د. منى سليمان

انتقد حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم بالهند وزارة الخارجية الأمريكية، واتهمها بمحاولة "زعزعة استقرار الهند" بالتعاون مع عناصر "الدولة العميقة"؛ وذلك بعد إصدار لائحة اتهام أمريكية ضد رجل الأعمال الهندي الملياردير "جوتام أداني" بتهمة التورط في مخطط لتقديم رشوة بقيمة 265 مليار دولار في ولاية نيويورك للحصول على عقود خاصة بالطاقة المتجددة؛ حيث يعد "أداني" من الشخصيات النافذة بالهند والمقربة من رئيس وزراء البلاد "ناريندرا مودي". وقد فسَّر الأخير اتهامه بأنه محاولة "لتشويه صورة الهند العالمية". وتعد تلك من أخطر الأزمات التي تمر بها العلاقات الهندية الأمريكية خلال العقد الماضي، وتهدد الشراكة الاستراتيجية بينهما وهدفهما الموحد في احتواء النفوذ الصيني بالهندوباسيفيك، بينما تعول الأوساط السياسية الهندية على موقف إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" من القضية وتأمل أن يصدر عفواً عن "أداني"؛ ما ينهي تلك الأزمة.

أبعاد التوترات المتصاعدة بين الهند والولايات المتحدة

زعزعة الاستقرار:

أعلنت وزارة الداخلية التركية، يوم 4 نوفمبر 2024، إقالة ثلاثة من رؤساء البلديات المنتخبين المؤيدين للأكراد بثلاث بلديات بجنوب شرق البلاد (ماردين، وباتمان، وشانلي أورفة) عقب إدانتهم بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب ذات صلة بحزب "العمال الكردستاني"؛ وذلك بعد الزخم الذي أحدثه رئيس حزب الحركة القومية الشريك بتحالف الشعب الحاكم "دولت بهجلي" عبر دعوته الزعيم الكردي المعتقل بتركيا منذ ربع قرن "عبد الله أوجلان" إلى الإعلان عن نبذ العنف وحل القضية الكردية سلمياً، وهي الدعوة التي رحب بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" رغم تأكيده استمرار استهداف "الكردستاني"، بينما تباينت ردود أفعال الأحزاب التركية عليها، وكان أعنفها تبني "الكردستاني" تنفيذ تفجير إرهابي بأنقرة استهدف شركة الصناعات الدفاعية "توساش" في 23 أكتوبر 2024 لتأكيد استمرار "النضال المسلح" للأكراد. وتنتظر الساحة السياسية التركية الخطوات التنفيذية لهذه الدعوة التي سيكون لها ارتدادات إقليمية؛ نظراً إلى الارتباطات بين "العمال الكردستاني" بأفرعه في العراق وسوريا وإيران، وبين ارتدادات دولية؛ نظراً إلى الدعم الأمريكي والأوروبي للكيانات والجاليات الكردية.

مستقبل القضية الكردية بتركيا بعد الدعوة للإفراج عن "أوجلان"

تحركات بهجلي:

أعلنت رئيسة جورجيا "سالومي زورابيشفيلي" (التي تنتمي إلى أحزاب المعارَضة الموالية للغرب)، يوم 27 أكتوبر 2024، رفضها نتائج الانتخابات البرلمانية التي فاز بها حزب "الحلم الجورجي" الحاكم (الموالي لروسيا) بنسبة (54%) تقريباً من الأصوات، واتهمت موسكو ضمناً بالتدخل في العملية الانتخابية ببلادها، ودعت الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إلى دعم التظاهرات التي ستنظمها المعارضة احتجاجاً على النتائج، كما دعت واشنطن إلى إجراء تحقيق شامل في مزاعم تزوير نتائج الانتخابات بجورجيا، وهو ما رفضته موسكو والحزب الحاكم الذي رحَّب بفوزه، وتعهد بتنفيذ برنامجه الانتخابي، والعمل على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي – مثلما ترغب أحزاب المعارضة – بحلول عام 2030، بيد أن الأخيرة أصرت على رفض نتائج الانتخابات؛ ما يُنذر بتصاعد المواجهات بين الحزب الحاكم والمعارَضة التي ستؤثر على استقرار البلاد، وهو ما يُعَد انعكاساً للتنافس بين موسكو وواشنطن على بسط النفوذ في جورجيا والقوقاز وفق المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية الراهنة.

التداعيات المحتملة لنتائج الانتخابات البرلمانية في جورجيا

صراعات تبليسي:

تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين الهند وكندا التي بدأت في العام الماضي (2023)، بعدما تبادلت الدولتان، يوم 14 أكتوبر 2024 "طرد الدبلوماسيين"؛ حيث أعلنت نيودلهي طرد خمسة من كبار الدبلوماسيين بالسفارة الكندية، بعدما أعلنت أوتاوا أن المفوض السامي الهندي في كندا ربما يكون متورطاً في قضية مقتل زعيم انفصالي هندي من أقلية السيخ منتصف العام الماضي بمدينة "فانكوفر" الكندية؛ ما ينذر بتصاعد الأزمة بين الهند وكندا، وتأثيرها على مستقبل العلاقات بين الدولتين، بل ستمتد تداعياتها للتأثير على الترتيبات الإقليمية في منطقة الهندوباسيفيك.

ما مآلات التوترات السياسية بين الهند وكندا؟

إبعاد الدبلوماسيين:

استقبل صاحب السمو الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان" رئيس دولة الإمارات، يوم 29 يوليو 2024، رئيس جمهورية تشيلي "غابرييل بوريك فونت"، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين عام 1978. وقد عقد الرئيسان مباحثات رسمية موسعة في قصر الوطن بأبوظبي، وأكدا حرصهما على توطيد العلاقات الثنائية في شتى المجالات، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدولتين، ثم شهدا التوقيع على اتفاقية "الشراكة الاقتصادية الشاملة" بين الإمارات وتشيلي والذي وصفه صاحب السمو رئيس دولة الإمارات بأنه "نقطة تحول بمسار العلاقات الاقتصادية" بين الدولتين. كما شملت المباحثات التطورات الإقليمية، وكشفت عن توافق في وجهتي النظر بشأن معالجة الأزمات الإقليمية والدولية وفق قوانين الأمم المتحدة، وعبر تعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف، وترسيخ الاستقرار والتعاون والتنمية المستدامة.

ما دلالات زيارة رئيس تشيلي للإمارات؟

الشراكة الاقتصادية:

اختتم رئيس إندونيسيا "جوكو ويدودو"، زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة يوم 17 يوليو 2024 التي استغرقت يومين، استقبله خلالها صاحب السمو الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان" رئيس الدولة في قصر الوطن بأبوظبي، ومنحه "وسام زايد" تقديراً لجهوده في ترسيخ العلاقات الوثيقة بين الدولتين، وأكد أهمية استمرار العمل لدفع العلاقات الثنائية لآفاق أرحب لتحقيق هدف الدولتين. وتعد العلاقات بين جاكرتا وأبوظبي نموذجاً يحتذى به للتوافق السياسي والتعاون الاقتصادي البناء، وقد اتفق الرئيسان على استمرار التنسيق والتواصل بينهما لتوطيد التعاون المشترك بشتى المجالات، ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية الجيوسياسية الراهنة بالشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا بما يحقق مصالح الدولتين الاستراتيجية.

أبعاد تطور العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وإندونيسيا

زيارة "ويدودو":

أكَّد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، يوم 28 يونيو 2024، استعداده للعمل مع الرئيس السوري "بشار الأسد" على تطبيع العلاقات بين الدولتين، وذلك غداة تصريحات الأخير التي أبدى فيها "انفتاحه على أي مبادرات للتطبيع بين دمشق وأنقرة"، مما يلمح إلى وجود رغبة لدى الطرفين لاستئناف مفاوضات التطبيع التي بدأت قبل عامين برعاية روسية وتوقفت نتيجة الخلافات الجذرية بينهما، حيث ترهن دمشق التطبيع بإنهاء التواجد العسكري التركي شمال سوريا وهو ما ترفضه أنقرة وتبرره بمحاربة التنظيمات الإرهابية ومنها "حزب العمال الكردستاني" و"قوات سوريا الديمقراطية - قسد" المدعومة أمريكياً. وقد كان الدافع الرئيسي للدولتين لاستئناف التفاوض بخلاف الضغط الروسي هي مخاوفهم المشتركة من إنشاء كيان كردي مستقل بشمال سوريا بدعم أمريكي بعد الإعلان عن إجراء انتخابات بلدية في 7 مناطق خاضعة لسيطرة "قسد" شمال شرقي سوريا، وهو في حال حدوثه سيمثل تهديداً للأمن القومي السوري والتركي، ولذا من المتوقع أن تكون مفاوضات التطبيع بين أنقرة ودمشق معقدة كماً وكيفاً وفق المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية الراهنة، وستنعكس نتائجها على الترتيبات الأمنية وتوازنات القوى داخل سوريا وعلى منطقة الشرق الأوسط ككل.

دوافع إعلان الرئيس التركي استعداده للتطبيع مع دمشق

التهديد الكردي:

شارك صاحب السمو الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان" رئيس دولة الإمارات في فعاليات قمة السبع الكبرى (G7) التي عقدت في إيطاليا، خلال الفترة من 13 إلى 15 يونيو 2024، بعد توجيه دعوة رسمية له من رئيسة الوزراء الإيطالية "جورجيا ميلوني" بصفتها رئيس القمة الحالية. وقد عقد صاحب السمو عدة لقاءات هامة على هامش القمة مع نظيريه الأمريكي والجزائري، كما شارك في جلسة القمة الخاصة "بالذكاء الاصطناعي والطاقة". وتعكس دعوة الإمارات إلى المشاركة في القمة ثقلها الإقليمي والدولي كدولة محورية في الشرق الأوسط، كما تعزز دورها كوسيط دولي مقبول في الأزمة الأوكرانية، لا سيما بعد نجاحها في تنفيذ عدد من اتفاقيات لتبادل الأسرى بين موسكو وكييف؛ هذا فضلاً عن ترسيخ الدور والمكانة الدولية لأبوظبي كداعم للأمم المتحدة والتعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة التي يشهدها العالم حالياً.

دلالات مشاركة رئيس دولة الإمارات في قمة مجموعة "السبع" بإيطاليا

دبلوماسية أبوظبي:

اختتم رئيس أوزبكستان "شوكت ميرضيائيف"، يوم 7 يونيو 2024، زيارته لتركيا التي استغرقت يومين واستقبله خلالها نظيره التركي "رجب طيب أردوغان"، واتفقا على أهمية توسيع علاقات الشراكة الاستراتيجية واسعة النطاق بين الدولتين، ووقعا على 18 اتفاقاً ومذكرة تفاهم بمختلف المجالات لتحقيق ذلك. وتأتي الزيارة في إطار سعي أوزبكستان لتنويع سياستها وتحالفاتها الخارجية، بينما تعوّل تركيا عليها لتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، ولا سيما في ظل المتغيرات الجيوسياسية بالمنطقة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد التنافس الإقليمي والدولي لبسط النفوذ وتعزيز التواجد بآسيا الوسطى.

د. منى سليمان

د. منى سليمان

الإصدارات

الأكثر مشاهدة