إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

تواصل إيران تخريج دفعات جديدة من ميليشيا "فاطميون" في شمال شرق سوريا؛ لتعويض الخسائر البشرية التي تتعرض لها الميليشيا، ولتعزيز قوة الميليشيات الموالية لها في شمال شرق سوريا؛ لدعم جهودها لإحداث تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة، ومزاحمة واشنطن في مناطق نفوذها التقليدية هناك. ويمكن استعراض دوافع المسعى الإيراني الحالي إلى تعزيز قوة لواء "فاطميون" الأفغاني في شمال شرق سوريا؛ وذلك من خلال ما يلي:







 1– تخريج متواصل لدفعات جديدة من الميليشيا: أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم 31 يوليو 2021، في تقرير له، إلى تخريج دفعة جديدة قوامها 64 شخصًا، من لواء "فاطميون" التابع للحرس الثوري الإيراني، في ريف دير الزور شمال شرق سوريا. وكان المرصد قد أعلن في منتصف أبريل الماضي، عن تخريج دفعة من لواء "فاطميون"، قوامها 52 شخصًا، بعد تدريبهم في معسكر الميليشيا الواقع ضمن منطقة المزارع ببادية الميادين شرق دير الزور.



 



ويُشار في هذا الصدد، إلى أنه حسبما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، تقوم ميليشيا "فاطميون" بممارسة طقوس على الدفعات التي يتم تخريجها كما جرت العادة؛ حيث يتم اصطحابهم إلى مزار "نبع عين علي" الواقع بأطراف الميادين في ريف دير الزور الشرقي، وتطبيق طقوس الميليشيات، وهي دهن وجوه العناصر بالطين الموجود عند المزار، والتبرك بماء العين، أي أخذ المباركة من ماء تلك العين هناك، وسط ترديد شعارات طائفية.







 2– تعويض الخسائر البشرية المتواصلة للميليشيا: تستهدف إيران، بصورة أساسية، من وراء مسعاها إلى تخريج دفعات جديدة لميليشيا "فاطميون"؛ تعويض الخسائر البشرية التي تتعرض لها الميليشيا. وتتمثل آخر أبرز تلك الخسائر في إعلان طهران، في 25 يوليو 2021، عن مقتل العميد في الحرس الثوري الإيراني "سيد أحمد قريشي"، وهو من أبرز قيادات ميليشيا "فاطميون" أيضًا؛ حيث ساهم في تشكيل هذه الميليشيا في سوريا.







 3– دعم الجهود الإيرانية لإحداث تغيير ديمغرافي: تسعى إيران من وراء تعزيز قوة الميليشيات الموالية لها في شمال شرق سوريا إلى دعم جهودها المكثفة لإحداث تغيير ديمغرافي في تلك المنطقة. ويدعم ذلك تقاريرُ المرصد السوري المتواصلة، التي كان آخرها التقرير الصادر في 24 يوليو 2021، الذي أكد تكثيف ميليشيات إيران في سوريا تجنيد أشخاص في شمال شرق سوريا لشراء عقارات في الرقة ضمن مخطط التغيير الديموغرافي للبلاد.



 



جدير بالذكر أن الميليشيات الموالية لإيران في سوريا، تستفيد بصورة أساسية من القانون رقم 10 الذي أصدره الرئيس السوري "بشار الأسد"، في عام 2018، والذي يُتهم بأنه يتيح مصادرة أراضي وممتلكات اللاجئين. وبموجب هذا القانون، صادر بعض أعضاء الميليشيات العديد من الممتلكات وجلبوا عائلاتهم من العراق ولبنان للاستقرار داخل سوريا، وهو الأمر الذي أدى، بطبيعة الحال، إلى زيادة أعداد الشيعة في سوريا مقارنةً بباقي الطوائف الأخرى.







 4– توسيع نطاق الحيز الجغرافي لحضور طهران: يتسق حرص طهران على تعزيز حضور ميليشيا "فاطميون" العسكري في شمال شرق سوريا مع مسعاها الدائم إلى توسيع النطاق الجغرافي لحضورها في سوريا. ويُشار في هذا الإطار إلى أن نطاق حضور إيران وميليشياتها يتسع ليشمل العديد من المناطق؛ حيث توجد الميليشيات الموالية لطهران بقدر لافت في ضواحي دمشق. وتقوم تلك الميليشيات بدوريات في المناطق الاستراتيجية على طول الحدود السورية اللبنانية.







 كما تتمتع إيران وحلفاؤها بحضور قوي في جنوب سوريا، وعلى مقربة من الحدود مع إسرائيل. ولدى طهران ووكلائها أيضًا قواعد في محافظة حلب. ومنذ الإعلان عن هزيمة تنظيم "داعش" في سوريا، حرصت إيران وحلفاؤها على الوجود على طول الحدود السورية العراقية وفي مناطق الشمال الشرقي السوري بوجه عام.







 5– مزاحمة واشنطن في مناطق نفوذها التقليدية: تستهدف طهران بصورة أساسية من تعزيز حضورها العسكري في سوريا بوجه عام، وفي شمال شرق سوريا على وجه التحديد في الوقت الحالي؛ مزاحمة واشنطن في مناطق نفوذها التقليدية في شمال شرق سوريا، والرد على التصعيد الكلامي والميداني المكثف الذي تقوم به الولايات المتحدة ضد الحضور الإيراني في سوريا، سواء في شكله المباشر أو غير المباشر.







 ويدلل على ذلك أن إدارة "بايدن" عبَّرت في أكثر من مناسبة منذ قدومها، عن أن خروج إيران من سوريا يأتي على رأس أولوياتها. وتحاول طهران إيصال رسالة ضمنية إلى الجانب الأمريكي أن ضرباته التي قام بها ضد الميليشيات العراقية الموالية لإيران في شرق سوريا، وعلى طول الحدود السورية العراقية؛ لن تثني إيران عن مشروعها في سوريا.







 وفي المجمل، ستغلق جهود إيران الحالية لتعزيز حضورها العسكري في سوريا بوجه عام، وفي شمال شرق سوريا على وجه التحديد، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الوكلاء؛ الباب تدريجيًّا أمام أي فرصة لخروج طوعي إيراني من الساحة السورية، خاصةً أن هذا الخروج تعتبره طهران –إذا أقدمت عليه– بمنزلة هزيمة مجانية لها، على اعتبار أن ذلك سيضعف قدرتها على منافسة خصومها الإقليميين والدوليين.







































#

كيف توظف إيران ميليشيا "فاطميون" في سوريا؟