إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

كشفت إيران، في 21 مارس 2021، عن اقتراب تشغيل المرحلة الأولى من مشروع نقل النفط الإيراني عبر بحر عُمان بدلًا من مضيق هرمز، تجنبًا لإمكانية إغلاق المضيق في حال حدوث توترات مع الولايات المتحدة الأمريكية أو حلفائها بالمنطقة، ولا سيما في ظل حالة الجمود المحيطة بالاتفاق النووي الإيراني، والتصعيد المتزايد بين الطرفين في منطقة الشرق الأوسط، الذي انخرطت فيه إسرائيل خلال المرحلة الأخيرة بعد تصاعد ظاهرة استهداف الناقلات بين الطرفين في خليج عُمان والبحر المتوسط. وترجع بدايات هذا المشروع إلى سبتمبر 2019؛ عندما أعلنت طهران عن رغبتها في شحن النسبة الكبرى من صادراتها النفطية من محطة "جاسك" بدلًا من اعتمادها الحصري على المحطة النفطية في جزيرة "خرج" الواقعة على الخليج العربي.







مكاسب مختلفة



تتعدد دوافع مشروع نقل النفط الإيراني عبر بحر عُمان بدلًا من مضيق هرمز، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:



1– تسويق النفط الإيراني: من المتوقع أن يؤدي بدء العمل في المرحلة الأولى لمشروع نقل النفط الإيراني عبر محطة "جاسك"، إلى زيادة ثقة المشترين للنفط الإيراني، ولا سيما بعد أن تحول كثير منهم إلى دول أخرى بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، عقب خروجه من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018، التي استهدفت قطاعات عدة تمثل أبرزُها في قطاع الطاقة؛ حيث بدأت العقوبات في 7 أغسطس 2018.







2– تأمين بديل آمن لمضيق هرمز: يهدف مشروع نقل النفط الإيراني عبر محطة "جاسك" إلى زيادة معدلات الأمان الاقتصادي وأمن الطاقة، تحسبًا لإمكانية إغلاق مضيق هرمز لأي سبب. وفي هذا الإطار، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: "إن إيران هي الدولة الوحيدة التي ستتوقف صادراتها النفطية بالكامل، إذا أُغلق مضيق هرمز لأي سبب كان"، مضيفًا: "إن المشروع يجعل زبائن النفط الإيراني أكثر وثوقًا بنا".







3– نقل كميات كبيرة من النفط: من المرجح أن يؤديَ نقل النفط عبر بحر عُمان بدلًا من مضيق هرمز، إلى تسريع عملية الشحن، ومن ثم نقل أكبر كمية ممكنة من النفط؛ حيث يستهدف هذا المشروع نقل مليون برميل من الخام الثقيل والخفيف يوميًّا من منطقة "غورة" في بوشهر جنوب شرق إيران إلى محطة "جاسك"، عبر أنبوب بقُطر 42 بوصة وبمسافة 1000 كم من خلال خمس محطات ضخ.







4– تجاوز تداعيات العقوبات: يتزامن الإعلان عن هذا المشروع مع تصريحات عدد من المسؤولين الإيرانيين –ولا سيما الرئيس الإيراني حسن روحاني، والمرشد الأعلى علي خامنئي– التي تؤكد فشل استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تعتمد على العقوبات الاقتصادية. ومن ثم، يشير ذلك إلى أن إيران تدرك جيدًا قدرتها على تصدير النفط حتى في ظل كل هذه القيود المفروضة عليها. فبالرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع الطاقة، فإن الإحصاءات الصادرة عن بعض مسؤولي الفريق الاقتصادي للحكومة الإيرانية، كشفت عن أن عوائد صادرات النفط للعام الإيراني الماضي تخطت حاجز 8.9 مليا دولار.



ويتسق ذلك مع ما كشفته وكالة "رويترز" في 8 مارس 2021 من أن إيران شحنت كميات كبيرة من النفط الخام إلى الصين سرًّا خلال الأشهر الماضية، وتخطيط بعض الشركات الهندية لاستيراد النفط الإيراني، بالتزامن مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، والتفاهمات النووية التي قد يتم الوصول إليها بين طهران وواشنطن، فضلًا عن السعي الإيراني إلى البحث عن زبائن في آسيا، بغرض تقييم الطلب المحتمل على النفط.







وختامًا، يتسق الإعلان عن مشروع نقل النفط الإيراني عبر بحر عُمان، مع خطوات طهران الهادفة إلى توسيع هامش المناورة الخاص بها مع واشنطن، وتقوية موقفها في أي محادثات نووية قادمة، ولا سيما في ظل إصرار الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن على تضمين بعض الملفات الأخرى في أي اتفاق جديد، مثل البرنامج الصاروخي والنفوذ الإيراني بالمنطقة، وهي ملفات تعتبر بمنزلة "خطوط حمراء" بالنسبة إلى طهران. ويتوازى ذلك مع تصاعد حدة الصراع بين تيار الإصلاحيين المعتدلين المنتمي إليه الرئيس حسن روحاني، وتيار المحافظين الأصوليين، وتضاؤل فرص التيار الأول في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة، بما يشير إلى رغبة حكومة روحاني في تحسين موقفها في الداخل والخارج قبل رحيلها خلال الشهور القليلة القادمة.

لماذا تصر إيران على مشروع نقل النفط عبر بحر عُمان؟