محمد الفقي


        
<p><strong>تشهد الكونغو الديمقراطية، منذ مطلع العام الجاري، تصاعداً في منحنى العنف شرقَ البلاد، بفعل نشاط متزايد لحركة "23 مارس" المتمردة التي تنتمي إلى عرقية "التوتسي" المناهِضة للحكومة، بعدما اتهمت، في نهاية عام 2021، السلطات في الكونغو بعدم الالتزام باتفاق السلام بينهما المُوقَّع عام 2013، الذي يقضي بإطلاق سراح عناصر الحركة المحتجَزين. وقد خاضت قوات الجيش الكونغولي مواجهات ضد عناصر حركة "23 مارس" خلال الأسبوع الأخير من شهر مايو 2022، مع تقدم الأخيرة باتجاه قاعدة عسكرية للجيش واستهدافها بإقليم كيفو الشمالية.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ضغوط متزايدة</span></strong></p>



<p><strong>لا يمكن إغفال أن تصاعد أنشطة حركة "23 مارس" ينطوي على تداعيات محتملة على جهود مكافحة الإرهاب، وتحديداً في مواجهة تنظيم "داعش" الذي ينشط في مناطق شمال شرق البلاد؛ وذلك على النحو الآتي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تشتيت جهود الجيش الكونغولي في مكافحة الإرهاب: </strong>يمثل تصاعد التمرد المسلح لحركة "23 مارس" شرق البلاد، أزمة كبيرة للجيش الكونغولي، بما يشير إلى فتح جبهة مواجهة جديدة، وهو ما قد يؤثر سلباً على جهود مكافحة النشاط الإرهابي لتنظيم "داعش" عبر فرعه المُسمَّى "ولاية غرب إفريقيا"، بما يعني حتمية تحقيق توازن في توزيع القوة العسكرية لمواجهة النشاط العنيف على محورَين، سواء شرق البلاد أو في المناطق الشمالية الشرقية التي ينشط فيها "داعش"، في ظل تصاعد تمرد حركة "23 مارس" بدرجة ملحوظة، خاصةً أنها لا تعتمد على تنفيذ عمليات خاطفة، بل على محاولة السيطرة على قرى شرق الكونغو، وتنفيذ هجمات على معسكرات الجيش، كان أحدثها الهجوم على قاعدة رومانجابو في منطقة روتشورو الواقعة بإقليم كيفو الشمالية، وفقاً لتقارير إعلامية، في 26 مايو 2022، وقبلها مهاجمة مواقع للجيش في أبريل الماضي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– توجُّه "داعش" نحو توسيع نفوذه الميداني: </strong>يمكن أن يستغل فرع تنظيم "داعش"، انشغال الجيش الكونغولي بمواجهة التمرد المسلح لحركة "23 مارس"، في محاولة زيادة النشاط الإرهابي خلال الفترة المقبلة، إذ استمرت المواجهات بين الجيش والحركة المتمردة لفترة طويلة، ودفع الجيش بتعزيزات عسكرية في نطاق المواجهات مع عناصر الحركة، ومن ثم قد ينتقل التنظيم إلى مرحلة توسيع النفوذ في شمال شرق الكونغو وفرض السيطرة على بعض القرى. لكن رغم أن حالة عدم الاستقرار مناخ مناسب لتكثيف نشاط الجماعات الإرهابية بوجه عام، فإن ذلك يكون مرهوناً بقدرة فرع "داعش" على اتخاذ تلك الخطوة، في ضوء عدد عناصره والدعم المالي واللوجستي اللازم لتطوير تكتيك عمليات واستراتيجياته.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– تكثيف الضغوط السياسية على السلطة: </strong>ثمة تداعيات سلبية يمكن أن تبرز خلال الفترة المقبلة، على المستوى الشعبي، تتصل بتعميق اهتزاز الثقة بقدرة الدولة ومؤسساتها المختلفة، وتحديداً العسكرية والأمنية، على حماية المواطنين، في ظل استمرار النزوح من مناطق الاشتباكات الأخيرة بين الجيش الكونغولي وحركة "23 مارس"، بالصورة التي تفقد معها الدولة قدراً من الدعم الشعبي لمواجهة العنف والتطرف، وإلقاء اللوم على الحكومة لعدم القدرة على توفير الحماية اللازمة للمدنيين، خاصةً أن التوترات بين قطاع من المواطنين في شرق الكونغو وشمال شرقها من ناحية، والحكومة من ناحية أخرى، برزت سابقاً في احتجاجات العام الماضي، على ما تردد حيال اتفاق بين الكونغو ورواندا يسمح بدخول قوات شرطية إلى شرق الكونغو. وبوجه عام، يمكن أن يمثل تصاعد التمرد المسلح للحركة ضغوطاً سياسية على الرئيس الحالي وعلى النظام القائم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– ارتدادات سلبية محتملة على الوضع الإنساني: </strong>استمرار الاشتباكات بين الجيش الكونغولي وحركة "23 مارس"، سيؤدي إلى عرقلة جهود التنمية شرق البلاد وشمال شرقها، باعتبارها أحد مقومات مكافحة التطرف، وهو وضع يمكن أن تستغله التنظيمات الإرهابية للتجنيد اعتماداً على إغراءات مادية، أو توفير مأوى لبعض الأشخاص. وفي ديسمبر 2021، أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في الكونغو بينتو كيتا؛ أن المنطقة الشرقية من البلاد تشهد أزمات إنسانية، مع وصول عدد النازحين إلى نحو 6 ملايين شخص، 51% منهم من النساء، مؤكدةً أن الوضع الإنساني لا يزال يتدهور بسبب انعدام الأمن وانتشار الأوبئة ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– عرقلة جهود قوات حفظ السلام الدولية: </strong>يمكن أن يربكتصاعد التمرد المسلح للحركة، الترتيبات التي عكفت الكونغو على إجرائها خلال الفترة الماضية، خاصةً في ظل ما يقترن بذلك من تأثيرات تتعلق بقوات حفظ السلام الدولية؛ إذ إنه في ضوء الوضع الحالي، يمكن عرقلة مشاركة تلك القوات مع الجيش الكونغولي في مواجهة الجماعات الإرهابية، بعدما وقَّع الطرفان اتفاقية للتعاون المشترك ديسمبر 2021، والتركيز على مهمتها الأساسية في حماية المدنيين المعرضين لتهديد وشيك بالعنف الجسدي، خاصة أن الحركة هاجمت تلك القوات الأممية في مارس الماضي، وأسقطت مروحية تابعة لقوات حفظ السلام. وكانت كبيرة مبعوثي الأمم المتحدة في الكونغو بينتو كيتا، قد أدانت في 23 مايو 2022 الهجمات التي يشنها متمردو الحركة ضد الجيش الكونغولي وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– تراجع التنسيق الأمني مع بعض دول الجوار: </strong>يمكن للتطورات الأخيرة أن تنعكس على التنسيق المشترك بين الكونغو ودول الجوار فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب العابر للحدود؛ فبعد عقد اتفاق بين الكونغو وأوغندا من ناحية، وآخر بينها وبين رواندا من ناحية أخرى، يمكن أن يتراجع هذه التنسيق بعد التوتر بين الكونغو وروندا على وجه الخصوص، بعد اتهام الأولى للثانية بدعم التمرد المسلح للحركة، ووقف حركة الطيران بين البلدين.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">الحاجة إلى الدعم</span></strong></p>



<p><strong>وختاماً، فإن هناك حاجة ماسَّة لتعزيز الدعم الدولي والإقليمي للسلطات في الكونغو؛ من أجل تحجيم التداعيات السلبية المحتملة لتصاعد دور المتمردين، خاصةً في ظل تزايد قدرات الاشتباك لديهم، سواء من خلال استهداف قواعد عسكرية، أو حتى امتلاكهم القدرات القتالية الكافية لإسقاط بعض المروحيات، وبما يمكن أن ينعكس، في مجمله، على تصاعد الظاهرة الإرهابية في الكونغو في المدى المنظور.&nbsp;</strong></p>

      

كيف تؤثر حركة "23 مارس" على مكافحة الإرهاب في الكونغو؟