إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

أطلق وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة هيئة تنمية الصادرات السعودية بندر الخريف، في 28 مارس 2021، برنامج "صُنع في السعودية"، بما يعزز التنمية الإنتاجية ويساهم في تكريس هُويةٍ للصناعة المحلية. وقد سبق أن افتتح الخريف في الرياض نوفمبر 2020، معسكر تصميم هوية هذا البرنامج، تحت شعار "صمم للوطن هويته الصناعية"، الذي شارك فيه تسعٌ من المصممين والمصممات بالمملكة.



ويتكامل ذلك مع إطلاق برنامج "تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية"، بالإضافة إلى عدد من المبادرات الرامية إلى رفع عناصر المحتوى المحلي في المنتج الوطني، تحت رعاية وإشراف هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، التي أطلقت لائحة تفضيل المحتوى المحلي والقوائم الإلزامية للمنتجات الوطنية، بهدف تعزيز الطلب الحكومي على المنتجات الوطنية في مختلف المجالات، على نحوٍ يعكس اهتمامًا لافتًا من قبل الحكومة السعودية بهذا البرنامج.







اعتبارات متعددة



يمكن القول بأن هناك العديد من الاعتبارات التي تعكس طرح البرنامج في هذا التوقيت، وتعزيز القبول المجتمعي له، على النحو التالي:



1– ريادة المنتج المحلي: يستهدف هذا البرنامج دعم المنتجات الوطنية وتعزيز دورها، في ظل ما تتمتع به المنتجات السعودية من جودة عالية وتنافسية على المستوى الإقليمي، إضافة إلى تأكيد زيادة الوعي والثقة بالمنتج الوطني، أو ما يطلق عليه في الأدبيات "العلامة الوطنية" التي تُميِّز هذا المنتج عن غيره من المنتجات المُصنَّعة في دولةٍ أخرى، وما يرتبط بذلك من تعزيز القدرة على التصدير، وتحسين ميزان المدفوعات.







2– ثقافة الولاء إلى الإنتاج الوطني: قال الوزير بندر الخريف، خلال فعالية افتراضية بالمملكة بتاريخ 28 مارس 2021: "إن برنامج (صنع في السعودية)، يهدف إلى تعزيز ثقافة الولاء إلى المنتج الوطني؛ حيث تم تصميمه بناءً على دراسة لتجارب عدد من الدول التي حققت نجاحات نوعية في تنمية قدراتها الصناعية؛ وذلك بِحَثِّ مواطنيها وغرس روح الولاء إلى المنتج الوطني في نفوسهم؛ الأمر الذي أسهم في توطين الصناعات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي على مختلف المستويات"، وهو ما يعكس رغبةً رسميةً حثيثةً في دعم المنتجات السعودية.







3– التماهي مع رؤية 2030: يأتي الإعلان عن هذا البرنامج متسقًا مع توجه "رؤية المملكة 2030″، التي تعد في الأساس مشروعَ ولي العهد السعودي؛ لتدعيم ركائز حكمه منذ إطلاق تلك الرؤية في عام 2016، بحيث يتم تنويع مصادر دخل المملكة، وتقليل الاعتماد على النفط الذي يعد مصدر الدخل الأساسي للمملكة؛ فبرنامج "صنع في السعودية" هو الأكبر في برامج رؤية المملكة 2030، ويعرف تحت اسم برنامج "نجلب"، ويُعنَى بأربعة قطاعات مهمة؛ هي: قطاعات الصناعة، والطاقة، والثروة المعدنية، والخدمات اللوجستية.







4- خلق فرص عمل: يسهم هذا البرنامج في إتاحة العديد من فرص العمل، خاصةً للشباب الذين يمثلون أكثر من ثلثي المجتمع. وربما يتحقق الهدف الرامي إلى توفير مليون وظيفة للمواطنين والمواطنات في قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بحلول عام 2030. وفي هذا الإطار، يشير اتجاه في الكتابات إلى أن هذا البرنامج لا يقتصر دوره على توفير وظائف، بل سيسهم في استقطاب أصحاب المواهب من الشباب السعودي من مختلف أنحاء البلاد، وتسجيل إنجازات نوعية في مجالات مختلفة، بما يدعم الاقتصاد السعودية بطبيعة الحال.







5– جذب الشركات الأجنبية: لا يقتصر البرنامج على جذب الاستثمارات المحلية وتعزيزها فحسب، بل يستهدف أيضًا جذب الاستثمارات الأجنبية. وفي هذا الإطار، فإن هناك توجهات سعودية على أعلى مستوى بضرورة تذليل كافة العقبات أمام الشركات الأجنبية مع تقديم مجموعة من الحوافز لتلك الشركات في إطار السعي الحثيث نحو دعم الاقتصاد الوطني خلال المرحلة المقبلة.







6– دعم الصورة الذهنية للمملكة: تسعى المملكة إلى تقديم نفسها من جديد إلى العالم خلال تلك المرحلة. وما يدعم صحة ذلك، ما ذكره الوزير بدر الخريف: "ولي العهد يحمل تطلعات كبيرة نحو هذا البرنامج المهم، الذي يعد برنامجًا لكل السعوديين، نظرًا إلى أهميته البالغة في تغيير الصورة النمطية عن المملكة، من كونها تعتمد في صادراتها بنسبة كبيرة على النفط، إلى سوق وطنية كبيرة تضم خليطًا من المنتجات، والعلامات التجارية المتعددة التي ستسهم في إثراء الصناعة المحلية، ورفع نسبة الصادرات".







وفي المجمل، فإن ما طرحته الحكومة السعودية بشأن برنامج "صنع في السعودية"، يمثل خطوة على طريق طويل فيما يخص الارتقاء بالمنتج السعودي، وترويجه على النطاقين المحلي والعالمي. ويتطلب ذلك اختبار الأدوار المنوطة بالمؤسسات الوطنية للوصول إلى هذا الهدف، وكذلك اختبار قدرة المملكة على جذب الشركات الأجنبية وتوفير البيئة المناسبة لها خلال المرحلة المقبلة، في ظل تنافس شديد في منطقة الشرق الأوسط.

مساعٍ سعوديةٌ حثيثةٌ للارتقاء بالمنتجات الوطنية