إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>نظم مركز "إنترريجونال" للتحليلات الاستراتيجية، في 19 أغسطس 2021، حلقة نقاشية بعنوان "مستقبل أفغانستان تحت حكم طالبان"؛ حيث تمت استضافة "د. محمد بشير مبشر" أستاذ النظم السياسية بالجامعة الأمريكية بأفغانستان، وأستاذ القانون الدستوري المشارك بجامعة واشنطن الغربية، والمستشار القانوني لمؤسسة ماكس بلانك للسلم الدولي وسيادة القانون الألمانية. وقد شارك في الحلقة النقاشية فريق العمل بالمقر في أبوظبي والباحثون غير المقيمين.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">كيف ستحكم طالبان؟</span></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>طرح المشاركون في الحلقة النقاشية عدة أفكار حول الشكل المتوقع لحكم طالبان لأفغانستان.. وتمثلت أبرز الاتجاهات التي تم عرضها في الحلقة النقاشية فيما يلي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– ضبابية رؤية طالبان للمستقبل:</strong> كشفت دراسة تجربة حكم طالبان للدولة الأفغانية من 1996 إلى 2001 عن رؤية شديدة التطرف والتبسيط في إدارة الحكم؛ فالحركة لديها مجموعة أفكار بسيطة عن الدولة في ظل الحكم الإسلامي، بينما تترك العديد من القضايا دون إجابات محددة، مثل طبيعة نظام الحكم والدستور والحقوق والحريات وغيرها.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– تفجر مبكر لمعركة "علَم الدولة":</strong> يبدو أن الحركة لديها توجهات بتغيير علَم أفغانستان، خاصةً بعد إنزال العلم في العديد من المناطق والمؤسسات، ورفع علَم الحركة مكانه، وهو ما دفع العديد من المواطنين إلى التظاهر، رافعين العلم الرسمي للدولة للتمسك بما تحقق خلال الأعوام الماضية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– اختلاف مفاهيم طالبان للسياسة:</strong> تتبنى حركة طالبان مفاهيم مختلفة للسياسة مقارنة بالحركات الأخرى؛ فحينما تتحدث الحركة عن "حكومة ممثلة لطوائف الشعب" و"احترام الحقوق والحريات" و"حرية الإعلام" فإن لديها رؤية مغايرة لما يعتقده الغرب عن هذه المفاهيم، وهو ما يجعل خطابها دوماً غير مطابق للنموذج الغربي للسياسة، ويعبر عن رؤيتها للسياسة وفقاً للدستور الذي وضعته الحركة "لإمارة أفغانستان" في عام 2005.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– تناقضات الخطاب والممارسة:</strong> تتعمد حركة طالبان إرسال العديد من الرسائل المختلطة؛ فالخطاب الذي تتبناه قيادات الحركة موجه نحو الخارج ويتناقض مع قامت به الحركة خلال الفترة من 2003 و2021، مثل إحراق المدارس الحكومية في الجنوب، ورفض تعليم الفتيات باستثناء التعليم الديني، كما أن استهداف المعارضين والمتعاونين مع الولايات المتحدة بدأ مبكراً، ويتوقع أن يتصاعد في الفترة المقبلة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– تحويل أفغانستان إلى "طالبانستان":</strong> يتوقع المتحدث الرئيسي أن تقوم حركة طالبان بتحويل الدولة إلى "إمارة" خاضعة لها على الرغم من التعهدات بتشكيل حكومة ائتلافية تمثيلية، وسيتم إصدار نسخة منقحة من "دستور طالبان" الذي تم إعلانه عام 2005، بحيث لا يصل إلى السلطة سوى المسلمين السنة من متبعي المذهب الحنفي، مع استبعاد باقي الطوائف والمذاهب.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>6– الانفصال بين المركز والأطراف: </strong>طرح النقاش قضية اللامركزية المتزايدة في بنية حركة طالبان؛ ففي مقابل تبني قيادات الحركة في كابول التهدئة ورسائل التطمين للداخل والخارج، فإن فروع الحركة والجماعات التابعة لها في خارج العاصمة تتبنى نهجاً أكثر تشدداً وعنفاً في مواجهة المعارضين والأقليات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>7– تشديد القيود على النساء والأقليات:</strong> بالرغم من تأكيد طالبان احترامَ حقوق النساء والأقليات، فإن سلوكهم في بعض الولايات، مثل هيرات وقندهار، يشير إلى عكس ذلك؛ حيث تم منع النساء من النزول إلى الأسواق والشوارع أو العمل، وتم إرسال رسائل إلى العاملات في البنوك في قندهار بإرسال أقاربهن الذكور للعمل بدلاً منهن، ولم تظهر أي سيدة في صور المؤتمر الصحفي الذي عقده قادة طالبان في كابول. أما الأقليات الشيعية فقد تزايدت مخاوفها عقب إنزال أعلامهم الحمراء في بعض الولايات وتدنيسها رغم تعهدات الحركة بعدم التعرض لهم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>8– التذرع بضوابط الشريعة:</strong> سوف تستغل حركة طالبان ضوابط الشريعة كي تفرض العديد من القيود على الحريات العامة؛ فمثلاً سيصبح الالتزام بالزي الإسلامي شرطاً للدراسة والعمل، كما ستتم مراجعة كافة القوانين للتأكد من التزامها بالشريعة، وستتم مراجعة المناهج الدراسية كذلك، كما عادت مجموعات "الأمر بالمعروف" إلى الانتشار في الشوارع لفرض الانضباط الديني وفقاً لرؤية طالبان.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>9– إشارات مبكرة على استمرار التطرف:</strong> بادرت بعض عناصر طالبان ببعض السلوكيات التي تكشف عن عدم تغير عقائد الحركة المتطرفة، مثل تدمير بعض التماثيل، والاعتداء على بعض الممثلين والإعلاميين في كابول وقندهار، واستخدام العنف مع الأفغان الراغبين في دخول مطار كابول للحاق بعمليات إجلاء المتعاونين مع القوات الأجنبية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p>10<strong>– دمج الجيش الأفغاني في حركة طالبان: على نقيض ما يحدث في حالات الانتقال السياسي، يتم حالياً إعادة دمج بعض عناصر الجيش الأفغاني في حركة طالبان وفقاً لمدى القبول بحكم الحركة، بحيث تعزز الحركة قدراتها العسكرية، خاصةً بعد الاستيلاء على كم ضخم من الأسلحة الأمريكية تشمل مدرعات وطائرات وغيرها من منظومات التسلح النوعية.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>11– توظيف مزدوج لوسائل التواصل الاجتماعي:</strong> توظف حركة طالبان وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة عبر مسارين: الأول يتمثل في تهديد المعارضين وإرهابهم ومنعهم من تحريض المواطنين ضد الحركة. والثاني يتمثل في نشر الدعاية السياسية التي تستهدف تطمين المواطنين وتحسين صورة الحركة، وهي الرسائل التي يتلقاها المواطنون بحذر ولا تلقى قدرًا كبيرًا من المصداقية بالنظر إلى إرث الحركة تاريخياً وارتباطها بالتطرف.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ما الذي يعترض هيمنة طالبان؟</span></strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>قد لا تتمكن حركة طالبان من فرض هيمنتها السياسية بصورة كاملة وفقاً للمشاركين في الحلقة النقاشية؛ فالعالم قد تغير بصورة جذرية عن تسعينيات القرن الماضي، وكذلك الدولة الأفغانية وتطلعات وتفضيلات الشعب الأفغاني ذاته. وما يصلح لفترة تاريخية سابقة، ربما لا يكون قابلاً للبقاء في الفترة الراهنة. ورأى المشاركون أن أهم القيود على فرض الرؤية الطالبانية المتشددة تتمثل في الآتي:</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– تشكل جبهة معارضة مدنية لطالبان: </strong>على الرغم من الحاضنة القبلية الداعمة لطالبان من البشتون؛ فإن الأيام الأولى لسيطرتها قد شهدت تشكل جبهة لمعارضيها وتظاهرات رفعت العلم الأفغاني الذي مزقته الحركة. ورفعت التظاهرات شعارات احترام حقوق المرأة في العمل والتعليم.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– بدء تحركات عسكرية مقاومة للحركة:</strong> تتشكل في الوقت الراهن "لجان المقاومة" لمواجهة طالبان عسكرياً التي يتصدرها "أحمد مسعود" في ولاية بانشير؛ حيث بدأت التحرك تجاه ولاية بغلان شمال أفغانستان. ويتم استغلال تضاريس بانشير الجبلية وصعوبة السيطرة عليها في تأسيس محور للمقاومة المسلحة يضم بقايا الجيش الأفغاني والفصائل المُعارِضة لطالبان.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– تغير المجتمع الأفغاني وتوجهاته السياسية:</strong> تشير استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها قبيل سقوط كابول، إلى أن الغالبية في أفغانستان تتطلع إلى حكم مدني وحماية الحقوق والحريات والمؤسسات التمثيلية، ولا ترغب في الخضوع لحكم متشدد تقوده طالبان، وهو ما يجعل حكم طالبان يواجه العديد من القيود، ومنها تشكل حركات تمرد مسلحة تواجه الحركة وتُسقِط حكمها في المستقبل.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– توظيف القوى الدولية ورقةَ الاعتراف والمساعدات: </strong>ورقة الضغط الوحيدة التي يملكها العالم في مواجهة طالبان تتمثل في منح الحركة الاعترافَ بحكومتها، والمساعدات المالية والاستثمارات، ومن ثم يمكن مقايضة التزام طالبان باحترام حقوق الإنسان والحفاظ على وضعية المرأة والتعليم والإعلام مقابل الاعتراف بشرعية حكمها ودعمها مادياً.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– ضغوط على طالبان لقطع علاقاتها بالقاعدة: لا يوجد ما يضمن التزام طالبان بتعهداتها بعدم تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهاب، إلا أن القوى الدولية ذات المصالح المتباينة –مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا– لديها مصالح مباشرة في منع أي ارتباط بين طالبان والقاعدة، وهو ما يجعل الحركة تحت المراقبة الدولية.</strong></p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>وفي الختام، توصَّل المشاركون إلى عدة سيناريوهات حول مستقبل أفغانستان في ظل حكم طالبان، يتمثل أولها في فرض الحركة رؤيتها للحكم على أفغانستان، بينما يميل السيناريو الثاني إلى التوصل لنظام هجين وصيغة وسط بين رؤية الحركة للسياسة وتطلعات المجتمع الأفغاني. ويتمثل السيناريو الثالث في قبول الحركة بتوسيع نطاق المشاركة وبناء نظام حكم يضمن حقوق الأقليات والمرأة.</strong></p>

      

ما الذي ينتظر أفغانستان تحت حكم حركة طالبان؟