إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون المنافسات الأمريكية لعام 2022 في 4 فبراير 2022؛ بهدف دعم المناخ والبحث العلمي والصناعة المحلية ومعالجة مشكلات سلاسل التوريد والتضخُّم التي تفاقمت سلباً بسبب نقص أشباه الموصلات، على نحوٍ يلبي احتياجات القطاع الصناعي والأوساط الأكاديمية. ومن شأن مشروع القانون أن يعزز فرص الولايات المتحدة في مواجهة الصين، ويزيد الضغوط الدبلوماسية عليها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. ويتضمن مشروع القانون العديد من المخصصات المالية لدعم الصناعات الأمريكية.</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ورغم أهمية هذا المشروع فإنه قد لا تحظى النسخة النهائية منه بموافقة مجلس الشيوخ على خلفية خلافات أيديولوجية محتملة حول أفضل السبل للاستثمار في الابتكار العلمي وتعزيز القدرة التنافسية الأمريكية، وكيفية تمويل البحث العلمي ومواجهة الصين، وهو ما يقلل احتمالات توصُّل مجلسَي الكونجرس إلى صيغة مشتركة تلقى قبول أغلبية المُشرِّعين الجمهوريين والديمقراطيين، في الوقت الذي يعول فيه الرئيس جو بايدن وحزبه على تمرير مشروع القانون قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقرر لها في نوفمبر المقبل؛ حيث يتوقان إلى معالجة مخاوف الناخبين المتزايدة من التضخم واختناقات سلاسل التوريد، على نحوٍ يشجع التصنيع الأمريكي، ويكفل استمرار الزخم الاقتصادي، ويحافظ على ميزة الولايات المتحدة التنافسية عالميّاً.</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ملامح محددة</span></strong></p>



<p><strong>يحمل مشروع القانون الذي مرَّره مجلس النواب مؤخراً، جملة من المواد والمخصصات المالية التي تهدف إلى دعم الصناعات الأمريكية في مواجهة النفوذ الصناعي الصيني المتزايد راهناً. وتتمثل أبرز ملامح تعزيز مشروع القانون التصنيع الأمريكي في النقاط التالية:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تعزيز السياسات الصناعية:</strong> يُعَد مشروع القانون المُكوَّن من 2900 صفحة، جزءاً من استراتيجية إدارة بايدن والديمقراطيين في الكونجرس لتمرير التشريعات والسياسات الصناعية المتعثرة، ومعالجة مشكلات سلاسل التوريد والتضخم التي تفاقمت سلباً بسبب نقص أشباه الموصلات؛ وذلك من خلال وضع العراقيل أمام الشركات الصينية، وعرقلة استيرادها سلعاً رخيصة معفاة من الرسوم الجمركية. ويعد القانون من محاور سياسة الإدارة الأمريكية لمراجعة الاستثمارات الخارجية؛ لتحديد إذا ما كانت الشركات الأمريكية تحاول نقل سلاسل التوريد الهامَّة خارج الولايات المتحدة من عدمه.<strong></strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– تقديم دعم مالي واسع:</strong> يتضمَّن مشروع القانون العديد من المخصصات المالية لدعم الصناعات الأمريكية؛ منها 52 مليار دولار لتعزيز تصنيع وتصميم أشباه الموصلات، بجانب البحث والتطوير فيها، ونحو 90 مليار دولار للبحث والتطوير ودعم جميع عناصر سلاسل التوريد اللازمة للإنتاج في الولايات المتحدة؛ ما يقلل الأثر المالي للتضخم الاقتصادي الذي يعاني منه العديد من الأمريكيين، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز، كما يوفر مشروع القانون 45 مليار دولار على مدى ست سنوات في شكل منح وقروض لتحسين قضايا سلسلة التوريد. ويشمل تغييرات في قواعد التجارة الأمريكية بهدف تعويض الممارسات التجارية الصينية المشوِّهة للسوق، بما في ذلك تعزيز قواعد مكافحة الإغراق.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– توجيه الاهتمام نحو مُصنِّعي الرقائق:</strong> يدور مشروع القانون حول زيادة التمويل المخصص للبحث والتطوير في بعض المجالات الأساسية على نحو يلبي احتياجات المجتمع العلمي والقطاع الصناعي والأوساط الأكاديمية الأمريكية. ويحظى مُصنِّعو الرقائق بأكبر دعم مالي لتكثيف الإنتاج الأمريكي لرقائق الكمبيوتر وأشباه الموصلات؛ ما يساعد على مكافحة النقص العالمي الذي عانى منه القطاع التكنولوجي وصناعة السيارات، في إجراءٍ ترى شركات أشباه الموصلات (مثل سامسونج، وإنتل) أنه سيزيد من جاذبية الاستثمارات الأمريكية. وفي هذا السياق، أعلنت شركة إنتل الشهر الماضي عن استثمارات بقيمة 20 مليار دولار في مجمع صناعي بولاية أوهايو، وأكدت –على خلفية مشروع القانون– أنها قد تنمو إلى 100 مليار دولار في العقد المقبل إذا وافق الكونجرس على دعم هذه الصناعة.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– مواجهة "تجاوزات" الصين: </strong>إذا تم تمرير التشريع من مجلسَي الكونجرس، ووقَّعه الرئيس الأمريكي، فستزداد فرص الولايات المتحدة في مواجهة بكين من خلال تعزيز قدرة الحكومة الأمريكية على تعزيز التقدم التكنولوجي والنمو الصناعي؛ إذ يتضمَّن التشريع بقاء واشنطن في الصدارة على صعيد التصنيع والابتكار؛ ما يحافظ على قوتها الاقتصادية والعسكرية، كما يتضمَّن مشروع القانون العديد من البنود التي تسعى إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي على الحكومة الصينية لانتهاكاتها لحقوق الإنسان ضد الأويجور في منطقة شينجيانج. كما سيُنشئ أيضاً برنامج "China Watcher" الذي يراقب تأثير الصين على المناصب الأمريكية في الخارج.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">احتمالات التمرير</span></strong></p>



<p><strong>إن تمرير مشروع القانون الذي يهدف إلى دعم الصناعات الأمريكية من خلال تعزيز قدراتها على الابتكار ومنافسة الهيمنة الصينية، يحتاج إلى موافقة مجلسَي الشيوخ والنواب على صيغة مشتركة، في ظل تعارض رؤيتهما حول أفضل السبل للاستثمار في الابتكار العلمي، وتعزيز القدرة التنافسية الأمريكية ومواجهة الصين. وترتبط احتمالات تمرير مشروع القانون بالكونجرس من عدمه بالوقوف على النقاط التالية:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– التوصل إلى صيغة مشتركة:</strong> يجب التوفيق بين مشروع قانون مجلس النواب ونسخة مجلس الشيوخ المعروفة باسم "قانون الابتكار والمنافسة بالولايات المتحدة" لعام 2021 الذي تم تمريره في يونيو الماضي، وهو الأمر الذي قد يمثل عقبة محتملة نظراً إلى الاختلافات بين المشروعين والانقسامات الحزبية الصارخة حول بعض البنود؛ إذ لا بد أن تحظى النسخة النهائية بموافقة المجلسَين مرة أخرى؛ ما يعني أنها ستتطلب أصوات ما لا يقل عن 10 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– الحاجة إلى مزيد من الوقت:</strong> اعترف مؤيدو مشروع القانون بأن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى يبلور المجلسان نسخة نهائية تلقى تأييد المُشرِّعين الجمهوريين والديمقراطيين في مجلسَي الكونجرس قبل إرسالها إلى الرئيس الأمريكي للتوقيع عليها، فضلاً عن حديث عديد من المشرعين عن الحاجة إلى مزيد من الوقت لمعرفة تأثير الاستثمارات الفيدرالية. وفي المقابل يدعو جو بايدن ووزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو إلى ضرورة إقرار المشروع في أقرب وقت ممكن، وفي غضون عدة أسابيع لا في عدة شهور؛ فمع طول الأمد، تتراجع فرصة سن مشروع القانون في شكله الحالي في ظل خلافات محتملة.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– مواجهة معارَضة محتملة:</strong> قد لا يجد مشروع القانون بالضرورة طريقه إلى البيت الأبيض، على خلفية الخلافات الأيديولوجية، والرفض المحتمل من الجمهوريين؛ بسبب الخلاف على سبل عقاب الصين وكيفية تمويل البحث العلمي، لا سيما أن مشروع القانون يوجه الاهتمام نحو تمويل المناخ والجهود المبذولة للحفاظ على الشعاب المرجانية. وفي هذا الإطار، أكد زعيم الأقلية ونائب ولاية كاليفورنيا الجمهوري كيفين مكارثي، أن مشروع القانون يهدر مليارات الدولارات على أمور غير ذات صلة، ويعطي الأولوية للرفاهية وتغير المناخ على الجهود اللازمة لمواجهة الصين، لا سيما أنه لا يكبد الأخيرة تكلفة الفوضى التي أحدثتها.</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">تصورات متباينة</span></strong></p>



<p>ختاماً، يعول الديمقراطيون والرئيس الأمريكي على تمرير مشروع القانون قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المُقرَّر لها في نوفمبر المقبل؛ حيث يتوقان إلى معالجة مخاوف الناخبين المتزايدة من التضخُّم واختناقات سلاسل التوريد، على نحوٍ يشجع التصنيع الأمريكي، ويكفل استمرار الزخم الاقتصادي، ويحافظ على ميزة الولايات المتحدة التنافسية عالميّاً. وفي المقابل يشكك كثيرون في احتمالات إقرار مشروع قانون مجلس النواب على الرغم من اهتمامه بالرقابة على سلاسل التوريد، وتشديد قوانين التجارة الأمريكية؛ بسبب خلاف محتمل مع مجلس الشيوخ، على نحو قد يطيح بمشروع القانون أو يُطيل أمد إقراره زمنيّاً.</p>

      

هل تنجح إدارة بايدن في تمرير مشروع قانون المنافسة الأمريكية؟