كوري شاك


        
<p><span class="has-inline-color has-vivid-red-color"><strong>عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية</strong></span></p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>تصاعدت خلال السنوات الماضية مطالب بتعزيز القدرات الدفاعية الأمريكية في خضم التحولات التي يشهدها النظام الدولي الذي بات موسوماً بدرجة كبيرة من التعقيد وتعددية الفاعلين المؤثرين بحيث لم تعد الولايات المتحدة هي الفاعل الوحيد المؤثر في هذا النظام، لا سيما مع نشوء حالة من عدم الرضا لدى كثير من الفاعلين إزاء طبيعة النظام العالمي ومكانتهم داخله، وتوسع نمط دبلوماسية الاعتراض في التفاعلات الدولية الذي يعبر عن نوع من الدبلوماسية التي تخصص قسماً كبيراً من حركتها للاعتراض على النظام الدولي بأكمله أو على جزء منه، بهدف جني المكاسب من ذلك، سواء على الساحة المحلية أو الدولية. فثمة قوى عديدة تنافس الولايات المتحدة على قيادة النظام الدولي، وفي مقدمتها الصين وروسيا اللتان تعملان على تطوير قدراتهما العسكرية وتوسيع دوائر نفوذهما العالمية.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وفي خضم هذه التعقيدات، قُدمت العديد من الأطروحات حول ضرورة تطوير القدرات الدفاعية الأمريكية باعتبارها أداة هامة لاستعادة القوة الأمريكية في مواجهة القوى الصاعدة التي باتت تهدد النفوذ والمكانة الأمريكية. وإحدى هذه الأطروحات تلك التي قدمتها "كوري شاك" مديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد "أمريكان إنتربرايز" ومؤلفة كتاب "الممر الآمن: الانتقال من الهيمنة البريطانية إلى الهيمنة الأمريكية"، في مقالها المنشور على موقع "فورين أفيرز" بعنوان "يجب على أمريكا أن تنفق المزيد على الدفاع".</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">مسار التراجع</span></strong></p>



<p>استهلَّت "شاك" التي شغلت منصب نائب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية في الفترة 2007–2008، التقرير بتتبع مسار تراجع الإنفاق العسكري الأمريكي، ومحاولات تخفيض حجم الجيش؛ حيث تناولت هذا المسار من خلال ما يأتي:</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تخفيض القوات بعد الحرب الباردة:</strong><strong> </strong>وفقاً للتقرير، جاء أول خفض رئيسي للقدرات العسكرية الأمريكية منذ الخمسينيات في نهاية الحرب الباردة. وما بين عامي 1989 و1992، طورت إدارة جورج بوش الأب ما يسمى مفهوم القوة الأساسية؛ لتقليل الإنفاق الدفاعي دون إضعاف القوات المسلحة؛ إذ كان بوش يأمل خفض الإنفاق بنسبة 25% على مدى خمس سنوات من خلال إعادة توجيه الجيش.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– الاستعداد لحروب أصغر: </strong>في إطار سياسات تقليل الإنفاق الدفاعي، تحول المخططون من الاستعداد لحرب مروعة واحدة مع نظير سوفييتي، إلى حروب أصغر ضد قوى إقليمية، وافترضوا فترات تحذير أطول قبل الحرب، وبدؤوا يستعيضون عن القوات المتناوبة، بالقوات المتمركزة تمركزاً دائماً في القواعد حول العالم. وكان الهدف هو تطوير جيش قادر على خوض حربين إقليميتين رئيسيتين مستقلتين، مع وحدات إضافية متاحة للتعزيزات، وقوة نووية منفصلة. وأنتجت هذه التغيرات جيشاً أصغر يتكون من 12 فرقة نشطة وستة فرق احتياطية، و15 جناحاً نشطاً، و11 جناحاً احتياطيّاً تكتيكيّاً، و451 سفينة، بما في ذلك 12 ناقلة.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– الفجوة بين الاستراتيجيات الطامحة وتمويلها:</strong> حسب التقرير، فإنه على الرغم من أن استراتيجية "القوة الأساسية" لبوش خفضت الإنفاق، فإنها قللت أيضاً المطالب المفروضة على القوات المسلحة. وقد الاختلاف بين استراتيجيتها العسكرية ومواردها المخصصة بالفعل مع استراتيجية "المراجعة من الأسفل إلى الأعلى" عام 1993؛ وذلك في إطار محاولة إدارة كلينتون تبرير المزيد من التخفيضات في الإنفاق الدفاعي. وعلى الرغم من أن إدارة كلينتون كانت تهدف إلى خفض أكثر من 100 مليار دولار من الإنفاق الدفاعي، فإن أهدافها الاستراتيجية كانت أكثر شموليةً من أهداف سابقتها؛ فقد أخذت استراتيجية الولايات المتحدة في عهد كلينتون في الحسبان جميع التهديدات التي توقعتها القوة الأساسية لبوش، في الوقت الذي كانت تسعى فيه أيضاً إلى معالجة "الأخطار الجديدة" للانتشار النووي وصراع الدول، وتوسيع المهام العسكرية الأمريكية الحالية لتشمل حفظ السلام. ونتيجة لذلك، لم تستطع الميزانية العسكرية للولايات المتحدة وقواتها المسلحة مواكبة النطاق المتزايد باستمرار لاستراتيجيتها المُفصَّلة.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">اختبار جدية</span></strong></p>



<p>&nbsp;بالرغم من الفجوة المتزايدة بين الاستراتيجيات الأمريكية الدفاعية والتمويل، فإن التقرير يرى أن إدارة بايدن لا يبدو أنها مستعدة للحد من الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة؛ فعقب "الغزو" الروسي لأوكرانيا، ادعى صانعو السياسة أنه لا حاجة لتغيير الاستراتيجية الحالية؛ لأن روسيا لا تشكل سوى تهديد "حاد". وتقوم إدارة بايدن أيضاً بدمج قضايا أخرى مثل الصحة العالمية وتغير المناخ في إستراتيجية الدفاع.<strong></strong></p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وفي هذا السياق، يروج البنتاجون لمفهوم "الردع المتكامل" – وهو المبدأ التنظيمي لوزارة الدفاع لاستراتيجيتها القادمة – الذي سيقلل الطلب على القوات العسكرية، من خلال الاستفادة من جميع عناصر القوة الوطنية بتنسيق مميز، لكن في الواقع، فإن مثل هذا المفهوم يبني استراتيجية البنتاجون على قوى خارجة عن سيطرته لا على جيش بديل جيد التمويل.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ويفترض التقرير أن قدرة إدارة بايدن على إنتاج ميزانية تمول استراتيجيتها التوسعية هي اختبار لمدى جديتها، وقد تساعد على انتخابها مرة أخرى. ومن ناحية أخرى، يبدو الكونجرس مستعداً لرفع ميزانية وزارة الدفاع بقدر كبير؛ إذ قال النائب الديمقراطي ورئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب آدم سميث، إن "الغزو الروسي لأوكرانيا قد غيَّر وضع أمننا القومي وما يجب أن يكون عليه موقفنا الدفاعي تغييراً أساسيّاً".</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">التحديث الدفاعي</span></strong></p>



<p>ترصد "شاك"، في تقريرها، الحاجة الملحة إلى تحديث وتطوير الجيش الأمريكي؛ وذلك في ضوء تقادم بعض منظومات التسليح. وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى عدد من الاتجاهات الرئيسية:</p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– أهمية تطوير القدرات البحرية الأمريكية:</strong> ينصح التقرير بأن تكون استعادة القدرات البحرية الأمريكية، التي أُصيبت بالركود في العقود الأخيرة، أولوية رئيسية أخرى مع تحرك الولايات المتحدة لمواجهة الصين. وللبدء في ذلك، يجب على صانعي السياسة أن يتبنوا خطة البنتاجون لقوة بحرية قوامها 500 سفينة، والبدء في تطوير القاعدة الصناعية اللازمة لبنائها. ويعد المحيط الهادئ في الغالب مسرحاً بحرياً؛ حيث يتفوق الأسطول الصيني الآن على ما لدى واشنطن للدفاع عن التزاماتها في المنطقة. ويمكن أن يوفر الاستثمار في بناء السفن أيضاً بعض المضمون الذي تشتد الحاجة إليه لمفهوم إدارة بايدن عن "السياسة الخارجية للطبقة الوسطى" من خلال خلق المزيد من الوظائف في الداخل. ويقدر المحللون تكلفة الحصول على أسطول من 500 سفينة بمبلغ 34 مليار دولار سنوياً لمدة 30 عاماً، بإجمالي أكثر من تريليون دولار. وسيؤدي القيام بهذا الاستثمار أيضاً إلى توسيع القاعدة الصناعية الدفاعية.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– الحاجة إلى المواءمة بين الاستراتيجية والواقع: </strong>أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى توسيع جيشها؛ إذ إن حجم الجيش الأمريكي الحالي يكفي لخوض حرب واحدة فقط، كما كشفت الحرب في العراق وأفغانستان؛ لذلك يجب أن تكون المواءمة بين الاستراتيجية والواقع هي محور عملية التخطيط الدفاعي من البداية إلى النهاية. وسيكون الثمن باهظاً؛ إذ تشكل تكاليف الأفراد للقوة الحالية نحو 25% من الميزانية الأساسية لوزارة الدفاع. وستحتاج القوة القادرة على خوض حربين إلى ضعف العدد الحالي البالغ 1.3 مليون فرد تقريباً، بتكلفة تبلغ نحو 160 مليار دولار سنوياً.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– عواقب وخيمة لسياسة خفض تمويل الصيانة:</strong> وفقاً للتقرير، فإن البنتاجون يميل إلى خفض التمويل أو إرجاء هذه المشكلات عندما تكون الميزانيات ضيقة؛ حيث يبلغ الرقم الحالي لأعمال الصيانة والتشييد المتراكمة 140 مليار دولار. وسيكون لهذه التأخيرات عواقب حقيقية، بما في ذلك الحد من توافر المعدات والمرافق الهامة. فعلى سبيل المثال، يبلغ عمر الأحواض الجافة البحرية أكثر من 100 عام، وهي تعاني من نقص؛ علماً بأن واحداً فقط يمكنه حمل حاملة طائرات من طراز فورد. ونتيجة لذلك، فإن أحواض بناء السفن الأمريكية محدودة في قدرتها على خدمة الأسطول البحري.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– اقتراب غالبية أنظمة الأسلحة من نهاية عمرها التشغيلي:</strong> وفق ما ذكره التقرير، فإنه يتعين على صانعي السياسات أن يأخذوا في الاعتبار الموجة الوشيكة من القرارات بشأن تحديث أنظمة الأسلحة الحالية؛ إذ تقترب غالبية أنظمة الأسلحة التقليدية والنووية من نهاية عمرها التشغيلي، حتى مع برامج التمديد التي امتد استخدامها إلى ما بعد تاريخ صلاحيتها الأصلي. وفي عام 2016، قدَّر المحلل الدفاعي "تود هاريسون" التكلفة الإجمالية لتطوير أنظمة جديدة لتحل محل الأنظمة القديمة بمبلغ 130 مليار دولار على مدى خمس سنوات. وقد تضخَّم هذا الرقم منذ ذلك الحين.</p>



<div style="height:17px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>خلاصة القول: يرى التقرير أن التغييرات اللازمة لإعادة ميزانية وزارة الدفاع لتتماشى مع استراتيجيتها، تتضمن ثمناً باهظاً يصل إلى نحو 384 مليار دولار إضافية سنوياً، وهو رقم أكبر بنحو 50% من ميزانية البنتاجون الحالية. وعادةً ما تتضخَّم تقديرات الإنفاق والبرنامج إلى ضعفَي التقديرات الأولية أو ثلاثة أضعافها، وستحتاج كل هذه الأرقام إلى تعديلها وفقاً للمعدل الفعلي للتضخم. ورغم تكلفة الأمر، فإن التقرير يراه ضرورياً لضمان قدرة الولايات المتحدة على حماية نفسها وحلفائها ومصالحها.</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><u>المصدر:</u></strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>– Kori Schake, America Must Spend More on Defense, <strong>Foreign Affairs</strong>, April, 2022, Accessible at: <a href="about:blank">https://www.foreignaffairs.com/articles/united–states/2022–04–05/america–must–spend–more–defense</a></p>

      

لماذا يجب على الولايات المتحدة زيادة الإنفاق الدفاعي؟