إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 31 مارس 2021، خطة الوظائف والبنية التحتية التي تبلغ قيمتها تريليوني دولار، والتي من المقرر أن تخلق عددًا كبيرًا من الوظائف من خلال مشاريع تطوير البنية التحتية، وعلى الرغم من أن إصلاح البنية التحتية طالما مثَّل أرضيةً مشتركة للتعاون بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري؛ فإن الجمهوريين ينتقدون الخطة بصفة عامة؛ لاتساع نطاقها، وزيادة الضرائب المفروضة على الشركات لتغطية تكاليفها.







رفض جمهوري



1– الاعتراض لعرقلة أجندة بايدن: يأتي اعتراض الجمهوريين على خطة الرئيس بايدن للبنية التحية متسقًا مع مساعيهم إلى عرقلة تنفيذ أجندة الرئيس الأمريكي السياسية؛ حيث يرفضون خطة تطوير البنية التحتية من منطلق رفضهم زيادةَ الضرائب المفروضة على الشركات لتمويل مشايع البنية التحتية ولمواجهة التغير المناخي؛ إذ من المقرر –وفقًا لخطة بايدن– أن ترتفع الضرائب المفروضة على الشركات من 21% إلى 28%. وقد أوضح زعيم الأقلية الجمهوري في مجلس النواب كيفن مكارثي، أنهم سيعتمدون في حجة رفضهم على أن إدارة بايدن تميل إلى النظر في مطالب التقدميين التي تنطوي على إسراف وإهدار العديد من الأموال والتي ستُفضِي في النهاية إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي.



وبصفة عامة، يميل الجمهوريون –وفقًا للبعض– إلى إجهاد الديمقراطيين والبيت الأبيض بالتفاوض على الخطة، وفي نيتهم عدم التوصل إلى حل مُرْضٍ للطرفين. أو بمعنى آخر الاعتراض مع عدم تقديم اقتراح بديل. وقد أكد زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، خلال لقاء صحفي يوم الخميس الماضي، أن الحزب الجمهوري لن يدعم الخطة على الرغم من إدراكه ضرورة تطوير البنية التحتية، فقال: "سأقاتلهم في كل خطوة على الطريق؛ لأنني أعتقد أن هذه هي الوصفة الخاطئة لأمريكا"؛ حيث إنه لا يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي قادر على تحمل زيادة ضريبية كبيرة؛ لأن من شانها أن تساهم في زيادة الديون. وكرد على تصريحات ماكونيل، أقر الرئيس الأمريكي بأن الزيادة الضريبية ستسهم في عمل الاقتصاد الأمريكي على نحو أفضل، ولن تفضي إلى إبطاء الاقتصاد كما يزعم الجمهوريون.







2- الادعاء بأن الخطة لا تهدف إلى تطوير البنية التحتية: أعرب السيناتور الجمهوري تيم سكوت عن رفضه خطة بايدن باعتبار أنها لا تتعلق بتطوير النية التحتية، وإنما تعتبر مجرد "حصان طروادة آخر لتنفيذ أجندة السيار المتطرف"، كما حاول عدد من الجمهوريين –ومنهم السيناتور روجر ويكر– تصوير الهدف الرئيسي لخطة بايدن باعتباره يرمي إلى زيادة الضرائب فقط بقدر "ضخم" بدلًا من محاولة تطوير وإعادة بناء وإصلاح مشروعات البنية التحتية في الدولة، مثل شبكات النقل، والمياه والكهرباء والاتصالات، والمطارات. وقال النائب الجمهوري سام جريفز، إن "الخطة بمنزلة قائمة تسوق حزبية بمليارات الدولارات لتنفيذ الأولويات التقدمية" التي تعتمد على الزيادات الضريبية؛ ما يسهم في "قتل الوظائف".







3– دعوات لتقليص الخطة للحصول على دعم الجمهوريين: قدَّم السيناتور الجمهوري روي بلانت، مقترحًا لبايدن إذا أراد الحصول على دعم المشرعين الجمهوريين، يتمثل في تقليص الخطة إلى 615 مليار دولار، باعتبار أن 30% من الخطة تتعلق بالبنية التحتية التقليدية فقط، وتقليص المجالات التي تتضمنها لتشمل دعم البنية التحتية التقليدية في الدولة، التي تتمثل في "الطرق والجسور والموانئ والمطارات"، بدلًا من توسيعها لتشمل الإجراءات التي من شأنها أن تواجه التغير المناخي، وتوسيع فرص العمل المتاحة، من منطلق أن الأمريكيين تتبادر إلى أذهانهم البنية التحتية التقليدية عند الحديث عن أي تطوير لها. ولهذا، يرغب الجمهوريون في أن تنحصر خطة البنية التحتية حول مشاريعها التقليدية دون توسيعها والإفراط في المشروعات التي تتضمنها والتي لا تتعلق بإصلاح الطرق والكباري على سبيل المثال.







4– الاعتقاد بأن بايدن يسعى إلى خداع الجمهوريين: يعتقد النائب الجمهوري كيفن براد، أن إدارة بايدن تهدف إلى خداع الجمهوريين بالحديث عن دعوتهم إلى مناقشة الخطة، في ظل اتسام موقف الديمقراطيين في الكونجرس بالوضوح وعدم نيتهم التفاوض مع نظرائهم الجمهوريين بشأن الخطة، ولا سيما في ظل اتجاه بايدن إلى إلغاء القانون الذي وافق عليه الجمهوريون في السابق المعني بخفض الضرائب على الشركات. وجدير بالذكر أن الاعتراض على الخطة لا ينحصر في الجمهوريين فقط؛ حيث تعترض عدد من جماعات الضغط التابعة لأصحاب الأعمال الذين يعارضون زيادة الضرائب لتمويل الخطة.







موقف الديمقراطيين



1– انفتاح للتفاوض مع الجمهوريين: على الرغم من انفتاح البيت الأبيض للتفاوض مع الجمهوريين حول مقترحات الخطة، فإنه أكد في الوقت نفسه أنه لن ينساق وراء محاولات الجمهوريين لعرقلة المفاوضات من أجل العرقلة في حد ذاتها، باعتبارها إحدى السمات التي تميز فترة وجود السيناتور ميتش ماكونيل في مجلس الشيوخ؛ وذلك وفقًا لتصريحات كبير موظفي البيت الأبيض روين كلاين لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.



وتعتقد الإدارة الأمريكية أن خطة البنية التحتية تحظى بدعم معظم الأمريكيين، بما فيهم الناخبون الجمهوريون؛ لذلك وجَّه الرئيس بايدن كبار المسؤولين للسفر إلى مختلف الولايات للترويج للفوائد التي ستتحقق في حالة تمرير خطته في مجلسَي الكونجرس، كما أعرب بايدن عن انفتاحه للاستماع لمقترحات الجمهوريين بشأن دفع الخطة، وقال إنه سيدعو الجمهوريين إلى البيت الأبيض للاستماع إليهم.







2– إمكانية الشراكة بين الحزبين: يهدف الديمقراطيون الوسطيون إلى الحصول على موافقة الجمهوريين على خطة بايدن للبنية التحتية لعودة الحزبين للعمل معًا لصنع السياسات، وخاصةً بعد الجدل والتحديات التي واجهها الديمقراطيون عند تمرير حزمة الإغاثة من خلال لجوئهم إلى إجراء تسوية الميزانية للقدرة على تجاوز رفض الجمهوريين بمجلس الشيوخ.



ويعتقد الديمقراطيون أن الاستثمارات الهائلة في مشاريع البنية التحتية، كما هو مقترح في خطة بايدن، من شأنها أن تخلق زخمًا كبيرًا في الوظائف على مدار الأعوام القادمة، ومن شأنها كذلك أن تفيد الولايات المتحدة خلال عام 2030 والأعوام اللاحقة عليه. ومن الواضح أن إدارة بايدن تهدف إلى الاعتماد على تحقيق الشراكة بين الحزبين على مستوى الناخبين بدلًا من المسؤولين والمشرعين الديمقراطيين والجمهوريين.







3- اللجوء إلى إجراء تسوية الميزانية: على الرغم من الحديث عن إمكانية لجوء الديمقراطيين إلى إجراء تسوية الميزانية لتمرير خطة البنية التحتية لبايدن؛ فإن البعض يعتقدون أنه سيكون من الصعب القيام بذلك، ولا سيما مع وجود بعض الأصوات المتأرجحة بين الديمقراطيين، التي تظهر بشكل رئيسي في السيناتور جو مانشين.



كما يحاول زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، معرفة عدد المرات التي يمكنهم فيها استخدام إجراء التسوية خلال العام المالي الحالي، وهو الأمر الذي اعتبره البعض مؤشرًا قويًّا على اتجاه الديمقراطيين إلى الاعتماد على هذا الإجراء لتجاوز الحاجة للحصول على 60 صوتًا لتمرير خطة بايدن للبنية التحتية والوظائف. ومن ثم، يواصل الجمهوريون توجيه الاتهام إلى الديمقراطيين بعدم سعيهم إلى تحقيق الشراكة بين الحزبين في خطة البنية التحتية كما فعلوا سابقًا من خلال إصرارهم على تمرير حزمة الإغاثة دون الحصول على موافقة جمهوري واحد.







4– اعتراض بعض الديمقراطيين التقدميين: يعترض بعض الديمقراطيين بالكونجرس؛ لكون الخطة غير كافية لمعالجة البنية التحتية بالولايات المتحدة، ومواجهة التغير المناخي. وفي هذا الإطار، ذكرت النائبة "ألكساندريا كورتيز" أن الخطة لا ترقى إلى مستوى التوقعات، كما أنه على الرغم من أن التجمع التقدمي بالكونجرس وصف الخطة بأنها جيدة؛ فقد أكدوا ضرورة أن تتسع من حيث الحجم والنطاق.



ويرغب السيناتور "بيرني ساندز" في أن تتضمن الخطة المزيد لمواجهة التغير المناخي؛ إذ إن التحول من استخدام الوقود الأحفوري للاعتماد على الطاقة النظيفة، يتطلب اتخاذ العديد من التدابير، وقال لشبكة CNN: "حان الوقت الآن للبدء في معالجة بنيتنا التحتية المادية والبنية التحتية البشرية". ومن جانب آخر، يعترض عدد من الديمقراطيين المعتدلين على إجراء تغييرات في نظام الضرائب، ومنهم النواب توم سوزي، وجوش جوتهايمر، وبيل باسكريل.







وختامًا، فمن المتوقع أن يشهد مجلسا الكونجرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) صدامًا عنيفًا بين أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول خطة البنية التحتية والوظائف المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، ولا سيما في ظل إصرار الجمهوريين على الترويج للخطة باعتبارها زيادة ضريبية هائلة ستسهم في انهيار الاقتصاد الأمريكي في نهاية المطاف.. وتعهد زعيم الأقلية الجمهوري في مجلس الشيوخ بعرقلة جميع محاولات الديمقراطيين لتمرير الخطة مع تلويح بعض الجمهوريين بإمكانية دعمهم الخطة في حالة إدخال عدد من التعديلات وتقليصها، ووجود مؤشرات على اتجاه الديمقراطيين إلى إجراء المصالحة لتمرير الخطة كما حدث مع خطة الإغاثة من فيروس كورونا.

دوافع اعتراض عدد من المُشرِّعين على خطة البنية التحتية لبايدن