إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>تتزايد التخوفات في الدوائر الأمريكية من النشاط المتصاعد لحركة الشباب في الصومال خلال الأشهر القليلة الماضية، وتحديداً بعد انحساب القوات الأمريكية من الأراضي الصومالية، بصورة دفعت قادة في وزارة الدفاع إلى مطالبة البيت الأبيض بالتراجع عن قرار الانسحاب، والسماح للقوات بالعودة إلى الصومال مجدداً، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال". وعلى الرغم من عدم مشاركة القوات الأمريكية في الصومال في أعمال قتالية مباشرة ضد عناصر حركة الشباب، لكن انسحابها أثَّر سلباً على جهود مواجهة الحركة، ومقابلَ المُحفِّزات العديدة لإمكانية عودة تلك القوات، لكنها أيضاً تصطدم بعقبات.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">دوافع العودة</span></strong></p>



<p><strong>احتفظت الولايات المتحدة بنحو 700 من قوات "الكوماندوز" في الصومال لتدريب وحدة محلية خاصة على مواجهة حركة الشباب، قبل أن يُصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قراراً قبل رحيله عن البيت الأبيض، بسحب القوات الأمريكية من الصومال، ولكن يبدو أن ثمة محفزات على التفكير في إعادة نشر عناصر من القوات الأمريكية مجدداً. ويمكن استعراض هذه المحفزات عبر ما يلي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– توجه حركة الشباب إلى توسيع السيطرة ميدانياً:</strong> منذ انتهاء انسحاب القوات الأمريكية من الصومال بنهاية العام الماضي، فإن السمة البارزة في عمليات وتحركات حركة الشباب هي محاولات استعادة السيطرة على الأراضي والمناطق التي انتُزعت منها خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى تصعيد العمليات في العاصمة مقديشو ومحيطها، وهو ما كان لافتاً إلى حد إطلاق قائد القوات الأمريكية في إفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند تحذيرات من تزايد تهديد حركة الشباب، في حال عدم تطبيق ضغوط متواصلة على الحركة. ويمكن الإشارة في ضوء الخطر المتزايد إلى تقارير صومالية كشفت أن الحركة أنفقت نحو 24 مليون دولار على شراء الأسلحة عام 2021.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– استمرار الأزمات السياسية بين الرئيس ورئيس الوزراء: </strong>يواجه الصومال منذ العام الماضي أزمات سياسية متلاحقة بين الرئيس الصومالي محمد عبد الله "فرماجو"، ورئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي، على خلفية تأجيل الانتخابات، ورفض الأخير التمديد لـ"فرماجو" عامين في ولايته الرئاسية المنتهية، وما تبع ذلك من مواجهات بين فصائل الجيش الصومالي في العاصمة مقديشو، ولا تزال الأزمة السياسية قائمة في ظل التوترات على الساحة الصومالية بين الرئيس ورئيس الوزراء رغم الاتفاق على استمرارهما لحين إجراء الانتخابات، ولكن لم تتضح الرؤية كاملة بعدُ، في ظل تكرار تأجيل الانتخابات منذ العام الماضي، وهو ما يؤثر على حالة الاستقرار الأمني بالتبعية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– وضع اجتماعي واقتصادي ضاغط: </strong>تُلقي الأزمة السياسية في الصومال بظلالها علىالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد،خاصةً أن صندوق النقد الدولي يتجه إلى تعليق التعامل مع الصومال قبل إجراء الانتخابات. وفي حال تنفيذ تلك التحذيرات فإنها خطوة تزيد معاناة الشعب الصومالي، خاصة في ظل التراجع الاقتصادي عقب تفشي جائحة كورونا، وربما تجد حركة الشباب هذا الوضع الاقتصادي الهش فرصة للتوسع في التجنيد، خاصة أن أغلب التقديرات الغربية تشير إلى قدرة الحركة على استمالة الشباب في المجتمع الصومالي منذ سنوات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– تراجع الغارات الأمريكية على حركة الشباب: </strong>صاحب انسحاب القوات الأمريكية من الصومال، تراجع في عدد الغارات الأمريكية على عناصر حركة الشباب بدرجة ملحوظة؛ فمنذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، لم تُنفذ الولايات المتحدة سوى غارات محدودة، وكانت أول غارة لطائرات من دون طيار في عهد بايدن في يوليو 2021؛ أي بعد توقف نحو 6 أشهر، وتكررت الغارات في أغسطس من العام نفسه، لتتوقف مجدداً حتى تنفيذ غارة في 24 فبراير 2022. ويمكن تفسير هذا التراجع في عدد الغارات الجوية الأمريكية، في ضوء سياسة إدارة بايدن بمراجعة قيود شن غارات الطائرات من دون طيار، مع سقوط مدنيين من جراء هذه الغارات. وهنا فإنه مع تحركات عناصر حركة الشباب بصورة أكبر باتجاه المدن والمناطق السكانية، يبدو من الصعوبة الفصل بين المدنيين وعناصر الحركة؛ أي أنها ليست فاعلة بصورة مستقلة.<strong></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– مخاطر حركة الشباب على دول الجوار والقرن الإفريقي: </strong>يمثل تصاعد عمليات حركة الشباب خطورة شديدة على الأمن في منطقة القرن الإفريقي؛ إذ تمثل ارتدادات هذا النشاط خطراً على دول الجوار، في ظل استمرار الهجمات من حركة الشباب على كينيا بين الحين والآخر، وكان من بينها هجوم سابق عام 2020 على قاعدة تضم قوات أمريكية، ومن ثم فإن تصاعد نفوذ حركة الشباب، يمثل تهديداً لمنطقة القرن الإفريقي، التي توليها الولايات المتحدة اهتماماً كبيراً، من دون إغفال الحضور الصيني المتزايد في تلك المنطقة، ضمن توجه بتعزيز النفوذ في القارة الإفريقية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– التخطيط لسحب القوات الإفريقية من الصومال: </strong>تتجه القوات الإفريقية إلى الانسحاب من الصومال خلال الفترة المقبلة، خاصةً أن تمديد عمل تلك القوات جاء لمدة ثلاثة أشهر إضافية فقط، وارتبط هذا بدعم ومساندة السلطات في الصومال لتأمين وإجراء الانتخابات، بعد أن كانت مهمة عملها تنتهي في ديسمبر الماضي، ومن ثم فإن خروج تلك القوات قد يؤدي إلى زيادة الفراغ والوضع الأمني الهش في الصومال، بما يعطي فرصة أكبر لحركة الشباب للتوسع ميدانياً، وسبق أن سحبت إثيوبيا نحو 3 آلاف من قواتها في الصومال، في ظل الصراع الداخلي بإقليم تيجراي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">عقبات محتملة</span></strong></p>



<p><strong>على الرغم من انسحاب القوات الأمريكية من الصومال، فإن نقلها إلى دولتي الجوار كينيا وجيبوتي –والأخيرة تضم قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة– يشير إلى احتمالية العودة إلى الصومال مجدداً إذا ساءت الأوضاع الأمنية، ولكن ثمة عقبات في سبيل عودة تلك القوات، وأبرزها:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– ضبابية الرؤية الأمريكية بشأن نشر القوات: </strong>على الرغم من اتخاذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قرار سحب القوات من الصومال قبل أيام من انتهاء ولايته، خلافاً للتحذيرات في الدوائر الأمريكية والصومالية من تداعيات خطوة انسحاب القوات الأمريكية، فإن الرئيس الحالي جو بايدن كان بإمكانه التراجع عن هذا القرار بعد وضعه على قائمة المراجعة، لكنها خطوة لم تحدث. ويبدو أن هناك خلافاً حول الرؤية الأمريكية في نشر القوات بعد إتمام الانسحاب من أفغانستان والعراق، خاصةً أن بايدن لم يتخذ قراراً بعودة القوات الأمريكية إلى الصومال، بعد طلب سابق في يوليو 2021، بإعادة إرسال قوات أمريكية، وحينها قال قائد قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا الجنرال ستيفين تاونسيند، إن من "الصعوبة بمكان تدريب القوات الصومالية ونُصحها ومساعدتها عن بُعد".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– التوترات مع النظام الصومالي القائم:</strong> بالرغم من فصل الولايات المتحدة بين الأبعاد السياسية من ناحية، والتعاون العسكري والاستخباراتي من ناحية أخرى، في التعاملات مع الدول الأخرى، فإن التوترات بين الإدارة الأمريكية الحالية وأطراف النظام السياسي القائم في الصومال، يمكن أن يلقي بظلاله عند الحديث عن مطالبات العودة المحتملة للقوات الأمريكية للصومال، خاصةً أن الولايات المتحدة اتخذت موقفاً تصعيدياً بسبب ما اعتبرته "عرقلة" للانتخابات؛ إذ رفضت منح تأشيرات دخول أراضيها لعدد من الشخصيات في المشهد الصومالي، وفقاً لحديث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. وتشير بعض التقديرات المحلية إلى أن القرار ربما يشمل قيادات مدنية وعسكرية مقربة من الرئيس الصومالي "فرماجو".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– الانشغال الأمريكي بالأزمة الأوكرانية: </strong>ربما يكون لتركيز الولايات المتحدة على الأزمة الروسية الأوكرانية، وتداعياتها خلال الفترة المقبلة، تأثير حاسم في ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية وما يتصل بها من أولويات وزارة الدفاع، بالصورة التي تجعل من الصعوبة اتخاذ قرار بإعادة القوات الأمريكية إلى الصومال أو نشر قوات في أي دولة خلال الفترة الحالية. وتجدر الإشارة إلى اتجاه بعض التقديرات إلى أن الولايات المتحدة لجأت إلى إتمام الانسحاب من بعض الدول، في إطار التفرغ لبعض الأولويات، وفي مقدمتها مواجهة النفوذ المتزايد لروسيا والصين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">موقف ضاغط</span></strong></p>



<p><strong>وختاماً، فإن الوضع السياسي والأمني الهش في الصومال، ينذر بتصاعد هجمات وتحركات حركة الشباب، إلى حد التحذير من إمكانية تكرار السيناريو الأفغاني في المشهد الصومالي، في حال عدم اتخاذ تدابير أمنية لمواجهة هذا التصاعد المتزايد للحركة. وعلى الرغم من العقبات المحتملة أمام عودة القوات الأمريكية، فإنها خطوة محتملة يمكن أن تلجأ إليها الولايات المتحدة، عقب الانتهاء من الانتخابات وعودة الاستقرار السياسي، خاصةً أن التقديرات الأمريكية تشير إلى فاعلية القوات المحلية في مواجهة حركة الشباب، حينما تعمل تحت قيادة القوات الأمريكية وفي ضوء توجيهاتها.</strong></p>

      

هل تُعيد واشنطن نشر قواتها في الصومال مجدداً؟