في 10 ديسمبر 2024، أعلنت السلطات البرازيلية والإيطالية عن تنفيذ عمليتين مشتركتين بهدف تفكيك مخطط لتهريب الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا باستخدام سفن شحن أو طائرات. وأصدرت السلطات 18 مذكرة توقيف في البرازيل، ومذكرة توقيف في إسبانيا ضد أعضاء مشتبه في انتمائهم إلى جماعات إجرامية مرتبطة بالاتجار الدولي بالمخدرات. وفي إيطاليا قالت الشرطة في بيان إنه تم اعتقال خمسة أشخاص.

ويتضمن المخطط شراكة بين "قيادة العاصمة الأولى" – وهي واحدة من أكبر عصابات الجريمة في البرازيل، Primeiro Comando da Capital، المعروفة باسم PCC – وبين أقوى جماعة مافيا في إيطاليا، "Ndrangheta"، وفقاً لمكتب المدعي العام البرازيلي ومصدر برازيلي مطلع على القضية، لوكالة رويترز للأنباء.

تكشف هاتان العمليتان المشتركتان، عن استمرار التعاون بين سلطات البلدين، في مواجهة التحديات المتنامية التي تمثلها العصابات الإجرامية العابرة للحدود، وتُشير أيضاً إلى دور البرازيل المتزايد كنقطة انطلاق ودولة مصدر للمخدرات من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا؛ ما يُسلط الضوء على المخاطر والتداعيات المترتبة على عمليات تهريب المخدرات عبر المحيط الأطلنطي، على أمن منطقتَي أوروبا وأمريكا الجنوبية.

دلالات مهمة

من خلال وضع مخطط تهريب المخدرات من البرازيل إلى أوروبا، الذي أُحبِط مؤخراً، في السياق الأوسع لتجارة المخدرات المزدهرة بين أمريكا الجنوبية وأوروبا، يمكن استخلاص مجموعة من الدلالات، من بينها:

1– زيادة إمدادات الكوكايين من أمريكا الجنوبية لأوروبا: في غضون ست سنوات فقط (من 2014 إلى 2020)، تضاعف إنتاج الكوكايين عالمياً، وأدى إلى زيادة بنسبة 416% في سوق الكوكايين الأوروبية، التي تتمتع بإمكانيات نمو أكبر بكثير من السوق الأمريكية الأكثر تشبعاً، إضافةً إلى أن مخاطر الاكتشاف والمصادرة أقل بكثير من الولايات المتحدة. يؤثر الاتجار غير المشروع بالمخدرات أيضاً على الاتحاد الأوروبي بشكل لم يسبقه مثيل. في عام 2022، ضبطت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كميات قياسية من الكوكايين بلغت 323 طناً على الأقل، وهي أعلى كمية من الكوكايين تمت مصادرتها في أوروبا على الإطلاق. تتجاوز المضبوطات الأوروبية الآن تلك التي تقوم بها الولايات المتحدة، وهي دولة تعتبر تاريخياً من أكبر أسواق هذا المخدر. وبلغ هذا الرقم في عام 2021، 303 أطنان من الكوكايين. ولا تزال إسبانيا وبلجيكا وهولندا هي البلدان التي أبلغت عن أكبر كميات من المضبوطات؛ ما يعكس أهميتها كنقاط دخول للكوكايين إلى أوروبا.

يتم شحن غالبية الكوكايين إلى أوروبا من أمريكا الجنوبية. ومن الدول الرئيسية المنتجة للكوكايين، كولومبيا (61% من إجمالي الإنتاج العالمي) وبيرو (26%) وبوليفيا (13%) عبر الموانئ البحرية في البرازيل والإكوادور وفنزويلا. وتمثل منطقة البحر الكاريبي منطقة رئيسية للعبور لتهريب الكوكايين إلى أوروبا؛ حيث تلعب جمهورية الدومينيكان وجامايكا دوراً كمراكز رئيسية لحركة المرور.

2– تصاعد دور البرازيل كمصدر رئيس للكوكايين: تكشف العمليتان الأخيرتان محل التحليل، كيف أن البرازيل أصبحت واحدة من أكبر موردي الكوكايين إلى أوروبا؛ ما أدى إلى تغيير دور البلاد في تجارة المخدرات عبر المحيط الأطلسي بسرعة أذهلت سلطات مكافحة المخدرات. تحولت البرازيل، التي يُنظَر إليها منذ فترة طويلة على أنها دولة مستهلكة للكوكايين – وهي سوق للمنتجات المصنعة في كولومبيا وبيرو وبوليفيا – إلى منصة إطلاق مهمة لنقلها عبر المحيط الأطلنطي.

لطالما كان لدى البرازيل القدرة على أن تصبح مصدراً رئيسياً للكوكايين؛ حيث تقع البلاد بين مراكز إنتاج الكوكا (الذي يصنع منه الكوكايين) من الغرب والمحيط الأطلسي إلى الشرق. أثبتت أهم ثلاث عصابات في البرازيل – قيادة العاصمة الأولى، والقيادة الحمراء، وعائلة الشمال – براعتها في نقل المخدرات لمسافات هائلة لتزويد المستهلكين البرازيليين. ومع تضاعف الإنتاج العالمي من الكوكايين، خاصةً من بلدان أمريكا الجنوبية، وسيطرة العصابات المكسيكية على السوق الأمريكية، ركزت العصابات البرازيلية أنظارها على أوروبا، التي توفر أسعاراً أعلى للكوكايين مما هي عليه في الولايات المتحدة؛ بسبب المسافات الأطول التي يجب أن تقطعها، إضافةً إلى أن أوروبا هي أيضاً محطة ملائمة للكوكايين المتجه إلى الأسواق المتنامية في الشرق الأوسط وآسيا.

3– تنامي الاعتماد على طرق النقل البحري والجوي للمخدرات إلى أوروبا: ما يقرب من 70% من مضبوطات المخدرات من قبل سلطات الجمارك تحدث في موانئ الاتحاد الأوروبي، مع ضبط كميات كبيرة من المخدرات، وخاصةً الكوكايين، التي تم اكتشافها في حاويات الشحن البحري المتعددة الوسائط. عادةً ما يدخل الكوكايين إلى أوروبا عبر إسبانيا والبرتغال في الجنوب وعبر موانئ بلجيكا وهولندا في الشمال، ويتم نشره بشكل أكبر في سوق المخدرات الأوروبية؛ ما يعكس قدرة الجماعات الإجرامية على استغلال الفرص التي تتيحها البنية التحتية الحديثة للنقل التجاري. على سبيل المثال، في عام 2023، أبلغت إسبانيا عن أكبر مصادرة للكوكايين على الإطلاق في شحنة واحدة؛ حيث تم إخفاء 9.5 طن من المخدرات في شحنة موز مصدرها الإكوادور.

تُظهِر التحقيقات أن شبكة الجريمة المنخرطة في العملية الأخيرة لتهريب الكوكايين إلى أوروبا، كانت ترتب لإزالة البضائع التي تمَّ إخفاء المخدرات فيها قبل تفتيشها في المطار، كما يتم تهريب بعض الكوكايين بواسطة طائرات خاصة إلى مطارات في بلجيكا، وفقاً للسلطات. ويمكن القول إن استئناف الاعتماد على النقل الجوي وسيلةً لتوصيل المخدرات إلى أوروبا، ارتبط برفع قيود النقل المتعلقة بكوفيد–19.

4– توفير ميناء باراناجوا البرازيلي طريقاً بديلاً لنقل الكوكايين إلى أوروبا: في إطار المخطط الأخير لتهريب المخدرات من البرازيل إلى أوروبا، استخدم المهربون طرق الشحن في المحيط الأطلنطي لشحن الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، وأخفوا المخدرات على سفن الشحن، وكذلك عن طريق الجو، مع التركيز على ميناء باراناجوا الوقع في جنوب البرازيل. استفادت المافيا الإيطالية في بيدمونت من البنية التحتية البرازيلية لشحن كميات كبيرة من المخدرات، التي تم إخفاؤها في حاويات من السيراميك والخشب، متجهة إلى ميناء فالينسيا في إسبانيا. هذه العملية هي جزء من عملية Retis، التي بدأت في عام 2022. تمكنت الشرطة الفيدرالية البرازيلية من تحديد أن المتورطين في الاتجار كانوا مرتبطين بفصيل إجرامي في ساو باولو والمافيا الإيطالية التي كانت مسؤولة عن الحصول على المخدرات وشحنها.

ومما يشير إلى الأهمية المتزايدة لميناء باراناجوا، العملية المشتركة التي جرت في 24 مارس 2022، عبر ثلاث ولايات برازيلية: بارانا وسانتا كاتارينا وساو باولو، وأسفرت عن القبض على 17 شخصاً للاشتباه في إرسالهم أطناناً من الكوكايين على مدى العامين الماضيين إلى موانئ مختلفة في أوروبا من باراناجوا، وفقاً لبيان للشرطة البرازيلية، بالإضافة إلى ضبط عدة أطنان من المخدرات في السنوات الأخيرة في خامس أكبر ميناء في البرازيل، وهي المخدرات التي كانت متوجهة إلى إسبانيا وألمانيا.

مع ذلك، فإن كميات الكوكايين التي تم العثور عليها في باراناجوا لا تزال بعيدة عن حجم المخدرات التي يتم نقلها من ميناء سانتوس الأكبر في البرازيل وأمريكا اللاتينية، الذي شهد مصادرة ما يقرب من 17 طناً من الكوكايين في عام 2021. ورغم ذلك، فإن ميناء باراناجوا يظل بديلاً مهماً لنقل الكوكايين بين البرازيل وأوروبا، وأضحى يَعتمد عليه بشكل متزايد التحالفُ القائم بين عصابتَي قيادة العاصمة الأولى البرازيلية وNdrangheta الإيطالية.

5– عمق التنسيق الأوروبي–الأمريكي الجنوبي لمكافحة المخدرات: يُشير نجاح التعاون البرازيلي–الإيطالي في إحباط مخطط تهريب الكوكايين، إلى عمق التنسيق بين دول أمريكا الجنوبية وأوروبا في مواجهة التهديدات المتزايدة للعصابات الإجرامية العابرة للحدود. وهذه ليست العملية الأولى من نوعها بين سلطات إنفاذ القانون في الجانبين. في 5 نوفمبر 2024، في تحقيق طويل الأمد بدعم من وكالة إنفاذ القانون الأوروبية (اليوروبول)، فككت سلطات إنفاذ القانون من بلجيكا وكولومبيا وإسبانيا عصابة مخدرات تنظم تهريب الكوكايين على نطاق واسع من كولومبيا إلى الاتحاد الأوروبي، واعتقلت السلطات الوطنية المعنية 32 شخصاً، منهم زعيم الشبكة.

خلال السنوات الماضية، أصبح التعاون بشأن القضايا المتصلة بالمخدرات غير المشروعة أولوية للشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. على سبيل المثال، في 7 مايو 2024، اجتمع وزراء أوروبيون مع نظرائهم من أمريكا الجنوبية في هامبورج بألمانيا، في ظل العنف المتصاعد المرتبط بالمخدرات الذي تواجهه أوروبا. وضم الاجتماع الوزاري ممثلين لبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا وكذلك من اليوروبول وأمريكا الجنوبية التي تشكل مصدر معظم واردات الكوكايين في أوروبا.

في الواقع، اتخذ الاتحاد الأوروبي سلسلة من الإجراءات والتدابير لمكافحة الجريمة المنظمة، مثل إطلاق استراتيجية الاتحاد الأوروبي للاتحاد الأمني وخارطة الطريق لمكافحة الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة. علاوة على ذلك، بدأت المفوضية الأوروبية، في عام 2023، في التفاوض على اتفاقيات دولية بشأن تبادل البيانات الشخصية بين يوروبول وعدد من دول أمريكا اللاتينية، كما أطلقت تحالف الموانئ الأوروبية في يناير 2024 كجزء من خططها لمواجهة الجريمة المنظمة المتزايدة.

تحديات خطيرة

تُمثل تجارة المخدرات المزدهرة بين أمريكا الجنوبية وأوروبا تحدياً جدياً لبلدان القارتين؛ وذلك على النحو التالي:

1– تزايد تهديدات الأمن القومي: تُمثل العصابات الإجرامية العابرة للحدود، واحدة من المهددات غير التقليدية للأمن القومي لدول العالم. تُعتبر شبكات الاتجار وتهريب المخدرات من أهم مسببات عدم الاستقرار السياسي في دول أمريكا اللاتينية، كما أنها من النتائج المترتبة عليه. يتسبب انتشار الصراعات العنيفة بين العصابات الإجرامية، في أعباء إضافية على أجهزة الأمن في دول المنطقة، سواء عبر الحدود أو داخل المناطق الحضرية.

إن الوجود المتزايد لعصابات الاتجار بالمخدرات يُضعِف من قدرة الدول على السيطرة على بعض المناطق الحدودية، في مقابل صعود نفوذ الجماعات الإجرامية والعصابات والكارتلات في تلك المناطق؛ ما يهدد أمن البلدان واستقرارها عبر المحيط الأطلنطي. بجانب ذلك، تتزايد الشواغل أيضاً بشأن تجنيد الأحداث واستغلالهم من قبل الشبكات الإجرامية الضالعة بتجارة المخدرات غير المشروعة في أوروبا بشكل خاص.

2– تفاقم أعمال العنف: تتزايد الشواغل من أن بعض البلدان تشهد زيادة في العنف وغيره من أشكال الإجرام المرتبطة بعمل سوق المخدرات نتيجةً لارتفاع توافر المخدرات والاتجار بكميات كبيرة والتنافس الدموي بين الجماعات الإجرامية. تاريخياً، تتحمل البلدان المنتجة وبلدان العبور في أمريكا اللاتينية، العبء الأكبر من جرائم العنف المرتبطة بسوق المخدرات، ولا يزال هذا هو الحال. ومع ذلك، يبدو أن مستويات العنف المرتبط بتجارة المخدرات آخذة في الازدياد في أوروبا، ولا سيما في البلدان التي يُعرَف أن كميات كبيرة من المخدرات تدخل أو تنتج فيها. في الوقت الراهن، تُشكل تجارة المخدرات المرتبطة بعصابات الجريمة المنظمة أحد أخطر التهديدات الأمنية للاتحاد الأوروبي. ما يقرب من 40% من الشبكات الإجرامية النشطة في الاتحاد الأوروبي متورطة في تجارة المخدرات غير المشروعة. نحو 50% من جميع جرائم القتل في أوروبا مرتبطة بالاتجار بالمخدرات.

على الرغم من أن منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، تشكل 8% فقط من سكان العالم، فإنها تمثل ما يقرب من ثلث جرائم القتل العالمية؛ ما يجعلها المنطقة الأكثر عنفاً في العالم. يسير عدم الاستقرار السياسي الذي شهدته بعض بلدان المنطقة في السنوات الأخيرة جنباً إلى جنب مع تدهور حالة الأمن العام وزيادة إمدادات الكوكايين. كان هناك تدهور أمني كبير، لا سيما في الإكوادور؛ حيث ارتفع معدل جرائم القتل من 13.7 لكل 100,000 شخص في عام 2021 إلى نحو 45 في عام 2023؛ ما يضع الإكوادور بين أكبر ثلاث دول عنفاً في أمريكا اللاتينية.

3– ازدهار اقتصادات الظل: ترتبط أنشطة الاتجار في المخدرات وتهريبها بالعديد من الأنشطة الأخرى غير المشروعة مثل الاتجار في الأسلحة والبشر، وكذلك التعدين وقطع الأشجار غير القانوني وغسل الأموال، إضافةً إلى أن تجارة المخدرات تُكبِّد الاقتصادات القومية خسائر باهظة. على سبيل المثال، كشفت الشرطة الفيدرالية البرازيلية ومكتب المدعي العام البرازيلي عن أن الشبكة الإجرامية المنخرطة في العملية التي أحبطت لتهريب الكوكايين من البرازيل إلى إيطاليا، تورطت في أنشطة معقدة لغسل الأموال. ووفقاً للتقديرات، أُجرِيت معاملات مالية تزيد عن ملياري ريال (330.4 مليون دولار) بين عامي 2018 و2022؛ لذلك أمرت المحكمتان البرازيلية والإيطالية بتجميد الأصول والاستيلاء على ممتلكات عقارية بقيمة 126 مليون ريال، بناءً على طلبات من المدعين العامين في كلا البلدين، كما نفذت السلطات البرازيلية 46 مذكرة تفتيش ومصادرة.

يُقدر المركز الأوروبي لمراقبة المخدرات وإدمانها (EMCDDA) أن الاقتصاد الأوروبي غير المشروع للكوكايين يبلغ 5,7 مليار يورو سنوياً. ووفقاً لبنك التنمية للأمريكتين، بلغت التكاليف المباشرة للجريمة في 22 بلداً في أمريكا اللاتينية، 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022. وتشمل هذه التكاليف خسارة رأس المال البشري بسبب جرائم القتل، والنفقات الأمنية من قبل الشركات، والإنفاق العام على منع الجريمة. وتُشير التقديرات التقريبية الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن قيمة تجارة المخدرات عبر الحدود في أمريكا اللاتينية تبلغ 450 مليار دولار سنوياً. وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، تُمثل تكاليف الجريمة ما لا يقل عن 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي؛ أي ضعف نظيره في البلدان المتقدمة.

4– تهديد النظم الديمقراطية: يخشى بعض المحللين والمراقبين من أن اتجاه بعض الدول في أمريكا اللاتينية وأوروبا إلى اتباع منهج متشدد في مواجهة عصابات الاتجار المخدرات، يُمكن أن يخاطر بتقويض سيادة القانون، من خلال تبرير الأساليب القمعية وتهديد حقوق الإنسان. وفي بعض دول أمريكا اللاتينية، ومنها السلفادور، أجبر انعدام الأمن الذي تسببت فيه الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية، السكان في المناطق المتضررة على دعم نهج "مانو دورا" (العقاب الثقيل)، الذي يتمثل في زيادة القمع البوليسي في محاولة لمواجهة الشعور القوي بانعدام الأمن الناتج عن عنف عصابات المخدرات.

وهكذا، يتجدد الجدل حول جدوى الحلول العسكرية "القسرية" للتهديدات الأمنية المرتبطة بعصابات المخدرات، خاصةً مع السوابق التاريخية للحكم العسكري لدول أمريكا اللاتينية، بجانب المزاعم بشأن الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان من قبل بعض وحدات الجيش والشرطة، خاصةً ما يتعلق بعمليات القتل خارج نطاق القضاء، وفساد قوات الأمن وتواطئها مع العصابات الإجرامية؛ ما يُهدد الحكم الديمقراطي في المنطقة.

من جملة ما سبق، يمكن القول إن الأنشطة المرتبطة بتهريب المخدرات عبر الحدود، تُعد تحدياً متزايداً لأمن واقتصاد دول أمريكا الجنوبية وأوروبا، وهي الأنشطة التي تنخرط فيها عصابات إجرامية متمرسة من الجانبين؛ حيث أصبحت هذه العصابات تعتمد على أساليب متنوعة للتخفي عن أعين أجهزة إنفاذ القانون، إضافة إلى استهداف هذه العصابات بشكل متزايد للموانئ الأصغر في دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا الجنوبية؛ حيث قد تكون تدابير الردع والرقابة أقل كثافةً.

ولمواجهة المخاطر المرتبطة بعصابات المخدرات العابرة للحدود، هناك حاجة ماسة لتكثيف التعاون بين بلدان أمريكا الجنوبية وأوروبا، وتقديم الدعم لسلطات إنفاذ القانون والأجهزة القضائية والشرطية في الدول المنتجة وكذلك دول العبور في أمريكا الجنوبية، مع التركيز على إيجاد حلول جذرية للتغلب على المسببات الحقيقية لانتعاش تجارة المخدرات، خاصة ما يتعلق بالفقر والتفاوت الاجتماعي والفساد.

كيف تشكل تجارة المخدرات ملامح العلاقات بين أوروبا وأمريكا اللاتينية؟