إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

بعد قضاء ثلاثة عقود في تقديم المشورة للشركات المتعددة الجنسيات، وعمله رئيسًا تنفيذيًّا لشركة "كنترول ريسكس Control Risks" البريطانية على مدار 14 عامًا كاملة، يُقدم "ريتشارد فينينج Richard Fenning" –في كتابه المعنون بـ"ما الخطأ الذي يمكن أن يحدث على الأرض؟.. قصص في مجال مخاطر الأعمال"– خلاصة تجربته عن عملية إدارة المخاطر خلال مسيرته المهنية الحافلة.



 فرص تاريخية



 1– سعي الشركات الكبرى إلى تجاوز الحدود الوطنية: منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، بدأ التحول في نشاط الشركات الدولية؛ حيث عملت الشركات الكبرى لكي تصبح كيانات مُعولمة ومتجاوزة لحدود الدول، في ظل سعيها إلى تعظيم مكاسبها بين أجزاء مختلفة من العالم التي تتعامل معها باعتبارها أسواقًا لا بوصفها دولاً قومية.



 2– انفتاح روسيا والصين على الأسواق العالمية: ساعد سقوط الاتحاد السوفييتي السابق على بروز نشاط الشركات المتعددة الجنسيات، بعد أن أدت نهاية الحرب الباردة إلى سقوط الحواجز، بالتوازي مع اتخاذ الصين قرارًا بالانتقال إلى اقتصاديات السوق بعد احتجاجات في ميدان "تيانانمن" في بكين، في ظل مناخ العولمة الجديد وانهيار الحواجز أمام حركة التجارة. 



3– توسع الاستثمارات العالمية بصورة غير مسبوقة: تزايدت تدفقات الاستثمارات العالمية العابرة للحدود بصورة استثنائية، وهو ما زاد أهمية تقييم المخاطر ودراسات البيئة الجيوسياسية لممارسة الأعمال في الدول العالية المخاطر؛ حيث قامت شركات الاستشارات السياسية برسم خرائط الفرص والتحديات في الدول المستقبلة للاستثمارات.



 تحديات جديدة



 1– استفحال ظاهرة الإرهاب العالمي: حوى النظام العالمي الجديد بذورًا مُعرقلة لنشاط الشركات العالمية، لا سيما مع وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001، وتنامي خطر الإرهاب، كما برزت الحاجة –في المقابل– إلى مساعدة الشركات العاملة في مناطق الصراع والبيئات المضطربة، لا سيما مع بروز حالة عدم الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط في سياق أحداث ما عُرف بـ "الربيع العربي"، وانتشار المخاوف المرتبطة بالإسلام الراديكالي.



 2– ارتفاع تكاليف العمل في المناطق النائية: شجع الارتفاع الكبير في أسعار النفط منذ أواخر التسعينيات، العديد من الشركات العالمية على البحث عن فرص جديدة للعمل في أماكن نائية، وهو ما جعل تلك الشركات هدفًا لتحديات أمنية متنوعة، لتتعاظم حاجتها إلى شركات الاستشارات السياسية وتقييم المخاطر.



 3– زيادة تعقُّد النظام المالي الدولي: وصل الاقتصاد العالمي في عام 2008 إلى حافة الهاوية؛ إذ فرض هذا الوضع المزيد من التعقيد على النظام المالي الدولي، ليُمثل هذا المجال بُعدًا آخر لمجال إدارة عملية المخاطر في نشاط شركات الأعمال.



 4– ارتفاع مخاطر الجرائم الإلكترونية والسيبرانية: مع تزايُد الاعتماد على الإنترنت، زادت مخاطر الجرائم الإلكترونية، سواء من جانب القراصنة أو من جانب عناصر إرهابية، لينتشر نشاط شركات الأمن السيبراني مع تنامي مثل هذه التهديدات.



 أهمية متزايدة



 1– بروز الحاجة إلى الشركات الاستشارية منذ السبعينيات: بدأ تعرض الأعمال التجارية للمخاطر الحديثة الواسعة النطاق منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي. وتواكب ذلك مع بروز دور الشركات الاستشارية في مجال تقييم المخاطر. وكانت الريادة هنا لشركات قدمت المشورة الأمنية والاستقصائية –مثل "كرول أسوسييتيس" في نيويورك" و"كنترول ريسكس" في لندن– ومثلت استجابة متقدمة لمشاكل كانت تحاصر نشاط الشركات العالمية في تلك الفترة.



 2– توسُّع هائل في أنشطة شركات تقييم المخاطر: وفَّر المتعاقدون الأمنيون الدعم اللوجستي والقوى العاملة المطلوبة للشركات الكبرى؛ ما يسد الفجوة التي خلفها تقلص الجيوش حول العالم، لتهيمن على نشاط الأعمال الآن مجموعات أكبر من شركات التأمين العملاقة التي تقدم المشورة بشأن عملية إدارة المخاطر، والتي أضحت من المتطلبات اللازمة للشركة الناجحة في هذا المجال.



 3– اقتحام عناصر غير مؤهلة لمجال إدارة المخاطر: استقطب ازدهار نشاط شركات تقييم المخاطر، مجموعة من الوافدين الجدد؛ غالبيتهم كانوا جنودًا ودبلوماسيين ومحامين وجواسيس وصحفيين سابقين، يسعون إلى استغلال شهرتهم وإعادة توظيف مهاراتهم السابقة في عالم التجارة. ولكن لعدم تمتع معظم هؤلاء بالمهارات الخاصة بمواجهة المخاطر، فإنهم يتحولون إلى عبء على أنشطة إدارة الأعمال التجارية.



 نصائح للشركات



 1– التمتع بروح المغامرة في عملية إدارة المخاطر: وذلك بمحاولة اكتشاف الفرصة عندما يرى الآخرون المخاطر فقط، مع ما يقتضيه ذلك من تنفيذ الخطط ذات الصلة بسرعة وكتمان وكفاءة، والتمتع بالموهبة اللازمة للإقناع؛ فالنجاح في مجال إدارة المخاطر يعتمد على توظيف ثلاثة عناصر رئيسية: الذكاء الجيد، وبيئة الأمن المناسبة، في مقابل المخاطرة المحسوبة.



 2– التعلم من خلال التجربة والخطأ: من المهم التعلم خلال التجربة والخطأ، للتمييز بين حالتي الخوف والحاجة إلى المخاطرة. إنها الموازنة بين أن يصبح الفرد أو الشركة أقل ثقةً أو أكثر يقينًا حول الخيارات المطروحة في أوقات الأزمات.



 3– التمتع بمهارات وخبرات متنوعة: تتطلب صناعة المخاطر أشخاصًا يتمتعون بمهارات وخلفيات متنوعة، يعملون بجانب محللين أكاديميين متميزين يمتلكون القدرة على توضيح الطريقة التي تؤثر بها السياسة العالمية على نشاط الشركات، لا سيما في المناطق غير مستقرة.



 4– الصمود والثبات في مواجهة العراقيل: العمل بمجال إدارة المخاطر يتطلب إظهار الصمود والثقة، مع القدرة على أن تكون الشركة في وضع تفاوضي جيد، وفي حالة تأهُّب دائم، والبحث عن تغيرات تكون ملحوظة بالكاد في السلوك، بما يساعد على تعزيز المكاسب وتقليص الخسائر خلال الأزمات.







 5– التصرف بأسلوب قانوني وأخلاقي: أصبح العمل بمجال مواجهة المخاطر مقيدًا بالقيود القانونية والأخلاقية، في ظل البيئة الدولية الحالية، وتعاظُم احتمالات الملاحقة القانونية للشركات الاستشارية والعاملين بها في حال تجاوز الأطر الأخلاقية لنشاطها المعلن.



 وأخيرًا، فإن حساب المخاطر عملية منطقية نسعى إلى التحكم فيها بوعي، باستخدام الأسلحة المعرفية، مع وجود احتمالات للفشل؛ إذ يظل من الصعب التوصل إلى تنبؤات يقينية حول المستقبل في مجال تقييم المخاطر.

دليل "كنترول ريسكس" لإدارة الأزمات الاستراتيجية