إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        




<p><br><strong>تمكنت الإمارات من تحقيق مكانة دولية بارزة على صعيد التقنيات التكنولوجية وما يتصل بها من مفاهيم المستقبل، وهو الأمر الذي ظهر في جملة من المؤشرات تمثل إحداها في الاهتمام البالغ بتقنية "ميتافيرس"، وهو ما انعكس بدوره على جملة من السياسات والتشريعات والبرامج والمبادرات الرامية إلى استشراف تلك التقنية على نحو يواكب التغيرات العالمية من ناحية، ويدعم المقومات التي تمتلكها الدولة من ناحية ثانية، ويعزز حضورها الاقتصادي باعتيارها وجهة عالمية رائدة من ناحية ثالثة.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مجالات الاهتمام</span></strong></p>



<p>تعددت المجالات التي عكست اهتمام الإمارات بتقنية ميتافيرس، وهي المجالات التي يمكن الوقوف على أبرزها على النحو الآتي:</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– الاستفادة من ميتافيرس في قطاع الطيران:</strong> تعمل شركة "طيران الإمارات" على إطلاق رموز غير قابلة للاستبدال (NFTs) لعملائها وموظفيها، كما تسعى إلى بناء علامتها التجارية المميزة في ميتافيرس، وقد سبق أن أعلنت عن إعادة تخصيص جناحها في إكسبو 2020 كي يصبح مركزاً للابتكار بهدف استقطاب المواهب من جميع أنحاء العالم؛ لتنفيذ مشروعات المستقبل، بما في ذلك المشروعات المتعلقة بالميتافيرس والرموز غير القابلة للاستبدال والويب الثلاثي الأبعاد (Web3) باستخدام التقنيات المتقدمة من ناحية، وتعزيز الشراكة مع مختلف رواد الصناعة من ناحية ثانية. والجدير بالذكر أن "طيران الإمارات" أطلقت في العام الماضي تطبيقها الخاص بالواقع الافتراضي (VR) على متجر "أوكولاس" ((Oculus؛ ما يوفر للمستخدمين تجارب تفاعلية دقيقة بالحجم الطبيعي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2- الدعم التقني لمهام الشرطة: </strong>أطلقت القيادة العامة لشرطة عجمان مشروع "ميتافيرس" لعقد اجتماعات افتراضية مع مختلف العملاء؛ بهدف تعزيز التعاون معهم، وإشراكهم في تصميم وتطوير الخدمات، وتسهيل لقائهم دون الحاجة إلى الحضور الشخصي إلى مركز الشرطة. والجدير بالذكر أن المنصة المصممة لتلك الأهداف تقدم تجربة مختلفة تحاكي العالم الحقيقي، وتضمن تقديم خدمات استباقية. ويأتي المشروع ضمن مبادرة "عاون" التي نفذتها القيادة العامة لشرطة عجمان لإشراك مختلف العملاء في تصميم وتطوير الخدمات، وجمع آرائهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم بهدف تحسين وتطوير الخدمات المقدمة. وقبل ذلك، عقد الضباط اجتماعات مع مختلف المواطنين على نحو شخصي، وقرروا استكشاف استخدام الاجتماعات الافتراضية لتسهيل الأمر على كل من يصعب عليه زيارة مركز الشرطة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3- مخطط إنشاء القرية التعاونية العالمية: </strong>تخطط دبي لإنشاء مدينة افتراضية رقمية مزدوجة كي توفر فرصاً هائلة للصناعة، وتزود السكان بواقع بديل يُمكِّنهم من التواصل وتبادل الأفكار، على نحو يجمع بين عناصر وسائل التواصل الاجتماعي والواقع المعزز والواقع الافتراضي وألعاب الفيديو والعملات المشفرة وغير ذلك من تقنيات تكنولوجية. كما شهد منتدى "دافوس" – في نسخته الأخيرة – إعلان الإمارات عن إطلاق القرية التعاونية العالمية بالشراكة مع المنظمات العالمية والحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المجتمعية على مستوى العالم، وهي أقرب ما تكون إلى القرية الصغيرة في عالم ميتافيرس على نحو يكفل إيجاد حلول للتحديات العالمية الملحة، ووضع تصور جديد للأجندتين الإقليمية والعالمية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- تأكيد الحكومة أهمية الأصول الافتراضية:</strong> أعلنت سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية عن تأسيس مقر رئيسي لها في العالم الافتراضي "ذا ساند بوكس"، لتكون أول جهة تنظيمية في العالم تدخل عالم ميتافيرس، إيمانًا من جانبها بأن الأصول الافتراضية جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الرقمي المستقبلي؛ ما يؤكد استعدادها لترسيخ مكانة الإمارة باعتبارها عاصمة للأصول الافتراضية في العالم. والجدير بالذكر أن سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية تأسست في شهر مارس الماضي بموجب أول قانون لتنظيم الأصول الافتراضية في الإمارة. وتهدف هذه السلطة إلى الإسهام في جذب الاستثمارات والشّركات العاملة في مجال الأصول الافتراضية لتتخذ من الإمارة مركزًا لأعمالها، وتوفير النظم اللازمة لحماية المستثمرين والمتعاملين في الأصول الافتراضية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5- التوسع في مجال العقارات الافتراضية: </strong>شهدت العقارات الإماراتية الافتراضية في عالم ميتافيرس طلباً قوياً وإقبالاً كبيراً خلال الفترة الماضية؛ حيث تم الاستحواذ على جزء كبير من العقارات الرقمية في كل من أبوظبي ودبي والشارقة وباقي إمارات الدولة بوصفها أصولاً رقميةً غير قابلة للاستبدال مقابل عملات رقمية محددة من قبل المنصات العارضة. وفي هذا السياق، يرى بعض الخبراء الماليين أن الاستثمار في منصات ميتافيرس التي يقدر عددها بنحو 150 منصة حول العالم، لا يعدو كونه رهان المستقبل ومصنع صناعة أثرياء الغد، بشرط أن يكون من خلال منصات تابعة لشركات كبرى مثل "فيسبوك".</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">أبعاد رئيسية</span></strong></p>



<p>يثير الاهتمام الإماراتي بالاستثمار في الميتافيرس جملة من الدلالات التي يمكن الوقوف على أبرزها على النحو الآتي:</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- دعم الاقتصاد الإماراتي وخلق فرص استثمارية: </strong>تهدف الجهود الإمارتية للاستثمار في مختلف مجالات الميتافيرس إلى تحقيق جملة من الأهداف؛ منها فتح أسواق وخلق فرص استثمارية جديدة في دبي، ورفع المساهمة الإجمالية لقطاعات ميتافيرس إلى 4 مليارات دولار في دبي فحسب بحلول عام 2030، ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في دبي، وتحسين أداء جراحي الطب بمعدل 230%، وزيادة السرعة الإنتاجية للمهندسين بنسبة 30%، وخلق نحو 42 ألف وظيفة افتراضية، وتسهيل التعاون بين مقدمي خدمات الأصول الافتراضية؛ وذلك من بين أهداف أخرى.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2- صياغة تصور متكامل للحضور في الفضاء الافتراضي:</strong> تهدف الإمارات إلى ترسيخ وجودها في الفضاء الافتراضي؛ وذلك عبر مجموعة من المحاور تغطي مختلف الجوانب الخدمية والتشريعية والتنظيمية على نحو يكفل تفعيل وجودها في العالم الافتراضي على النحو الأمثل، كما يكفل بناء قطاع اقتصادي جديد يخدم الاقتصاد الوطني، ويسهم في توفير فرص استثمارية واقتصادية للمتعاملين عبر توفير حلول تنظيمية آمنة ومستدامة، بحيث يمكن للمجتمع الدولي الاستفادة من الاقتصاد الافتراضي على النحو الأمثل.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3- التكريس للريادة الإماراتية عالمياً: </strong>تهدف الإمارات إلى ترسيخ مكانتها عاصمةً للأصول الافتراضية في العالم، على نحو يدشن مرحلة جديدة في تقديم الخدمات الحكومية وغير الحكومية لجمهور مفتوح عابر للحدود عبر أدوات مستقبلية حديثة، على نحو يدشن مرحلة تقنية جديدة ذات تأثير إيجابي على المدى الطويل؛ وذلك من أجل تمكين قطاع الأصول الافتراضية من اكتساب المرونة الاقتصادية، وتوسيع نطاقه الاجتماعي، ومساهمته في تحقيق الاستدامة البيئية. وقد أظهرت دراسة حديثة صادرة عن (BrokerChooser) لخدمات البحث والتسويق عبر الإنترنت أن دولة الإمارات جاءت في المرتبة الرابعة عالمياً بعد سنغافورا ونيوزيلاندا وهونج كونج من حيث الاهتمام بميتافيرس.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- الاستفادة من الفرص الواعدة بمجال ميتافيرس:</strong> يشير حجم الاستثمارات الاقتصادية في ميتافيرس من ناحية، وحجم الطلب على عقاراته الافتراضية من ناحية ثانية، إلى الإيقاع المتسارع للتقنيات الافتراضية التي من شأنها تغيير مستقبل الإنترنت. فقد بات اعتماد العالم على مختلف تلك التقنيات حتمياً؛ وذلك في شتى مجالات الحياة. وتبعاً لتقرير وحدة المعلومات التابعة لبلومبرج إنتيليجنس، سوف يبلغ حجم سوق ميتافيرس 800 مليار دولار في 2024. ولا شك أن تقنياته سوف تسهم في ظهور مشروعات وصناعات إبداعية وفقاً لديناميكيات السوق واتساع مجال العملات المشفرة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5- تضاعف القيمة السوقية الحالية للعقارات الرقمية</strong>: لقد بات الاستثمار في العقارات الافتراضية توجهاً عالمياً لتشهد هذه السوق إقبالاً عالمياً على أصولها الرقمية وسط تخوفات من اختفاء بعض المنصات أو عدم استمرارها، بيد أن الرهان على الأصول العقارية الافتراضية يظل مجدياً إذا ارتبط بمنصات شركات كبرى، مع الأخذ في الاعتبار أن القيمة السوقية أو أسعار العقارات داخل ميتافيرس إنما يحددها العرض والطلب من ناحية، وأن الإمارات عامة ودبي خاصة، في ظل ما تمتلكه من بنية تحتية رقمية متطورة وتشريعات ناظمة ومشجعة على الاستثمار ورؤيتها الذكية، ستكون سباقة في تبني تقنية ميتافيرس من ناحية ثانية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ختامًا.. افتتحت شركة "ميتا" العالمية مقرها الإقليمي في الإمارات في العام الجاري، وهو ما أكد أهمية وتعدد الجهود التي تبذلها الإمارات لخلق بيئة أعمال جاذبة وتنافسية داعمة للابتكارات والمستقطبة لأفضل المواهب والكفاءات. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة توسعاً في عدد المبادرات والبرامج التي تستهدف استكشاف الفرص الاقتصادية الواعدة في الفضاء الرقمي، بالاستفادة من المقومات التقنية التي تمتلكها الدولة، واستناداً إلى البنية التحتية الرقمية ذات الجاهزية العالية.</strong></p>

      

ما دلالات الاهتمام الإماراتي المتصاعد بتقنية "ميتافيرس"؟