إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

أعلنت إدارة برنامج المشتريات الدفاعية في كوريا الجنوبية، مؤخرًا، عن موافقة الحكومة على خطط امتلاك نظام لاعتراض قذائف المدفعية الطويلة المدى، على غرار منظومة "القبة الحديدية" في إسرائيل. ومن المتوقع أن يكتمل المشروع في عام 2035 بتكلفة تُقدر بنحو 2.89 تريليون وون، أي ما يعادل 2.6 مليار دولار. ويمكن استعراض أهم أبعاد المشروع؛ وذلك من خلال ما يلي: 1– الكشف عن خطة خمسية لامتلاك نظام دفاعي: تم الإعلان للمرة الأولى عن مسعى سيول إلى امتلاك هذا النظام الدفاعي في خطة الدفاع الخمسية للفترة بين عامي 2021–2025، التي تم الكشف عنها في أغسطس 2020وبررت إدارة برنامج المشتريات الدفاعية مسعى الحكومة إلى امتلاك النظام الدفاعي، بحماية البلاد من ترسانة كوريا الشمالية، ويرتبط بذلك نشر بيونج يانج 1000 وحدة من المدفعية البعيدة المدى على طول خط ترسيم الحدود العسكرية الذي يفصل بين الكوريتين. واتخذت كوريا الجنوبية في السنوات الأخيرة جملة من التدابير الرامية إلى تأمين البلاد من المقذوفات القصيرة المدى؛ وذلك بنشر أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت وثاد. 2– موافقة حكومية على خطط امتلاك النظام الدفاعي: قالت إدارة برنامج المشتريات الدفاعية –وهي الوكالة المعنية بالمشتريات العسكرية في كوريا الجنوبية– يوم 28 يونيو 2021، في بيان لها، إن الحكومة وافقت على خطط امتلاك نظام لاعتراض قذائف المدفعية، على غرار منظومة "القبة الحديدية" في إسرائيل.وأوضحت الإدارة أن "لجنة برئاسة وزير الدفاع سوه ووك، أقرت المشروع، ومن المتوقع أن يكتمل في عام 2035 بتكلفة تُقدر بنحو 2.89 تريليون وون، أي ما يعادل 2.6 مليار دولار". ويُشار في هذا الإطار إلى أنه تم تطوير القبة الحديدية الإسرائيلية بواسطة "أنظمة رافائيل الدفاعية المتقدمة"، وهي السلطة الإسرائيلية المعنية بتطوير التقنيات العسكرية؛ وذلك عقب الضربة التي تلقتها إسرائيل في الحرب مع لبنان عام 2006. 3– ميزانية ضخمة لتنفيذ خطة النظام الدفاعي: تم الإعلان للمرة الأولى عن مسعى سيول إلى امتلاك هذا النظام الدفاعي، في خطة الدفاع الخمسية للفترة بين عامي 2021–2025، التي كشفت عنها الحكومة في 10 أغسطس 2020. وبموجب الخطة، سيتم إنفاق 300.7 تريليون وون، أي نحو 253 مليار دولار، خلال السنوات الخمس القادمة، كما تم تخصيص 100 تريليون وون لتحسين القدرات الدفاعية، والـ200 تريليون وون المتبقية لإدارة القوات العسكرية. 4– توفير حماية من مدفعية بيونج يانج الطويلة المدى: بررت إدارة برنامج المشتريات الدفاعية، في بيانها الأخير، مسعى الحكومة إلى امتلاك النظام الدفاعي بحماية البلاد من ترسانة كوريا الشمالية؛ حيث قالت: "بهذا المشروع، يُتوقَّع أن تتعزز قدرات الرد على تهديد مدفعية العدو الطويلة المدى، بالإضافة إلى تأمين التكنولوجيا المحلية وإتاحة فرص العمل".ويُشار في هذا الصدد إلى أن جزءًا كبيرًا من المنطقة المحيطة بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول، التي تضم نصف السكان البالغ عددهم 52 مليون نسمة؛ يقع في مرمى الأسلحة الطويلة المدى، وقاذفات الصواريخ المتعددة في كوريا الشمالية. ويهدف نظام القبة الحديدية، الذي تسعى سيول إلى بنائه، إلى التصدي للمقذوفات الطويلة المدى (الصواريخ، القذائف المدفعية)، ويسمح بتفجير مقذوفات يصل مداها إلى 70 كيلومترًا خلال تحليقها في الجو. 5– انتشار 1000 وحدة مدفعية كورية شمالية على الحدود: تمتلك بيونج يانج أفضلية عسكرية كبيرة على حساب سيول، على نحو يجعل الأخيرة تتخوف بشدة من تبعات أي صراع مسلح يمكن أن ينشب بينهما. ويشار في هذا الصدد إلى أن كوريا الشمالية تنشر نحو 1000 وحدة من المدفعية البعيدة المدى على طول خط ترسيم الحدود العسكرية الذي يفصل بين الكوريتين، بما يشمل قاذفات صواريخ متعددة يبلغ قطرها 240 ملليمترًا، ومعظمها مُوجَّه مباشرةً إلى سيول والمناطق الحضرية. 6– تدابير وقائية سابقة ضد المقذوفات القصيرة المدى: اتخذت كوريا الجنوبية في السنوات الأخيرة جملة من التدابير الرامية إلى تأمين البلاد من المقذوفات القصيرة المدى؛ وذلك بنشر أنظمة الدفاع الصاروخية "باتريوت"، و"ثاد". وكانت الولايات المتحدة قد بدأت في نشر نظام "ثاد" الأمريكي في كوريا الجنوبية في أبريل 2017. ويُواجه نشر هذا النظام احتجاجات واسعة النطاق في الداخل الكوري الجنوبي، وكان آخر أبرز مظاهر ذلك، الاحتجاجات التي وقعت في أواخر أبريل 2021.كما دأب الجيش الأمريكي في السنوات الأخيرة على نشر منظومات صواريخ "باتريوت" في كوريا الجنوبية إثر إجراء كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية. جدير بالذكر أن الحكومة الكورية الجنوبية كانت قد أعلنت، في يناير 2020، عن نشر بطارية صواريخ باتريوت في جبال "بوك أك سان" بالقرب من المكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية، من أجل اعتراض الصواريخ الباليستية وغيرها. وفي المجمل، فإن من الواضح أن حكومة كوريا الجنوبية تُكثف جهودها الرامية إلى امتلاك نظام دفاعي قادر على التصدي لمدفعية كوريا الشمالية الطويلة المدى؛ وذلك في ظل تعثر مسار السلام بين الجانبين، ومواصلة بيونج يانج تجاربها الصاروخية والنووية وخططها لتصنيع أسلحة استراتيجية نووية أكثر تطورًا.

دوافع تطوير "النسخة الكورية" من القبة الحديدية