إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

أصدرت اللجنة الوطنية الديمقراطية برنامجها لعام 2024 عشية مؤتمر الحزب الذي بدأ في 19 أغسطس 2024 في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي وتمتد فعالياته حتى يوم 22 أغسطس 2024. ويوضح البرنامج المكون من 92 صفحة أولويات الحزب لتنمية الاقتصاد، وخفض التكاليف، ومعالجة أزمة المناخ، وحماية المجتمعات من العنف المسلح، وتأمين الحدود، من بين أهداف أخرى. ويروج البرنامج لجهود إدارة "جو بايدن" لإعادة بناء الاقتصاد الأمريكي بعد الجائحة، ويسلط الضوء على مبادرات مثل الاستثمار في البنية التحتية، والتوقيع على قانون الحد من التضخم ورفع الحد الأدنى للأجور للمقاولين الفيدراليين.القضايا الداخليةيتضمن برنامج الحزب الديمقراطي السياسات الداخلية التي يعمل على تنفيذها في حالة فوز مرشحته "كامالا هاريس" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها في الخامس من نوفمبر 2024. ومن السياسات المتوقع تنفيذها ما يلي:1- تخفيض أسعار السلع والخدمات: على اعتبار أن القضايا الاقتصادية تأتي على رأس أولويات الناخب الأمريكي، اقترح برنامج الحزب الديمقراطي سياسات من شأنها معالجة ارتفاع تكاليف السكن وأسعار المواد الغذائية، ومنع التلاعب في الأسعار من قِبل منتجيها، ومحلات البقالة، بجانب العمل على خفض أسعار شراء المنازل، والعمل على تحسين الوضع المالي للمواطنين الأمريكيين.2- استعادة الحماية لحقوق الإجهاض: تصدرت قضية الإجهاض بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية بإلغاء حكم "رو ضد وايد" التاريخي في عام 2022 الذي كان يمنح الحق القانوني للنساء في الإجهاض، أولويات الناخبين الأمريكيين؛ ولذلك أعطى برنامج الحزب الديمقراطي أولوية لهذه القضية؛ حيث أكد سعي الديمقراطيين إلى تعزيز حقوق المرأة في الحصول على الصحة الإنجابية دون قيود، بجانب سعيه لاستعادة الحماية لحقوق الإجهاض، وإقرار التشريعات اللازمة لذلك، وتعزيز الوصول إلى وسائل منع الحمل، وحماية الوصول إلى التلقيح الصناعي والإجهاض الدوائي المعتمد من إدارة الغذاء والدواء. ويُتوقع توظيف الديمقراطيين لهذه القضية لجذب الناخبين إليهم من خلال تخويفهم من عودة "ترامب" إلى السلطة، الذي يدعو إلى تقييد حق الإجهاض وتجريمه.3- تحسين الرعاية الصحية للأمريكيين: شمل برنامج الحزب الكثير من الإجراءات التي من شأنها تحقيق الرعاية الصحية للمواطنين الأمريكيين بمستوى لائق. ومن هذه الإجراءات العمل على زيادة أعداد المشمولين ببرامج التأمين الصحي، بجانب العمل على تخفيض أسعار الأدوية الموصوفة لكبار السن في برنامج "ميديكير" (وهو البرنامج الفيدرالي الذي يوفر التأمين الصحي للذين يبلغون من العمر65 عاماً أو أكثر، بالإضافة إلى بعض الأشخاص الأصغر سناً من ذوي الإعاقة)، وكذلك العمل على خفض تكلفة الرعاية الصحية.4- العمل على تنظيم الهجرة غير النظامية: أشار الحزب الديمقراطي إلى أن برنامجه يستهدف معالجة قضية الهجرة غير النظامية، ويتضمن مساراً يمنح المهاجر وسائل للحصول على الجنسية الأمريكية، بجانب توظيف الآلاف من ضباط حرس الحدود، واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لدعم أمن الحدود وزيادة التمويل لوقف الاتجار بالبشر.5- رفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية: اقترح الديمقراطيون في برنامج الحزب رفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية إلى 15 دولاراً في الساعة؛ الأمر الذي من شأنه أن يجعل ائتمان ضريبة الأطفال وضريبة الدخل المكتسب دائمة، وهو ما سيجعل رعاية الأطفال في متناول الجميع. 6- إدخال تعديلات على نظام الضرائب: اقترح البرنامج فرض ضريبة دخل أدنى على المليارديرات، بجانب رفع معدل الضريبة على الشركات وحظر الرسوم غير المرغوب فيها، بما في ذلك العمل مع الجهات الحكومية لإلغاء الديون الطبية التي تبلغ 7 مليارات دولار لما يصل إلى 3 ملايين أمريكي مؤهل، في حين يخطط الحزب لدفع الكونجرس إلى تقديم ائتمان ضريبي دائم قدره 3600 دولار لكل طفل، بجانب العمل على إدخال ائتمان ضريبي جديد بقيمة 6000 دولار للأهالي الجدد، ويعتزم الحزب أيضاً توسيع الإعفاءات الضريبية لمشتري المنازل لأول مرة، بجانب إلغاء الضرائب على الإكراميات.7- تكثيف مشاريع الطاقة النظيفة: يدعم برنامج الحزب الديمقراطي تكثيف مشاريع الطاقة النظيفة التي تحافظ على المناخ الأمريكي، بجانب سعيه إلى تحويل الولايات المتحدة إلى الطاقة الخضراء، والعمل على خفض انبعاثات الكربون، والتحول إلى الطاقة المتجددة؛ ولذلك عارض التنقيب البحري عن النفط والتكسير الهيدروليكي، بالإضافة إلى أن الحزب يسعى إلى تنفيذ السياسات المناخية المنصوص عليها في قانون خفض التضخم. ومن المتوقع مساهمة قضية المناخ أيضاً في جذب الناخبين للحزب الديمقراطي، خشيةً من عودة "ترامب" إلى السلطة، الذي وعد بزيادة عمليات التنقيب عن النفط، وتقديم إعفاءات ضريبية لمنتجي النفط والغاز والفحم، وتسريع الموافقات على خطوط أنابيب الغاز الطبيعي؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تغيرات في مناخ الولايات المتحدة.القضايا الخارجيةيتضمن برنامج الحزب الديمقراطي جزءاً رئيسياً عن السياسة الخارجية التي يطمح في تطبيقها في حال فوز مرشحته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولعل من أبرز القضايا التي يتبناها الحزب ما يلي:1- دعم حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني: يؤكد برنامج الحزب الديمقراطي حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها مع حماية المدنيين خلال الصراع في غزة، بجانب دعم الديمقراطيين لحل الدولتين الذي يضمن مستقبل إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية وذات حدود معترف بها، بالإضافة إلى دعمه حق فلسطين في العيش بحرية وأمن في دولة قابلة للحياة. ومع ذلك، لم يتطرق برنامج الحزب إلى مسألة حظر الأسلحة على إسرائيل، رغم أنه مطلب نادى به المندوبون غير الملتزمين في الحزب في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة.وبشكل عام، من المتوقع أن تمنح هذه الرؤية المزيد من الدعم للحزب الديمقراطي؛ وذلك لأنها مغايرة لرؤية "ترامب" وتأكيداته أنه يدعم ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية اليمينية من تدمير في قطاع غزة، بجانب مطالبته بالتعامل بصرامة مع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات، بما في ذلك اقتراحه إلغاء التأشيرات للطلاب الذين يتبنون آراء معادية للسامية.2- مواصلة دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا: يؤكد البرنامج أنه سيتم السير على نهج الرئيس "بايدن" بشأن الحرب الأوكرانية، وقد تعهد "بايدن" باستمرار دعمه لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، بجانب قيام إدارته بإرسال عشرات المليارات من الدولارات مساعدات إنسانية وعسكرية إلى أوكرانيا، بما في ذلك إرساله أسلحة وذخائر بلغت قيمتها 61 مليار دولار؛ ولذلك يُتوقع استمرار دعم الديمقراطيين لأوكرانيا؛ لرؤيتهم أن مواصلة دعم كييف أمر ضروري؛ لقناعتهم بأن تحركات روسيا لن تتوقف عند أوكرانيا فقط. وتعتبر هذه السياسة مغايرة بشكل تام لما أعلن عنه المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" الذي اعترض على المساعدات الأمريكية المقدمة لأوكرانيا وطالب بوقفها، وأشار إلى أنه لديه القدرة على إنهاء الحرب بين الطرفين عن طريق تخلي أوكرانيا عن بعض الأراضي التي تحتلها روسيا مقابل وقف إطلاق النار.3- زيادة الرسوم الجمركية على الصين: يسير البرنامج الديمقراطي على خطا الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في تعامله مع الصين؛ حيث أيد زيادة الرسوم الجمركية على الصلب الصيني؛ وذلك من خلال ما أعلن عنه في مايو 2024 برفع معدل التعريفة الجمركية على الصلب والألومنيوم من 7.5% إلى 25%، وهو إجراء يهدف إلى حماية الأمريكيين من الواردات الأرخص. وهذا الأمر لم تعترض عليه نائبته "كامالا هاريس" التي أصبحت الآن مرشحة الحزب الديمقراطي عقب انسحابه من السباق الانتخابي.وتتشابه هذه السياسة مع ما أعلن عنه "ترامب"، الذي تعهد بتوسيع التعريفات الجمركية بشكل كبير، وخاصةً على الصين، وأكد أنه سيشجع الكونجرس على تمرير تشريع يمنح الرئيس صلاحية فرض تعريفة متبادلة على أي دولة تفرض تعريفة على الولايات المتحدة، وركز بشكل كبير على الصين.4- إبقاء الولايات المتحدة في حلف الناتو: أكد برنامج الحزب ضرورة إبقاء واشنطن في حلف الناتو، وقد أعلنت "هاريس" عقب انسحاب "بايدن" من السباق الانتخابي أنها ملتزمة بمواصلة المشاركة على الساحة الدولية والسير على نهج "بايدن" في العديد من قضايا السياسة الخارجية، بما في ذلك دعمها مشاركة واشنطن في الناتو في حالة فوزها بمنصب الرئيس في الانتخابات المقبلة. وهذا الأمر مغاير لتصريحات المرشح الجمهوري "دونالد ترامب"، التي أثارت الكثير من المخاوف لدى الدول الأعضاء في الحلف.5- العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني: يهتم الحزب الديمقراطي في برنامجه الانتخابي بإيران، ويرى أنه من الضروري أن تسعى الولايات المتحدة إلى العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي يتضمن قيوداً على تخصيب طهران اليورانيوم وتخزينه، والسماح بزيارات المفتشين الدوليين للمواقع النووية الإيرانية، وفي المقابل يتم رفع العقوبات المالية والاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران. يُذكر أن هذا الاتفاق تم إيقافه في عهد "ترامب" في عام 2018. ويسعى الحزب إلى إكمال نهج "بايدن" في سعيه للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني؛ وذلك عقب النجاحات التي أحرزتها إيران في الشرق الأوسط. ويأتي ذلك على النقيض لما روج له "ترامب" من أنه يستعد لتصعيد الضغوط على إيران وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها عقب فوزه في الانتخابات؛ وذلك لأنه يرى أن "بايدن" كان متساهلاً مع إيران، وأن هذا الأمر تسبب في توسيع نفوذها في المنطقة.6- تعزيز التعاون مع دول الهندوباسيفيك: يؤكد برنامج الحزب الديمقراطي ضرورة العمل لإقامة المزيد من التحالفات مع الدول المطلة على المحيطين الهندي والهادئ؛ وذلك مثلما تفعل إدارة "بايدن" الحالية من أجل تعزيز سبل الأمن والرخاء والتصدي لنفوذ الصين المتزايد على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي. ومن المتوقع أن تسير "هاريس" – حال فوزها – على النهج ذاته، وإقامة المزيد من العلاقات مع الفلبين واليابان وسنغافورة ومنغوليا وغيرها من الدول المطلة على المحيطين.رسالة متفائلةوختاماً، يعكس برنامج الحزب الديمقراطي لعام 2024 رؤية الحزب لمستقبل الولايات المتحدة، مع التركيز على القضايا الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، والتزام الحزب بمواصلة الجهود لبناء اقتصاد قوي، ومجتمع عادل، وبيئة مستدامة، مع التركيز على قضايا المساواة والعدالة الاجتماعية. ويحاول البرنامج إيصال رسالة متفائلة إلى الناخبين أن الحزب قادر على قيادة البلاد ومواجهة التحديات التي تواجهها، بجانب أنه سيعمل على توحيد الجهود وتحقيق التماسك الداخلي.&nbsp;

ماذا يتضمن برنامج الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية؟