الوكالة الدولية للطاقة

عرض: عبد الرحمن عاطف 



من المُتوقَّع أن يشهد قطاع الطاقة العالمي تحوُّلات هيكلية في السنوات المقبلة، وسيكون محور هذه التحوُّلات بصورة أساسية تركيز العديد من دول العالم المتقدم على التحول نحو الطاقة النظيفة؛ لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما يُلاحَظ أن تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية تُعَد هي الحافز الرئيسي على التفكير في هذا الاتجاه. ويستدعي هذا الوضع من الدول النفطية التحوُّط بطبيعة الحال من تبعات هذا الأمر، فضلاً عن التركيز بجدية على تنويع اقتصاداتها. وفي هذا الإطار، نشرت الوكالة الدولية للطاقة تقريراً حمل عنوان "توقعات الطاقة العالمية 2022″، ‏يوم 27 أكتوبر 2022.



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



مشهد متغير



تطرق التقرير إلى أهم التوقعات بشأن أوضاع الطاقة في العالم. ويمكن استعراض ‏أبرز ما ورد في التقرير عبر ما يأتي:‏



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



1– بلوغ الطلب على الوقود الأحفوري ذروته بحلول عام 2035:‏ توقع التقرير أن يزيد الطلب على النفط بنسبة أقل من 1% سنوياً قبل أن يبلغ ذروته ‏في عام 2035 عند 103 ملايين برميل يومياً، لافتاً إلى أن الوكالة الدولية للطاقة تدعو لتسريع خفض استخدام الوقود الأحفوري للتوافق مع أهداف باريس المناخية‎. ونوه التقرير بأن الطلب على الوقود الأحفوري سينخفض مع مرور الوقت، وأضاف أن ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية "EVs" يعني أن مستويات الطلب على النفط ستنخفض بشكل كبير في منتصف عام 2030 تقريباً.



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



2– تزايد لجوء الفقراء إلى مصادر الطاقة الرخيصة الملوثة للبيئة:‏ أكد التقرير أن ارتفاع أسعار الطاقة الناجم عن الحرب الأوكرانية سيضر الدول النامية ‏والاقتصادات الناشئة أكثر من غيرها، لافتاً إلى أن الأسر الفقيرة ستعاني بشدة؛ لكونها تُخصِّص جزءاً كبيراً من مدخولاتها على الطاقة. وأشار التقرير إلى أن العديد سيتجهون بشكل أكبر إلى مصادر للوقود رخيصة وأكثر تلويثاً للبيئة، مثل الحطب والفحم. ونوه التقرير بأن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء مُعرَّضة لخطر ‏فقدان التقدُّم الذي أحرزته في تعزيز الوصول إلى الطاقة منذ عام 2013‏‎، وفق ما ذكر التقرير.



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



3– تراجع مكانة روسيا في قطاع الطاقة عالمياً نتيجة الحرب:‏ أشار التقرير إلى أن روسيا كانت أكبر مصدر للوقود الأحفوري في العالم، إلا أن الحرب الأوكرانية أعادت تشكيل أسواق وتدفقات الطاقة العالمية، وأضاف ‏أن مكانة موسكو في قطاع الطاقة عالمياً ستتراجع بشكل أكبر؛ حيث ستنخفض صادرات النفط ‏الروسية بنسبة 25%، بينما ستنخفض صادرات الغاز بأكثر من النصف بحلول ‏عام 2030‏‎. وأضاف التقرير أن حصة روسيا من صادرات الطاقة المتداولة، انخفضت مع توجهها للأسواق الآسيوية بشكل أساسي، في حين ارتفعت أسهم كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وتوقع التقرير انخفاض حصة صادرات الطاقة الروسية التي كانت تقترب من 20% في عام 2021، إلى 13% في عام 2030.



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



4– قيام العديد من الدول بتسريع خططها في قطاع الطاقة: طبقاً للتقرير، تتخذ العديد من الحكومات إجراءات وتدابير طويلة المدى لحماية المستهلكين من آثار أزمة الطاقة؛ حيث تسعى دول إلى زيادة أو تنويع إمدادات النفط والغاز، وتتطلَّع العديد من الدول إلى تسريع التغييرات الهيكلية. ولفت التقرير إلى أن الاستجابات الأكثر وضوحاً هي قانون خفض التضخم الأمريكي، وخطة الاتحاد الأوروبي للتحول إلى الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية "REPowerEU"، وبرنامج التحول الأخضر الياباني "GX"، وتطلُّع كوريا الجنوبية لزيادة حصة الطاقة النووية والمتجددة، بجانب مخططات الصين والهند لتحقيق تقدم في الطاقة النظيفة.



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



5– تصاعد الحاجة إلى تبني نموذج جديد لأمن الطاقة العالمي: أكد التقرير أن التغيرات السياسية العالمية الأخيرة تعزز الحاجة إلى تبني نموذج جديد لأمن الطاقة وتوسيع مجال الطاقة النظيفة؛ لضمان تحقيق الاستقرار في الطاقة وإيفاء متطلبات المستهلكين المحليين، بجانب خفض التكاليف وتقليل الانبعاثات التي تلوث البيئة. وأشار التقرير إلى أن العالم يجب أن يحاول التعايش مع تناقص الوقود الأحفوري، بحسب ما ذكر التقرير.



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



نقطة تحول



وختاماً، شدد التقرير على أن أزمة الطاقة يمكن أن تمثل نقطة تحول تاريخية للطاقة ‏النظيفة، لافتاً إلى أنه يجب أن يصل الاستثمار في الطاقة النظيفة إلى 4 تريليونات بحلول ‏عام 2030 لتحقيق تقدم في أهداف إنهاء الانبعاثات الجوية، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سيزيد استثماراته السنوية في الطاقة النظيفة إلى تريليونَيْن بحلول نهاية العقد الجاري، أي بنحو أكثر من ضعف معدل الاستثمارات الحالية. ونقل التقرير عن "فاتح بيرول" المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية قوله، إن "أسواق وسياسات الطاقة تغيَّرت نتيجة العملية العسكرية الروسية. هناك نقطة تحول تاريخية نحو نظام طاقة أنظف وأكثر أماناً وبأسعار معقولة".



المصادر:



World Energy Outlook 2022 shows the global energy crisis can be a historic turning point towards a cleaner and more secure future, International Energy Agency, October 27, 2022, Available at: <a href="about:blank">https://www.iea.org/news/world–energy–outlook–2022–shows–the–global–energy–crisis–can–be–a–historic–turning–point–towards–a–cleaner–and–more–secure–future</a>



Bella Weetch, IEA: Russia/Ukraine conflict has had lasting impacts on global energy markets, Hydrocarbon Engineering, October 28, 2022, Available at: <a href="https://www.hydrocarbonengineering.com/clean-fuels/28102022/iea-russiaukraine-conflict-has-had-lasting-impacts-on-global-energy-markets/">https://www.hydrocarbonengineering.com/clean–fuels/28102022/iea–russiaukraine–conflict–has–had–lasting–impacts–on–global–energy–markets/</a>

ما الذي يُتوقع أن يشهده قطاع الطاقة في العالم مستقبلاً؟