ياسمين أيمن


        
<p>اندلعت الاحتجاجات الشعبية في الشوارع الإيرانية على إثر مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، على يد شرطة الأخلاق المشرفة على ارتداء النساء للحجاب، الذي يُعد زياً رسمياً في إيران. وقد نادت تلك الاحتجاجات بحُرية لباس المرأة في المناطق العامة، وتحقيق العدالة الاقتصادية، ومنح الشعب الإيراني، بمختلف فئاته، كافة حقوقه. ولعِب الأمريكيون من أصول إيرانية دوراً في تلك الاحتجاجات؛ حيث أسهموا في تسليط الضوء عليها، وقاموا بالمشاركة في احتجاجات مماثلة في عدد من كبرى المدن الأمريكية، مثل، واشنطن، ولوس أنجلوس، وغيرهما. كما تجمهروا وهم يُمسِكون بالشموع في نيويورك، وتظاهر آخرون مطالبين بإحداث إصلاحات داخل النظام الإيراني الحاكم، وبحُرية المرأة وعدم فرض القيود عليها، وبالتخلص من الحجاب الإجباري في إيران. وقد خرج الرئيس الأمريكي؛ "جو بايدن"، في 15 أكتوبر 2022، معرباً عن تضامن واشنطن مع نساء إيران. وقد كانت لتلك الخطوات صداها على مختلف الأصعدة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><a><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">دعم الاحتجاجات</span></strong></a></p>



<div style="height:12px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>لعب الشتات الإيراني الموجود بالولايات المتحدة دوراً مهماً في تسليط الضوء على مسألة الاحتجاجات الإيرانية، وانتهاكات النظام الإيراني المستمرة، وقد تم ذلك بعدة سبل يمكن رصدها فيما يأتي:</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1</strong><strong>– التحدث إلى وسائل الإعلام والصحافة الأمريكية:</strong> حرص المهاجرون الإيرانيون على تسليط الضوء على ما عاشوه سابقاً تحت كنف النظام الإيراني الحاكم الذي يحاول تطبيق الشريعة الإسلامية قسراً على المواطنين، وقد تحدثوا عن ذلك إلى مختلف وسائل الإعلام والصحافة الأمريكية، مشيرين إلى غياب حرية الرأي والتعبير داخل إيران، وأشاروا إلى عدم وجود تغطية إعلامية كافية ومحايدة للاحتجاجات التي تحدث بالجمهورية الإيرانية التي تطالب بالإصلاحات الحكومية، وبحرية المرأة، التي ترد عليها قوات النظام الأمنية بحملات قمع عنيفة، كما أعرب بعض الأمريكيين من أصول إيرانية عن فقدان الأمل في حدوث تغيير داخل النظام الحاكم، مطالبين عوضاً عن ذلك بالإطاحة به كلياً.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2</strong><strong>– حشد جهود الشتات الإيراني ضد النظام:</strong> يعمل الأمريكيون من أصول إيرانية على تنظيم أنفسهم، ومشاركة المعلومات ومقاطع الفيديو حول الأحداث الجارية في إيران باستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة، ومشاركة أماكن التجمعات للاحتجاج، وكذلك تاريخ المقاومة النسائية في إيران، للتعبير عن تضامنهم مع من يعانون من قمع قوات الشرطة والأمن في إيران، وللفت أنظار العالم إلى مساوئ وانتهاكات النظام الإيراني الحاكم الذي يُضيق الخناق على المُحتجِّين عبر حظر وسائل التواصل الاجتماعي، وقطع التيار الكهربائي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>ومن ناحية أخرى، يعمل بعض الإيرانيين على التفاوض مع شركات التقنية الأمريكية التي تملك VPN يمكن من خلالها فتح المواقع المحجوبة؛ لتخفيف القيود والسماح للمزيد من الإيرانيين بالاستفادة من تلك المواقع، بينما يقوم آخرون بتقديم المشورة التكنولوجية للنشطاء في إيران.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3</strong><strong>– إطلاق عرائض إلكترونية لمعاقبة النظام الإيراني:</strong> تمت دعوة الأفراد، سواء كانوا من إيران أو خارجها، للتوقيع على عريضة إلكترونية تطالب بمحاسبة النظام الإيراني على الانتهاكات الواسعة النطاق التي وقعت بحق المتظاهرين، وتُطالِب منظمة الأمم المتحدة بإنشاء آليات مستقلة لمحاسبة المسؤولين الإيرانيين عن أفعالهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4</strong><strong>– العمل على حشد الرأي العام العالمي ضد النظام:</strong> يشجع الأمريكيون الإيرانيين نظراءهم الأمريكيين على النزول والمشاركة في الاحتجاجات للتعبير عن رفضهم قمع وممارسات النظام الإيراني العنيفة، ولتسليط الضوء بدرجة أكبر على الشأن الإيراني الراهن. وتمت دعوة من لم يشارك في الاحتجاجات بمشاركة أماكن الاحتجاجات التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في مختلف أنحاء العالم؛ لتحريك الرأي العام العالمي ضد النظام الإيراني.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5</strong><strong>– لفت الانتباه إلى انتهاك حقوق الأقليات في إيران:</strong> لم يركز الأمريكيون من أصول إيرانية جُل جهدهم على الاحتجاجات الإيرانية الراهنة، ولكن قام بعضهم بلفت الانتباه نحو الانتهاكات الممنهجة بحق الأقليات في إيران، ومنهم الأكراد الذين يمثلون 10% من السكان، لكنهم يتعرضون لكافة أشكال التمييز، ويمنعون من التحدث بلغتهم، ولا يتم تدريسها في المدارس، فضلاً عن أنهم يخافون من استخدام أساميهم التي تدل على هويتهم الكردية؛ منعاً لتعرضهم للتمييز أو الاضطهاد.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6</strong><strong>– مُطالبة البعض بتخفيف العقوبات الاقتصادية:</strong> يُندِّد بعض الإيرانيين الأمريكيين بالعقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب على طهران، مشيرين إلى أنها تُساهِم في دعم شوكة النظام، ومنحه ورقة يمكن استخدامها أمام الشعب لتبرير تعثُّراته الاقتصادية. ويرى بعض الأمريكيين الإيرانيين أن فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني سيضغط على المواطن الموجود بالشارع وليس على النظام الحاكم، فضلاً عن أنهم أشاروا إلى صعوبة التبرُّع لأسر سجناء النظام الإيراني من جراء العقوبات الغربية المفروضة على النظام.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">نتائج واضحة</span></strong></p>



<div style="height:12px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>كان لجهود الأمريكيين الإيرانيين نتائج بارزة، وإن كان لا يمكن إرجاعها كلها إلى تلك الجهود بمفردها، لكنها كانت عاملاً محفزاً على تضافرها مع بقية العوامل الأخرى، بما في ذلك التغطية الإعلامية العالمية للاحتجاجات الإيرانية. وفيما يأتي يمكن إيجاز أبرز هذه النتائج:</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1</strong><strong>– لفت الانتباه إلى ردود الفعل الأمريكية السلبية:</strong> أسهمت الاحتجاجات الأخيرة، وما فعله الأمريكيون من أصول إيرانية في دفع الأوساط الأكاديمية والصحفية الأمريكية إلى تسليط الضوء على الموقف الأمريكي السلبي تجاه الاحتجاجات التي تشهدها الشوارع الإيرانية، وعقدت بعض المقالات مقارنات بين ردود الفعل السلبية للرئيس الأسبق "باراك أوباما" أثناء الاحتجاجات التي قادتها الحركة الخضراء في عام 2009، وردود فعل الرئيس السابق "دونالد ترامب" إزاء احتجاجات نوفمبر 2019؛ إذ تركز الولايات المتحدة على مصالحها وتتفاوض مع طهران حول سياستها الخارجية واستراتيجياتها النووية دون التركيز على آلية تعامل النظام مع المواطنين، أو أساليب قمعهم الوحشية، وتقييد حقوقهم، بما أظهر للنظام الإيراني الحاكم أنه سيكون قادراً دائماً على المراوغة من انتهاكاته بحق المواطنين دون أي محاسبة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>وهو ما يعني بدوره أن أي رد فعل أو تصريح تطلقه الإدارة الأمريكية الراهنة لن يؤخذ على محمل الجد من النظام الإيراني، إيماناً منه بأن الولايات المتحدة لن تهتم إلا بسياسة إيران الخارجية، وبرنامجها النووي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2</strong><strong>– جمع التبرعات لاحتجاجات الشارع الإيراني:</strong> لم تعتمد تلك الجهود على احتجاجات الأمريكيين الإيرانيين وحدهم، لكن تم نشر بعض المقالات الصحفية التي توضح كيف يمكن دعم الأفراد والمنظمات الإيرانية خلال الاحتجاجات، وتم عمل قوائم بأسماء المراكز الحقوقية التي ترصد انتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران لتقديم التبرعات لها، على غرار مركز حقوق الإنسان في إيران، ومركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان في إيران، فضلاً عن دعم المراكز التي تطوع التكنولوجيا لمساعدة الإيرانيين، مثل منظمة "متحدون من أجل إيران". وكذلك منظمة العفو الدولية التي طالبت هي نفسها بتبرعات طارئة لتمويل التحقيقات في الانتهاكات التي تحدث في إيران.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3</strong><strong>– تشجيع أعضاء الكونجرس على دعم الاحتجاجات الإيرانية:</strong> أسهمت الاحتجاجات التي نظمها الأمريكيون من أصول إيرانية داخل الولايات المتحدة، بجانب ما تم نشره على وسائل الإعلام حول أعمال القمع والعنف ضد المواطنين الإيرانيين، والدعوات التي حثت الناخبين الأمريكيين على مطالبة أعضاء الكونجرس في مناطقهم بالتضامن مع الاحتجاجات الإيرانية، في تشجيع المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين بمجلسي الشيوخ والنواب على إصدار بيانات للإعراب عن دعمهم الاحتجاجات الإيرانية من جهة، والدعوة إلى إجراء إصلاحات بالنظام الإيراني الحاكم من جهة أخرى.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4</strong><strong>– تحركات لتسهيل استخدام الإنترنت للمواطنين الإيرانيين:</strong> أسهم الضغط المتزايد في تحرك الرئيس "جو بايدن" لتسهيل إتاحة خدمات الإنترنت للمواطنين الإيرانيين؛ لتسهيل عملية "تبادل المعلومات داخل إيران"، ولا سيَّما أن النظام يُقيِّد خدمات الإنترنت لمنع المتظاهرين من التواصل بعضهم مع بعض، وهي خطوة أثنى عليها الإيرانيون الأمريكيون.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وختاماً</strong><strong>، </strong><strong>يمكن تأكيد أهمية الدور الذي يلعبه الأمريكيون من أصول إيرانية، خاصةً ما يتعلق بتسليط الضوء على الشأن الإيراني، ومطالبة الولايات المتحدة بالضغط على النظام الإيراني لمنح المواطنين حقوقهم، والكف عن قهرهم، وهي خطوات وإن كان أثرها ليس كبيراً بالقدر الكافي، ولكن استمرارها سيكون له دور في تشجيع الإدارة الأمريكية على تبني ردود فعل أشد قوةً تجاه الانتهاكات المستمرة في طهران، خاصةً أن استمرار واشنطن في تجاهل تلك الانتهاكات وعدم اتخاذ رد فعل مناسب عليها سيُعرِّضها لانتقادات داخلية وعالمية واسعة.</strong></p>

      

كيف يدعم الأمريكيون الإيرانيون الاحتجاجات التي تشهدها إيران؟