إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p>أطلَّ زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، في ظهور نادر عبر مقطع مصور، بثته "مؤسسة السحاب" الذراع الإعلامية للتنظيم، في 5 أبريل الجاري، تحت شعار "حرة الهند"؛ للتعليق على مسيرات احتجاجية طلابية شهدتها الهند، خلال الشهرين الماضيين، وللتنديد بقرار المحكمة العليا منعَ ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية. وقد أشاد الظواهري خلال المقطع بامرأة هندية مسلمة تحدَّت حظر ارتداء الحجاب في فبراير الماضي، وتحدَّث في المقطع كذلك عمَّن وصفهم بـ"أعداء الإسلام"، موجهاً تهديداته إلى دول عديدة، منها المغرب.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">أهداف منشودة</span></strong></p>



<p><strong>وقد أثار ظهور الظواهري في هذا التوقيت تساؤلات حول مغزى هذا الأمر والرسائل المنشودة من وراء ذلك. ويمكن استعراض هذه الرسائل عبر ما يلي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تأكيد استمرار قيادة الظواهري للتنظيم: </strong>يحاول الظواهري، عبر ظهوره الإعلامي، نفي شائعات وفاته، وتكذيب التقارير الاستخباراتية التي تحدَّثت عن أن الظواهري مصاب بمرض خطير أودى بحياته، وقد تعزَّزت هذه الشائعات في ضوء انقطاع الظواهري عن الظهور الإعلامي منذ سبتمبر 2021. يُذكَر أن الظواهري كان قد نشر في سبتمبر الماضي مقاطع فيديو، في محاولة واضحة لدحض الشائعات حول وفاته؛ وذلك في الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة. وقد زاد من تلك الشكوك ظهور منشورات وتسجيلات لاحقة للتنظيم دون أن تُمِيط اللثام عن حقيقة وضع الظواهري.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– الرغبة في الحفاظ على تماسك التنظيم</strong>: تكشف عودة الظواهري أيضاً عن مسعى التنظيم إلى الحفاظ على تماسكه خلال المرحلة الراهنة، خاصةً في ضوء تصاعد استهداف قيادات التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم في الفترة الأخيرة، أو ما يُعرف باستراتيجية "قطع الرؤوس"، وفقدان التنظيم عدداً كبيراً من قيادات الصفَّيْن الأول والثاني خلال عامي 2020 و2021، لا سيما عبد المالك درودكال قائد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في يونيو 2020. والدلالة الثانية التي أراد الظواهري إرسالها من المقطع المصور، أن التنظيم لا يزال متماسكاً، على الرغم من التقارير التي تتحدث عن خلافات وانشقاقات كبيرة في صفوفه، وتحديداً دائرته الضيقة المتمثلة في مجلس الشورى، اعتراضاً على سياسات الظواهري التي أضعفت التنظيم، وأفقدته السيطرة على عدد من أجنحته الإرهابية في المنطقة، خاصةً في شمال إفريقيا ووسطها ومنطقة الشام.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ويُشار في هذا الصدد إلى أن خلايا التنظيم في المغرب، تعرضت في الفترة الأخيرة لضربات أمنية استباقية، وشمل ذلك اعتقالات وتفكيكاً للخلايا الإرهابية؛ إذ تم اعتقال أفراد في إطار ما يُسمَّى "الإرهاب الفردي"، وبات معتاداً أن يتم اعتقال أفراد من مناطق مختلفة يشتبه في تخطيطهم لـ"عمليات إرهابية" بشكل منفرد، غير منخرطين في خلايا مثلما كان الأمر سابقاً. وفاق عدد الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها ألفين منذ عام 2002، مع توقيف أكثر من 3500 شخص مشتبه بهم، وفق بعض التقديرات.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– العمل على إعادة ترتيب صفوف التنظيم: </strong>يسعى الظواهري إلى استغلال أجواء الحرب الروسية الأوكرانية من أجل إعادة ترتيب صفوف التنظيم، لا سيما بعد تصاعد الخلافات الأمريكية والأوروبية مع روسيا؛ حيث يحاول التنظيم إعادة توظيف هذا الأمر لتعزيز قوته من جديد. وقد شهدت القاعدة في السنوات الأخيرة جملة من التحديات الداخلية والخارجية التي تركت تداعيات مباشرة على بنيتها التنظيمية، وقيادتها المركزية، وعلاقتها بفروعها المختلفة، لا سيما في ظل صعود تنظيم داعش بفروعه المختلفة.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4–  تنشيط الشبكة العالمية لتنظيم القاعدة: </strong>يستهدف الظواهري من وراء ظهوره الإعلامي تنشيط الشبكة العالمية للقاعدة، لا سيما في شمال إفريقيا؛ حيث يشهد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ عام 2020 تفشي حدة الخلافات الداخلية حول قدرة أبي عبيدة يوسف العنابي على قيادة التنظيم عقب تعيينه زعيماً له، خلفاً لعبد المالك درودكال. وعلى الرغم من تسكين هذه الخلافات في الوقت الحالي، فإن ذلك لا ينفي التراجع الذي يشهده التنظيم، في ضوء ضعف القدرات القيادية لـ"العنابي" وانعزاله عن واقع التنظيم.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– إظهار التضمان مع جبهة البوليساريو: </strong>يحاول الظواهري عبر المقطع الأخير إبراز تضامنه مع جبهة البوليساريو في مواجهة النظام الملكي المغربي؛ فالظهور الإعلامي للظواهري يُعيد التساؤلات حول خطوط التماس بين تنظيم "القاعدة" وجبهة البوليساريو، في الوقت الذي تواجه فيه الجبهة تحديات داخلية وخارجية ضاغطة، لا سيما بعد الاعتراف الإسباني بالمقترح المغربي بمنح الصحراء حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية، ناهيك عن التقارب المغربي الإسرائيلي والأمريكي، واعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، عقب انفتاح الرباط على تل أبيب. ومن ثم تعيش جبهة البوليساريو أوضاعاً سياسية متأزمة.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وتُشير العديد من التقارير إلى أن هذه الظروف وتلك الأوضاع ربما تكون كافية لدفع جبهة البوليساريو إلى التعاون مع تنظيم القاعدة، الذي بمقدوره أن يدعمها عسكرياً ومالياً، وقد يمثل لها ورقة رابحة أمام الضغط الدولي. وقد أشار مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في مارس 2021، إلى أن أكثر من 100 انفصالي ينتمون إلى جبهة "البوليساريو"، ينشطون في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ويتجسد المثال الأبرز لذلك في عضو البوليساريو السابق أبو الوليد الصحراوي، الذي التحق بتنظيم القاعدة، ثم بداعش فيما بعد.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– تشجيع المغاربة الانضمام إلى التنظيم: </strong>يسعى الظواهري إلى تشجيع المغاربة وتحفيزهم على الانخراط في صفوف التنظيم، لا سيما أن المغرب لا يزال يُشكِّل أرضية خصبة لذلك؛ حيث تتحدث بعض التقديرات عن وجود 200 &nbsp;إلى 700 مقاتل مغربي التحقوا بجبهات القتال في سوريا. ولفتت هذه التقديرات إلى أن العديد منهم عادوا إلى المغرب لنشر أيديولوجية التنظيم هناك وتجنيد عناصر وتشكيل خلايا جديدة، وربما يتضمن هذا الخطاب الجديد لزعيم القاعدة تحفيزاً هذا العناصر وحثّاً لها على تجنيد المزيد من المغاربة؛ لتعويض خسائر التنظيم بعد استهداف العديد من قياداته.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>7– التشويش على التقارب المغربي الإسباني: </strong>يستهدف الظواهري من خلال ظهوره الإعلامي، الضغط على المغرب، خاصةً بعد التقارب مع إسبانيا؛ ففي 24 نوفمبر الماضي، نشر تنظيم القاعدة، وفق صحيفة "إيرالدو" الإسبانية، فيديو يحتوي على تهديدات ضد إسبانيا، وهو ما يؤكد أن التنظيم يستهدف التشويش على التقارب المغربي الإسباني وإرباكه، وهو أمر وارد في ظل انزعاج التنظيم المؤكد من تنامي التعاون العسكري والأمني بين إسرائيل والمغرب. ويتوازى مع ذلك، تعرُّض الدولتين لتهديدات إرهابية بعد قمة النقب التي عُقِدت خلال الشهر الماضي؛ إذ تعرضت إسرائيل لعملية إرهابية في يوم انعقاد القمة.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">هجمات محتملة</span></strong></p>



<p><strong>خلاصة القول: ينطوي ظهور أيمن الظواهري على العديد من الدلالات، لا سيما تأكيد بقائه على قمة التنظيم، واستعادة ترتيب الصفوف، والمحافظة على تماسك التنظيم، كما تشير تهديدات الظواهري للمغرب إلى تضامنه مع جبهة البوليساريو بعد اتجاه العديد من الدول الغربية إلى الاعتراف بالمقترح المغربي بمنح الصحراء حكماً ذاتياً، ويتسق مع ذلك بوجه خاص تهديد التنظيم لإسبانيا في نوفمبر الماضي بتنفيذ عمليات إرهابية؛ لذلك ليس من المُستبعَد أن تتعرَّض المغرب لعمليات إرهابية على يد عناصر وخلايا التنظيم هناك؛ حيث تضمَّن خطاب الظواهري إشارات لخلايا التنظيم وعناصره باستهداف المغرب، لا سيما وصفه المغربَ ودولاً أخرى بـ"أعداء الإسلام".</strong></p>

      

لماذا حرص زعيم تنظيم القاعدة على الظهور الإعلامي؟