يتفق معظم المراقبين على أن منطقة المحيطين الهندي والهادي "الإندو–باسيفيك" سيكون لها دور كبير في تشكيل معالم النظام الدولي القادم؛ لما لها من ثقل اقتصادي وسياسي وديموغرافي وأمني متزايد، وفي الوقت الذي تنتقل فيه "حلبة الصراع الدولي" إلى الشرق، مع تسارع وتيرة التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي؛ إذ تركز واشنطن جهودها بشكل أساسي على كبح الجماح الصيني ومحاولة تشكيل تحالفات أكثر مرونة في المديين المنظور والمتوسط.

وفي ضوء هذا، أصدر البيت الأبيض، في 11 فبراير 2022، استراتيجيته الجديدة لمنطقة الإندو–باسيفيك Indo–Pacific، وهي المنطقة التي تمتد من ساحل المحيط الهادي إلى المحيط الهندي، وتعد موطناً لأكثر من نصف سكان العالم، وتمثل نحو ثلثي اقتصاد العالم، ويوجد بها سبعة من أكبر الجيوش العالمية. واستناداً إلى ذلك، تنطلق الاستراتيجية الأمريكية تجاه المنطقة، من التزام الولايات المتحدة بتشكيل منطقة حرة ومنفتحة، ومزدهرة وآمنة ومرنة. والسمة الأساسية لهذا النهج، هي أنه لا يمكن تحقيقه بجهود فردية، بل تتطلب الظروف الاستراتيجية المتغيرة والتحديات التاريخية، تعاوناً غير مسبوق مع الذين يتشاركون في هذه الرؤية.

خمسة أهداف

حددت الاستراتيجية خمسة أهداف كبرى رئيسية للولايات المتحدة في منطقة الإندو–باسيفيك؛ وذلك على النحو التالي:

1– الحفاظ على منطقة الإندو–باسيفيك حرةً ومفتوحةً ومتقدمةً: تتطلب المصالح الأمريكية الحيوية ومصالح أقرب حلفائها، إنعاش الحرية والازدهار في الإندو–باسيفيك؛ حيث يمكن للحكومات اتخاذ خياراتها السيادية، بما يتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي. وسيتم تطبيق ذلك من خلال الاستثمارات في المؤسسات الديمقراطية ودعم الصحافة الحرة والمجتمع المدني. بالإضافة إلى ذلك، ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز حرية المعلومات ومكافحة التدخل الأجنبي وزيادة التعاون لمواجهة التهديدات من التلاعب بالمعلومات. وتماشياً مع استراتيجية الولايات المتحدة الأولى على الإطلاق لمكافحة الفساد، ستسعى واشنطن أيضاً إلى تحسين الشفافية المالية في الإندو–باسيفيك لكشف الفساد ودفع الإصلاح. كذلك ستمثل الولايات المتحدة شريكاً هاماً في تعزيز سيادة القانون والحكم الديمقراطي الخاضع للمساءلة، من خلال المشاركة الدبلوماسية والمساعدة الخارجية والعمل مع المنظمات الإقليمية. وستعمل الولايات المتحدة أيضاً عن كثب مع الشركاء ذوي التفكير المماثل؛ لضمان بقاء المنطقة مفتوحة ويمكن الوصول إليها، ولتضمن أن تُحكَمَ بحار المنطقة وأجواؤها وتُستخدَم وفقاً للقانون الدولي.

علاوة على ذلك، سيتم العمل أيضاً مع الشركاء لتعزيز السياسات المشتركة للتقنيات الحيوية والناشئة، والإنترنت، والفضاء السيبراني؛ وذلك من خلال بناء الدعم لإنترنت مفتوح وقابل للتشغيل المتبادل وموثوق وآمن، والتنسيق مع الشركاء للحفاظ على نزاهة هيئات المعايير الدولية وتعزيز معايير التكنولوجيا القائمة على التوافق والقيم، فضلاً عن تسهيل حركة الباحثين والوصول المفتوح إلى البيانات العلمية من أجل التعاون المتطور، والعمل على تنفيذ إطار السلوك المسؤول في الفضاء السيبراني والمعايير المرتبطة به.

2– تشبيك الروابط والجسور مع الحلفاء داخل وخارج المنطقة: من الضروري تحديث وتكييف التحالفات والمنظمات والقواعد التي ساعدت الولايات المتحدة وشركاؤها في بنائها بالمنطقة؛ حيث تعمل الولايات المتحدة على تعميق التحالفات التعاهدية الإقليمية مع أستراليا واليابان وجمهورية كوريا والفلبين وتايلاند، وتعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين الرائدين، بما في ذلك الهند وإندونيسيا وماليزيا ومنغوليا ونيوزيلندا وسنغافورا وتايوان وفيتنام وجزر المحيط الهادي.

ومن ناحية أخرى، ستشجع واشنطن حلفاءها على تعزيز علاقات بعضهم مع بعض، بحيث يتم تمكين الحلفاء من تولي أدوار قيادية إقليمية بأنفسهم، والعمل معاً في مجموعات مرنة لمواجهة قضايا العصر، من خلال مجموعات مثل "كواد" ورابطة "الآسيان". هذا ويوجه الحلفاء خارج المنطقة، اهتماماً متزايداً للإندو–باسيفيك، ولا سيما الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي (الناتو). لذلك، سيتم التشارك في بناء اتصال إقليمي مع التركيز على المجال الرقمي، ودعم القانون الدولي، بحيث يتم بناء الجسور بين المحيطات الثلاث. ولا تربط تلك العلاقات بين الحكومات فحسب، بل بين الشعوب أيضاً؛ حيث تعتبر الولايات المتحدة هي الجهة الدولية الرائدة في توفير التعليم للطلاب من الإندو–باسيفيك؛ لذلك ستعمل الولايات المتحدة على تنشيط برامج الشباب القيادية والتعليمية والمهنية، وبرامج التدريب باللغة الإنجليزية التي رسخت الروابط منذ فترة طويلة. وفي الوقت نفسه، ستعمل أيضاً على تعزيز شراكات جديدة لأحدث الأبحاث المشتركة في المجالات الحيوية للعلوم والتكنولوجيا.

3– تشجيع الاستثمارات والنمو الاقتصادي في الإندو–باسيفيك: يرتبط رخاء الأمريكيين العاديين بمنطقة الإندو–باسيفيك؛ لذا سيتم طرح إطار جديد مبتكر على أساس قوي من التكامل الاقتصادي الوثيق؛ حيث بلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والإندو–باسيفيك، 1.75 تريليون دولار في عام 2020، كما بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر من الولايات المتحدة أكثر من 969 مليار دولار في العام نفسه، وتضاعف تقريباً في العقد الماضي.

ومن ثم، يتطلب تعزيز النمو الاقتصادي، استثمارات لتشجيع الابتكار والقدرة التنافسية، وإعادة بناء سلاسل التوريد، وتوسيع الفرص الاقتصادية للطبقة المتوسطة. وسيساعد ذلك الإطار الاقتصادي، على تسخير التحول التكنولوجي السريع، خاصةً التحول في الاقتصاد الرقمي، والتكيف مع التحول القادم في مجال الطاقة والمناخ، بجانب العمل في منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (APEC)، على تعزيز التجارة والاستثمار الحر والعادل والمفتوح. وبناءً عليه، ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء، لضمان أن المواطنين على جانبي المحيط الهادي يجنون فوائد هذه التغييرات الاقتصادية التاريخية. ومن خلال مبادرة "إعادة بناء عالم أفضل" مع شركاء مجموعة السبع الدولية G7، سيتم تزويد الاقتصادات الناشئة في المنطقة بالبنية التحتية العالية المستوى، بما يمكنهم من النمو والازدهار، وتعزيز الاتصالات العالمية المرنة والآمنة، مع التركيز على تنويع تكنولوجيا 5G وتكنولوجيا شبكة الوصول اللاسلكي المفتوحة (O–RAN).

4– تعزيز الأمن والقدرات الجماعية لتحقيق الردع الموسع في المنطقة: لمدة 75 عاماً، حافظت الولايات المتحدة على وجود دفاعي قوي ومتسق؛ لدعم السلام الإقليمي والأمن والاستقرار، وتسعى اليوم إلى توسيع هذا الدور وتحديثه من خلال تعزيز القدرات الدفاعية والردع المتكامل للعدوان على أراضي الولايات المتحدة وحلفائها؛ بحيث سيتم تجديد التركيز على الابتكار؛ لضمان قدرة الجيش الأمريكي على العمل في بيئات تهديد سريعة التطور، بما في ذلك الفضاء والفضاء الإلكتروني ومجالات التكنولوجيا الحيوية والناشئة. كذلك سيتم العمل أيضاً على تطوير مفاهيم جديدة للعمليات، وزيادة نطاق وتعقيد التدريبات والعمليات المشتركة. وستعمل الولايات المتحدة مع الحلفاء على تعميق القابلية للتشغيل المتبادل وتطوير ونشر قدرات قتالية متقدمة، وفي الوقت نفسه، تدعيم الدفاع عن المواطنين ومصالحهم السيادية. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم دمج سلاسل التوريد الدفاعية، والمشاركة في إنتاج التقنيات الرئيسية التي من شأنها تعزيز المزايا العسكرية الجماعية.

في الوقت نفسه، سيتم تعزيز الردع الموسع والتنسيق مع كوريا الجنوبية واليابان؛ للرد على استفزازات كوريا الشمالية، مع تعزيز مكافحة الانتشار النووي. وبالتوازي مع ذلك، ستسعى الولايات المتحدة أيضاً إلى العمل مع مجموعة واسعة من الفاعلين، بما في ذلك الخصوم؛ لمنع الأزمات وإدارتها، كما سيتم التعاون من أجل معالجة ومنع الإرهاب والتطرف العنيف، بما في ذلك عن طريق تحديد ومراقبة المقاتلين الأجانب الذين يسافرون إلى المنطقة، وصياغة خيارات للتخفيف من التطرف على الإنترنت، وتشجيع التعاون في مكافحة الإرهاب داخل الإندو–باسيفيك. في غضون ذلك، سيتم تعزيز القدرات الإقليمية الجماعية للتأهب للكوارث البيئية والطبيعية والاستجابة لها، فضلاً عن التهديدات البيولوجية الطبيعية أو المتعمدة، وتهريب الأسلحة والمخدرات والأشخاص. وستعمل الولايات المتحدة على تحسين الأمن السيبراني في المنطقة، بما في ذلك قدرة شركائنا على الحماية من حوادث الأمن السيبراني والتعافي منها والاستجابة لها.

5– بناء قدرة إقليمية على الصمود أمام التهديدات العابرة للحدود: تُمثل منطقة الإندو–باسيفيك بؤرة أزمة المناخ؛ إذ تضم 70% من الكوارث الطبيعية في العالم، ومع ذلك فهي تعتبر أساسية أيضاً للوصول إلى حل؛ حيث سيتطلب تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ من الاقتصادات الرئيسية في المنطقة، مواءمة أهدافها مع أهداف الاتفاق المتعلقة بالمناخ. وعليه، ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء على وضع أهداف واستراتيجيات وخطط وسياسات لعامي 2030 و2050؛ للحد من زيادة درجة الحرارة العالمية بنسبة 1.5 درجة مئوية، ونقل المنطقة إلى مستقبل صافي الانبعاثات الصفرية، وتحفيز الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة النظيفة ونشرها، وتقليل التعرض لتأثيرات تغير المناخ والتدهور البيئي، ودعم مرونة البنية التحتية الحيوية ومعالجة أمن الطاقة.

عشر آليات

من أجل ضمان تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية للإندو–باسيفيك، ستسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى عشر وسائل أساسية؛ وذلك خلال الـ 12 إلى 24 شهراً القادمة:

1– توجيه موارد جديدة إلى منطقة الإندو–باسيفيك: يتطلب بناء القدرات المشتركة من الولايات المتحدة، القيام باستثمارات إقليمية جديدة؛ حيث سيتم فتح سفارات وقنصليات جديدة، لا سيما في جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادي، وتكثيف الأعمال المتعلقة بالمناخ والصحة والأمن والتنمية. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم توسيع وجود خفر السواحل الأمريكي والتعاون في جنوب شرق وجنوب آسيا وجزر المحيط الهادي، مع التركيز على تقديم المشورة والتدريب والنشر وبناء القدرات، وضمان وجود القدرة والخبرة الأمريكية اللازمة لمواجهة تحديات المنطقة.

2– شراكات جديدة لتعزيز المنافع الاقتصادية المتبادلة: سيتم إطلاق شراكة جديدة، في عام 2022، من شأنها تعزيز وتسهيل التجارة العالية المعايير، والتحكم في الاقتصاد الرقمي، وتحسين مرونة سلاسل التوريد وأمنها، وتحفيز الاستثمار في بنية تحتية شفافة؛ ما يؤدي إلى مضاعفة العلاقات الاقتصادية مع المنطقة، والمساهمة في الفرص المشتركة على نطاق واسع معها.

3– تعزيز الردع العسكري والأمن الإقليمي للحلفاء: ستقوم الولايات المتحدة بردع العدوان العسكري ضدها وضد الحلفاء، بما في ذلك عبر مضيق تايوان، وستعزز الأمن الإقليمي من خلال تطوير قدرات ومفاهيم عمليات وأنشطة عسكرية جديدة ومبادرات صناعية دفاعية؛ وذلك من خلال العمل مع الكونجرس الأمريكي، لتمويل مبادرة الردع في المحيط الهادي ومبادرة الأمن البحري. ومن خلال شراكة AUKUS سيتم تحديد المسار الأمثل لتسليم الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية إلى البحرية الملكية الأسترالية في أقرب وقت ممكن. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم العمل على تعميق التعاون وتعزيز قابلية التشغيل المتبادل، من خلال برنامج عمل ملموس بشأن القدرات المتقدمة، بما فيها القدرات الإلكترونية والذكاء الاصطناعي والقدرات تحت سطح البحر.

4– توسيع التعاون مع "الآسيان" القوية والموحدة: تقوم الولايات المتحدة باستثمارات جديدة في العلاقات مع رابطة دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك من خلال استضافة قادة الآسيان لأول مرة على الإطلاق، في قمة تاريخية خاصة بين الجانبين تُعقد في واشنطن. ومن المقرر أن تستثمر الولايات المتحدة أكثر من 100 مليون دولار في مبادرات جديدة بينها وبين الآسيان، بالإضافة إلى توسيع التعاون الثنائي، مع إعطاء الأولوية للجهود المبذولة لتعزيز الأمن الصحي، ومعالجة التحديات البحرية، وزيادة الاتصال، وتعميق العلاقات بين الأفراد.

5– دعم وتعزيز الصعود والقيادة الإقليمية للهند: سيتم مواصلة بناء شراكة استراتيجية تعمل فيها الولايات المتحدة والهند معاً ومن خلال التجمعات الإقليمية، لتعزيز الاستقرار في جنوب آسيا، وتعميق التعاون في مجالات جديدة مثل الصحة والفضاء الإلكتروني، فضلاً عن التعاون الاقتصادي والتكنولوجي. وتدرك الولايات المتحدة جيداً أن الهند تعتبر شريكاً وقائداً في جنوب آسيا والمحيط الهندي، كما أنها قوة دافعة للرباعية الأمنية "كواد" والاتفاقات الإقليمية الأخرى، ومحركاً للنمو والتنمية الإقليمية.

6– منح المزيد من الأدوار للرباعية الأمنية "كواد": سوف يتم تعزيز "كواد" كمجموعة إقليمية رئيسية في القضايا التي تهم منطقة الإندو–باسيفيك. كما ستلعب الرباعية دوراً إقليميّاً رائداً في الاستجابة لجائحة كورونا والأمن الصحي العالمي، من خلال تقديم استثماراتها لتوفير مليار لقاح إضافي للمنطقة والعالم؛ وذلك بالإضافة إلى تقدم العمل في التقنيات الحيوية والناشئة، ودفع التعاون في سلاسل التوريد، ونشر التكنولوجيا المشتركة، وتعزيز مبادئها.

من ناحية أخرى، ستقوم الرباعية ببناء شبكة خضراء للنقل، وتنسيق تبادل بيانات الأقمار الصناعية لتحسين الوعي بالمجال البحري والاستجابات المناخية، كما سيتعاون أعضاؤها لتوفير بنية تحتية عالية المستوى، في جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادي، وسيعملون على تحسين قدراتهم الإلكترونية. ومن المقرر إطلاق برنامج "منحة كواد" رسميّاً، في عام 2022، مع اختيار أول دفعة مكونة من 100 طالب من جميع الدول الأربعة المشتركة في الاتفاقية، لاستكمال الدراسات العليا في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الولايات المتحدة، بدءاً من عام 2023. وستواصل الرباعية الاجتماع بانتظام، على مستوى القادة والمستوى الوزاري.

7– تعميق التعاون الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية: تتطلب كل تحديات الإندو–باسيفيك تقريباً، تعاوناً وثيقاً بين حلفاء الولايات المتحدة وشركائها، ولا سيما اليابان وكوريا الجنوبية؛ حيث سيتواصل التعاون الوثيق من خلال القنوات الثلاثية، بشأن كوريا الشمالية. وبجانب الأمن، ستعمل الدول الثلاث معاً أيضاً على التنمية الإقليمية والبنية التحتية، والتكنولوجيا الحيوية وقضايا سلاسل التوريد، وتمكين المرأة، من خلال تنسيق الاستراتيجية الإقليمية في سياق ثلاثي.

8– دفع الشراكة الأمريكية مع جزر المحيط الهادي: ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء لإنشاء مجموعة استراتيجية متعددة الأطراف تدعم دول جزر المحيط الهادي، وهي تبني قدراتها ومرونتها كفاعل أمني ومستقل. وعلاوة على ذلك، سيتم العمل على بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ، والتنسيق لسد فجوات البنية التحتية في المحيط الهادي، وخاصةً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تسهيل النقل والتعاون لتحسين الأمن البحري لحماية مصايد الأسماك، وبناء الوعي بالمجال البحري، وتحسين التدريب والإرشاد. ناهيك عن منح الأولوية للمفاوضات بشأن اتفاقيات الارتباط الحر مع الدول الثلاث ذات السيادة لجزر المحيط الهادي –من ولايات ميكرونيزيا الموحدة، وجمهورية جزر مارشال، وجمهورية بالاو– باعتبارها حجر الأساس لدور الولايات المتحدة في المحيط الهادي.

9– تشجيع استئصال الفساد ودعم الديمقراطية: سيتم دعم قدرة حكومات الإندو–باسيفيك على اتخاذ خيارات سياسية مستقلة، من خلال المساعدة على استئصال الفساد، وسياسات المساعدة والتنمية الخارجية، والقيادة في مجموعة السبع ومجموعة العشرين، والدور المتجدد في شراكة الحكومة المفتوحة. كذلك سيتم التشارك مع الحكومات والمجتمع المدني والصحفيين، للتأكد من أن لديهم القدرة على كشف وتخفيف مخاطر التدخل الخارجي والتلاعب بالمعلومات. كما ستواصل الولايات المتحدة الدفاع عن الديمقراطية في بورما، والعمل عن كثب مع الحلفاء للضغط على الجيش البورمي للعودة إلى الديمقراطية.

10– تحسين الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية: ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز البنية التحتية الرقمية الآمنة والجديرة بالثقة، ولا سيما تنوع موردي خدمات السحابة والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتشجيع عمليات النشر التجارية على نطاق واسع. كما سيتم العمل أيضاً، على تعميق المرونة المشتركة في الشبكات الحكومية والبنية التحتية الحيوية، مع بناء مبادرات إقليمية جديدة، لتحسين الأمن السيبراني الجماعي والاستجابة السريعة للحوادث السيبرانية.

وختاماً، أصبحت المصالح الأمريكية الحيوية في منطقة الإندو–باسيفيك، أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، كما أصبحت أكثر صعوبةً في الحماية؛ الأمر الذي لا يقصرها على مجرد مكافحة التهديدات العابرة للحدود، بل سترتقي إلى مستوى المسؤولية القيادية في الدبلوماسية والأمن والاقتصاد، والمناخ والاستجابة للأوبئة والتكنولوجيا. ومن ثم، سيحدد العقد القادم إذا ما كانت المنطقة قادرة على مواجهة التحديات والتصدي لها واغتنام الفرص المتاحة، بما يؤدي إلى ازدهار الإندو–باسيفيك. ومن خلال اتباع استراتيجية تتم مشاركة ركائزها الأساسية، وتعزيز قدرة المنطقة على تحقيقها؛ يمكن للولايات المتحدة أن تقود مع الآخرين نحو منطقة الإندو–باسيفيك الحرة والمنفتحة والآمنة والمرنة للأجيال القادمة.

المصدر:

Indo – Pacific Strategy of The United States, The White House, February 2022, Accessible at: https://www.whitehouse.gov/briefing–room/speeches–remarks/2022/02/11/fact–sheet–indo–pacific–strategy–of–the–united–states/

ملامح الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة الإندو–باسيفيك