عبد الله جمال

شهدت أوروبا في السنوات الأخيرة تحولات جذرية في سياساتها الدفاعية والأمنية، مدفوعةً بتصاعد التوترات الإقليمية، ولا سيما الصراع الروسي–الأوكراني؛ ما أجبر العديد من الدول الأوروبية على إعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية، ومن بين ذلك مراجعة القرارات التي أدت إلى تقلص جيوشها بعد انتهاء الحرب الباردة، وشملت هذه المراجعات إعادة فرض نظام الخدمة العسكرية الإلزامية، الذي كان سابقاً جزءاً أساسياً من السياسات العسكرية الأوروبية قبل أن يُلغَى تدريجياً في أواخر القرن العشرين، لكنه أصبح اليوم محوراً للاهتمام الأوروبي، باعتباره وسيلةً لتعزيز القدرات الدفاعية للدول الأوروبية، بهدف تحقيق الاستقرار الإقليمي في ظل الظروف الأمنية المتغيرة في شرق أوروبا.

أبعاد اتجاه الدول الأوروبية نحو إعادة التجنيد العسكري الإجباري

بناء الجيوش:

أعلن رئيس الوزراء الياباني وزعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، فوميو كيشيدا، في مؤتمر صحفي عُقد يوم 14 أغسطس 2024، عن استقالته من رئاسة الحزب في سبتمبر المقبل، وبالتبعية تنحيه عن منصبه كرئيس للوزراء. وقد جاء هذا القرار في ظل الفضائح السياسية وارتفاع تكاليف المعيشة، التي أثرت سلباً على فترة ولايته التي استمرت ثلاث سنوات، وهو ما قد أشعل موجة من ردود الفعل على الصعيدين المحلي والدولي، حول من سيخلفه في رئاسة الحزب والحكومة الشهر المقبل، فضلاً عن الأسباب التي دفعت كيشيدا إلى الاستقالة، وتأثيرها على المشهد السياسي الياباني.

تداعيات استقالة رئيس الوزراء على المشهد السياسي الياباني

تنحي "كيشيدا":

تداعيات تحويل أرباح الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا

تصعيد أوروبي:

أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة مهمة إلى الولايات المتحدة، بدأت يوم 22 يوليو 2024 وانتهت بمغادرته يوم 28 يوليو 2024، وتضمنت الزيارة إلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونجرس، إلى جانب لقاء العديد من المسؤولين الأمريكيين، على رأسهم الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية القادمة، وكذلك الرئيس الأسبق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وذلك في الوقت الذي يسعى فيه إلى تعزيز علاقات إسرائيل مع أقرب حلفائها، خاصة وأنه يواجه ضغوطاً متزايدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وعلى المستوى السياسي الداخلي، يواجه نتنياهو أيضاً تراجعاً في شعبيته، مما دفعه لاستغلال هذه الزيارة كفرصة لإظهار نفسه كرجل دولة عالمي، يرحب به المشرعون وزعماء أقرب حليف لإسرائيل، وإحدى القوى العظمى الرئيسية في العالم.

نتائج زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة

كسب الدعم:

توجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى موسكو، خلال يومي 8 و9 يوليو 2024، لتكون الزيارة هي الأولى له إلى روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، التي تأتي أيضاً في وقتٍ تعمل فيه موسكو على تعميق شراكاتها الاستراتيجية مع بكين؛ ما يثير قلق نيودلهي بشأن التعاون المكثف بينهما، كما تعد هذه أولى رحلات مودي الخارجية بعد إعادة انتخابه لفترة ولاية ثالثة؛ ما يؤكد عمق وقوة العلاقات بين روسيا والهند. أما بالنسبة إلى موسكو، فقد تساعد زيارة مودي في صد الجهود الغربية لتصوير بوتين على أنه منبوذ عالمياً، نتيجةَ هجماته المستمرة على أوكرانيا، بجانب دورها في تعزيز العلاقات مع شريك تجاري مهم ومشترٍ رئيسي لنفطها.

نتائج زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى روسيا

توازنات دبلوماسية:

قرر مجلس حلف شمال الأطلسي، في يوم 26 يونيو 2024، تعيين رئيس الوزراء الهولندي مارك روته –المنتهية ولايته– كأمين عام جديد اعتباراً من بداية أكتوبر 2024، خلفاً لينس ستولتنبرغ بعد عشر سنوات على رأس الحلف، مما يجعله مسؤولاً عن أكبر منظمة أمنية في العالم، في وقت حرج للأمن الأوروبي مع احتدام الحرب في أوكرانيا، إلى جانب الغموض الذي يخيم على موقف الولايات المتحدة المستقبلي تجاه الحلف عقب الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويعد روته رابع أمين عام للحلف من الجنسية الهولندية، وذلك بعدما انسحب منافسه الروماني الوحيد من السباق، على خلفية إعلان مجلس الدفاع الروماني أن الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس لم يعد مرشحاً لتولي هذا المنصب.

مستقبل حلف الناتو خلال ولاية الأمين العام الجديد

أجندة "روته":

رفعت الولايات المتحدة، في 11 يونيو 2024، الحظر الذي فرضته منذ فترة طويلة على إمدادات الأسلحة والتدريب لكتيبة آزوف الأوكرانية؛ وذلك بعد مرور نحو 10 سنوات على قرار منع إرسال عتادها الحربي إلى هذه الوحدة؛ نظراً إلى الجدل حول صلاتها المزعومة بجماعات يمينية متطرفة في ذلك الوقت؛ وذلك بموجب قانون ليهي الذي يحظر على الولايات المتحدة توريد الأسلحة أو المساعدات المالية لوحدات قوات الأمن الأجنبية في حال وجود معلومات موثوقة تشير إلى تورط تلك الوحدات في ارتكاب جرائم جسيمة. بيد أن القرار الأمريكي الجديد قد جاء على خلفية مراجعة أمريكية – وفقاً لبيان الخارجية الأمريكية – توصَّلت إلى عدم وجود أي دليل على انتهاكات حقوق الإنسان من قِبل كتيبة آزوف، وهو أحدث تراجع من جانب واشنطن يمكن أن يساعد حليفتها في مواجهة التقدم الروسي في ساحة المعركة.

لماذا سمحت واشنطن لكتيبة "آزوف" الأوكرانية باستخدام أسلحتها؟

فحص ليهي:

توجه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وزوجته الدكتورة جيل بايدن، في أول زيارة دولة له إلى فرنسا، خلال الفترة من 5 إلى 9 يونيو 2024، وهي الزيارة التي جاءت على خلفية مشاركته في الفعاليات التذكارية في نورماندي، وصاحبها لقاءات مع العديد من المسؤولين الأوروبيين، أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وتأتي الزيارة في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تعزيز تحالفها مع حليفتها وسط استمرار الحرب في أوكرانيا، بالرغم من التوترات السابقة بشأن صفقة الغواصات مع أستراليا، فضلاً عن ظهور بعض علامات الانقسامات حول الصراع بين إسرائيل وحماس في الشرق الأوسط، وكذلك الصراع الاقتصادي مع الصين.

نتائج زيارة الرئيس الأمريكي "بايدن" إلى فرنسا

توافقات الحلفاء:

ساهم الاعتراف الأوروبي الرباعي الأخير، من جانب إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا، بالدولة الفلسطينية، فضلاً عن تحول لهجة العديد من التصريحات الأوروبية تجاه الحرب في غزة، من التأييد المطلق لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، إلى حد الاعتراض العلني على الهجمات الإسرائيلية في كافة أنحاء قطاع غزة؛ في تصعيد حدة التوترات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بشكل ملحوظ، وصل إلى حد إصرار العديد من المسؤولين الأوروبيين على ضرورة النظر في فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل.

عبد الله جمال

عبد الله جمال

الإصدارات

الأكثر مشاهدة