إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>أصبح الوضع في غينيا يحمل مخاطر كبيرة على صناعة الألومنيوم عالمياً؛ حيث تحتل غينيا المرتبة الأولى في العالم من حيث احتياطيات البوكسيت؛ فهي تمثل 26.4% من الاحتياطيات العالمية، ونحو 22% من الإنتاج العالمي. كما أن هناك مخاوف بشأن تعرض صناعة الألومنيوم في الصين لتغيرات ضخمة؛ إذ يبدو أن حملة بكين لمكافحة التلوث قد بدأت في التوسع، بما ينذر بتخفيض إنتاج الألومنيوم. ولا يواجه الألومنيوم وحده مشكلات على المدى القصير؛ حيث أدى الاضطراب الناجم عن جائحة "كوفيد-19" إلى اختلال بين الطلب المتزايد والعرض المحدود مع تقلب العديد من أسواق المواد الخام؛ ما يزيد مخاوف التضخم العالمية التي انتشرت هذا العام.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ويمكن تناول أهم ما يتعلق بصناعة الألومنيوم وما تمتلكه غينيا من مقومات هائلة من الخام الأساسي، وما تتعرض له صناعة الألومنيوم من ضغوط في الوقت الحالي؛ وذلك على النحو التالي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- امتلاك غينيا الاحتياطيات الأكبر من البوكسيت والحديد:</strong> تعتبر جمهورية غينيا في غرب إفريقيا من أهم الدول المؤثرة في إنتاج الألومنيوم عالمياً؛ حيث تمتلك أكبر احتياطي لخام البوكسيت، وهي المادة الخام التي يُصنع منها الألومنيوم، وتعتبر أكبر الموردين للبوكسيت؛ حيث تضم أكثر من ربع المخزون العالمي المُكتشف من هذا المعدن الذي يعتبر من المعادن الهامة في الحياة العصرية؛ فهي تمتلك نحو 7.4 مليار طن من الاحتياطي العالمي.</p>



<p>كما تأتي غينيا في المرتبة الثانية لإنتاج البوكسيت عالمياً وتصديره؛ فهي تستحوذ على 22% من إنتاج هذا الخام الحيوي وقامت بتصدير نحو 82 مليون طن من البوكسيت في عام 2020. وتأتي الصين في المرتبة الأولى في إنتاج الألومنيوم؛ لذلك تعتمد اعتماداً كلياً على جمهورية غينيا في استيراد خام البوكسيت. &nbsp;ولا يقتصر الأمر على البوكسيت، بل تمتلك أيضاً أكبر احتياطي عالمي من الحديد. وجدير بالذكر أن قطاع التعدين في غينيا، الذي يشمل الذهب والماس، يساهم بنحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 80% من الصادرات، وفقاً للبنك الدولي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2- ارتفاع أسعار الألومنيوم بشكل قياسي بعد الانقلاب:</strong> أطاحت القوات الخاصة في غينيا، بداية الأسبوع الماضي، برئيس الدولة الذي يحكم البلاد منذ فترة طويلة؛ ما زاد المخاطر السياسية والتشغيلية على معادنها التي تشمل البوكسيت والماس وخام الحديد والذهب. وعلى إثر ذلك سجّلت أسعار الألومنيوم مستويات قياسية هي الأعلى منذ عشر سنوات، وسط مخاوف من تأثر إمدادات المادة الخام القادمة من غينيا. وفي هذا الصدد، سجلت أسعار الألومنيوم ارتفاعاً ببورصة لندن على خلفية الانقلاب بنحو 1.8% لتصل إلى 2775.5 دولار للطن، وهو أعلى مستوى له منذ مايو 2011؛ حين سجل الخام 2750 للطن، وقفزت العقود الآجلة 3.4% مسجلة أعلى ارتفاع منذ عام 2006.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3- توقعات بارتفاع أسعار السلع المعتمدة على البوكسيت:</strong> من المقرر أن يتبع هذا الانقلاب حالة من عدم اليقين الخاصة بأسعار المواد التي تعتمد في صناعتها على خام البوكسيت الذي يستخدم في كل شيء؛ بداية من قطع غيار السيارات إلى عبوات المشروبات والأجهزة المنزلية. جدير بالذكر أن من المتوقع أن تستمر أسعار البوكسيت في حالة من الاضطراب خلال الفترة المقبلة؛ لذا من الممكن أن تؤثر حالة عدم اليقين في غينيا، وتزيد من تكلفة أي شيء يحتوي على الألمنيوم الأساسي، وهذا يعني تحمل المستهلك أعباء أكثر.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- ارتباك سوق الألومنيوم بسب نقص المعروض:</strong> تشهد أسعار الألومنيوم ارتباكاً ملحوظاً منذ بداية العام الجاري؛ حيث ساهم تعطل سلاسل التوريد في اضطراب أسواق السلع الأساسية، وفي ارتفاع أسعار الألمونيوم، لتسجل أعلى مستوياتها في 13 عاماً هذا الأسبوع. وتعاني سلاسل التوريد العالمية من تحديات بشأن الشحن باعتباره العمود الفقري لها لمواكبة الطلب على السلع، والتغلب على اضطرابات العمالة الناجمة عن تفشي جائحة "كوفيد-19″؛ حيث تتزايد المشاكل بصناعة الألمنيوم بالتزامن مع نقص العمال في المصانع ونقص سائقي الشاحنات لتوصيل المعدن.</p>



<p>وعلى المدى القصير، فإن انتعاش الاقتصاد العالمي بعد الجائحة، والطلب في قطاعي السيارات والبناء، سيؤديان إلى تآكل في المخزون الخاص بخام البوكسيت. وبعدما كان العرض في الماضي مواكباً للطلب الإضافي، قد يتغير ذلك بمجرد بدء تخفيضات الإنتاج الصينية؛ ما يترك السوق في عجز كبير بحلول عام 2024.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5- معضلة فرض الصين قيود جديدة على إنتاج الألومنيوم:</strong> هناك الكثير من المخاوف التي تنتاب منتجي الألومنيوم في ظل قرار السلطات الصينية فرض قيود جديدة على الإنتاج للتقليل من استهلاك الطاقة؛ لذلك من المتوقع أن يرتفع الطلب على الألومنيوم على خلفية الاستثمار في مجال تغير المناخ، واتخاذ الصين -التي تمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي للألومنيوم- إجراءات صارمة ضد أعمال الصهر لتقليل التلوث وتحقيق الأهداف النظيفة للطاقة، خاصة في ظل التزام الحكومة الصينية هذه المرة بمهمتها الخاصة بتحقيق حياد الكربون، والتزامها بهذا الحد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6- خشية المستثمرين من تطورات الأوضاع في غينيا:</strong> على الرغم من قيام زعيم الانقلاب "مامادي دومبويا" بطمأنة الشركاء التجاريين والمستثمرين الأجانب، وتصريحه بأن غينيا ستلتزم بجميع تعهداتها واتفاقيات التعدين، وستبقي الحدود البحرية مفتوحة لأنشطة التصدير؛ فإن المستثمرين الأجانب في غينيا يراقبون الاضطرابات عن قرب. فعلى سبيل المثال، صرحت شركة "روسال" الروسية العملاقة للألومنيوم، التي تنتج نصف إنتاجها من البوكسيت في غينيا، بأنها تدرس إجلاء الموظفين المقيمين في غينيا إذا تصاعد الوضع؛ في ظل مخاوف عدم الاستقرار وما يتعلق بإمكانية وقف إنتاج أو تصدير المواد الخام من غينيا.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً، فإنه في ظل حدوث تحول كبير على أساس سنوي في أسعار الألومنيوم، يواجه العملاء الذين يسارعون إلى تأمين إمداداتهم من الألومنيوم أسعاراً غير مسبوقة؛ بسبب تراجع المعروض منه وحدوث اضطرابات سياسية في الدولة التي تمتلك أكبر احتياطيات للبوكسيت في العالم. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الارتفاع غير المسبوق إلى ارتفاع أسعار كل السلع، وهو ما يثير المخاوف بشأن ارتفاع معدلات التضخم في العديد من المناطق حول العالم.</strong></p>

      

كيف تؤثر اضطرابات غينيا على صناعة الألومنيوم عالمياً؟