إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p>برزت الكثير من المؤشرات على سعي المغرب لتحديث منظومتها من الأسلحة الجوية؛ حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" مؤخراً، منح عقد لشركة "لوكهيد مارتن" للصناعات العسكرية، لتصنيع محركات مقاتلة جديدة من طراز "إف 16" للمغرب بحلول عام 2025، كما تسعى المغرب إلى الحصول على 36 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز "AH–64 Apache"، وأكثر من 2400 صاروخ من طراز "BGM–71–4B–RF TOW 2A" لتعزيز القدرات الدفاعية المتكاملة، ونحو 25 طائرة مقاتلة من طراز "F–16C / D Block 72" مع ذخائر جو–أرض.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مداخل مترابطة</span></strong></p>



<p><strong>في إطار سعيها إلى تحديث السلاح الجوي للمملكة المغربية، اعتمدت الرباط على مجموعة من الإجراءات تمكنها من ذلك، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– <a>زيادة الإنفاق العسكري</a>:</strong> أعلنت المغرب منذ عام 2017 عن تخصيص نحو 20 مليار دولار لتعزيز قدراته العسكرية، والاستثمار في الإنتاج العسكري المحلي داخل البلاد، بالإضافة إلى إبرام العديد من الصفقات مع بعض الدول المنتجة والمصدرة للسلاح والمعدات العسكرية للحصول على طائرات حربية على غرار "إف 16″، ومروحيات هجومية لرفع قدرات سلاحه الجوي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– <a>تعزيز التعاون مع واشنطن</a>:</strong> يعتبر التعاون العسكري مع الولايات المتحدة من أهم مصادر المغرب للحصول على الأسلحة والمعدات العسكرية؛ حيث تشكل الأسلحة الأمريكية الصنع نحو 62% من مخزون المغرب من الأسلحة. ويشمل التعاون العسكري بين الدولتين إجراء المناورات العسكرية المشتركة التي كان آخرها مناورات "الأسد الإفريقي"، وكذلك تدريب واشنطن للطيارين المغاربة على أحدث المقاتلات الجوية الأمريكية.</p>



<p>ومن أجل تحديث السلاح الجوي للمغرب، أبرمت الرباط صفقة مع واشنطن بقيمة 3.87 مليار دولار للحصول على 25 طائرة "إف 16" جديدة مع رادارات من الجيل الخامس (التي تتميز بوجود كمبيوتر متقدم بالإضافة إلى رادار نشط) بما يسهم في تحديث أسطولها الجوي القديم، كما أعلن الكونجرس الأمريكي موافقته على تحديث أسطول طائرات "إف 16" للمغرب ليصبح على مستوى الأسطول الجديد لدى الولايات المتحدة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– <a>الاستفادة من الخبرات الإقليمية</a></strong>: خلال الفترة الأخيرة، عقدت الرباط بعض صفقات السلاح مع تركيا لتحديث سلاحها الجوي؛ وذلك بالاتفاق على شراء 12 طائرة بدون طيار من طراز "بيرقدار تي بي 2" من شركة "بيرقدار" التركية بقيمة مالية تبلغ نحو 70 مليون دولار. ومن الملاحظ أن الأسلحة التركية بدأت تنتشر بمنطقة المغرب العربي؛ ففي شهر يونيو الماضي، تم الإعلان عن توقيع صفقات سلاح بين أنقرة وتونس لتعزيز القدرات العسكرية للقوات المسلحة التونسية، وهو ما قد يعتبر عاملاً محفزاً للمغرب على أن يستفيد هو الآخر من الصناعات العسكرية التركية المتطورة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– <a>الانفتاح على إسرائيل</a></strong>: هناك اتجاه يرى أن توقيع المغرب اتفاق سلام مع إسرائيل سيسهل جهود المغرب للحصول على الأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة والمتطورة، ومنها –على سبيل المثال– الحصول على طائرات بدون طيار ذات قدرات على التخفي من الرادارات المعادية، ومزودة بـ"ذخائر موجهة بدقة"، و"ذخائر موجهة بالليزر" من الولايات المتحدة وبعض الشركات العسكرية الإسرائيلية في هذا المجال.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– <a>تنويع مصادر السلاح</a>:</strong> تقضي الاستراتيجية العسكرية للمغرب بأن يتم تنويع مصادر الحصول على السلاح وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط، وهو الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، شهدت الفترة الأخيرة توقيع عدة اتفاقيات لشراء السلاح من عدة دول، وعلى رأسها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وروسيا والصين. وتشمل هذه الاتفاقيات الحصول على قمر صناعي استخباراتي، وثلاث طائرات "هيرون" بدون طيار تم استلامها من فرنسا، والتعاون مع شركة "صناعات الفضاء الإسرائيلية"، بالإضافة إلى الحصول على فرقاطات بحرية من إيطاليا، وعلى صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، كما أعلنت الرباط عن اهتمامها بشراء منظومة الدفاع الجوي "إس 400" من موسكو ودبابات وقاذفات صواريخ من بكين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">أهداف متعددة</span></strong></p>



<p><a><strong>تسعى المغرب من وراء تحديث سلاحها الجوي، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف</strong></a><strong>؛ وذلك على النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– <a>تعزيز القدرات العسكرية</a></strong>: تسهم صفقات السلاح الجوي التي يبرمها المغرب مع المصادر المتنوعة التي يحصل منها على الأسلحة والمعدات العسكرية؛ في رفع القدرات القتالية لأفراد الجيش المغربي والأجهزة الأمنية. فعلى سبيل المثال، من المفترض أن تسهم صفقات السلاح الموقعة مع الجانب الأمريكي في زيادة عدد طائرات "إف 16" لدى المغرب من 23 إلى 48 طائرة من هذا الطراز، وهو ما سيزيد قدرات المغرب العسكرية، خاصةً عند الاشتراك في مناورات عسكرية مع بعض الدول ذات العلاقات القوية مع المغرب.</p>



<p>وتسهم تلك المناورات في تحسين إمكانات الجيش المغربي، ورفع درجات الاستعداد القتالي للقوات المسلحة المغربية، خاصةً في ظل ما يحيط بالمغرب من تهديدات ومخاطر أمنية داخل ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء. ومن ثم، رأت القيادة السياسية في المغرب حاجتها الماسة إلى تعزيز أسطولها الجوي بأحدث الأسلحة والتقنيات التكنولوجية. وجدير بالذكر أن الجيش المغربي يحتل المرتبة الـ53 عالمياً، وفقاً لتصنيف "جلوبال فاير باور" لعام 2021.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– <a>مكافحة التنظيمات الإرهابية</a>: </strong>فالتنظيمات الإرهابية المنتشرة في منطقة المغرب العربي وشمال وغرب إفريقيا تمثل تهديداً للأمن القومي المغربي. ومن ثم فإن رفع القدرات العسكرية، وخاصة سلاح الجو عن طريق امتلاك طائرات "الأباتشي" وطائرات "إف 16" وتوظيفها لأغراض مكافحة الإرهاب؛ هو أمر من شأنه تمكين المغرب من توجيه ضربات جوية مباشرة لمواقع تمركز تلك التنظيمات التي تهدد أمنه القومي، خاصةً تنظيمي داعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.</p>



<p>ولا شك أن التعاون المغربي الأمريكي في تطوير وتحديث سلاح الجو المغربي، سيرفع قدرات الرباط في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء. ونتيجة لذلك، تمكنت الرباط في أواخر شهر يوليو الماضي من إلقاء القبض على أحد القيادات التابعة لتنظيم داعش كان يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المغرب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– <a>حسم قضية الصحراء المغربية</a>:</strong> يمكن للقوات المسلحة المغربية استخدام قدراتها العسكرية الجوية في توجيه بعض الغارات الجوية لمعاقل العناصر المسلحة التابعة لجبهة "البوليساريو" المدعومة مادياً وعسكرياً من الجزائر، وخاصةً أن الفترة الأخيرة شهدت استهدافاً من قبل عناصر البوليساريو للمعابر الحدودية الاستراتيجية التي تخدم المصالح الاقتصادية والتجارية للمغرب، وبشكل خاص معبر "الكركرات" الحدودي مع موريتانيا، الذي يربط حركة التجارة وانتقال الأفراد ورؤوس الأموال بين المغرب وموريتانيا ودول غرب إفريقيا.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– <a>منافسة القدرات الجزائرية</a>: </strong>تتمتع الجزائر بقدرات عسكرية كبيرة، وتتفوَّق على المغرب في ترتيب أقوى الجيوش عالمياً لعام 2021؛ حيث تحتل الجزائر المرتبة الـ27 فيما تحتل المغرب المرتبة الـ53 عالمياً، وفقاً لترتيب الجيوش لموقع جلوبال فاير باور لعام 2021، كما تتفوق الجزائر في مجال اقتناء طائرات مقاتلة ومروحيات النقل والغواصات. وفي المقابل، تتمتع المغرب بأفضلية في سلاح المدفعية. ومن ثم فإن عقد الصفقات الخاصة بالحصول على طائرات ومروحيات حربية مقاتلة هو أمر من شأنه تمكين المغرب من موازنة القوة المسلحة الجزائرية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– <a>تعزيز النفوذ في </a>إفريقيا:</strong> مما لا شك فيه أن تحديث سلاح الجو المغربي من شأنه رفع القدرات العسكرية للرباط ومن ثم زيادة ثقلها ونفوذها الإقليمي داخل القارة الإفريقية، وتحديداً في منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا، لا سيما في إطار علاقاتها المتوترة مع الجزائر، أو فيما يتعلق بعلاقاتها ببعض القوى الدولية مثل إسبانيا التي أبدت قلقها إزاء الصفقات العسكرية التي أبرمها المغرب خلال الفترة الأخيرة، خاصةً عقب إثارة قضية جزيرتي "سبتة" و"مليلة" مؤخراً، وما أدى إليه ذلك من توتر العلاقات المغربية الإسبانية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً، ترجح المعطيات الراهنة أن تُواصِل الرباط شراء المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة بغرض تحديث السلاح الجوي، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث سباق تسلح بينها وبين دول المنطقة، وخاصةً الجزائر، ومن المتوقع كذلك أن تواصل الرباط جهودها لتنويع مصادر التسليح الخاصة بها. </strong><strong><u></u></strong></p>

      

لماذا تسعى المغرب إلى تحديث سلاحها الجويّ؟