين لتايوان، وسيستنتج النظامان في إيران وسوريا أنهما أكثر حريةً في استخدام العنف مع تنامي فرص الإفلات من العقاب. وإذا حققت القوة أهدافها دون عقاب رادع، فسيتم تفعيل هذه الأداة حول العديد من حدود العالم المتنازع عليها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً، فإنه إزاء المخاطر المتعددة المشار إليها، فإنه يجب على الغرب أن يرد على التهديدات الروسية من خلال ثلاث وسائل رئيسية؛ هي: الردع، ومواصلة الحوار، والعمل على تشكيل جبهة موحدة في مواجهتها، لتؤكد أنها على استعداد لدفع ثمن فرض عقوبات على روسيا، وأيضاً لدعم الأوكرانيين المستعدين لمقاومة الاحتلال. وفي أثناء ذلك، يجب على الدبلوماسيين مواصلة الحديث والبحث عن أرضية مشتركة مع روسيا لحل القضايا الخلافية المتعددة بين الطرفين.</strong><strong></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">المصدر:</span></strong></p>



<div style="height:12px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>What are Vladimir Putin’s military intentions in Ukraine?, <strong>The Economist</strong>, January 29, 2022, Accessible at: <a href="https://www.economist.com/briefing/2022/01/29/what-are-vladimir-putins-military-intentions-in-ukraine">https://www.economist.com/briefing/2022/01/29/what–are–vladimir–putins–military–intentions–in–ukraine</a></p>



<p>A war in Ukraine could have global consequences, <strong>The Economist</strong>, January 29, 2022, Accessible at: <a href="https://www.economist.com/leaders/2022/01/29/a-war-in-ukraine-could-have-global-consequences">https://www.economist.com/leaders/2022/01/29/a–war–in–ukraine–could–have–global–consequences</a></p>

      

الارتدادات المحتملة لسيناريو الغزو الروسي لأوكرانيا