إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>أصدر الحرس الثوري الإيراني، في 13 مارس الجاري، بياناً أكد فيه مسؤوليته عن الهجمات التي نُفذت بـ12 صاروخاً باليستيّاً على مدينة أربيل العراقية؛ حيث جاء في البيان أنه "بعد الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني المزيف، والإعلان السابق عن أن جرائم هذا الكيان لن تمر دون رد؛ استهدف الليلة الماضية المركز الاستراتيجي للتآمر وشر الصهاينة بصواريخ تابعة لفيلق الحرس الثوري الإسلامي"، على حد زعم البيان نصّاً، وهو ما يعكس تحوُّل جوهري ويتضمن رسائل متعددة من الجانب الإيراني للخصوم في المنطقة وكذلك خارجها.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">جهات مستهدفة</span></strong></p>



<p><strong>يمكن القول إن إيران سعت عبر تلك الهجمات إلى توجيه رسائل عديدة يمكن تناولها على النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- الرد على الهجمات الإسرائيلية في سوريا:</strong> رغم أن الهجمات التي تشنها إسرائيل داخل سوريا ليست جديدة، فإنها تعمَّدت في الآونة الأخيرة استهداف عناصر من الحرس الثوري، على غرار الهجوم الذي شنته على العاصمة دمشق، وأسفر عن مقتل اثنين من الحرس في 7 مارس الجاري. وهنا، فإن إيران سعت إلى الرد مباشرة على هذا الهجوم، بتأكيد أن استهدافها بهذا الشكل سوف تكون تكلفته عالية في المرحلة القادمة. وقد وجهت إيران بالفعل – بعد الهجوم الذي أسفر عن مقتل اثنين من "الباسدران"؛ هما مرتضى سعيد نجاد، وإحسان كربلاء بور – تهديداً بأنها سوف ترد على هذا الهجوم، وأنه "لن يمر مرور الكرام"، حسب تصريحات مسؤوليها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2- ممارسة ضغوط متزايدة على واشنطن: </strong>لا يمكن فصل هذه الهجمات عن تعثر مفاوضات فيينا النووية، على نحو يوحي بأن إيران سعت من تلك الهجمات التي وقعت بالقرب من القنصلية الأمريكية في أربيل، إلى تأكيد أن البديل المباشر لفشل تلك المفاوضات سيكون التصعيد الذي سوف يطول المصالح الأمريكية في دول الجوار، لا سيما العراق الذي تحول إلى ساحة لتصفية الحسابات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية خلال المرحلة الماضية، خاصةً بعد العملية العسكرية التي شنتها الأخيرة وأسفرت عن مقتل قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في 3 يناير 2020.<strong></strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وبمعنى آخر، فإن ذلك معناه أن إيران تسعى إلى ممارسة ضغوط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ من أجل تسهيل الوصول إلى صفقة في المفاوضات التي تم تعليقها في الوقت الحالي، على أساس أن البديل المحتمل سيكون تعرض المصالح الأمريكية للخطر، سواء عبر صواريخ إيران أو من خلال وكلائها داخل كل من سوريا والعراق وربما اليمن في مرحلة لاحقة، لا سيما إذا فشلت المفاوضات في فيينا في الوصول إلى صفقة تعزز احتمال استمرار العمل بالاتفاق النووي.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3- توجيه تحذيرات مباشرة إلى بعض دول الخليج:</strong> ربما تحاول إيران من خلال هذه الهجمات توجيه تحذيرات مباشرة إلى بعض دول المنطقة التي تتباين سياستها معها في بعض الملفات، على غرار الملف اليمني، وملف العلاقات مع إسرائيل؛ إذ ترى إيران أن التطورات التي يشهدها الملفان تهدف في الأساس إلى تقويض دورها في المنطقة، سواء بتقليص نفوذ ودور حركة المتمردين الحوثيين في اليمن، أو من خلال تعزيز حضور إسرائيل في منطقة الخليج.</p>



<p></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- استغلال الانشغال الدولي بالأزمة الأوكرانية: </strong>يرتبط توقيت شن تلك الهجمات بتصاعد حدة الأزمة الأوكرانية التي دفعت المجتمع الدولي بأكمله إلى الانشغال بتداعياتها، على نحو قد يقلص تبعات أي إجراءات قد تتخذها قوى دولية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن إيران تبدو في حاجة إلى اختبار حدود النوايا الروسية نفسها، بعد أن أبدت قلقاً ملحوظاً من الحسابات الروسية المتغيرة في مفاوضات فيينا النووية، عقب الشرط الجديد الذي طرحته موسكو بمطالبة واشنطن بالحصول على ضمانات مكتوبة لتحصين علاقاتها بإيران من العقوبات التي تفرضها الدول الغربية عليها بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ومن دون شك، فإن ما زاد حدة هذا القلق الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى موسكو، في 5 مارس الجاري. ورغم أن محاولة التوسط لتسوية الأزمة الأوكرانية كان هو الهدف المعلن لهذه الزيارة، فإن إيران ترى أن حرص تل أبيب على تحييد التنسيق الأمني مع موسكو في سوريا بعيداً عن التباينات العالقة حول الأزمة الأوكرانية، كان هو الهدف الأساسي الذي سعت تل أبيب إلى تأكيده عبر الهجمات التي شنتها بعد ذلك بيومين على العاصمة دمشق، وأسفرت عن مقتل عنصرين من الحرس الثوري.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5- تكريس الحضور الإيراني في الأزمة</strong> <strong>العراقية:</strong> كان لافتاً أن الهجمات الأخيرة توازت مع استمرار الخلافات بين القوى السياسية العراقية حول تشكيل الحكومة الجديدة وتحديد هوية الكتلة الكبرى في البرلمان؛ فرغم أن تلك الخلافات شهدت حلحلة نسبية بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بزعيم ائتلاف "دولة القانون" رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، في 11 مارس الجاري، فضلاً عن إشارة تقارير عديدة إلى احتمال عقد اجتماع يضم الطرفين قريباً؛ فإن ذلك لا يؤشر، في الغالب، على أن الأزمة في طريقها إلى الحل، خاصة عقب تمسك كل طرف بطرح مرشحين لتولي منصب رئيس الحكومة.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>حيث طرح الصدر اسم ابن عمه جعفر الصدر السفير العراقي لدى لندن، في حين طرح الإطار التنسيقي أسماء أربعة مرشحين؛ هم: حيدر العبادي، وعبد الحسين عبطان، ومحمد توفيق علاوي، وقاسم الأعرجي. وهنا، فإن إيران تسعى بتلك الهجمات إلى توجيه إشارات، لا سيما إلى التيار الصدري، أنها رقم مهم لا يمكن استبعاده في عملية إعادة صياغة الترتيبات السياسية التي تجري على الساحة العراقية، وأن أي محاولة لتقويض نفوذ إيران الذي تمكنت من مراكمته خلال العقدين الماضيين، سوف تكون تكلفتها عالية. وربما تكون الرسالة الأهم فحواها أنه لن يكون هناك رئيس جديد للحكومة في العراق من دون موافقة طهران.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">إجراءات مطلوبة</span></strong></p>



<p><strong>إن ما سبق يشير، في مجمله، إلى أن حدود التصعيد الذي تقوم به إيران على الساحة الإقليمية قد تتسع لتشمل دولاً أخرى في المنطقة، ما دامت فيها مصالح إسرائيلية أو أمريكية. وربما لن يتأثر ذلك كثيراً بما سوف تنتهي إليه المفاوضات النووية في فيينا؛ فبصرف النظر عن نجاح المفاوضات أو فشلها، فإن التصعيد سوف يكون النمط الغالب في تفاعلات إيران مع بعض القوى، لا سيما إسرائيل.</strong> </p>



<p></p>

      

لماذا استهدفت إيران مدينة أربيل العراقية بهجمات صاروخية؟