إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>عقد "إنترريجونال" للتحليلات الاستراتيجية حلقة نقاشية بعنوان: "الحراك الدائم: كيف يمكن فهم المجتمعات في أمريكا اللاتينية؟"، استضاف خلالها الباحثة البيروفية-البرازيلية د. ياسمين كالميت، أستاذة الاجتماع السياسي بجامعة سانتا ماريا الكاثوليكية ببيرو، والأستاذة السابقة في الجامعة الفيدرالية في فرونتيرا سول بالبرازيل، وجامعة سانتا كاتارينا الفيدرالية بالبرازيل، كما كانت باحثة في معهد الدراسات السياسية لدول الأنديز في بيرو، ومجموعة دراسات الأمن والدفاع بالبرازيل.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">خصائص المجتمعات اللاتينية</span></strong></p>



<p><strong>رصدت الحلقة النقاشية عدة خصائص للمجتمعات اللاتينية يتمثل أبرزها فيما يلي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1-</strong><strong> </strong><strong>التركيبة العرقية المتداخلة للمجتمعات اللاتينية:</strong> تتسم المجتمعات في دول أمريكا اللاتينية بالتعددية في ظل التعايش بين السكان الأصليين والمهاجرين من مختلف دول العالم، بالإضافة لوجود عرقيات وقوميات من أوروبا وآسيا وإفريقيا. وفي ظل هذا التداخل العرقي أصبحت القارة موضعاً لتفاعل فريد بين هذه المجموعات المختلفة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2-</strong><strong> </strong><strong>التكيف مع التعددية اللغوية: </strong>على الرغم من انتشار اللغتين الإسبانية والبرتغالية في دول أمريكا اللاتينية، إلا أن هناك أكثر من 500 لغة في القارة، كما تنتشر أكثر من لغة محلية في الدولة الواحدة مما يؤثر على تماسك المجتمعات وقدرة السلطة على فرض سيطرتها على الأقاليم المختلفة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3-</strong><strong> </strong><strong>ترسُّخ الإرث الاستعماري في المجتمعات:</strong> تعاني مجتمعات أمريكا اللاتينية من استمرار إرث الاستعمار المتمثل في تركُّز ملكية الأرض والتوزيع غير العادل للثروات، بالإضافة إلى تأخر عمليات التحديث والتصنيع، وتدني مستويات التعليم، مما أدى إلى هشاشة المجتمعات واضطراب العلاقة بين الدولة والمجتمع.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- تركز السكان في المدن الكبرى:</strong> تتسم المجتمعات في أمريكا اللاتينية بالتوزيع غير المتوازن للسكان، وتركزهم في المدن الكبرى (مثل: ليما، وساو باولو، وبرازيليا، وبيونس آيرس.. وغيرها)، وهو ما يزيد من الضغط على المدن ويؤدي لانتشار ظواهر مثل: العشوائيات، والجريمة المنظمة، وتدني مستويات الخدمات الأساسية. ويعيش حوالي 85% من السكان في المناطق الحضرية، وحوالي 35% في المدن المليونية، كما يوجد في 5 مدن كبرى ما يزيد على 10 ملايين من السكان وهي: بيونس آيرس، ومكسيكو سيتي، وليما، وريودي جانيرو، وساو باولو.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5-</strong><strong> </strong><strong>توسع الفقر المدقع في أرجاء القارة:</strong> إن الظاهرة المهيمنة على أمريكا اللاتينية هي انتشار الفقر، حيث تصل معدلات الفقر المدقع بالقارة إلى 33.7%، ويحظى حوالي 10% من السكان بما يزيد على 37% من الدخل القومي الإجمالي لدول القارة، بينما يحصل 40% الأفقر من السكان على 13% فقط من الدخل القومي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6-</strong><strong> </strong><strong>تزايُد مخيف لمعدلات التسرب من التعليم:</strong> تواجه دول أمريكا اللاتينية موجة ضخمة للتسرب من التعليم في كافة المراحل، وتشير الإحصاءات إلى وجود نسب تصل إلى 24% فقط من الحاصلين على التعليم الجامعي، بينما لا يحصل بقية الشباب على التعليم الجامعي، فضلاً عن ترك الطلاب للمراحل التعليمية المختلفة بسبب الفقر، واقتصار وجود المؤسسات التعليمية على المدن الكبرى.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">تفسيرات عدم الاستقرار الممتد</span></strong></p>



<p><strong>قدم المشاركون عدة تفسيرات لعدم الاستقرار الممتد في دول أمريكا اللاتينية، وتمثلت أبرز التفسيرات المتداولة فيما يلي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1- انتشار الحركات الشعبوية:</strong> تعد دول أمريكا اللاتينية موطناً للحركات الشعبوية التي تعتبر ضمن إرث محاربة الاستعمار الغربي. وعلى الرغم من ارتباط شعبوية أمريكا اللاتينية باليسار وقيادات مثل هوجو تشافيز في فنزويلا وفيدال كاسترو في كوبا؛ إلا أن اليمين الشعبوي ظل حاضراً في أمريكا اللاتينية، متبنياً خطاباً يستهدف جذب قطاعات شعبية واسعة لصالحه للهيمنة على السلطة. وقد شهدت دول أمريكا اللاتينية صعود قيادات شعبوية يمينية مثل بولسونارو في البرازيل، وماوريسيو ماكري في الأرجنتين، وسباستيان بنييرا في تشيلي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2- دور سلبي للشركات الدولية العملاقة:</strong> تُوجه النخب السياسية اللوم في عدم الاستقرار في أمريكا اللاتينية إلى دور الشركات الأجنبية العاملة في قطاعات النفط والتعدين والبنية التحتية وغيرها من الشركات التي تنظر للمواطنين في هذه الدول باعتبارهم عمالة رخيصة، ولا تلتزم بمبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات، وتستغل البيئة الاستثمارية للحصول على مكاسب ضخمة واستغلال ثروات هذه الدول.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3- انتشار ممارسات "حكم اللصوص":</strong> تعد دول أمريكا اللاتينية من أكثر الدول التي تعاني الفساد المنتشر في النخب السياسية، حيث تنتشر ممارسات "حكم اللصوص" (Kleptocracy) &nbsp;في دول القارة مثل "سرطان المخ" الذي لا يمكن علاجه، وتتواجد ممارسات الفساد في كافة مستويات السلطة بلا استثناء.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4- سيطرة العصابات على "أقاليم" غير محكومة</strong><strong>:</strong> تهيمن عصابات الجريمة المنظمة على مناطق الغابات وبعض المناطق النائية التي تتحول إلى أقاليم غير محكومة لا تسيطر عليها الحكومات (Ungoverned Regions)، وتقوم هذه العصابات بأنشطة غير مشروعة، مثل: زراعة وتصنيع وتجارة المخدرات، والاتجار في البشر والأسلحة، وعمليات التهريب عبر الحدود، وتدير اقتصاديات موازية ضخمة، وتقوم بدفع الرشاوى والعمولات للشرطة ومؤسسات إنفاذ القانون والسياسيين مقابل الاستمرار في أنشطتهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5- توسّع الحركات الاجتماعية بدول القارة:</strong> تُعد الحركات الاجتماعية ذات النشاط الاحتجاجي من الملامح الرئيسية للمجتمعات في أمريكا اللاتينية، حيث تنظم هذه الحركات النشاط السياسي للمجتمعات خارج نطاق المؤسسات السياسية، وتستهدف تنظيم الاحتجاجات المعارضة لعدم المساواة والتوزيع غير العادل للثروة، وتدني مستويات الخدمات الأساسية، وانعدام الأمن والفساد المستشري في النخب السياسية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6- تسييس المؤسسات العسكرية:</strong> تقوم المؤسسات العسكرية في بعض دول أمريكا اللاتينية بدور مركزي في التفاعلات السياسية في ظل الصراعات السياسية المحتدمة، حيث تتولى ترجيح كفة قيادات في مواجهة أخرى، بالإضافة لاحتفاظها بالحق في التدخل السياسي لحماية الدولة من الانهيار في حال تفشي عدم الاستقرار وخروجه عن السيطرة، وهو ما أدى لزيادة معدلات حدوث الانقلابات العسكرية في دول القارة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>7- الانكشاف على التدخلات الخارجية:</strong> تعد دول أمريكا اللاتينية الأكثر انكشافاً على تدخلات القوى الخارجية، حيث تدير الولايات المتحدة منذ عقود عمليات أمنية واسعة في دول القارة لمحاربة تهريب المخدرات، وتفكيك شبكات عصابات الجريمة المنظمة، وتمارس وفقاً للمتحدثة الرئيسية في الورشة العديد من الأدوار المزعزعة للاستقرار بهدف دعم النظم السياسية الموالية لها، وتحجيم التيارات اليسارية والشعبوية المعارضة لنفوذها أو التي تهدد مصالحها الاقتصادية والسياسية، وهو ما يزيد من عدم الاستقرار السياسي والأمني في أمريكا اللاتينية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ختاماً، ركز المشاركون على مستقبل التعاون بين الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية، خاصةً في المجالات الاقتصادية، نظراً لوجود فرص متعددة غير مستغلة في أمريكا اللاتينية على الرغم من المخاطر المرتفعة المرتبطة بالاستثمار وتهديدات الأمن، وحالة عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات المتتابعة، والتغير في نظم الحكم.</strong><strong></strong></p>

      

كيف يمكن فهم المجتمعات في أمريكا اللاتينية؟ (حلقة نقاشية)