إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية


        
<p><strong>يواجه رئيس وزراء باكستان عمران خان محاولات من جانب المعارضة لسحب الثقة منه، ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوطني الباكستاني، في 31 مارس 2022، للنظر في قرار سحب الثقة الذي قدمته المعارضة، ويبدو أن هناك عدداً كافياً في الوقت الحالي من المشرعين على استعداد لسحب الثقة من "خان"، وبالتبعية تسريع استقالته؛ حيث يشير السياق الباكستاني إلى تزايد ضغوط المعارضة لمناقشة مشروع قرار سحب الثقة من رئيس الوزراء، خاصةً مع تزايد فرص انقلاب الموازين في صالحهم؛ فمع تجاهل المواعيد الدستورية لمناقشة القرار، طالب زعماء المعارضة بمحاكمة رئيس البرلمان لخرقه الدستور، وانسحب 24 عضواً من فصيل حركة الإنصاف الباكستانية المعروف باسم مجموعة "جهانجير تارين".</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">سياق محفز</span></strong></p>



<p><strong>يشير السياق الباكستاني إلى تزايد ضغوط المعارضة لمناقشة مشروع قرار سحب الثقة من رئيس الوزراء الباكستاني، خاصةً مع تزايد فرص انقلاب الموازين في صالحهم، وهو ما يمكن تناوله على النحو الآتي:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– اتهام البرلمان بتجاهُل مناقشة مشروع "سحب الثقة": </strong>بموجب الدستور، كان على رئيس البرلمان الباكستاني أسد قيصر، أن يضمن عودة الجمعية الوطنية التي عُقدت آخر مرة في يناير، في غضون 14 يوماً من تاريخ تقديم مشروع قرار سحب الثقة في 8 مارس، وأن يتم التصويت على القرار ما بين ثلاثة إلى سبعة أيام بعد طرحه رسمياً في مجلس النواب. وقد أعلن "قيصر" موعداً لجلسة الجمعية الوطنية في 20 مارس، وأشار إلى أنه لا خيار سوى تأجيل بدء الجلسة، مشيراً إلى عدم وجود اجتماعات للجمعية الوطنية يومي 22 و23 مارس؛ بسبب استضافتها الاجتماع الثامن والأربعين لمجلس وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي، فيما طالب زعماء المعارضة بمحاكمة "قيصر" لخرقه الدستور، وقالوا إنهم سيعطلون اجتماع منظمة التعاون الإسلامي إذا لم يجتمع البرلمان مرة أخرى، لكنهم سحبوا هذا التهديد في 19 مارس.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– رضوخ مجلس النواب لضغوط عقد الجلسة:</strong> قال قاسم سوري رئيس مجلس النواب الباكستاني، في 28 مارس، إن البرلمان تلقى اقتراحاً من المعارضة بسحب الثقة من الحكومة، مؤكداً أن المجلس سيبدأ مشاورات بشأن الإجراء الذي دعا إليه زعيم المعارضة "شهباز شريف" يوم 31 مارس. ومن المنتظر، وفقاً لذلك، إجراء تصويت في غضون سبعة أيام. وبرر بيان مكتب رئيس مجلس النواب تأجيل موعد مناقشة القرار لبضعة أيام بسبب استضافة إسلام أباد مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3–</strong> <strong>انشقاق أعضاء من حزب "عُمران خان": </strong>على الرغم من أن "خان" يبدو مُعرضاً لخطر الخسارة في التصويت على القرار، فإن أحزاب المعارضة لا تستطيع التأكد من أن النواب المنشقين من حركة الإنصاف التي ينتمي إليها "خان" سوف يلتزمون بالتصويت ضده. وقد حصلت حركة الإنصاف الباكستانية (PTI) على 155 مقعداً من أصل 342 مقعداً. وبدعم من مجموعة من الأحزاب الأخرى، فإن "خان" من الناحية النظرية يقود أغلبية بسيطة في مجلس النواب، فيما يعد من أكبر أحزاب المعارضة في الجمعية الوطنية، الرابطة الإسلامية الباكستانية–نواز، وحزب الشعب الباكستاني. ويبدو أن حجة المعارضة بأنها ستكون قادرة على حشد 172 صوتاً على الأقل اللازمة للنجاح في اقتراح سحب الثقة ضد خان، قد تعززت الأسبوع الماضي، عندما انسحب 24 عضواً من فصيل حركة الإنصاف الباكستانية المعروف باسم مجموعة "جهانجير تارين"؛ فإذا تحول هذا العدد الكبير من أعضاء البرلمان من حركة الإنصاف الباكستانية أو شركاء الحزب الحاكم ضد رئيس الوزراء، فسيفقد الأغلبية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– مرونة صينية في التعامل مع التغيُّرات الحكومية: </strong>ثمة تأثيرات فرعية محتملة لقرار سحب الثقة من رئيس الوزراء الباكستاني؛ فقد يتحول التوتر بين أنصار الأحزاب المتنافسة إلى أعمال عنف في الأيام المقبلة. وقد يكافح من هم في المعارضة من أجل التوصل إلى إجماع حول من يجب أن يكون رئيساً للوزراء إذا خسر "خان" في التصويت، فيما ستكون الصين (الشريك الرئيسي لباكستان) راضية عن العمل مع أي حكومة تفرض سيطرتها على باكستان، وهو عامل مهم يساعد على تمرير أي تغييرات حكومية محتملة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">محاولات للعرقلة</span></strong></p>



<p><strong>يعمل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان على عرقلة قرار سحب الثقة منه؛ وذلك عبر إجراءات وسياسات، منها:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– محاولة الحكومة منع النواب المنشقين من التصويت:</strong> طلبت الحكومة الباكستانية من المحكمة العليا أن تحكم فيما إمكان استبعاد النواب المنشقين؛ لانتهاكهم قانوناً يحظر الانشقاق قبل التصويت على قرار سحب الثقة. ويحاول "خان" أيضاً اللجوء إلى طرق أقل شدة لتحييد تهديد المشرعين المنشقين، مثل قوله إنه سوف "يغفر" للمنشقين إذا عكسوا مسارهم، كما يتهم رئيس الوزراء المعارضة برشوة نواب حكوميين للتخلي عنه دون إثبات هذه المزاع، كما قد يكون "خان" على استعداد لإقالة رئيس وزراء البنجاب عثمان بوزدار، من حركة الإنصاف الباكستاني، بما يتماشى مع مطالب مجموعة "جاهانجير تارين"، على الرغم من أنه لم يقدم أي إشارة واضحة على ذلك.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– سعي "خان" إلى إظهار الاحتفاظ بدعم الجماهير:</strong> من ناحية أخرى، يُكثف "خان" جهوده لإظهار أنه يحتفظ بالدعم الشعبي لرئاسته للوزراء، ويقول إن النواب الذين انقلبوا ضده يواجهون خطر الرفض المجتمعي. وفي هذا السياق، دعا رئيس الوزراء إلى تجمع حاشد في إسلام أباد، في 27 مارس، وقد أراد تنظيمه في "د–تشوك"، لكن هذه المنطقة ذات إجراءات أمنية مشددة، وقالت السلطات المحلية إنه يجب عقدها في مكان آخر. وبالفعل، تم اختيار منطقة أخرى لتكون ساحة العرض. كما خططت المعارضة لحدث مماثل، لكن تم رفض السماح لها بالتجمع في "د–تشوك"، وطُلب منها اختيار مقاطعة بديلة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– توظيف ورقة الضغوط الخارجية لجذب الجماهير:</strong> اتهم عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني، قوى أجنبية، دون تسمية أي دولة بعينها، بالتدخل في الشؤون السياسية الباكستانية، من خلال تمويل اقتراح سحب الثقة منه داخل البرلمان، وقال أثناء مخاطبته حشداً جماهيرياً في إسلام آباد: "يجري استخدام الأموال الأجنبية لتمويل اقتراح حجب الثقة من حكومتي، وهم يهددوننا من ناحية أخرى"، مضيفاً وهو يخرج ورقة بيضاء من جيبه ويلوح بها للجمهور: "علمنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية أن مؤامرة ضد حكومتي تدور خارج البلاد … ثم تلقينا رسالة التهديد هذه". وعقد "خان" مقارنة بين الوضع الراهن وما واجهه رئيس الوزراء الأسبق "ذو الفقار بوتو" في أيامه الأخيرة قبل الإطاحة بحكومته من السلطة وإعدامه شنقاً من جانب الحكومة العسكرية، قائلاً: "عندما بدأ بوتو في إدارة سياسة خارجية مستقلة … هددوه وبعد ذلك أُعدم"، في إشارة ضمنية إلى الولايات المتحدة.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>4– توجُّه "خان" لإدخال الجيش في الصراع:</strong> قد يكون الوسيط الرئيسي في الوضع الحالي هو الجيش القوي سياسياً، على الرغم من إصراره على أنه لا ينحاز إلى أي طرف في الصراع؛ حيث يقول منتقدو "خان" إنه فاز في الانتخابات الأخيرة بسبب دعم الجيش فقط، وهو ما ينفيه كل من عمران خان وقادة الجيش. وقد أجرى "خان" محادثات مع رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال "قمر جاويد باجوا" في 18 مارس. ومع ذلك، تتزايد التكهنات بأن "خان" فقد دعم الجيش إلى حد كبير عقب خلاف العام الماضي حول تعيين مدير عام جديد لوكالة الاستخبارات الباكستانية؛ إذ أكد مكتب رئيس الوزراء أن "نديم أنجوم" سيحل محل "فايز حميد" المقرب من خان، بعد نحو ثلاثة أسابيع من إعلان الجناح الإعلامي للجيش تغيير القيادة. وفيما تشير التقارير إلى أن "خان" يفكر في استبدال "باجوا"، فإن من غير المرجح أن يتخذ مثل هذه الخطوة في هذا الوقت.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>5– التلويح بأوراق إضافية ورفض دعوات الاستقالة:</strong> وذلك مقابل توقعات أحزاب وزعماء المعارضة بأن يستقيل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من منصبه قبل التصويت ضده على سحب الثقة. فقد أكد في 27 مارس، عدم إقدامه على تلك الخطوة، وأضاف لممثلي وسائل الإعلام أن أحزاب المعارضة أظهرت كل أوراقها، والآن جاء دوره، معلناً عن "مفاجأة كبيرة للناس" سيعرضها قبل يوم من التصويت في المجلس. وأكد بعض المقربين من رئيس الوزراء أنه لا يزال يحمل ورقة رابحة في يديه، وأنه سيظهرها قبل التصويت في الجمعية الوطنية.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong><span class="has-inline-color has-vivid-red-color">ما بعد "خان"</span></strong></p>



<p><strong>مع افتراض نجاح قوى المعارضة في إزاحة "عمران خان" بالتنحي أو الاستقالة، فإنه ثمة سيناريوهات وتوقعات مستقبلية للوضع الباكستاني في مرحلة ما بعد "خان"، منها:</strong></p>



<div style="height:15px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>1– التوجُّه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية: </strong>لم توضح المعارضة بعدُ كيف ستدير الحكومةَ إذا أُجبر "خان" على الاستقالة، لكن هناك عدة سيناريوهات متداولة، أكثرها ترجيحاً هو أن يصبح "شهباز شريف" رئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وزعيم المعارضة في الجمعية الوطنية، رئيساً للوزراء. وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، اقترح "شريف" تشكيل "حكومة وطنية" باستثناء حركة الإنصاف الباكستاني، بل ألمح إلى أن هذه الحكومة يمكن أن تستمر لمدة خمس سنوات.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>2– إجراء انتخابات مبكرة لتلافي التوترات: </strong>من المرجح أن يكون تجاهل الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل، ومحاولة التمسك بالسلطة دون تفويض انتخابي، مثيراً للجدل، وسيؤدي إلى رد شعبي، كما سيواجه تحديات قانونية؛ وذلك في الوقت الذي يعتقد فيه "نواز شريف" –الذي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات، ومؤسس حزب الرابطة الإسلامية– أن الدعوة إلى انتخابات مبكرة سيكون الخيار الأفضل.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>3– توقعات باستمرار عدم الاستقرار: </strong>لا تعتبر هزيمة رئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" مؤكدة بأي حال من الأحوال؛ إذ يسلك رئيس الوزراء طرقاً مختلفة لمنع النواب المنشقين من الانحياز إلى المعارضة، وقد يكون قادراً على إقناعهم بالبقاء في صفه. ومن المرجح أن يستمر عدم الاستقرار حتى لو اضطر "عمران خان" إلى التنحي؛ حيث من غير المتوقع أن تدوم وحدة المعارضة بعد التصويت؛ حيث سيجري اتهام أي حزب سيفوز من قبل خصومه باستخدام أساليب مخادعة لتحقيق الفوز.</p>



<div style="height:18px" aria-hidden="true" class="wp-block-spacer"></div>



<p><strong>ختاماً، سيحاول رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، القيام بحملة قوية للعودة إلى السلطة إذا تم التصويت على سحب الثقة ضده. وإذا نجحت تلك الحملة وفاز في التصويت، فسيخرج أقوى بعد أن واجه أخطر تحدٍّ سياسي في رئاسته للوزراء، وهو ما يأتي في إطار سياق سياسي وأمني مضطرب، يعزز من حالة عدم اليقين بشأن الأوضاع في باكستان خلال المرحلة المقبلة.</strong></p>

      

هل يسحب البرلمان الباكستاني الثقة من رئيس الوزراء؟