إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

كشفت تقارير عدة عن تقديم أعضاء جمهوريين تشريعًا جديدًا للكونجرس الأمريكي يطالب بمزيد من الإفصاح عن مصادر التمويل الأجنبية لمراكز الفكر والمؤسسات الثقافية الأمريكية، بالتركيز على التمويل المقدَّم من الحكومة الصينية التي تتهمها بعضُ التقارير بأنها تقدِّم تمويلات سخية لمراكز الفكر بهدف تشكيل وجهات النظر والخطاب الأمريكي حول الصين، والتأثير على صانعي السياسات الأمريكيين. وبالرغم من أهمية هذا التشريع فإن من المتوقع أن يواجه مقاومة شديدة من مراكز الفكر؛ لكيلا يتأثر تمويلها ومن ثم نشاطاتها البحثية. ويمكن تناول أبرز ملامح التشريع الجديد الذي يطالب بمزيد من الإفصاح عن مصادر التمويل الأجنبية لمراكز الفكر والمؤسسات الثقافية الأمريكية، والجدل المثار بشأنه؛ وذلك على النحو التالي:







1– تشريع جديد لتمويل المراكز البحثية الأمريكية: من شأن التشريع الجديد الذي قدَّمه ثلاثة أعضاء جمهوريون في الكونجرس الأمريكي مؤخرًا، والذي حمل عنوان "قانون الإفصاح عن النفوذ الأجنبي للمؤسسات الفكرية والمؤسسات غير الربحية لعام 2021″؛ أن يُقوِّض التمويل الأجنبي الخارجي للمؤسسات الفكرية ومراكز الأبحاث الأمريكي؛ وذلك من خلال المطالبة بالإفصاح عن الحكومات الأجنبية والأحزاب السياسية الأجنبية التي تساهم بما يزيد عن 50 ألف دولار سنويًّا لمراكز الفكر.







2– ملاحقة مصادر التمويل الصينية: أكد العديد من التقارير أن هذا التشريع الجديد موَّجه في الأساس نحو الصين؛ للكشف عن طبيعة التمويل الذي تقدمه الحكومة الصينية لمراكز الفكر الأمريكية، ومعرفة حدود تأثيرها على صانعي السياسات الأمريكيين.



في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن مشروع القانون أكد أن العديد من مراكز الفكر والمنظمات الثقافية المُدرَجة في الولايات المتحدة، تتلقى أموالًا من "إدارة عمل الجبهة المتحدة التابعة للحزب الشيوعي الصيني"؛ وذلك بهدف تشكيل وجهات النظر والخطاب الأمريكي حول الصين.







3– مطالبات بضرورة الكشف عن الجهات المموِّلة: يستند مشروع القانون إلى التوصيات السياسية الواردة في تقرير العام الماضي الصادر عن "مبادرة شفافية التأثير الأجنبي في مركز السياسة الدولية"، التي وجدت أن 174 مليون دولار من التمويل الأجنبي، ذهبت إلى مراكز الأبحاث الأمريكية الكبرى بين عامي 2014 و2018، وأوصت بأنه "يجب مطالبة مؤسسات الفكر والرأي، بموجب القانون، بالكشف علنًا عن التمويل من القوى الأجنبية".



من ناحية أخرى، طالب مركز الأمن الأمريكي الجديد في عام 2019، بضرورة اتباع مراكز الفكر درجات عالية من الشفافية في الإفصاح عن مصادر تمويلها، بما يُسهم في ضمان أن هذا التمويل لا يولِّد أشكالًا خفية من جماعات الضغط الأجنبية أو الرقابة الذاتية أو الأنشطة الأخرى التي تقوِّض المبادئ الديمقراطية الأساسية للولايات المتحدة.







<a>4– استجابة محدودة من مراكز الفكر: </a>ثمَّة توقعات –كما تشير بعض التقارير– إلى أن تُواجَه هذه المطالبات بمقاومة شديدة من مراكز الفكر؛ وذلك حتى لا يتأثر تمويلها الخارجي الذي يحدد نطاق نشاطاتها وعملها البحثي. ومن ثم من المتوقع أن تكون هناك استجابة محدودة من مراكز الفكر للإفصاح عن الجهات الممولة لها، خصوصًا المراكز التي تحصل بالفعل على تمويل من الحكومة الصينية.



ومما يؤكد هذا الأمر، أنه من بين 237 شاهدًا تابعًا لمؤسسة فكرية تحدَّثوا أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي خلال المؤتمرين الماضيين؛ ظهر أقل من 30% منهم فقط، نيابةً عن المؤسسات التي تكشف تمامًا وعلانيةً عن مانحيها الرئيسيين.







وفي الختام، على الرغم من أن القائمين على التشريع الجديد جمهوريون، فإن بعض التقارير ربطت بين هذا التشريع ومساعي إدارة "بايدن" إلى تحجيم الدور الصيني. وعلى الرغم من أهمية هذا التشريع لتحديد مصادر تمويل مراكز الفكر، فإن حصره على تعقُّب التمويلات الصينية فقط، سيُضعِف مصداقيته، خاصةً أن التوقعات الأولية تشير إلى مقاومة شديدة منتظرة من مراكز الفكر ضد هذا التشريع.

هل تنجح واشنطن بتقويض التمويل الصيني لمراكز الفكر الأمريكية؟